تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 5-4-2013 الشأن اللبناني الداخلي ولا سيما ملف الحكومة مع توجه الافرقاء اللبنانيين الى تسمية تمام سلام رئيساً للحكومة المقبلة
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 5-4-2013 الشأن اللبناني الداخلي ولا سيما ملف الحكومة مع توجه الافرقاء اللبنانيين الى تسمية النائب تمام سلام رئيساً للحكومة المقبلة.
السفير
«8 آذار» تتجه إلى تسمية سلام .. بـ«ضمانة حكومة الوحدة»
السعودية «تعود» .. بمرشح جنبلاط لرئاسة الوزارة!
وكتبت صحيفة السفير تقول "غدا يكلف تمام سلام تشكيل الحكومة الجديدة. يمتلك الرجل، قبل الاستشارات النيابية الملزمة، اكثرية نيابية موصوفة تؤهله للانضمام الى نادي رؤساء الحكومات تبلغ 68 نائبا، واذا بلغ مسعى الرئيس نبيه بري خواتيمه الأخيرة اليوم، فان سلام سيحصد رقما قياسيا بوصفه رئيسا مكلفا، لتبدأ بعد ذلك الرحلة الأصعب وهي رحلة التأليف ومن بعدها البيان الوزاري.
عمليا، حظي تمام سلام بلقب «دولة الرئيس»، ودبت الحيوية من جديد في «دار المصيطبة»، كما كان الحال في هذا البيت البيروتي العتيق ايام الرئيس الراحل صائب سلام.
بدا واضحا أن الفريقين الآذاريين حريصان على تقديم صورة منمقة سياسيا لكل منهما، وكما تبنت السعودية و«قوى 14 آذار»، مرشح وليد جنبلاط لرئاسة الحكومة، بديلا لأشرف ريفي، فإن «قوى 8 آذار»، بقوة دفع من «حزب الله» والرئيس بري، تلقفت الشق الثاني من المبادرة الجنبلاطية: «المطلوب حكومة سياسية، أي حكومة وحدة وطنية لا تستبعد أي طرف داخلي، واذا لم يتحقق ذلك، فان جنبلاط لن يشارك فيها أو يعطيها ثقته».
بدا واضحا أن الزعيم الدرزي، قد أعطى التزاما سياسيا لا عودة عنه، أقله في المرحلة الراهنة، وصار لزاما على «المعنيين» بالأمر أن يتلقفوا هذا الالتزام.
تلقف نبيه بري الرسالة وأبلغ حلفاءه استعداده للسير بتسمية سلام، بضمانة جنبلاط. ميشال عون قرر العكس. أن يطلب تأجيل الاستشارات لأن الرئيس الذي سيكلف لم يكلف نفسه عناء أخذ رأينا وقال أكثر من ذلك بكثير... وصولا للتلويح بالمقاطعة أو الامتناع. حزم «حزب الله» أمره بعد اجتماع لشورى الحزب، ناقش الخيارات الاستراتيجية: اما شراكة كاملة أو خروج طوعي من السلطة.
التقى الحزب مع بري في الاستعداد للقبول بالخيار الأول لكن المهم هو التوصل الى قرار مشترك لا أن ينفرد أي طرف بخيار سياسي أحادي الجانب.
توجه المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل ووفيق صفا الى عين التينة، ومنها الى الرابية حيث اجتمعا بالعماد عون بحضور الوزير جبران باسيل، ومن هناك انتقل خليل وباسيل وصفا الى عين التينة وعقدوا اجتماعا مع بري، بحضور الوزير علي حسن خليل استمر حتى ساعة متأخرة ليلا، كانت خلاصته الأخيرة «الذهاب بموقف موحد الى الاستشارات، بأرجحية الاقتراب من تبني خيار تسمية تمام سلام».
بقي أن تشهد ساعات ما قبل ظهر اليوم بعض المشاورات السريعة، للاجابة عن بعض الهواجس العونية تحديدا، ومن بعد ذلك، تجتمع الكتل النيابية، وتعلن مواقفها منفردة، بالذهاب الى خيار تسمية تمام سلام.
وما أضفى مناخا ايجابيا، هو حرص سلام على فتح قنوات مع بري و«حزب الله» قبل سفره الى السعودية وبعد عودته منها، وهو أبلغ سائليه أنه غير مرشح للانتخابات، وهي العبارة التي رددها أمام «رفاقه» المشاركين في اجتماع «قوى 14 آذار» في «بيت الوسط»، مساء أمس، واضاف انه حريص كل الحرص على حكومة يتمثل فيها الجميع من دون استثناء، من دون أن يحدد بلغة حاسمة طبيعة الحكومة الجديدة وهل تكون حكومة حيادية أم سياسية أم مطعمة؟
النتيجة أن للسعودية و«فريقها» ـ بالشراكة الكاملة مع جنبلاط ـ أن يقررا حكوميا. وللسوري والايراني، بالشراكة الكاملة مع «قوى 8 آذار»، أن يكون لهما هذه المرة حق «الفيتو».
النتيجة أيضا أن الحكومة ذهبت برئيسها وبوظيفتها وطبيعة تركيبتها للسعودية وحلفائها وأولهم الحليف الجديد ـ القديم وليد جنبلاط، أما القانون الانتخابي، وهو العنصر الأكثر حيوية فقد أصبح قرار الحل والربط فيه للمسيحيين، بأحزابهم وكنيستهم، متكافلين ومتضامنين مع نبيه بري و«حزب الله».
تمام سلام ليس في نظر «8 اذار» شخصية قتالية او صدامية، واكثر من ذلك ليس شخصية منفـِّرة، والمشكلة ليست في شخصه، بل في مصدر تسميته لرئاسة الحكومة، غير أن الضامن حتى اشعار آخر هو وليد جنبلاط برفعه سقف حكومة الوحدة الوطنية.
بهذا المعنى، لم يعد تكليف سلام هو الحدث ولا تسليم نجيب ميقاتي بالخسارة، بل صارت الأسئلة متمحورة حول سر الاستدارة الجنبلاطية من جهة وماذا حصد في مقابلها من جهة ثانية، الى درجة أن يتحول زعيم جبل لبنان الجنوبي، الى قوة عالمية بكل معنى الكلمة.
قال وليد جنبلاط أنا اول من اتصل بسلام «وأتمنى أن يلقى اختياري له صدى ايجابيا لدى الجميع». لقد اختار مدير المخابرات السعودية الأمير بندر بن عبد العزيز ورئيس أكبر كتلة نيابية في لبنان سعد الحريري اللواء أشرف ريفي «وقد رفضت خيارهما لأنه خيار تحدّ».
لم يستثن جنبلاط أحدا من نصائحه لا القيادة السعودية ولا رئيس مصر ولا الملك عبد الله الثاني ولا ايران ولا قيادة «حزب الله»: أنا من يقرر هوية رئيس حكومة لبنان وأنا من يقرر هوية ووظيفة الحكومة الجديدة.
للوهلة الأولى، اعتقد كثيرون أن السعودية أمسكت بالملف اللبناني مباشرة. هي لحظة لطالما تمنى السعودي بلوغها منذ سنتين. طار تمام سلام الى السعودية وعاد بطائرة الحريري وعلى نفقته، بينما كان موكب سفير السعودية علي عواض عسيري، يذكر بمن سبقه من أهل المواكب على مر تاريخ لبنان الحديث والقديم.
أشعرت الحركة السعودية القريب والبعيد بأن المملكة عادت وصار الأمر لها، لكن وليد جنبلاط سرعان ما أشعر بالعكس في طلته الليلية عبر «كلام الناس». قال الرجل: «سجلوا للتاريخ.. أنا أخرجت السعودية قبل سنتين وأنا من يعيدها الى لبنان اليوم».
يطرح ما جرى في الساعات الـ 72 الماضية أسئلة كثيرة:
هل هناك من يملك القصة الحقيقية التي جعلت تمام سلام رئيسا مكلفا؟
هل ان نجيب ميقاتي اكبر الخاسرين، ومن الذي نصب الكمين له وهل قام الرجل بدعسة ناقصة أو أنه اطمأن أكثر من اللازم لجنبلاط و«الدول» ومن زين له الطريق داخليا كي يذهب برجليه الى الفخ؟
رب قائل ان من حق الحريرية ان تشعر بالانتصار بعد سنتين من لعق المرارة، لكن هل الانتصار المحكي جاء بسواعدها أم بسواعد جنبلاط و«الدول»؟
]أي حكومة ستتشكل بعد التكليف، هل ستضم «حزب الله»، وهل صحيح ان في خلفية تكليف سلام، اصرارا سعوديا على مد اليد الى «حزب الله» وتثبيت معادلة الاستقرار في لبنان ومن ضمنها النأي بالنفس عن الأزمة السورية؟ أم أن المطلوب حكومة تضع لبنان مباشرة على خط الزلزال السوري، وتحديدا في مواجهة النظام؟
]هل تصرف «حزب الله» ونبيه بري الهادئ والعاقل مع تسمية سلام يعبر عن فهم ومعرفة لوقائع اقليمية وداخلية، ام انه يقوم على عملية امتصاص ذكية لوقائع اللحظة الحالية لهضمها والحد من الخسائر وتكييف النفس مع الواقع الجديد؟
ما هو موقع ميشال عون الجديد وهل صحيح انه اكبر الخاسرين بعد ميقاتي، وهل يمكن أن تتكرر تجربة حصوله على عشرة وزراء وحقائب على طريقة الحكومة الميقاتية؟ ابعد من ذلك، هل يستطيع ان ينجح في لعبة الحد من الخسائر؟
أين الوسطية بعد كل ما حصل، ماذا بقي منها، وما هو مصيرها بعدما انكسر احد اعمدتها نجيب ميقاتي، وخرج الآخر وليد جنبلاط الى مكان آخر، وما هو تأثير ذلك في الضلع الثالث ميشال سليمان الذي يعاني تدحرج حجر تحريم «الستين» عليه من بكركي؟
هل سيحكم تمام سلام إن قُدر له ان يشكل حكومة ولو بعد حين، أم سيتم التحكم فيه؟"
النهار
عودة تحالف 2009... والرعاية السعودية
تمام سلام بأكثرية 69 قبل التكليف
وكتبت صحيفة النهار تقول "بات في حكم المؤكد ان تفضي الاستشارات النيابية التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم وغداً الى تسمية النائب تمام سلام رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة الجديدة بعدما صار مساء أمس مرشح قوى 14 آذار و"جبهة النضال الوطني" رسمياً وحاز الأكثرية الوازنة التي تضمن تكليفه.
واذا كانت الفترة الفاصلة بين اعلان قوى 14 آذار ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط النائب سلام مرشحاً وحيداً في استشارات التكليف وموعد بدء الاستشارات في الرابعة عصر اليوم ستشهد خروج فريق 8 آذار عن صمته وافصاحه عن موقفه من تسمية سلام رئيساً مكلفاً، فإن مجموعة وقائع ودلالات بارزة واكبت رسو الخيار الراجح على سلام من شأنها الإضاءة على واقع سياسي متغير سيرافق التكليف ثم التأليف امتداداً حتى الموعد المحتمل للانتخابات النيابية، إذ ستؤلف الحكومة على أساس انها حكومة انتقالية يقع على عاتقها بصورة أساسية الإعداد للانتخابات والاشراف على اجرائها، مما يستتبع حكماً ألا يكون رئيسها وأعضاؤها مرشحين للانتخابات.
ففي البعد المباشر لاختيار سلام، تعود رئاسة الوزراء الى دارة آل سلام في المصيطبة للمرة الأولى منذ أربعين عاماً تقريباً تاريخ استقالة الرئيس الراحل صائب سلام من آخر حكومة كان على رأسها في نيسان 1973.
ويأتي ابن الرئيس صائب سلام الى رئاسة الحكومة وفق معادلة بالغة الدلالة هي انقلاب موازين الأكثرية على نحو معاكس تماماً للانقلاب السابق على الأكثرية المنتخبة عام 2009. ففي 15 كانون الثاني 2011 تمكنت قوى 8 آذار من اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري بعدما شكلت أكثرية جديدة بفضل تحالف النائب جنبلاط معها. وأمس، في 4 نيسان 2013، عادت أكثرية 2009 نفسها تقريباً بفعل تحالف 14 آذار وجنبلاط أقله على تكليف سلام حتى الآن، وإن يكن جنبلاط سعى بقوة في حديثه الى "كلام الناس" مساء الى اثبات تمايزه عن 14 آذار بالمناداة بحكومة وحدة وطنية وباظهار دوره عراباً لاختيار سلام بديلاً من اللواء اشرف ريفي الذي قال جنبلاط انه كان مرشح الرئيس سعد الحريري ورفضه.
أما البعد الاقليمي البارز الذي كاد يطغى على الوقائع الداخلية لعملية تسمية سلام، فتمثل في ما سماه كثيرون "عودة" المرجعية السعودية بقوة الى الوضع اللبناني بعد انكفاء منذ اسقاط حكومة الحريري.
واذا كان جنبلاط لم يخف الرعاية السعودية للاتصالات التي سبقت تسمية سلام، فإن جولة السفير السعودي علي عواض عسيري أمس على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وبكركي اكتسبت بعداً مهماً في رعاية التوافق اللبناني، علماً ان ميقاتي أعلن اعتذاره عن قبول التكليف مجدداً بعد لقائه السفير السعودي بوقت قصير. كما ان رئيس الوزراء المستقيل كشف لـ"النهار" انه والنائب احمد كرامي سيسميان سلام في الاستشارات.
الحريري وسلام
وعلمت "النهار" ان الطائرة الخاصة للرئيس سعد الحريري نقلت النائب سلام صباح امس الى الرياض ومن ثم عادت به مساء الى بيروت. وأمضى سلام ثلاث ساعات ونصف ساعة في الرياض منها ثلاث ساعات في اللقاء والحريري الذي عاد ونقله بسيارته الى مطار الرياض. ولم يلتق سلام أي مسؤول سعودي في الرياض. وبعيد وصوله الى مطار بيروت، توجه سلام الى بيت الوسط حيث انضم الى اجتماع 14 آذار. وعلمت "النهار" ان سلام أشاد خلال الاجتماع بعلاقته بالحريري وبعلاقة والده الرئيس صائب سلام بالرئيس رفيق الحريري. وتميزت مداخلته، اضافة الى كلام الرئيس فؤاد السنيورة، بالابتعاد عن التحدي.
وتؤكد أوساط كتلة "المستقبل" ان سلام بات عمليا رئيسا مكلفا بعدما نال تسمية 67 نائبا قبل بدء الاستشارات اليوم هي 60 صوتا لـ14 آذار وسبعة أصوات لكتلة جنبلاط. وتساءلت عما سيفعله فريق 8 آذار بعدما خسر "حزب الله" حكومة الرئيس ميقاتي وخسر الغالبية بانضمام جنبلاط الى 14 آذار في تسمية سلام. كما تساءلت عن موقف الرئيس نبيه بري في حال اتجاه "حزب الله" مع العماد ميشال عون الى الامتناع عن التسمية.
ورجحت أوساط نيابية في 14 آذار لـ"النهار" ان يكون الاتجاه لدى سلام الى تأليف حكومة انتخابات وفاقية تهتم بشؤون الناس وتنظم اجراء الانتخابات، كما ان الشخصيات التي ستضمها الحكومة العتيدة أياً تكن اختصاصاتها لن تكون بعيدة من الاتجاهات السياسية والحزبية في البلاد.
ولوحظ ان جنبلاط شدد على المطالبة بحكومة وفاقية، قائلا إنه لن يقبل بحكومة لا يشارك فيها الجميع بما فيهم "حزب الله". وأشاد "باعتدال سلام ووسطيته".
سليمان
وقالت أوساط رئيس الجمهورية ميشال سليمان لـ"النهار" إن الرئيس لم يكن بعيدا من خيار تسمية النائب سلام، بل كان شريكا أساسيا في المشاورات التي سبقت تسمية 14 آذار إياه، إن من خلال الزيارة التي قام بها رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة لقصر بعبدا قبل ذهاب وفد "المستقبل" الى الرياض لاجراء مشاورات مع الرئيش سعد الحريري، أم من خلال الزيارة التي قام بها نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لبعبدا بعد عودة وفد "المستقبل" من الرياض، اضافة الى تواصل النائب جنبلاط معه عبر زيارات متكررة للوزير وائل أبو فاعور.
وأعربت عن اهتمامها بأن يأتي الرئيس المكلف في جو من التوافق وان يكون مقبولا لدى كل الاطراف وأن يتم اجتياز هذه المرحلة بحد أدنى من التوتر وبحد أقصى من التعاون والتواصل من أجل اعداد قانون جديد للانتخاب واجرائها في موعدها."
الاخبار
تمّام سلام رئيساً مكلفاً بقرار سعوديّ
هيام القصيفي
وكتبت صحيفة الاخبار تقول "تبدأ الاستشارات النيابية اليوم من حيث انتهت إليه المفاوضات أمس أي باختيار قوى 14 آذار النائب تمام سلام لتأليف الحكومة العتيدة، بقرار سعودي أقنِع به الرئيس سعد الحريري. ولاقت 8 آذار خصومها ليلاً باتفاقها على تسمية سلام.
حين وقف الرئيس فؤاد السنيورة ملقياً خطبة سياسية مرتفعة اللهجة في الحشود التي تجمعت لتشييع اللواء وسام الحسن، لم يكن الى جانبه سوى... تمام سلام. أمس، استذكر احد السياسيين هذه الواقعة وذلك الظرف السعودي الذي جعل سلام، غير العضو في تيار «المستقبل»، واقفاً في الصورة التي غاب عنها الرئيس سعد الحريري، ليعودا ويجلسا جنباً الى جنب مساء امس في بيت الوسط، رئيس سابق للحكومة ونائب حالي ينتظر تكليفه رئيساً للحكومة، بعدما اعطيت كلمة السر الدولية والعربية، لاجراء الاستشارات والتوافق على رئيس مكلف ولو من دون تأليف.
فهل كانت الرياض تعدّ الرجل لتسلم منصب الحكومة الانتقالية قبل الوصول الى الانتخابات النيابية، حين كاد ميقاتي يهم بالاستقالة في تشرين الثاني من عام 2012؟ وهل ردت السعودية الى بيوت بيروت السياسية ما فقدته حين جاء الرئيس رفيق الحريري من صيدا الى العاصمة؟
اليوم بدأت رحلة جديدة من مسار رُسم منذ اشهر، في اطار استباقي. كان امام الرياض اسمان، تمام سلام او اللواء اشرف ريفي الذي فوتح بالموضوع قبل شهرين (كما ذكرت «الاخبار» سابقاً)، لكنه ارتأى تسمية النائبة بهية الحريري التي فضّلت خوض الانتخابات النيابية. وخلال الشهرين، سلكت الامور مسارا مختلفا، طرح فيهما التمديد لريفي، لكنه سقط في الكباش بين حزب الله والعماد ميشال عون من جهة وميقاتي من جهة اخرى، ليعود اسم ريفي وينضم الى نادي المرشحين لرئاسة الحكومة من غير اللائحة المعدة للحرق. وفي الايام الاخيرة، ابلغت السعودية مجددا اسم ريفي لزوارها، وآخرهم موفدو النائب وليد جنبلاط، الذي استصعب تمرير الاسم «الصدامي» مع حزب الله. كانت السعودية تريد وضع جنبلاط، كما فعلت مع ميقاتي، في مواجهة نهائية وحاسمة: «إما معنا او ضدنا». لكنها وضعت اسم سلام في لائحة التفاوض.
كان ريفي خيارا سعوديا وحريريا، لاكثر من سبب: قدرته الامنية على ضبط الاوضاع ولا سيما في طرابلس وصيدا، علاقاته الجيدة مع اجهزة عربية (وسعودية) وغربية امنية، في بلد يحتاج الى كل انواع الاتصالات لتأمين الاستقرار فيه، ولا سيما للاشراف على الانتخابات، واخلاصه لـ14 آذار ولعائلة الحريري.
اما سلام، فخيار سعودي صاف، لم يكن الحريري راضياً عنه حتى اللحظات الاخيرة، رغم كل ما قيل وسيقال عن انه هندس عودة الزعامة البيروتية الى عائلة سلام، ولم يكن الحريري ليعيد تزكية ابن بيروت وتعويمه، وهو الذي حافظ على مسافة من المستقبل، وكرر اكثر من مرة موقعه المستقل. لكن السعودية قالت كلمتها، فاستقبل الحريري ابن الراحل صائب سلام بعدما التقى الامير بندر بن سلطان، وأصبح بين لحظة واخرى مرشح قوى المعارضة. وجال السفير السعودي في بيروت يبلغ من يهمه الامر من بكركي الى عين التينة قرار الرياض.
بدوره اختار جنبلاط اهون الاسمين، تمام سلام مرشحا توافقيا... من جانب قوى 14 آذار فحسب، وقبل ان تعلن قوى 8 آذار موقفها.
خطيئة ميقاتي
اين ميقاتي مما يجري، بعدما اعتذر عن عدم القبول بمهمة تشكيل الحكومة؟
حين هدد ميقاتي بالاستقالة «للمرة الألف»، لم يجد من يرده هذه المرة. ارتكب خطيئة في الوقت والظرف غير المناسبين، ولم تنجح حساباته السياسية، اذ اعتقد انه الرقم الصعب الذي لا بد ان تدور الكرة دورتها وتصيبه مرة اخرى، وان عواصم الدول الغربية والعربية ستتنادى لدعم عودته. لكن هذه العواصم اظهرت ان دعمها للحكومة كان هشا وغير مبني الا على ورقة استقرار لبنان، وتصرفت من وحي ما سبق لباريس ان قالته لميقاتي عشية استقباله في شباط 2012، بأنها تستقبل رئيس حكومة لبنان أيا يكن اسمه. وهكذا تكرر الامر امس، فميقاتي ضمانة لاستقرار لبنان ما دام رئيس حكومة، والا فان البديل جاهز والحكومات كلها مستعدة للتعامل مع خلفه.
لم يجد الرئيس المستقيل من يدعمه، فهو لم يسلّف عون ولا حزب الله طبعا. وحده جنبلاط بقي معه الى ان بات متهما بأنه ساهم في احراق الرجل سياسيا حين ايده باستقالته وحاول ان يؤدي مجددا دور مؤلّف حكومات لبنان، فأسقط بيده واسقط ميقاتي معه، إذ إن النائب الطرابلسي الذي أتى بالتضامن مع لائحة المستقبل، وانقلب عليها، وضع الحريري الفيتو عليه رئيسا للحكومة مجددا ونائبا عن طرابلس مستقبلا.
تكليف ولا تأليف
اذاً تدخل البلاد اليوم مرحلة الاستشارات، التي ستبدأ بالرئيس نبيه بري ومن ثم ميقاتي وعون. وهذا يعني ان موقف قوى الاكثرية سيعلن بعد ظهر اليوم، بعدما تكتمت اوساطها عن تحديد اسم مرشحها وعما اذا كان سلام مرشحا توافقيا، بعدما سمته قوى 14 آذار. وبعدما كان مقررا ان يحدد عون موقفه مساء امس ارجأ كلامه الى اليوم، افساحا في المجال امام مزيد من المفاوضات بين الحلفاء التي انتهت مساء إلى توجه نحو تسمية سلام لرئاسة الحكومة وتأليف حكومة وحدة وطنية. مع العلم ان اوساطاً نيابية في تكتل التغيير والإصلاح تحدثت عن «تدخل سعودي مباشر في تسمية رئيس حكومة لبنان» للمرة الاولى، رغم ان الجميع يعلم ان للرياض دورا في اختيار رئيس حكومة لبنان، ولكن ليس بهذا القدر من الوضوح الذي يجعل سلام آتيا من الرياض حاملا رسالة التكليف ومتحدثا كرئيس حكومة، قبل الاستشارات. وفي وقت كانت بعض مصادر 14 آذار تتحدث في اليومين الماضيين عن اتجاه قوى 8 آذار الى تسمية سلام، بعدما تبين لها ان قوى 14 آذار قد تختاره، ظهرت هذه القوى وكأنها فوجئت بتبني المعارضة له.
مع دخول البلاد مرحلة اختيار الرئيس المكلف، هل يعني ذلك ان الحكومة ستشكل، مع العلم ان الحديث امس عن حقائب وحصص وشروط وشروط مضادة.
بحسب مصادر سياسية مطلعة فإن الخوف ان يكون لبنان امام مرحلة تكليف لا تأليف، وخصوصا ان الخلاف بدأ يظهر امس على شكل الحكومة حتى بين الذين سموا سلام، ففي حين طالب جنبلاط بحكومة سياسية، طالب رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في حديث الى «الأخبار» بحكومة تكنوقراط، قبل ان نصل الى مواقف وشروط 8 آذار لتشكيل الحكومة. ما يمكن ان يثير مخاوف من ان نشهد مرحلة شد حبال تنتهي في 20 حزيران لمعرفة ما ستؤول اليه اوضاع المؤسسات الدستورية، بين حكومة تصريف اعمال ورئيس مكلف، ومجلس نواب معلق بين التمديد «غير الشرعي والدستوري له» وبين عدم الاتفاق على قانون انتخاب، ما يعني ان المخاوف عادت لتترك ظلها على احتمال تعذر اجراء انتخابات نيابية، لا في موعدها ولا بعد أشهر."
المستقبل
ينطلق في الاستشارات بـ 67 صوتاً .. و "8 آذار" بلا مرشّح بعد اعتذار ميقاتي
سلام من "14 آذار" إلى رئاسة الحكومة
وكتبت صحيفة المستقبل تقول "لم يكن اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري في دارته في الرياض مع النائب تمام سلام عادياً، فهو حمل في ملامحه بشائر انبعاث الدخان الأبيض المنبئ بتسميته رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة العتيدة. وقد انبعث هذا الدخان فعلاً من بيت الوسط مساء أمس بعد عودة سلام من المملكة العربية السعودية وانضمامه إلى لقاء قوى الرابع عشر من آذار التي كانت مجتمعة في بيت الوسط لإعلان اسم مرشحها الذي ستبّلغه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال الاستشارات النيابية الملزمة التي تنطلق بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا. وما زاد من حظوظ سلام في التكليف إعلان رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط مساء تأييده لسلام، ما يعني توفير الأكثرية النيابية المطلوبة لتكليفه انطلاقاً من 67 صوتاً.
في المقابل، كان التصدّع واضحاً بين مكونات فريق الثامن من آذار، حيث لم يتمكن "حزب الله" والرئيس نبيه بري من التوافق مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية على اسم مرشح لرئاسة الحكومة، فيما أرجأ عون كلمة كان سيلقيها مساء أمس في هذا الخصوص إلى بعد ظهر اليوم، ما أوحى أن المفاوضات ما زالت جارية بين هؤلاء الأفرقاء وصولاً إلى موقف موحّد.
وكان النائب سلام أمضى في الرياض ثلاث ساعات ونصف الساعة، قضى ثلاثاً منها في اجتماعه إلى الحريري ونصف ساعة هي المدة الفاصلة بين المطار ودارة الحريري ذهاباً واياباً، كما قالت أوساطه لـ "المستقبل"، مضيفة أنه غادر بيروت إلى الرياض وعاد منها على طائرة الرئيس الحريري الذي اصطحبه بسيارته إلى مطار الرياض في طريق العودة.
ترشيحات "اشتراكية"
في غضون ذلك، لفت تقديم مفوّض العدل في الحزب "التقدمي الاشتراكي" نشأت الحسنية أمس إلى وزارة الداخلية ترشيحات نواب الحزب إلى الانتخابات النيابية بموجب القانون النافذ، وشملت الترشيحات رئيس الحزب النائب جنبلاط والنواب أكرم شهيّب، علاء الدين ترو، نعمة طعمة، أيلي عون، الوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق أيمن شقير.
وقالت مصادر اشتراكية لـ "المستقبل" إن تقديم الترشيحات "ليس موجهاّ ضد أحد بل هو للتأكيد على أن الحزب ملتزم بضرورة إجراء الانتخابات النيابية وأنه بوجود قانون نافذ لا يمكننا سوى الالتزام به"، مضيفة أنه في حال "تم التفاهم على قانون جديد وإقراره في مجلس النواب، عندها نتعامل مع القانون الجديد وفقاً لنصّه".
سليمان
وقبل انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة عصر اليوم في بعبدا، أبدت أوساط الرئيس سليمان لـ "المستقبل" ارتياحها إلى "الوضع الأمني المقبول والممسوك في البلاد على الرغم من بعض الخروقات، ورغبة جميع الفرقاء اللبنانيين للوصول إلى اسم رئيس توافقي للحكومة".
لكن المصادر في المقابل لم تنف "صعوبة وجود صفة وسطية في ظل الاصطفافات الحادة التي تغرق بها البلاد ووسط التباين بين فريقي 8 و14 آذار حول طبيعة الحكومة"، لافتة إلى أن "اسم رئيس الحكومة سيحدد لاحقاً طبيعة الحكومة، فإذا كانت حكومة سياسية فلا بد أن تكون حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف، اما إذا كانت حكومة تكنوقراط عندها يكون الوزراء مقربين من الأطراف السياسية".
وأشارت إلى انه "بعد هذه المرحلة، تبدأ مرحلة وضع البيان الوزاري الذي من المفروض أن يجمع بين ما تريده قوى 14 آذار أي التمسّك بإعلان بعبدا، وبين ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي تريدها قوى 8 آذار".
وأبدت المصادر تفاؤلها بإمكانية أن "يتوصل المجلس النيابي إلى قانون جديد للانتخابات قبل 20 حزيران المقبل، عندها يصار إلى تمديد مهلة تقديم الترشيحات ويتم تأجيل موعد الانتخابات تقنياً استناداً إلى القانون الجديد الذي تم وضعه".
جنبلاط
وفي حديث إلى برنامج "كلام الناس" أمس، قال جنبلاط "إخترت تمام سلام للحكومة المقبلة، وأتمنى أن يلقى صدى اختياري إيجابًا لدى جميع الفرقاء"، مشيراً إلى أنّ سلام "هو صاحب شعار الإعتدال وهو وسطي كما أنا أميل للوسطية"، مشدّداّ "لا نريد ولن نقبل ولن نصوّت لحكومة من لون واحد"، مضيفاً "ما زلنا مصرّين على قانون الستين وعندما يلتئم المجلس النيابي ويتم الاتفاق على قانون آخر عندها نضع قانوناً جديداً، ولكن حتى هذه اللحظة الستين ما زال موجودًا".
أضاف "سلام، ابن عائلة عريقة معروفة وابن صائب بك صاحب الشعار المعروف التفهم والتفاهم ولا غالب ولا مغلوب"، كاشفاً أن "كل اعضاء جبهة النضال الوطني سيشاركون معي بالاستشارات وهناك احد النواب الذي وعد بالانضمام الينا والذي يبدو ان الموقف الوسطي لوليد جنبلاط قد اعجبه وغداً سنرى".
وعن الوضع السوري قال "اتوجه بالتحية للشيخ معاذ الخطيب على جرأته وانتقد من وجه له الانتقادات ولديه احترام وارفض تحت شعار ان هناك في سوريا ما يسمى جبهة النصرة او متطرفين المنطق الغربي الرافض لتسليح الثوار ارفض هذا المنطق جملة وتفصيلا. هناك شعب سوري بأسره يقاوم. وهنا سأعود الى الحيثيات الدرزية الخاصة. في البدء كنت مهتماً بالمصير الدرزي. جزء من الدروز في سوريا مع النظام اما من هو مع الثورة فهو يشكل جزءاً من الانتصار. حلال دم الدروز الذين يقفون الى جانب النظام. أنا لا أبالي وهذا كلامي. أذكر انه في ايام الانتداب الفرنسي كان الدروز منقسمين وحتى بيت الاطرش كان هناك اناس مع الانتداب وآخرون ضده وانطلقت الثورة مع الوطنيين السوريين من الساحل الى الشام الى حمص الى كل مكان وبعد سنتين فرضوا امراً واقعاً".
"14 آذار"
وعقدت قوى الرابع عشر من آذار اجتماعاً في بيت الوسط تداول خلاله المجتمعون في موضوع تسمية رئيس الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم وغداً في قصر بعبدا. وفي وقت لاحق، انضم إلى المجتمعين النائب تمام سلام، فور عودته من الرياض، وهو أكّد أمامهم في بداية الاجتماع عدم ترّشحه إلى الانتخابات النيابية المقبلة.
وقال الرئيس السنيورة باسم المجتمعين "أجمع المجتمعون على تسمية النائب سلام، ليتولى تأليف هذه الحكومة، وهذا القرار اتخذ بالإجماع، لما يمثله النائب سلام من التزام وطني وأخلاقي، ولكونه يؤمن حقا بمنطق العبور إلى الدولة، واحترام الدستور والمؤسسات والميثاق الوطني، ولقد عبر المجتمعون أيضا عن تمنياتهم بأن يحظى تمام سلام بأوسع تأييد وطني من كل القوى السياسية في لبنان، وعبروا أيضا عن تمنياتهم بأن ينجح وفي وقت سريع في تأليف هذه الحكومة".
اضاف: "وبناء على ذلك، سيتوجه النواب المنتمون إلى قوى الرابع عشر من آذار و"الجماعة الإسلامية" بهذا الخيار موحدين إلى القصر الجمهوري من أجل إبلاغه للرئيس سليمان، نتمنى باسمكم جميعا، وباسم الكثير الكثير من اللبنانيين بالتوفيق لتمام سلام لكي يقود هذه المرحلة، بالتعاون مع فخامة الرئيس وهذه الحكومة العتيدة".
من جهته، قال سلام "إنها مهمة ومسؤولية كبيرة في مواجهة استحقاق وطني كبير، يذهل المرء عندما يشعر بأن هناك من حوله من يتحسس ومن يتقدم ويساهم في تحقيق هذا الاستحقاق على مستوى حكومة تشرف على هذه الانتخابات، هذا الاستحقاق الدستوري الكبير الذي يعزز وطننا الحبيب لبنان، وبالتالي أتوجه بالشكر إلى جميع إخواني في قوى "14 آذار"، وآمل أن يتكامل ذلك مع كل القوى السياسية لكي نتمكن من تحقيق ما نتطلع إليه جميعا من نجاح يعود بالخير على لبنان واللبنانيين".
ميقاتي
وبعد أن شعر بضمور حظوظه في رئاسة الحكومة المقبلة، استبق رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي الاستشارات النيابية الملزمة، وأصدر بياناً اعتذر فيه ممن سيسمّوه للتكليف بالشكر والاعتذار، مؤكداً انه لا يسعه "قبول هذا الشرف الا إذا توافرت لي النسبة الأكبر والأوفر من إجماع جميع الأطراف والشركاء في الوطن، حيث لا مجال للنجاح الا بتعاضد الارادة الوطنية بأكثرية مكوناتها"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "اي حكومة ستشكل يجب أن تكون حكومة إنقاذ وطني تتمثل فيها كل المكونات السياسية للنسيج اللبناني"."
اللواء
مرشّح الإعتدال أجرى مشاورات مع الحريري في الرياض .. وعون يتّجه للمقاطعة
14 آذار ترشّح تمّام سلام ... وتُبقي أبواب الحوار مفتوحة
وكتبت صحيفة اللواء تقول "لم يعد اسم الرئيس الذي سيكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، سراً او مفاجأة لاحد، خصوصاً بعدما كانت بورصة الاسماء قد رجحت اسم نائب بيروت تمام سلام منذ يومين او ثلاثة، الى ان جاء اعلان كل من قوى 14 آذار والنائب وليد جنبلاط عن ترشيحه رسمياً ليكرس هذا الامر نهائياً، بنسبة قد تصل الى 70 نائباً، على ان يتبلور ذلك بشكل رسمي مساء السبت، واثر انتهاء الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس ميشال سليمان اليوم وغداً.
وفي تقدير مصادر مطلعة ان الصفة التي اطلقها جنبلاط على النائب سلام باعتباره مرشح الاعتدال، من شأنها ان تؤمن له تأييد أوسع شريحة من الكتل النيابية والنواب المستقلين في الاستشارات، بدأت طلائعه تظهر بما سرب عن اتجاه كتلة الرئيس نبيه بري لتأييده اليوم، وان ظل موقف «حزب الله» غامضاً في انتظار المزيد من الاتصالات لبلورة موقف وصف بأنه يحول دون تصدع فريق 8 آذار، بعد ان تبين ان تكتل النائب ميشال عون يتجه الى رفض تسمية سلام، وربما يلجأ الى مقاطعة الاستشارات من الاساس.
وعزز هذا السعي للحصول على تأييد اوسع مروحة من الكتل النيابية، حرص قيادات 14 آذار، على «تسويق» سلام باعتبار انه مرشح توافقي، ولانه «يؤمن بمنطق العبور الى الدولة واحترام الدستور والمؤسسات والميثاق الوطني»، على حد تعبير الرئيس فؤاد السنيورة، اثناء الاحتفاء بتسمية سلام، معلناً بأن القرار اتخذ بالاجماع لما يمثله من «التزام وطني واخلاقي»، آملاً ان يحظى بأوسع تأييد وطني من كافة القوى السياسية.
وفي حين لم يشأ سلام، خلال اجتماع 14 آذار مع «الجماعة الاسلامية» اطلاق مواقف سياسية كبيرة، مكتفياً بشكر الجميع على الثقة التي اولوها له، الى انه امل أن يتكامل هذا الاستحقاق مع كل القوى السياسية «لكي نتمكن من تحقيق ما نتطلع إليه جميعاً من نجاح يعود بالخير على لبنان واللبنانيين»، معتبراً ان تسميته «مسؤولية كبيرة في مواجهة استحقاق وطني كبير»، متحدثاً عن حكومة تشرف على الانتخابات، باعتباره استحقاقاً دستورياً كبيراً.
الرياض وعزوف ميقاتي
قبل ذلك، كانت الأحداث قد تلاحقت منذ الصباح لتؤشر إلى ارتفاع أسهم ابن المصيطبة، وهي بدأت بنبأ عن انتقال سلام الى الرياض بطائرة الرئيس سعد الحريري الخاصة، وهناك اجتماع بالرئيس السابق على مدى ثلاث ساعات، تخللها غداء، ثم اصطحبه الرئيس الحريري بسيارته من منزله إلى المطار بسيارة واحدة.
ومن مطار بيروت انتقل سلام مباشرة إلى بيت الوسط حيث كانت قيادات 14 آذار مجتمعة منذ السابعة مساء، فبلغه قرابة الثامنة الا ربعاً، وقوبل لدى دخوله إلى القاعة الفسيحة بعاصفة من التصفيق. وبعد كلمة ترحيبية من الرئيس السنيورة، ردّ سلام بكلمة وجدانية، شكر فيها الرئيسين الحريري والسنيورة، وجميع الحاضرين، مؤكداً انه يتحسس صعوبة المرحلة، مبدياً استعداده لتحمل المسؤولية في سبيل إنقاذ لبنان، ملمحاً إلى انه لن يترشح إلى الانتخابات النيابية.
وفيما كان سلام مجتمعاً إلى الحريري في الرياض، فاجأ رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الجميع ببيان أعلن فيه عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، موضحاً انه «لا يسعه قبول هذا الشرف الا إذا توافرت لي النسبة الأكبر والأوفر من إجماع كافة الأطراف، ومن كافة الشركاء في الوطن»، لافتاً إلى ان استقالته كانت لفتح نافذة، بل فتح كل الأبواب امام عودة التلاقي بين كل الفرقاء السياسيين، مشيراً إلى انه خلال ترؤسه للحكومة حرص على عدم الانجرار إلى اي اصطفاف يؤدي إلى زيادة الشرخ بين اللبنانيين، مكرراً دعوته كل الفرقاء إلى التزام مبادئ الوفاق الوطني الصادق، مؤكداً أن اي حكومة ستتشكل يجب أن تكون حكومة إنقاذ وطني تتمثل فيها كل المكونات السياسية للنسيج اللبناني.
وعلمت «اللواء»، أن الرئيس السنيورة، سارع بعد صدور هذا البيان، الى الاتصال بالرئيس ميقاتي لتحيته على موقفه.
وعزت مصادر السنيورة هذا الاتصال، إلى علمه أن البعض كان يسعى لتسمية الرئيس ميقاتي من أجل إحداث شرخ بينه وبين «المستقبل»، واستطراداً النائب سلام، وأن عزوف ميقاتي قطع الطريق على هذا البعض.
وأوضحت أن الاتصال جاء ليؤكد أنه ليس هناك من قطيعة بيننا وبينه، رغم أن «المستقبل» لم يرشحه للاستشارات.
جنبلاط
أما جنبلاط، الذي أطل بحسب موعده المتفق عليه مع الزميل مارسيل غانم في برنامج «كلام الناس» على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال L.B.C، مؤكداً أنه لم يضح بالرئيس ميقاتي، ولم يخذله أو تخلى عنه، كاشفاً بأنه كان يعرف باستقالته قبل تقديمها، وأنه تفهّم أسبابها، خصوصاً بعدما طفح الكيل بالنسبة إليه ووصل الى أفق مسدود مع الحلفاء، مشيراً إلى أن الاستقالة قد تؤمّن لميقاتي المخرج اللائق لكي يستقبله الملك عبد الله بن عبد العزيز كتعويض معنوي، وأنه يعتبر الاستقالة مدخلاً لعودة المملكة إلى احتضان لبنان مجدداً.
وكشف جنبلاط أن الرئيس الحريري كان يريد تسمية اللواء أشرف ريفي لرئاسة الحكومة، وأنه أصرّ على اسم ريفي عند لقائه الوزير وائل أبو فاعور في الرياض، لكنه، أي جنبلاط، رفض طرح هذا الإسم، معتبراً إياه مرشح تحدي، في حين أن سلام مرشح اعتدال ووفاقي، مشيراً إلى أن أبو فاعور نقل هذا الموقف لرئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأمير بندر بن سلطان.
وقال أنه اختار تمام سلام لأنه له صفة الاعتدال ولأنه ابن عائلة عريقة، وإبن الرئيس صائب سلام صاحب شعار «لا غالب ولا مغلوب» والتفهم والتفاهم، مشيراً الى انه يختلف مع 14 آذار الذي يطالب بحكومة انتخابات، فيما هو يتحدث عن حكومة وحدة وطنية، معلناً بأنه لن يشارك ولن يعطي الثقة لحكومة من لون واحد، مؤكداً انه مع حكومة وفاقية تضم الجميع ولا تستبعد احداً.
واوضح انه ابلغ جميع الفرقاء بتأييده لتمام سلام، كاشفاً عن ان حزب الله سأله عما اذا كان لديه مرشح آخر غير تمام سلام فقلت بأن الرجل لم تصدر عنه اي كلمة سيئة بحق المقاومة، مؤكداً رفضه وضع حزب الله على لائحة الارهاب، وانه لا بد من حوار مع الحزب وانفتاح على المقاومة، خلافاً لخطابات بعض الكبار في 14 آذار، إلا انه وجه للامين العام للحزب السيد حسن نصر الله كلمة لفت فيها الى ان استخدام البندقية في غير موضعها الطبيعي كان خطأ كبيراً، مشيراً الى امكانية تنظيم الخلاف السياسي في البلد ضمن الحكومة المقبلة.
وشدد جنبلاط على ان تقديم الحزب الاشتراكي لترشيحاته امس الى وزارة الداخلية ليس فولكلوراً، معتبراً بأن قانون الستين لا يزال ساري المفعول، معرباً عن احترامه للمواقف المتقدمة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، خصوصاً وانه احسن ادارة الملفات من السلاح الى النأي بالنفس، مشيراً الى ان عهد الرئيس سليمان يذكره بعهد الرئيس الراحل الياس سركيس الذي لم يكن سهلاً، الا انه اعلن رفضه التمديد لسليمان والمجلس النيابي الحالي، انطلاقاً من ضرورة احترام تداول السلطة.
8 آذار
اما بالنسبة لفريق 8 آذار، فلم تصدر عنه اية مواقف من تسمية النائب سلام، وفهم ان كتلة «التنمية والتحرير» تتجه لتسمية سلام في الاستشارات اليوم، وهو ما سيؤدي إلى هدم الجسور بين عين التينة والرابية، والتي جرت محاولات حثيثة في اليومين الماضيين لإعادة ترميمها بعد تفسخها بفعل الخلافات حول رفض الرئيس بري طلب عون الدعوة إلى عقد جلسة تشريعية للتصويت على المشروع الأرثوذكسي.
وعقد تكتل عون اجتماعاً في الخامسة عصراً، إلا أن أي قرار لم يصدر عنه، باستثناء الاعلان بأن هذا الموقف سيعلن في الثالثة من بعد ظهر اليوم، أي قبل ساعة من موعد عون مع رئيس الجمهورية في الاستشارات، علماً أن عضو التكتل النائب حكمت ديب لم يستبعد مقاطعة هذه الاستشارات.
وعلم أن الاجتماعات ظلت متواصلة لدى أطراف فريق 8 آذار للاتفاق على موقف موحد، يذهب به إلى الاستشارات، وأن هناك اتجاهين، الأول يميل إلى المقاطعة وبالتالي اتخاذ موقف المعارضة من الحكومة الجديدة، وصولاً إلى عدم المشاركة فيها، والثاني يريد الذهاب إلى الاستشارات وأنه لا ضرر من تسمية سلام باعتباره مرشحاً توافقياً، بكل ما يعنيه ذلك من انخراط في العملية الحكومية، وتالياً، البقاء داخل السلطة.
وقالت مصادر هذا الفريق، إن الموقف النهائي يفترض أن يتبلور اليوم، وذلك للحيلولة دون تصدع هذا الفريق، لا سيما إذا ما تفرّد الرئيس بري بتأييد سلام ومعه الكتلة الوسطية، أي الرئيس ميقاتي ونواب طرابلس."
الموضوعات المدرجة ضمن هذه الصفحة تعرض للقارئ أبرز ما جاء في الصحف, وموقع المنار لا يتبنى مضمونها