29-11-2024 12:29 PM بتوقيت القدس المحتلة

الأزمة السورية .. آخر حلقات سلسلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط !!

الأزمة السورية .. آخر حلقات سلسلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط !!

تجتاح منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات مظلّة من الأزمات والتحديات، بسبب حركة الإدارة الأمريكية السريعة في تدوير زوايا تنقلاتها بين الخطط الأصيلة والبديلة التي كانت قد رسمتها لتطبيق استراتيجيتها.


علي عبدو

تجتاح منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات مظلّة من الأزمات والتحديات، بسبب حركة الإدارة الأمريكية السريعة في تدوير زوايا تنقلاتها بين الخطط الأصيلة والبديلة التي كانت قد رسمتها لتطبيق استراتيجيتها في تغيير معالم الشرق الأوسط الثقافية والسياسية والجغرافية، بهدف إحكام الطوق شرقاً نظراً لتنامي الدور الصيني والصعود الروسي التدريجي والذي بدأ بإثارة قلق هذه الإدارة، ويهددها بشكل مباشر بتثبيت سيطرتها على النظام العالمي، بعد ثلة من التعقيدات والمفاجآت التي واجهتها في المنطقة خصوصاً بعد احتلال العراق.

فبعد احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين، وإغراق البلاد في مستنقع الحرب المذهبية والطائفية، وبعد التخبط في المساعدة على إسقاط النظام في سوريا، وبعد الحصار الإقتصادي الطويل والمستمر لإيران والتلويح المستمر من قبل إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لها، والعمل على إعادة اللحمة التركية الإسرائيلية بترسيخ تحالف قوي لاستغلال الضعف العربي والسيطرة على قرار الشرق الأوسط، إيذاناً في مواجهة روسيا والصين في المستقبل إذا ما تمّت الخطة "ألف" بنجاح.

فهل ستستطيع الإدارة الأمريكية استكمال ما رسمته لمستقبلها الإستراتيجي، أم أن الأزمة السورية ستكون آخر حلقات هذه السلسلة الأمريكية المتعددة العناوين، وتنكسر أحلام هذه الإدارة عند حدود الشرق الأوسط الأصيل؟؟

ن متابعة ما يجري في سوريا خلال السنتين الماضيتين، يُثبت أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن الإدارة الأمريكية، وأن هذه الإدارة غاصت مرة أخرى في مستنقع أحلامها الشرق الأوسطية، ولعل سير الأحداث في الأيام القليلة الماضية خير دليل على هذا الكلام، فبعد إنهاك الشعب السوري في معركة كان من المفترض حصولها في غير أرض، ومحاولة استنزاف قوة الجيش النظامي، وبعد العديد من التجاذبات السياسية والدبلوماسية على الصعيد الإقليمي والدولي، والفشل الذريع والممنهج في إدارة قيادة المعارضة السورية عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً رغم هذا الدعم الدولي الغير مسبوق وعلى كافة الصعد، بدأ يتكشف المشهد السوري اليوم، باستعادة الحكومة السورية المبادرة في نفض غبار سنوات الأزمة.

فقد تكبّدت المعارضة السورية خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الخسائر والضربات الموجعة على الصعيد الميداني الأمني، وكذلك على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وما يجري الحديث عنه اليوم من تصعيد ونقل المعركة أو امتدادها لتطال بعض دول الجوار ما هو إلا محاولة لتخفيف الضغط الحاصل في الداخل السوري وتخفيف حدّة الضربات التي أرهقت المعارضة واستنزفت قواها من الناحية العسكرية، وفي المقلب الآخر هي دليل واضح على الإفلاس السياسي والدبلوماسي لهذه المعارضة وداعميها والمفاوضين باسمها في المحافل الدولية، وأما هذا التصعيد فهو إن دلّ على شيء فهو آخر الغيث.

فالتجييش المذهبي الحاصل اليوم في سوريا الذي انقلب لعنة طاولت المعارضة بمختلف تفرعاتها، جوبهَ بمقاومة شرسة لم تكن تتوقعها حتى رأس الدول الداعمة لهذه المعارضة.

تشتّت واضح على الصعيد الداخلي للمعارضة السورية، وتخبّط واضح وانقسامات حادة بين الدول الداعمة لها، واختلافات في الرؤى والتطلعات حول كيفية حلّ هذه الأزمة، أوصلت الجميع إلى قناعة بأن الحل السياسي هو الذي سيُطبّق في النهاية، ومن يقول بغير هذا المنطق فهو يغرد خارج سرب الدلائل والوقائع أو أنه لايزال يرفع السقف لعلمه بقرب وصول المفاوضات إلى مراحلها الحاسمة والدقيقة، فالتصعيد اليوم ما هو إلا بداية النهاية، بداية لمرحلة جديدة تحملها المفاوضات بغية الوصول إلى الحل السياسي للأزمة بعد الوصول إلى مرحلة اليأس العسكري واستحالة التدخل العسكري الخارجي المباشر، وهذا الضياع سببه عدم القدرة على جمع الشتات المستشري بين قيادات المعارضة، وعدم الإتفاق الواضح بين الدول الداعمة لها.

إن الذي يحصل اليوم في سوريا لهو انتصار للشعب السوري وقيادته رغم كل الخسائر الحاصلة، فصمود سوريا رغم كل هذه الضغوط والتدخلات الخارجية وعلى مدى أكثر من سنتين في مواجهة دولية شرسة لهو انتصار مدوٍ ومسار دولي جديد يظهر العديد من العيوب، وأي فخر تدّعيه تلك الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة بأموالها وعدادها التي أرادت إسقاط سوريا ومعها دول الممانعة لتغيير معالم المنطقة بعد أكثر من سنتين على انطلاق هذه الأزمة!!

خلاصة الحديث أن ما حصل خلال السنوات العشر الأخيرة وآخرها الأزمة السورية يُنبّئ بقرب نهاية سلسلة عناوين السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي اليوم تتخبط في رسم آخر حلقاتها.

فهل ستقف الإدارة الأمريكية عند الحلقة السورية أم أنها ستقوم بمغامرة جديدة وتكمل هذه السلسلة بحلقة جديدة باتجاه إيران وتكون بالتالي وضعت نفسها أمام الإختبار الأصعب والمجول النهاية، أم أنها ستعيد حساباتها بالتراجع التدريجي عن مشروعها الذي كلّفها وكلّف العالم العديد من الأزمات والمآسي والويلات؟؟؟

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه