غادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما منطقة الشرق الأوسط بعدما أشبع أهلها وعيداً ووعداً
د. جميل مجدي*
غادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما منطقة الشرق الأوسط بعدما أشبع أهلها وعيداً ووعداً، وبرهن بالفعل والقول أن العلاقة الخاصة التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل هي علاقة تتجاوز في معانيها كل ما له علاقة بالمصالح والأدوار إلى منهج عقدي عقائدي متجذر في الفكر السياسي الأمريكي ولا يمكن لأي كان أن يعبث به وبدلالاته، ثم قدم أوباما أكثر من إشارة رمزية تبرهن على الانحياز غير القابل للتبدل لمصلحة إسرائيل على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ولم يتمكن الرجل من أن يقدم شيئاً للفلسطينيين الذين انتظروه طويلاً، وعطّلوا مصالحتهم في انتظاره، وأغلقوا الشوارع وهدموا المجسمات الوطنية والرموز السياسية من أجل إرضائه، كل هذا لم يشفع لهم عند سيد البيت الأبيض الذي اكتفى بالوعد أن يرسل عما قريب وزير خارجيته جون كيري من أجل (تحريك عملية التسوية).
انتهت أعمال القمة العربية في دوحة (العرب)، وقال الأمير ما قال، ثم دعا على قمة عربية مصغرة للمصالحة، فيما يبدو أنه لا يوجد في الأفق ما يوحي بأنها باتت قريبة، ولو بقيت المعطيات على ما هي عليه، فمن غير المستبعد أن يدعو رئيس القمة القادمة إلى قمة عربية موسعة هذه المرة من أجل هذه المصالحة، ولا شك في أن القمة التي ستتلوها ربما تدعو إلى مؤتمر دولي من أجل تكريس هذه المصالحة، واللافت أن هذه القمة كانت سعيدة بزيارة أوباما إلى المنطقة، بل ورحبت بمبعوثه الذي لم يصل بعد من أجل تحريك مسار التسوية حتى قبل أن يقول الرجل للأطراف كلمته!!!
للمرة المليار تقريباً يخطئ الساسة، وتصيب همّة الجماهير، ما يحدث في الضفة الغربية الآن هو أول تباشير انتفاضة فلسطينية، لن يكون عنوانها مكاناً بعينه أو ظاهرة بعينها أو مشهد هنا أو هناك، سيكون عنوانها التحرير، تحرير الأرض والإنسان، فإن اعتقدت إسرائيل أن قوتها، قوتها وحدها كفيلة بقهر حلم الشعب الفلسطيني فلن تفلح هذه المرة، إن الشعوب إن غضبت فلا مناص إلا الاندحار أمامها، ومن المحتم أن غزة لن تدع الضفة وحدها في المواجهة، وعليه فإن الحراك الشعبي قادم لا محالة، وهو حراك لن ينتهي إلى هدنة هذه المرحلة ولا إلى مفاوضات، بل إنه سيقود إلى مفاعيل جديدة على الأرض، لتصبح فلسطين بعده غير فلسطين التي أرادوها أو التي نشأت في أعقاب الانقسام.
نهاية العام قد تشهد ضربة موجهة إلى إيران، وإن حدث ما تبرهن عليه المعلومات وليس المعطيات، فإن شكل الشرق الأوسط سيتغير برمته بعدها، ومن هنا يتوجب على الطرف الفلسطيني أن يكون أكثر نضجاً في التعامل مع الأحداث، وألا تتوقف عجلة ومسار المصالحة على تهنئة السيد خالد مشعل بمناسبة إعادة انتخابه على رأس حركة حماس، بل يجب أن يتعداه إلى خطوات حاسمة تعيد توازنات الوحدة الوطنية التي هي السبيل الوحيد ليكون الفلسطينيون على قدر الحد الأدنى المطلوب في مواجهة الاستحقاقات الصعبة القادمة .. وهي مع شديد الأسف ثقيلة وكثيرة وجد معقدة.
* باحث متخصص في الشؤون الفلسطينية
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه