بلد محتل مثل فلسطين، يكون لإحياء التراث الوطني أهمية قصوى، كونه عنواناً أصيلاً يحكي بالحرف والقماش والإبرة والمعول عراقة انتماء الأرض إلى تاريخها العربي والإسلامي ..
إحياء التراث الثقافي، مسلك أساسي في حياة الأمم المعاصرة لتثبت من خلاله جذور هويتها في التاريخ، وفي بلد محتل مثل فلسطين، يكون لإحياء التراث الوطني أهمية قصوى، كونه عنواناً أصيلاً يحكي بالحرف والقماش والإبرة والمعول عراقة انتماء الأرض إلى تاريخها العربي والإسلامي ..
هذا بشكل خاص ما رشح عنه المعرض التراثي الفلسطيني الذي أقيم بمناسبة يوم الأرض الخالد، حيث تعاونت جمعية التراث الوطني الفلسطيني وتكتل الجمعيات والهيئات الأهلية في لبنان بافتتاح المعرض الذي حمل عنوان "أسبوع فلسطين" برعاية دولة الرئيس السابق الدكتور سليم الحص ممثلاً بمستشاره رفعت بدوي، في القاعة الزجاجية في وزارة السياحة في الحمراء ببيروت، بحضور سفير ايران في لبنان غضنفر ركن ابادي ممثلا بمستشاره مسعود صابري زادة، النائبان الوليد سكرية ونواف الموسوي، امين سر منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العردات، النقابي محمد قاسم، رئيس المجلس الاسلامي الفلسطيني في لبنان الدكتور محمد نمر زغموت. ممثلون عن الفصائل الفلسطينية وجمعيات اهلية لبنانية وفلسطينية.
ألقت رنا سعد الدين من جمعية التراث الوطني الفلسطيني - الاردن كلمة الجمعيات المشاركة، اكدت فيها "استمرار الشعب الفلسطيني في نضاله ومعه صارت فلسطين ضمير الاحرار وبوصلة الامة".
"دبور" : يوم الأرض هو التمسك بتراب فلسطين
السفير الفلسطيني أشرف دبور ألقى كلمة قال فيها :" إن يوم الارض هو يوم التمسك بتراب فلسطين ضد هذا العدو الساعي الى تزوير التاريخ"، مؤكدا "ثبات عزيمة الشعب الفلسطيني في مواصلة نضاله تحقيقا للعودة وحق تقرير المصير".
واضاف: :"هذه النضالات افشلت وستفشل محاولات العدو الاسرائيلي في تزوير التاريخ، فأجدادنا الكنعانيون كانوا اهل هذه الارض ونحن جزء من هذه الارض العربية".وتابع: "نلتقي معكم اليوم في هذا المعرض ملتزمين امن لبنان وعدم السماح بالمساس لاي كان بالعلاقات اللبنانية الفلسطينية او بالتنازل عن حقنا في العودة"، مستذكرا "القادة الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والعرب"، موجها التحية الى "اسرانا في سجون الصبر والى شعبنا، شعب الجبارين، والمجد للقدس عاصمتنا والعودة حقنا ولا تنازل عن الحق".
الموسوي : لن نتخلى عن فلسطين
والقى النائب السيد نواف الموسوي كلمة المقاومة في لبنان، وخاطب الشعب الفلسطيني قائلا: "انتم تعيدون فلسطين الى دائرة الضوء والشمس بالرغم من ان فلسطين لا تغيب في كل ما جرى ويجري حولنا، اذ ان الهدف في كل ما نراه هو تدمير ارادة المقاومة وقدراتها على النحو الذي يمكن العدو الاسرائيلي من ان يحيا بلا تهديد ويستمر في توسيع مستوطناته. ان ما يجري هدفه تدمير الجيوش العربية في البلدان التي لم تنخرط مع العدو، وهدفها تطويق المقاومة ووضعها في شرنقة خصوصياتها".
