28-04-2024 01:40 AM بتوقيت القدس المحتلة

الشاهد العيان .. نظريّة أميركية أسقطت الإعلام العربي

الشاهد العيان .. نظريّة أميركية أسقطت الإعلام العربي

يبدو أن الأميركيين قد أفرجوا نهائياً عن نظرية جديدة أبدعت غرفهم السوداء في تحضيرها وتهيئة المناخ المناسب لعرضها على قاطني الكرة الأرضية...



يبدو أن الأميركيين قد أفرجوا نهائياً عن نظرية جديدة أبدعت غرفهم السوداء في تحضيرها وتهيئة المناخ المناسب لعرضها على قاطني الكرة الأرضية، نظرية تسابقت وسائل الإعلام الراكدة تحت القبعة الأميركية لنيل الحق الحصري في الترويج لها، إلا أن أحداً لم يستطع أن يستأثر بها، فمفبركو هذه النظرية شاؤوا أن يوزعوها قطعاً على وسائلهم الإعلامية أملاً في صناعة مشهد درامي جديد من المسلسل الأميركي الطويل الذي تدور أحداثه في منطقتنا، وهو على ما يبدو مشهد زواج ما بين الشرق الأوسط الجديد وبعض الثورات المزعومة، حيث يسأل رجل الدين الحاضرين، هل من شاهد على هذا الزواج؟ فيصيح الجميع بصوت واحد .. أبو محمد من درعا !

ومن منا لم يتعرف بعد على "أبو محمد"؟ إنه شاهد من نوع "سوبر مان"، إلا أنه يحمل الجنسية السورية، لم نعلم بعد ما هو لون الرداء الذي يرتديه، لأن صلاحية طيرانه لا تصلح إلا فوق الأراضي السورية ما يمنعه من الوصول إلى أحد استديوهات العواصم العربية المختلفة. يطير "سوبر مان" سوريا من دمشق نحو حمص ماراً بمختلف المناطق ليحط رحاله في درعا، يتنقل بحريّة على الرغم من القمع والاعتقال والقتل الذي تمارسه أجهزة الأمن  السورية بحق الشعب الأعزل المطالب بالديمقراطية والإصلاح حسبما يعلن دائماً "أبو محمد" بصوته الجهوري.
 

وبالتزامن مع نظرية الشاهد العيان برزت أخرى تحت مسمى الناشط الحقوقي! وكالشاهد العيان، في أغلب الأحيان، الناشط الحقوقي مجهول الهوية والملاحظ أنه غالباً ما يكون في القاهرة أو باريس أو لندن وغيرها من العواصم، إلا أن منظاره أصلي وعابر للقارات ويمكّنه من مشاهدة ونقل ما يحدث بالتفصيل في زوايا القرى السورية مباشرة، وحتى الكواليس والبساتين ومراكز التعذيب يمكن للناشط الحقوقي الإفصاح عن أدق الأحداث الجارية فيها!

هذه النظريات التي تروّج لها منتشية بعض وسائل الإعلام التي يقع على عاتقها مهمة كي الوعي العربي واستغباء عقول الناس وتحويلها إلى مرآة عاكسة لكميّة من الهراء والأكاذيب، كانت مفتاح لقائنا بالباحث والإعلامي اللبناني صاحب الباع الطويل في ممارسة هذه المهنة غالب قنديل لنستوضح منه عما يجري وراء الكواليس الإعلامية.

 

