قال مسؤول بارز من الاتحاد الأوروبي إن منطقة اليورو تعتزم تخفيف إجراءات التقشف للمساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي
قال مسؤول بارز من الاتحاد الأوروبي إن منطقة اليورو تعتزم تخفيف إجراءات التقشف للمساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي ما يشير إلى تحول في السياسة كانت الولايات المتحدة تطالب به منذ فترة طويلة. وقال أولي رين مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية لرويترز انهم يدعون إلى ما يتم عمله فعلا.
ومن المتوقع أن تتركز محادثات وزراء مالية مجموعة العشرين للدول المتقدمة والناشئة ومحافطي بنوكها المركزية المجتمعين في واشنطن على مسألة وتيرة التشديد النقدي على مستوى العالم. ومن الموضوعات المقرر مناقشتها ما إذا كان يتعين وضع اهداف رقمية لخفض الدين والعجز لما بعد عام 2016. لكن يبدو أن احراز تقدم باتجاه التوصل لاتفاق على خطة منسقة لخفض العجز، استمرارا لاتفاق عام 2010 الذي تم التوصل إليه في تورونتو، سيكون صعبا.
وقال رين إنه عندما بدأت الاسواق في رفض إقراض بعض دول منطقة اليورو بسعر معقول في عام 2010 خوفا من عدم قدرتها على السداد لم يكن أمام منطقة اليورو خيار سوى اجراء خفض حاد للاقتراض والانفاق.
وهبط عجز الموازنة المجمع لمنطقة اليورو إلى 3.5 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2013 من 4.2 بالمئة في 2011 ما دفع دول المنطقة وعددها 17 دولة إلى حالة ركود العام الماضي.
وهذا العام من المقرر خفض العجز في دول منطقة اليورو إلى 2.8 بالمئة ما سيمثل خفضه بأكثر من النصف من 6.3 بالمئة و6.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2009 و2010 على التوالي.
وقال رين ‘في المراحل الأولى من الأزمة كان من الضروري الحفاظ على مصداقية السياسة المالية في أوروبا لأن قوى السوق كان تشكك في ذلك بالتحديد.’ وأضاف ‘لم يكن هناك خيار.اتخذت قرارات حاسمة.’
وتابع ‘الآن استعدنا المصداقية في الأجل القصير ويعطينا ذلك فرصة اتخاذ مسار مالي أقل حدة في الأجل المتوسط’ مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الآن أكثر حدة في خفض العجز من أوروبا.
وكانت مجموعة الـ24، التي تضم دولا ناشئة ونامية، قد عبرت امس الاول عن قلقها من ‘العواقب السلبية’ لسياسات مكافحة الازمة التي تنتهجها المصارف المركزية الكبرى في العالم.
وقالت هذه المجموعة غير الرسمية في بيان صدر على هامش الجمعية العامة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن ‘ندعو الدول المتطورة الى ان تأخذ في الحسبان العواقب السلبية للعمل لفترات طويلة بالسياسات النقدية غير الاعتيادية على التضخم ودفق الرساميل واسعار المواد الاولية.’
ومنذ اندلعت الازمة المالية العالمية اعتمدت المصارف المركزية في العديد من الدول الثرية في العالم، ولا سيما الاحتياطي الفدرالي الاميركي والبنك المركزي الاوروبي، سياسات نقدية مكلفة جمعت بين شراء اصول وخفض معدلات الفائدة بغية ضخ السيولة في الاسواق والحؤول دون نضوب القروض.
ومع ان صندوق النقد الدولي رحب بهذه السياسات، الا انه لفت الى امكان ان تكون لها آثار سيئة على بعض الدول الناشئة.
من جهة اخرى اعربت المجموعة التي تضم 24 دولة من اميركا اللاتينية والشرق الاوسط وافريقيا عن اسفها لعدم دخول اصلاح صندوق النقد الدولي حيز التنفيذ. وهذا الاصلاح تم اقراره منذ ثلاث سنوات على صعيد ادارة الصندوق لصالح الدول الناشئة، ولكنه لا يزال حبرا على ورق.
