بعكس الانطباع الذي ساد اثر زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما تخللها من التزامات أميركية حول حماية امن اسرائيل في المنطقة
إسرائيل ترغب بضرب إيران واحتلال سيناء
داود رمال
بعكس الانطباع الذي ساد اثر زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما تخللها من التزامات أميركية حول حماية امن اسرائيل في المنطقة، فان تقريرا ديبلوماسيا غربيا، يتحدث عن نصائح وجهها الأميركيون الى القيادة الاسرائيلية حول وجوب السعي الى تفادي كل ما يعرض أمن كيانهم للمخاطر، خاصة وأن الادارة الأميركية الحالية والادارات التي ستتعاقب من بعدها، تنحو نحو الانكفاء الى الداخل الأميركي، وتفادي الانخراط في أي صراعات خارجية وهذا الأمر يسري على كل مناطق النفوذ في شتى أنحاء العالم.
ويكشف التقرير الديبلوماسي عن ملامح صراع خفي بين الادارة الاميركية من جهة والحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو من جهة ثانية، ويتمحور في هذه المرحلة حول مسألتين اساسيتين وهما:
1ـ رغبة تل ابيب الجامحة في توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية، بتغطية أميركية.
2ـ رغبة تل ابيب بتأمين غطاء دولي وخاصة أميركي لإعادة احتلال قطاع غزة الفلسطيني وسيناء المصرية، اذا استمر أمنها مهددا، وخاصة في ضوء استمرار انطلاق الصواريخ من القطاع ومن سيناء.
بالنسبة للمسألة الاولى، اي ضرب إيران، فان الادارة الاميركية تعتقد بأن توجيه اي ضربة عسكرية تستهدف البرنامج النووي الايراني، سيؤدي الى نشوب حرب شاملة لن تقتصر شرارتها على المنطقة بل ستمتد لتطال اوروبا الحليفة الأساسية للولايات المتحدة الاميركية، والخشية الاميركية هذه تنبع من ان واشنطن تعلم أن كلا من موسكو وبكين تعارضان بشدّة توجيه اي ضربة عسكرية اسرائيلية لإيران.
ويقول التقرير ان «سبب الرفض الروسي والصيني لتوجيه اي ضربة عسكرية لإيران، يعود لكون كل من موسكو وبكين تعتبر ايران كسوريا تدخل من ضمن الامن القومي والاستراتيجي لكليهما، وهما لن تسمحا باي ضربة عسكرية لإيران، لا سيما ان من شأن ذلك في حال حصوله، ان يؤثر سلبا على سوق النفط العالمي الذي تحتاجه الصين بالدرجة الأولى، والتي لا تقبل المساس به من اي جهة سواء كانت دولية او اقليمية مهما تعاظم شأنها، وصولا الى جعل اساطيلها ترابط مستقبلا قرب منابع النفط ولا سيما مضيق هرمز..
ويضيف التقرير «ان الحكومة الصينية قامت بإبلاغ هذا الموقف الحازم الى كل من واشنطن وتل ابيب وعواصم أخرى، محذرة من أنها لن تقبل بان يعمد اي طرف دولي او اقليمي الى قطع امداداتها النفطية تحت اي ذريعة كانت».
ويتابع التقرير «اما بالنسبة الى رغبة اسرائيل بإعادة احتلال غزة وسيناء، فان الادارة الاميركية تعارض بشدة اي مغامرة اسرائيلية جديدة لإعادة احتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، لان من شان ذلك، برأي واشنطن، ان يؤدي الى انعكاسات سلبية مدوية هي الآتية:
1ـ نسف اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل والتي تعتبر اميركا انها من ابرز الانجازات السياسية على المستوى الدولي للإدارات الاميركية في القرن الماضي، وفي حال حصول ذلك فانه سيعيد حالة الحرب والتوتر بين البلدين، في حين تجهد واشنطن في محاولة عدم تأثر هذه المعاهدة بكل تفاصيلها وملحقاتها السرية بالتغيير السياسي الذي شهده الحكم المصري والذي تمثل بسقوط حكم حسني مبارك ووصول «الاخوان المسلمين» الى السلطة.
2ـ نسف معاهدة السلام بين الفلسطينيين واسرائيل (اتفاقية اوسلو)، والتي نقلت منظمة التحرير الفلسطينية من مرحلة الكفاح المسلح لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الى مرحلة التخلي عن الخيار المسلح وانتهاج التفاوض خيارا وحيدا للوصول الى تسوية للقضية الفلسطينية.
3ـ الخشية من ان يؤدي ذلك الى زعزعة النظام الملكي الاردني واغتنام الاسلاميين اي عدوان واحتلال اسرائيلي لأرض عربية فرصة للانقضاض على هذا النظام الذي يواجه تحدي النمو المتعاظم للإسلاميين، ما يهدد بسقوط اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية (وادي عربة)."
ولكن ما الذي تخشاه الولايات المتحدة اكثر مما تقدم؟
يشير التقرير الى انه «امام هذه الانعكاسات المباشرة، فان واشنطن تخشى:
اولا: خسارة مصر كليا والتي تعتبر الحليفة الاكبر لها في المنطقة، وان يؤدي احتلال سيناء الى استنهاض كبير للخطاب القومي العربي في الشارع المصري، خاصة وأن هذه الكتلة التي التفت في الانتخابات الأخيرة، مع مجموعات أخرى، اثبتت حضورها البارز، من خلال حجم الاصوات التي نالها المرشح الرئاسي حمدين صباحي، وهذا سينعكس ايضا في عواصم عربية اخرى، مما يهدد بتوترات عسكرية بين مصر واسرائيل، وايضا بين الجيش المصري الذي يختزن العقيدة القومية وبين التيارات الاسلامية المتمثلة بـ«الإخوان المسلمين»، علما أن التقرير نفسه، يشير الى أن الأميركيين يثقون أولا وأخيرا في مصر بالجيش المصري.
ثانيا: تخشى واشنطن ان ينجح «الاخوان المسلمون» في السيطرة الكاملة على مقاليد الدولة المصرية والمؤسسات العسكرية والامنية فيها اثر احتلال سيناء، ما قد يؤدي الى نشوب حرب اهلية قد تطيح بوحدة مصر، لأن الاحد عشر مليون قبطي مصري لن يقبلوا بإقامة دولة اسلامية، كما ان التيار المدني سيضطر للمواجهة مع الاسلاميين للحفاظ على وجوده».
ويلفت التقرير الانتباه الى ان «الولايات المتحدة الاميركية تزيد من ضغطها على اسرائيل لمنعها من القيام بأي من المغامرتين، سواء توجيه ضربة لإيران او اعادة احتلال غزة وسيناء، بسبب الخشية من أن تستغل اسرائيل الهجمات ضدها وخاصة من سيناء، لإعداد العدة لتنفيذ هكذا خطة بذريعة حماية الامن الاسرائيلي، ناهيك عن الحراك الداخلي الاسرائيلي المتعاظم والذي قد يدفع اي حكومة اسرائيلية للهروب كما جرت العادة الى خارج الحدود لتوحيد المجتمع لاسرائيلي في مواجهة ما تسميه الخطر الخارجي».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه