اعلن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان تمّام سلام اكثر من مرة منذ تكليفه وحتى اليوم انه ينوي تشكيل حكومة "مصلحة وطنية"، حتى انه اطلق على حكومته اسم "حكومة المصلحة الوطنية".
اعلن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان تمّام سلام اكثر من مرة منذ تكليفه وحتى اليوم انه ينوي تشكيل حكومة "مصلحة وطنية"، حتى انه اطلق على حكومته اسم "حكومة المصلحة الوطنية".
فماذا قصد سلام بذلك؟ وما يقصد بـ"المصلحة الوطنية" التي يريد ان يشكل حكومته من اجلها ولتحقيقها؟ فهل المقصود بالمصلحة الوطنية هنا هو تشكيل حكومة وحدة وطنية ام حكومة محايدة لا ينتمي وزراؤها الى اي فريق سياسي ولو بشكل مباشر؟ ام ان المقصود بها هو حكومة انقاذ ام حكومة تكنوقراط ام حكومة تكون مهمتها فقط الاشراف على الانتخابات النيابية؟ علما ان البعض يتحدث ان هذه الحكومة هي حكومة الوقت الضائع قبل الانتقال الى مرحلة جديدة تبدأ بعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وهل يمكن القول ان استخدام سلام لمصطلح فضفاض وواسع وهو "المصلحة الوطنية" هدفه ان يترك لنفسه -ولما قد تؤول اليه اتصالاته السياسية لاحقا وتلك التي اوصلته الى السراي الحكومي- حرية الحركة والمناورة وتبرير شكل او تركيبة الحكومة المقبلة بأنها تتفق وتحقق المصلحة الوطنية كما يراه هو او كما تفرضه عليه الظروف السياسية المتداخلة في لبنان؟
للاجابة على هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني جورج علم الذي قال إنه "باختيار الرئيس المكلف تمام سلام مصطلح حكومة المصلحة الوطنية أعطى لنفسه هامشا واسعا من الخيارات امامه في ضوء ما ستسفر عنه المشاورات النيابية التي بدأها الثلاثاء وبالتالي في ضوء العقد والمطالب التي سيستمع اليها من الكتل والنواب"، ورأى انه "بعد جوجلة مطالب الكتل والنواب فاذا وجد ان هناك امكانية لحكومة وحدة وطنية فالاولوية لها واذا ما وجد ان هناك عقدا وعراقيل ومطالب مستعصية فسوف يلجأ الى حكومة تكنوقراط مطعمة بالوجوه السياسية التي تمثل بعض التوجهات السياسية بوجه او بآخر".
واعتبر علم في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني ان "مهمة الرئيس سلام ستكون مسهلة لامرين اولهما ان الفعاليات السياسية في لبنان لا ترى مصلحة لها في فرض شروط على حكومة هي مرحلية اي انها محددة زمنيا لان مهمتها تنتهي بعد الانتخابات النيابية"، وتابع ان "السبب الثاني لنجاح سلام هو انها جاءت لاجراء الانتخابات فالصراع الجدي سيكون على قانون الانتخاب والدوائر الانتخابية وليس على تأليف الحكومة"، واضاف ان "بعض الحقائب في الحكومة ستكون موضع اجماع من الجميع كحقائب الداخلية والدفاع والعدل فسوف تطرح لهذه الحقائب اسماء توحي بالثقة للجميع ويكون ولاؤها للوطن وللقانون لا للجهات السياسية".
ورأى علم ان "الرئيس سلام استخدم مصطلحا فضفاضا هو المصلحة الوطنية بما يدل عن احتراف سياسي وانه اختاره عن سابق تصور وتصميم فهو بذلك يستطيع الاجابة بشكل دبلوماسي بعد تشكيل الحكومة على اي مطلب من اي جهة اتى ان هذه التشكيلة تحقق المصلحة الوطنية"، واضاف ان "تسمية الرئيس سلام بهذا الاسم عن سابق تصور يدل وكان هناك تفاهما سعوديا ايرانيا تحت الطاولة لكي يتخطى لبنان لاءات ثلاث: اولها بأن لبنان ليس جنة اصولية ارهابية وثانيها ان لبنان ليس حديقة خلفية للصراع السوري وثالثها انه ممنوع الفراغ في لبنان على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية لذلك فسنرى تشكيل حكومة ومن ثم اجراء الانتخابات"، واضاف ان "ذلك انعكس ايجابا على الوضع اللبناني وعلى الشارع اللبناني".
واعتبر انه "سيكون هناك كاسحة ألغام تساعد الرئيس المكلف على تشكيل الحكومة في وقت سريع جدا وهذه الحاضنة الدولية الاقليمية ستمكن اللبنانيين للتفاهم على قانون انتخاب لاجراء الانتخابات"، ولفت الى ان "القانون المختلط له فرص كبيرة لاقراره"، وتابع ان "القانون المختلط الذي سيقر يشبه الى حد كبير قانون الستين ولكن معدلا ويسمى باسم جديد إرضاء لبعض المرجعيات".
واشار علم الى ان "الصراع في لبنان سيكون حول الانتخابات التي ستكون الفيصل للمرحلة المقبلة اي ان الكلام سيكون في حكومة ما بعد الانتخابات"، واضاف ان "تمام سلام تمت تسميته لكي ينجح ولكي يدخل نادي رؤساء الحكومات من موقع الناجح وان يمرر هذه المرحلة والاستحقاقات بنجاح"، وتابع ان "سلام سيتم استيداعه في نادي الرؤساء ليتم تكليفه في كل مرة يتقتضي الحاجة الى رئيس توافقي في لبنان على اساس ان له تجربة ناحجة خاصة انه من بيت سياسي بيروتي عريق"، وختم انه "لو تقدمت كل الكتل بشروط صعبة ومطالب كثيرة الا انه بفضل كاسحة الالغام الدولية سنرى الجميع في النهاية يتوجه الى قصر بعبدا لالتقاط الصورة التذكارية لحكومة الرئيس تمام سلام".
من جهته، قال "السياسي المقرب من الرئيس تمام سلام" هشام جارودي إن "الرئيس سلام يريد حكومة لكل لبنان تجمع كل الاطراف ولا ترتبط بفريق او بمجموعة واحدة فقط"، واكد "نحن للجميع ونريد ان نمثل كل الشعب اللبناني"، واضاف ان "الرئيس سلام لم يأتِ الى هذا المنصب الا بتأييد عام من الجميع على شخصه كي يخدم مدينته بيروت وكل لبنان ولخدمة كل القوى من خلال اجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن بحسب القانون الذي يقره مجلس النواب"، موضحا ان "همّ الرئيس سلام الاول هو إنجاح الانتخابات".
ولفت جارودي في حديث لموقع "قناة المنار" الى ان "القرار حول شكل الحكومة سيعلن بعد الاستشارات النيابية الممهدة لتأليف الحكومة فلا قرار متخذ مسبقا حول ذلك"، واكد ان "لدى الرئيس سلام رغبة بجمع كل الافرقاء في هذه الحكومة خاصة ان 99% من النواب اعطوه ثقتهم بتسميته لتأليف الانتخابات"، وتابع ان "الرئيس المكلف يأمل ان يكون كل الوزراء في حكومته غير مرشحين للانتخابات كما هو اعلن انه غير مرشح للانتخابات".
واعتبر جارودي ان "اللبنانيين فرحوا بقدوم تمام سلام كما ان الاخوان العرب استبشروا خيرا بتسميته لان هذا الرجل هدفه محبة الناس وتحقيق مصلحة لبنان"، وشدد على ان "الهدف ان يعود الاعمار والسياحة وان تعود الحركة الاقتصادية الى اوجّها في لبنان وان يكون لبنان كما كان مرجعا لكل الدول العربية"، واكد ان "الرئيس سلام لم يطلب اي شيء من احد فالجميع بادروا اتجاهه وهو بالتالي منفتح على الجميع دون اي استثناء"، داعيا "للاستفادة من جو الاطمئنان الذي عم بعد تسمية تمام سلام سواء داخليا او حتى مع العالم العربي خصوصا لاعادة تحريك العجلة الاقتصادية في مختلف المجالات"، آملا "بتكريس الوحدة الوطنية في هذه الحكومة بما يحقق مصلحة الوطن".
ويبقى الأمل ان ينعكس التوافق على تسمية الرئيس المكلف توافقاً على حكومة تجمع اللبنانيين ولا تفرقهم, ويحقق المصلحة الوطنية، لانه بالتأكيد فان التوافق في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة, سينعكس ايجابا على استقرار لبنان, ويخفف الاحتقان في الشارع بما يصب في المصلحة الوطنية.