وقال البيان ‘نجدد التأكيد على اهمية (…) اعطاء مصداقية للجهود الراهنة الرامية الى تعزيز شرعية وفعالية صندوق النقد الدولي’.
وفي 2010 اقرت الدول الاعضاء في صندوق النقد اصلاحا لنظام الحصص والادارة لكن عدم مصادقة الكونغرس الاميركي على هذا الاصلاح منعه من سلوك طريقه الى التنفيذ كون الولايات المتحدة تتمتع عمليا بحق الفيتو على هذا الصعيد.
والولايات المتحدة، اكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، هي اليوم الدولة الوحيدة في مجموعة الثماني التي لم تصادق بعد على شقي الاصلاح اللذين يتيحان للصندوق مضاعفة موارده الدائمة (حوالى 767 مليار دولار) وتعزيز ثقل الدول الناشئة في مجلس ادارته.
وتتمتع واشنطن حاليا بـ16.7′ من حقوق التصويت، وبما ان اقرار الاصلاح يتطلب موافقة اصحاب 85′ من الحقوق عليه، بالتالي يستحيل الوصول الى هذه النسبة اذا لم تنضم الولايات المتحدة الى قائمة الدول المصادقة على الاصلاح.
واضافة الى موضوعي التقشف واصلاح نظم عمل صندوق النقد ستكون امام دول مجموعة العشرين الغنية والناشئة المجتمعة في واشنطن مسألة شائكة اخرى تتعلق بالسرية المصرفية التي تعيق بشكل كبير مكافحة التهرب الضريبي على المستوى الدولي.
وترحب العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة ومعظم الدول الاوروبية بمقترحات لتقليص السرية المصرفية، الا انه يتبقى اقناع باقي دول مجموعة العشرين بجعل التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية القاعدة الدولية الجديدة في هذا المجال.
وعملية التبادل هذه تجرى حاليا ‘حسب الطلب’ واستجابه فقط لطلب رسمي ومفصل وهو ما يعتبر غير كاف في نظر بعض الدول والمنظمات غير الحكومية المشاركة في مكافحة الجنات (الملاذات) الضريبية.
وعادت هذه القضية الى الواجهة مع كشف الآلاف من الحسابات السرية في الخارج. ومنذ اسابيع تزايدت المعلومات عن الايداعات المالية لمسؤولين واثرياء في ملاذلت ضريبية بفضل التجمع الدولي لصحافيي التحريات وهي منظمة غير حكومية مقرها واشنطن حصلت على اقراص صلبة تشتمل على 2.5 مليون بيان سري عن الجنات الضريبية التي تتيح لاصحاب الودائع والحسابات التملص من دفع ضرائب في بلدانهم.
وقال وزير المالية الفرنسي بيار موسكوفيسي يوم الخميس للصحافيين على هامش اعمال الجمعية الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ‘لقد فتح الباب لانهاء السرية المصرفية ولم يعد مواربا فقط وهذا امر بالغ الاهمية’.
الا انه يتعين الان ان يترجم هذا التقدم على المستوى الدولي كما اوضح الوزير.
واعرب موسكوفيسي ايضا عن رغبته في ان تعتمد مجموعة العشرين القواعد الدولية في مجال الشفافية لتفادي على سبيل المثال ان تحول شركات وهمية دون مكافحة التهرب الضريبي بفاعلية.
وقال الوزير ‘اذا كنا قادرين داخل مجموعة العشرين على تحقيق تقدم كبير في هذين الاتجاهين فاننا سنكون قد قمنا بعمل عظيم الفائدة’. من جانبها قالت منظمة ترانسبيرنسي انترناشونل (الشفافية الدولية) في رسالة موجهة الى وزراء المالية ‘هذه السنة اتخذت سلسلة من الاجراءات على المستوى الاوروبي. والان على مجموعة العشرين كلها الحفاظ على هذه الانطلاقة واجراء اصلاح مالي عالمي’.