هو شاعر يكتب من حبر النزف ليجسد الحالة الاجتماعية..يُنطق صمت المعاناة ..منفتح مجدد بحرفه ..سميّ بشاعر الحياة يرى أن التعصب تم الزج به للفتنة وتم تلوينه بالوشاح الديني حتى تكون الفرقة .
هو شاعر يكتب من حبر النزف ليجسد الحالة الاجتماعية.. يُنطق صمت المعاناة .. منفتح مجدد بحرفه .. سمّي بشاعر الحياة. يرى أن التعصب تم الزج به للفتنة وتم تلوينه بالوشاح الديني حتى تكون الفرقة ويرى أن مسؤولية الشاعر هي السمو بالكلمة للإرتقاء في القيم والنأي بالخلافات .
الشاعر العربي ابراهيم عبدالله الجريفاني التقيناه في بيروت وكان لنا معه الحديث التالي :
1 - من هو الشاعر بنظرك؟
ج 1 - لنقل من هو الشاعر في نظر المتلقي. هو الأقدر على تجسيد كل ما يجري حوله وينطق عن هوى النفس .. يُنطق صمت المعاناة ..يستطيع أن يرى ما لا يُرى ..الشاعر من يستشعر غيره وينطق بلسانه دون ان يتدخل هو ..الشاعر هو من يكون الأكثر تفاعلا، المؤمن بأن ما حباه الله به رسالة سماوية حتى يبلغ الرسالة .
2 - هل للإبداع مدن وماذا تعني لك بيروت؟
ج 2 - الأمكنة والأزمنة مكونات حالة والشاعر عنصر يتأثر ولعله يؤثر ..لهذا تبقى المدن وشماً في جدار الذاكرة عبر أزميل القلم ننقش الذكريات ونمارس الكتابة على الحائط ..لنستعيده ونستدعيها ..ولعل الشعر مصدر من مصادر التاريخ للأزمنة والمدن وتجسيد لحالات أرّخت التاريخ , بيروت تلك المدينة الحبلى بكل التناقضات الموشومة في جراح نازفة لا تبرأ .. تلك الصامدة ..المهووسة في السياسة وأطيافها .. وهي هبة الله بحرا ..جبلاً ..زيتوناً وأرزا مصدر الجمال الناطق من الجنوب النابض إرادةً للشمال العنيد ومن الغرب السكن بحرا الى بقاع جبل الشيخ الشاهد على التاريخ شرقاً ..بيروت ملهمة الشعراء عبر أرواح أهلها ومفاهيهما وايديولوجيات الرواد المتعددة .. بيروت أراها ملهمة الشعراء مدينة تغار منها النساء .
3 - هل انت مقتنع بما قدمته حتى الآن ؟
ج 3 - أخي محمد أنت شاعر وتعلم أن الشاعر متى شعر بأنه مقتنع بما قدم خير له أن لا يقدم .. شخصيا ارى وليس مجاملة اعتقد أنني لم ابدأ بعد ما زلت أخطو واتعثر لأنهض حتى استطيع السير في طريق رسمه اساتذة الشعر الذين تتلمذت على إرثهم ..وحملت مناقبهم ورسائلهم راجيا من الله أن يوفقني لأكون خير خلف لخير سلف .. إن وفقت فهو من إرثهم وإن أخفقت فهو مني ..واصدقك القول ما زلت أشعر بقلق كبير بعد نشر النص واترقب ردود الفعل هل لامس الحرف بصدق ارواح البشر هل جسدت الجُرح في صدقٍ عبر حبر النزف .. لان الكتابة مسؤولية ان ترتقي لمستوى المتلقي وتحترمه حين تكتب ..
4 - ما هي القصيدة ؟
ج 4 - القصيدة جنينُ فكري .. لها نواميس تماثل المخاض .. لذا نقول ولدت القصيدة ولا نقول كتبت قصيدة .. القصيدة هي كلمات بثثنا فيها الروح لتحمل مضمونا وهدفا ورسالة .. هي صرخة معاناة ..هي نشوة مقاوم هي صلاة مؤمن .. هي عقيدة واِعتقاد .. القصيدة روح بشرية ناطقة .