حرّية الإعلام كذبة فادحة

"الموضوعية في هذا العالم على صعيد الإعلام هي وجهة نظر وليست معياراً حقيقياً للتعامل مع الأحداث، والإعلام هو صدى لمواقف مالكيه وخياراتهم السياسية ولا حرية لممارسي المهنة في التصرف بموضوعية وبدون انحياز عندما تكون أوامر المالكين خلاف ذلك. ما نشهده اليوم في الإعلام العربي هو تعبير عن هذه الحقيقة، إذ انّ مالكي المحطات الفضائية والإذاعية والجرائد هم من يرسم سياساتها ويلزمون العاملين عندهم بالتوجهات المطلوب منهم تنفيذها أثناء تعاملهم مع الأحداث، فيحجبون أخباراً ويخترعون أخرى، ويروّجون لآراء ولمواقف سياسية، هذا هو المشهد الإعلامي باختصار. فحرّية الإعلام كذبة، موضوعية الإعلام كذبة أفدح، الحيادية والموضوعية هي نوع من الخداع السافر غير الموجود واقعياً".
حقيقة ثابتة بات قنديل مقتنعاً بها بعد مراقبته لسلوك الوسائل الإعلامية في ظل الثورات العربية، فأصرّ على أن يبدأ بها حديثه.


 

قطر أرادت أن يسقط مبارك .. فسقط!

يطول الحديث عن طريقة التعاطي الإعلامي مع الأحداث العربية الأخيرة، ولكن إن أخذنا عيّنة الثورة المصرية فسنجد بحسب قنديل أنّ "قناة الجزيرة كانت عنصر تحريض على الثورة لأنّ مالكها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني متفق مع الأميركيين على أجندة تتصل بإزاحة مبارك واحتواء الوضع المصري وفق آليات جديدة فيها دور للإخوان المسلمين، ولذلك نُصّبت منصة للشيخ القرضاوي في ميدان التحرير من قبل مخابرات الجيش، وهو الذي رفض النزول إلى القاهرة قبل أن تحسم الأمور لأنه كان يخشى من بقايا نظام مبارك، ولم تكن عنده جرأة التحدي التي أبداها في إصدار فتاوى الفتنة الموجهة لإحراق سوريا. إذاً المشيئة الأميركية وضعت الجزيرة في هذا الموقع، والمشيئة السعودية وضعت "العربية" في الموقع المقابل، فكانت إلى جانب مبارك حتى اللحظة الأخيرة ضد الثورة وحاولت أن تتنكّر لها أحياناً، وطٌرد إعلاميون أو أرغموا على الإستقالة بعد إحراجهم لأنهم طالبوا بأخذ الوقائع الموضوعية بعين الاعتبار".
صفقة أميركا والاخوان المسلمين منعت الجيش المصري من التدخل
ويتابع قنديل حديثه عن الثورة المصرية فيرى أنّها " كانت حالة شعبية فيها مجموعة من العناصر المحركة لغليان جماهيري قديم ومكبوت، ولكن الجزيرة كانت وسيلة استيعاب واحتواء لهذه الثورة، وكان المطلوب منها أن تتماشى مع هذا الحدث الثوري لتكتسب ثقة الشارع المصري حتى تُستخدم فيما بعد لتسويق التنظيم العالمي للاخوان المسلمين وصفقته مع الأميركيين المتصلة بالحفاظ على إتفاقية كامب ديفد. ويوضح قنديل "أنا هنا لا أحكم على كل أعضاء تنظيم الاخوان بل أتوقع أن يحدث صراع داخل هذا التنظيم عندما تأتي الساعة التي سيُطلب فيها من الاخوان المسلمين في مصر بأن يعترفوا باسرائيل وأن يلتزموا بكامب ديفد وبمقومات الحصار على غزة لحجب تدفق المال والسلاح عن حركة المقاومة، وعندما يحدث ذلك أعتقد أنه سيتولّد صراع داخل تنظيم الاخوان ولا أرى أنّ حركة حماس ستنسجم مع هذه الشروط بوصفها متحدرة من هذا التنظيم العالمي، لذا أعتقد أن غلياناً سيحدث داخل الاخوان المسلمين، ولكن في جميع الحالات فإنّ الأميركي يريد أن يسوّق هذه الحالة والقرضاوي هو من أدوات تسويقها". لذلك يرى قنديل أنّ "الأميركي تدخّل وحيّد الجيش المصري ليبقي مواقع نفوذه وتأثيره محميّة داخل هيئة الأركان المصرية التي له فيها عملاء لسياساته واستراتيجياته، كذلك حيّد الجيش في تونس بالقرار الأميركي ليكون الجنرالات هم حراس التبعية للسياسات الأميركية والغربية".


لماذا أزيح بن لادن اليوم عن المشهد العالمي؟
وبالتزامن مع ما يحصل تمّت إزاحة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من المشهد لتحقيق هدفين: "فتح الطريق أمام الصفقة مع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالتخلص من منافس صعب كـ"بن لادن" الذي كان يستقطب الشباب الساخط في العالم الإسلامي تحت عنوان السلفية الجهادية التي كان يعتنقها. ومن ناحية أخرى فتح الطريق أمام بندر بن سلطان لوراثة القاعدة، فبوجود بن لادن لا يملك بندر القدرة الكافية لوراثة القاعدة ولكن بشطبه وتنحيته من المشهد تفتح الطريق أمام بندر لاعادة استمالة من ساهم بتجنيدهم في الثمانينات في صفوف ما سمي بمكتب المجاهدين في أفغانستان، ضمن برنامج أعدته المخابرات المركزية الأميركية في حينها، وكان بندر بن سلطان وبعض الواجهات المالية اللبنانية للعائلة السعودية المالكة هم من موّل هذا المكتب. وكما أزاحوا بن لادن يمكن أن يستهدفوا أيمن الظواهري لتحقيق هذه الأهداف خاصة وأن المخابرات الباكستانية تسهّل لهم هذه المهام".

إستعمار ليبيا لإخضاع مصر
إذا ذهبنا إلى ليبيا نجد بحسب قنديل أنّ "قطر هي المروّجة للتدخل العسكري الاستعماري هناك عبر وسائل إعلامها، من أجل إقامة حاجز جغرافي واقتصادي يفصل الثورة المصرية عن الثورة التونسية، ولتلبية مصلحة إسرائيل لوضع اليد على النفط الليبي ومنعه من أن يصبح جزءاً من الرصيد الاستراتيجي لإعادة تنشيط الاقتصاد المصري بعد الثورة، حتى تبقى مصر رهينة اقتصاد المساعدات الغربية وحتى تلحق ليبيا بنظام المساعدات الغربي كما يحصل اليوم، فنرى البلد الغني بثروات نفطية طائلة يُنشأ له صندوق مساعدات ضمن خطة تقسيمه وإخضاعه! وصاحب الإمارة الأوتوقراطية التي ليس فيها مجلس بلدية منتخب واحد، هو الوكيل المفوّض من أوباما لنشر الديمقراطية، ولذلك سوّقت الجزيرة لفكرة التدخل الاستعماري في ليبيا على أنّه نجدة إنسانية للشعب الليبي في الوقت الذي هو إهدار لدم هذا الشعب ولثروات ليبيا الحقيقية، فكانت الجزيرة تعطي جزءاً من الصورة للمشاهد العربي لتزعم أنّ هناك ثورة وليس انقساماً قبلياً في قاعدة النظام الليبي، ولتغتال أيضاً الثورة الحقيقية من خلال الترويج لفكرة التدخل الاستعماري تحت عنوان الامبريالية الإنسانية، هذه المهزلة الجديدة التي أخرجها الشمال الأميركي لتضليل الشعوب".

الإعلام العربي سوّق اجتياح البحرين كمهمّة لحفظ الأمن
أما بالنسبة لما يحصل في المقلب الآخر، فيشير قنديل إلى البحرين ليقول "في هذا البلد هناك ثورة شعبية سلمية ديمقراطية بعيدة عن المذهبية، شملت أكثر من ثمانين في المائة من أهالي البلد وكانت تمثّل وحدة النسيج الوطني، فيها شيعة وسنّة، ولا مجال للكلام عن شبهة عصبيّة فيها، ولكن لا علم للجزيرة وللعربية بها، مُحيت عن الخارطة، وحين يأتي ذكرها في نشرات الأخبار أو في بعض الحوارات الإعلامية فتذكر لتصنيع صورة مذهبية تعمم الفتنة انطلاقاً من البحرين، أو لاستفزاز إيران واستدراجها لموقف عدائي رغم تصميمها على إدارة الظهر للإستفزازات وإبقاء منطق حسن الجوار في الخطاب الإيراني. وحين حصل التدخل العسكري الخليجي بالأمر الأميركي الذي حمله روبرت غيتس ودخلت قوات درع الجزيرة لتسحق شعب البحرين وانتفاضته السلمية، كانت مهمّة هذا الإعلام أن يسوّق فكرة الاجتياح العسكري الذي جرى على أنه مهمّة لحفظ الأمن وليست لسحق الإنتفاضة الشعبية".