واكد "اننا لن نتخلى عن فلسطين مهما كثرت المغريات، ونحن لم نتخل عن فلسطين لاننا نواجه الفتنة في كل موقع، لذلك دعونا الى حوار سياسي يقوم على وقف مباشر لكل اشكال العمل المسلح ولايجاد تسوية سياسية". وتابع: "دعونا في لبنان الى تسوية سياسية تنهي الانقسام العميق والى وفاق فعلي لذلك رأيتمونا نتصرف بايجابية مطلقة مع تسمية الاستاذ تمام سلام لتشكيل الحكومة".
وتوجه الى سلام بالقول: "لقد اطلقت على المرحلة تسمية حكومة المصلحة الوطنية، هل نحن بحاجة الى تذكيرك ان اول مصلحة هي احباط محاولات العدو وذلك لن يتم بالطرق الكلاسيكية وانما ان تكون المقاومة في صميم ردع العدو واحباطه وايضا في تعزيز الوحدة الوطنية والطريق اليها عبر مدخلين: قانون انتخابي حي غير ميت صالح لاجراء الانتخابات خلا قانون الستين الذي مات، وايضا في حكومة تجسد القوى السياسية جميعا كي نعبر من مرحلة الفتنة الى مرحلة الوفاق".
وخاطب الشعب الفلسطيني قائلا: "تأكدوا في كل ما نفعل اننا نضع نصب اعيننا يوما لا تكون فيه اسرائيل موجودة على الخريطة السياسية، نقول ذلك لا شعارا وانما كهدف قابل للتحقق وهو شعار القائد الشهيد عماد مغنية". وختم: "اننا قادرون على ازالة اسرائيل من الوجود، وبعث فلسطين كلها على اراضيها".
ثم قدم الاسير المحرر أنور ياسين درعا تذكاريا باسم الجمعيات المنظمة للمعرض إلى الأسير في سجون العدو الاسرائيلي سامر العيساوي وعبره الى جميع الاسرى، فاستلمه مسؤول الجبهة الديمقراطية في لبنان علي فيصل ليسلمه بدوره الى عائلة الاسير العيساوي.
الجدير بالذكر أن العدو الإسرائيلي حاول سرقة أنواع من التراث الوطني الفلسطيني بشتى الطرق، فقد عمدت شركة "العال للطيران" مثلا إلى إلباس المضيفات العاملات على متنها الثوب الفلسطيني المطرز ولكن بالتنورة القصيرة، الأمر الذي أثار احتجاج المؤسسات الثقافية الفلسطينية وذلك في مطلع سبيعينات القرن الماضي. من هنا حرص المشرفون على المعرض على إبراز مهارة التطريز الفلسطيني في الأثواب التراثية أو البياضات المنزلية والأواني المزخرفة التي حفلت بأشكال مختلفة وجميلة للغاية.
الأدب المقاوم جزء من التراث :
ولم يكتف المعرض بضم الأعمال التراثية الوطنية من ألبسة مطرزة وأواني مزخرفة وغيرها، بل تعداها إلى الثقافة التراثية المكتوبة، حيث خصص جناح خاص لأعمال الشهيد الأديب الكبير الراحل غسان كنفاني، وفي هذا الإجراء التفات واعٍ وجميل للربط بين الأدب المقاوم والتراث الوطني.
إذ قالت السيدة اني هوفا كنفاني، أرملة الراحل، لـ"موقع المنار الالكتروني"، أن رسالة كنفاني الأدبية حفرت عميقاً في وجدان الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، لذا هي ترتبط مع كل المناسبات الوطنية التي تحكي عن الجهاد والمقاومة وعن حفظ التراث الثقافي والوطني. وعن سر بقائها في لبنان وإصرارها على الاستمرار بتبني القضية الفلسطينية بعد رحيل زوجها، قالت إنها تفعل ذلك عن اقتناع حقيقي وعميق بالقضية خصوصا أن الراحل ترك لها ولدين ربتهما على حب فلسطين وعشق تراب فلسطين، لعلها بذلك تكون وفية بالعهد الذي قطعته لزوجها الشهيد.
تصوير : وهب زين الدين