5 - هل ما زلنا في حاجة إلى الشعر؟
ج 5 - وهل نستطيع أن نلغي الشعور، المشاعر، الاِستشعار ؟.. الشعر لغة التخاطب الروحي كما اللسان ينطق في لغة التخاطب بين البشر .. الحياة في حالة حراك وللكون نواميسه ونسكه وهو تفاعل .. البحيرة مياهها الراكدة بلا حراك والسماء حين تكون بلا غيوم لا تلهم الفنان لهذا طالما هناك حياة وحراك فالشاعر هو من يرى مالا يُرى إن كان صاحب معتنق فكري .
6 - هل يمكن أن يكون الشاعر والمثقف عموما فاعلا في المجتمع ويساهم في التغيير؟
ج 6 - مالم يكن الشاعر والمثقف فاعلا متفاعلا متأثرا في مجتمعه لن يكون مؤثرا وبالتالي هو فهو نسياً منسيا .. في وطننا العربي شهد التاريخ من يقرضون الشعر ويكتبونه لم يترك الكثير اثراً يخلدهم لكونهم لم يتفاعلوا مع ما يجري وهو ما جعلهم غير مؤثرين طويت صفحاتهم كما نطوي الامس في (روزنامة) الأيام ولعل سؤالك يعيدني لمشروع فكري نتداوله في الملتقيات والأمسيات ألا وهو غياب المثقف العربي شاعراً روائياً كاتباً ..عما يجري في الشارع العربي وتحديدا لم يكن جزءا من التغير بل البعض هرول لحمل معاول الهدم والبعض نأى بنفسه في ركنٍ مظلمٍ قصي وكأنه غير معني .. ولعلنا نسمي الأمور في مسمياتها الصحيحة .. ما يجري حالة اِنتفاضة وطنية أرادت كسر (تابو) الاِعتياد الانسان العربي مغيب عن التطور الفكري ربما شهد العالم العربي تطور عمراني ولكن لم يتماهى معه بناء للإنسان العربي وكرامته .. فكل قضايانا والحريات وجهة نظر ..حتى التخطيط الاستراتيجي المبشر في كرامة وقرار وطني مغيب المواطن والوطن العربي عنها ..
الشارع العربي اليوم يرفض الإحتلال الضمني المغيب للإرادة لهذا انتفض الجيل الجديد الذي يمثل في دول كثيرة اكثر من 70% بلا ثقة أن شمس الغد ستشرق .. نتعايش في الوطن العربي مع حقوق مسلوبة وقِبلة مسلوبة حتى غدا أمراً واقعا .
المثقف العربي غائب مغيب اشبهه بالضمائر في اللغة العربية ( غائب – تقديره هو) وكم تمنيت ان تجد الصرخة الوطنية أنظمة تحتوي وتتيقظ للحقيقة وتسير بالوطن العربي لإشراق ممكن ومطلوب لا إبقاءه في ضبابية الرؤية .
أتمنى على المثقف العربي أن يُبصّر أن الوطن باقٍ والانتماء للأرض وتراب الوطن له علينا حق وواجب .
7 - كيف ترى حال الشعر والشعراء اليوم؟
ج – 7 الشعر حقيقة يعيش أزمة فهو لم يلامس التغيير والحداثة وما زلنا نعيش تكرار لجاهلية مفردة الشعر وهو ما يجعلنا نبتعد عن لغة العصر وجيله .. ففي مطلع الاربعينات أتت محاولات الحداثة ووجدت صراعا وكان الكثير يكتبون بأسماء مستعارة .. واليوم نجد أن الشعر العصري هو لغة مشتركة عالمية إن أردنا الخروج من قمقم التراث دون مساس .. ولعلنا نؤمن أن الاصالة بكاملها غير مقبولة اليوم ولكن لابد من تأصيل ما في الاصالة لنحافظ عليه...لهذا ارى أن الشعراء يواجهون تحديا خاصا لمحاكاة العصر وتطوير المفردة وايجاد صور شعرية مما هو حولنا ولكنها غير مسبوقة بمعنى اِستثارة الفكر والابداع .. هناك تطوير تابعناه ممجوج وبالمقابل هنا تطوير وقفنا له احتراما وشعرنا بالغيرة منه .
8 - ما هي القضايا التي تعالجها من خلال القصيدة ؟
ج - في عام 2009 افضل عليّ المفكر اللبناني حافظ تراث جبران الفقيد وهيب كيروز في لقب شاعر الحياة في عرائها ..وهنا تكمن الإجابة فقد علمتني الحياة أن ايقاف نزف الجُرح بالتضميد لا يعالجه بل نحتاج الى فتح الجُرح لتسهل مداواته ..وهكذا اعتنقت النهج في كتابات أن أكتب من حبر النزف لأجسد الحالة الاجتماعية وأنطق الجسد الميت ..اِعتنقت الكتاب في حروفٍ مؤنسنة لان من يقرأني اِنسان ..ربما المتابع للحرف يجد أن المرأة حاضرة بل في حالة تلبس في كثير من قضاياها الاِنسانية مثل الخلع , الطلاق , المثليين ,وأهمية سمو العلاقة الروحية الشرعية وكيفية الارتقاء بالحب البشري ..لقناعتي أن المرأة مظلومة في المجتمعات العربية فالموروثات منحت الرجل سلطة تمادى فيها لدرجة اِلغائه لكينونة المرأة هذا لا يعني اِغفال قضايانا العربية وعقائدنا الفكرية و الجوانب الايمانية وبث القيم الاخلاقية حتى نرتقي .
9 - كيف يقف الشاعر اليوم في زمن يشهد الكثير من العنف والتطرف والتعصب وما هو دوره ؟
ج – 9 نعيش زمن تداخلت فيه الكثير من المفاهيم الخاطئة .. التعصب تم الزج به للفتنة وتم تلوينه بالوشاح الديني حتى تكون الفرقة والفتنة عقائدية ونار لا تنطفئ ..ولعل النار تشتعل من مستصغر الشرر والمتربصون بنا يجدون ما يجري بيئة مناسبة للفرقة .. وليس أصعب من أن تجد أن الوطن الواحد للجميع يعاني من فرقة بين أبنائه بسب العنصرية الطائفية ..وكلنا يعلم أن الأديان سماوية وممارستها طقوسا .. نسكا ونواميسا هي علاقة روحية بين المخلوق والخالق وفي خشوع تام وليست مثارا للفتنة وحين يراد بالحق باطلا تجد من يثير الفتنة وواقعنا اليوم يؤكد أن الأديان تعاني من الزج بالمفاهيم الدينية لتكون معول اختلاف لا توافق .
والشاعر هو بشر يعيش يتأثر بما يجري انما مسؤوليته تقديم مصلحة الوطن والسمو بالكلمة لترتقي للقيم والنأي بالخلافات عن الأديان والتأكيد على الحق المدني في الحقوق لكل مواطن في وطنه .
10 - هل ساعدتك مواقع التواصل الاجتماعي في نشر حرفك وكيف تنظر إلى ظاهرة نشر القصائد على الفيس بوك ؟
ج 10 - أنت اِستخدمت المفردة التعريفية الصحيحة مواقع التواصل الاجتماعي أي انها وسيلة التواصل بين افراد المجتمع والكتابة موجهة للمجتمع في كل أطيافه وهذه المواقع منذ مطلع الــ 2000 وهي منبر حر للكمة خاصة ونحن نجد ردة الفعل من بقاع العالم خلال ثوان معدودة ..والمتابع المنفتح على العولمة يجد أن هذه المواقع أفرزت كتّابا لم ولن يجدوا فرصة في الاعلام التقليدي نظرا لأن القائمين على الاعلام التقليدي تقليديو الفكر ..لهذا وجد الشباب منابرا حرة لنشر نتاجهم الفكري وأنت تعلم أن الكثير من الاقلام لها الكثير من المتابعين من كافة العالم، هذا ما يسمى ساهم في الانتشار العالمي .
شخصيا منذ 2004 انشر في الانترنت ووجدت انه مساحة لمدى تأثير الحرف وتقبله وتوثيق العلاقة مع المتلقي لهذا أجده ايجابية تقنية والمتابع من خلال السنوات الخمس الماضية يلاحظ أنه اصبح قبلة للجميع وهو ما يجعلنا من دعاة التغيير الفكري لمحاكاة لغة اليوم ولنا في موقع تويتر خير مثال على التغيير العصري حيث يوجب ان تلخص الفكرة في 140 حرفا وهو امر لم يعتده الفكر العربي "الموبوء بالحشو"، نعم انا من المؤيدين للتواجد الفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي إن اردنا ان نكون في هذا العالم .