طارق متري رفض إقفال إذاعات غير مرخص لها ومهمتها تخريب سوريا
نصل إلى ما يحدث في سوريا لنجد أن المسألة باتت مختلفة جوهرياً، فـ"الجوقة الإعلامية وتحديداً الامبراطورية الإعلامية لآل الحريري، في مواقعها الالكترونية وإذاعاتها وتلفزيوناتها، تمارس أبشع أنواع التحريض ضد النظام السوري، مع الإشارة إلى أنّ سعد الحريري شريك بأي حال في قناة العربية أيضاً"، هذا ما يؤكد عليه قنديل، ويضيف مستغرباً "قدّم المجلس الوطني للإعلام في لبنان تقريراً إلى وزير الإعلام طارق متري منذ أشهر يدعو لوقف بث إذاعات أجنبية غير مرخص لها وهي: "سوا" و"مونتيكارلو" و"بي بي سي" التي تستعمل اليوم للتخريب داخل سوريا، ويبدو أنها أُحدثت بالأصل من أجل هذه الغاية، إلا أن وزير الإعلام رفض إحالة التقرير وأخذ أي تدبير بحق هذه الإذاعات التي تبث من لبنان إلى سوريا بشكل مخالف عن القانون و"على قلبهم متل العسل" لسعد الحريري ووزيره طارق متري".

القرضاوي والحيدان أدوات الفتنة في سوريا
ويتابع قنديل "أما بالنسبة للجزيرة فقد اكتسبت مصداقيتها طيلة السنوات الماضية بوقوفها مع قوى المقاومة في المنطقة، وهذا لم يمنعني حينها أن أسجل عليها أنها أدخلت الإسرائيليين إلى بيوتنا مقدّمة خدمة تطبيعية للكيان الغاصب بتحويل صورة الإسرائيلي في نظر المشاهد العربي من عدو ينبغي أن يقاوم بالسلاح إلى ضيف يجري الحوار معه عبر شاشة فضائية. واليوم شطب الهامش المتروك للجزيرة للتعاطف مع المقاومات وللعلاقة الإيجابية مع سوريا بالأمر الأميركي، فرأينا قطر والسعودية تطلقان القرضاوي والحيدان إعلامياً ليحرّضا على الفتنة والحرب الأهلية في سوريا، وأي شخص يريد التأكد من كلامي، فليبحث على فتوى الشيخ صالح الحيدان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، الذي دعا إلى إبادة ثلث الشعب السوري، أي انه حرّض على الحرب الأهلية في سوريا، وبدل من أن يعاقب ويطرد من الهيئة قام الملك عبدالله بن عبد العزيز بإعطائه حصانة بمرسوم ملكي، وليبحث من يريد عن خطب الشيخ القرضاوي التي خاطب فيها السوريين بالمفردات الطائفية والمذهبية محرّضاً على الحرب الأهلية".
وهذا يشير بحسب قنديل إلى وجود "تدبير أعلى من سلطة الملك السعودي وأمير قطر، وهو تدبير المخابرات الأميركية والصهيونية العالمية. وهذا التلاقي على تخريب سوريا له أهداف سياسية باتت معروفة، فإشعال الحرب الأهلية في سوريا يستهدف ثوابتها، والدليل على ذلك أن الموفدين الذين جاؤوا إلى دمشق عرضوا على القيادة السورية فك التحالف مع إيران ووقف دعم حزب الله والمقاومة الفلسطينية لتهدئة الوضع في سوريا، إذاً من يعرض وقف التحركات فهو يملك بيده القرار، وهذا معناه أن قرار هذه الإحتجاجات هو بيد الجهات التي وضعت إعلامها في تصرف عملية تزييف الوقائع".

الشاهد العيان كلّف أميركا عشرات ملايين الدولارات
فضائح الممارسة الإعلامية في الشأن السوري كثيرة، فيكفي ان نشاهد بعض الوسائل الإعلامية لنستمع إلى بيانات تحريضية تحث السوريين على التحرّك ضد السلطة بمفردات طائفية، ولتزوير الوقائع اخترعوا بدعة جديدة تسمّى "شاهد عيان" الذي قد يكون في غرفة التحرير أو في فندق من فنادق الدوحة أو دبي أو ابو ظبي أو بيروت، وبالتالي نحن أمام إعلام يريد أن يصنّع أحدائاً ويولّد انطباعات في خدمة مخطط سياسي ولسنا أمام إعلام حر.
وهنا يجزم قنديل بأنّ "حجم الإمكانات الموظفة التي تكشفت بعض معطياتها في خدمة هذه الجوقة الإعلامية ضخمة جداً، فالكونغرس الأميركي دفع عشرات ملايين الدولارات لمجموعات سورية منشقة في الخارج أنشأت فضائيات ومنها المتطرفة التي تبث من السعودية بإشراف علماء التكفير، وهي تحرّض على الفتنة وموجهة للشعب السوري. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى مقال الزميل انطوني شديد الذي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" وآخر في صحيفة "نيويورك تايمز"، وتتحدث هذه المقالات الأميركية عن غرف عمليات موجودة في بيروت وميشيغين وستوكهولم وبروكسل وباريس والدوحة، وعن ناس تم تدريبهم ليقاتلوا وليلعبوا دور الشهود العيان والنشطاء الحقوقيين، فحين يقال أن هناك آلاف الهواتف الخلويّة المربوطة بالدول المجاورة يعني هذا وجود مشغّلين على عدد هذه الأجهزة على المقلب الآخر في لبنان والأردن والعراق، وحين يقال أن هناك مئات أجهزة الثريا قد أرسلت إلى سوريا ودرّب مستلميها على كيفية التعامل معها، يعني أن هناك دورات كلفت ملايين الدولارات وتجهيز كلّف عشرات الملايين. إذاً نحن أمام مخطط مدبر استعمل فيه الإعلام كوسيلة من أجل تصدير تكنولوجيا الإحتجاج وتغذية فتنة طائفية ومذهبية في سوريا بهدف تخريبها، بالتالي أضحى الأداء الإعلامي موجّه سياسياً".

السياسة الإستعمارية الأميركية مستمرة، وإن اختلفت طرق التطبيق، وبعد ما عانته وحلفائها في أفغانستان والعراق ولبنان، قرّرت الولايات المتحدة اعتماد الخيار الأسهل والأقل تكلفة، وهو رفع الغطاء عن بعض الحكام العرب الذين خدموها لعقود طويلة مهيّئة بذلك الأرضية المناسبة للثورات ضدهم، ومستغلة مشاعر الغضب لدى الشعوب العربية لتلعب دور المنقذ في اللحظة الحاسمة بهدف استمالة هذه الشعوب وكثب ثقتها، تمهيداً لإيصال أزلامها إلى سدة الحكم حاملين راية الديمقراطية المزعومة التي تبقي على السيطرة الأميركية على الشرق الأوسط. وكذلك الأمر بالنسبة لمن يقف بوجهها من قوى ممانعة ومقاومة، حيث تخلق لهم أزمات داخلية لتحطيمهم وإخضاعهم والحاقهم بركب مخططها. أما الأداة الرئيسية لتجميل المؤامرة وتسويقها ليست سوى وسيلة إعلامية، أو وسائل إعلامية، تريد لشعوب منطقتنا أن تكون على شاكلة الشاهد العيان "أبو محمد" من درعا أو الشاهد الملك "محمد زهير الصديق" من أي مكان في العالم، وما أقل الفوارق بينهما. فهل ستلتفت شعوبنا العربية للمؤامرة الأميركية وتعمل على تقويضها وإفشالها؟