ابرز ما جاء في الصحف اللبنانية اليوم الثلاثاء 30/4/2013
رصدت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء آخر التطورات السياسية على الساحة اللبنانية، كما كانت هناك متابعة لآخر تطورات الحدث السوري ميدانيا وسياسيا.
السفير
استغلال إسرائيلي .. ونجاة الحلقي وإفلات طائرة مدنية روسية من صاروخين
سوريا: ماذا وراء الترويج لسيناريو حرب؟
لم تكن محاولة اغتيال رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي في حي المزة الدمشقي، ولا محاولة اسقاط الطائرة المدنية الروسية بصاروخين، المترافقة مع الهجمات على سلسلة مطارات عسكرية وقبلها استهداف الرادار في درعا، مجرد اخبار امنية منعزلة. يترافق ذلك مع محاولة احياء التهمة العراقية «الكيميائية» ضد دمشق، في جهد دولي تشارك فيه اسرائيل بشكل حثيث، سواء من خلال تشجيع الاميركيين على التدخل العسكري المباشر، او اقله الترويج لفكرة الضربة العسكرية ضد سوريا.
وبينما يجري تصعيد منظم للاحتقان المذهبي في العراق، تشارك فيه اطراف خليجية ووسائل اعلام محسوبة عليها، وتبذل جهود لتأجيج التوترات الطائفية والمذهبية في لبنان، وتتهم ايران بشكل منهجي بالتدخل في الازمة السورية، ومحاولة عرقلة اتفاق المصالحة التركية مع الاكراد، تحاول اسرائيل في هذه الاثناء رسم «الخطوط الحمراء» التي تناسب مصالحها في ما يتعلق بسوريا ولبنان وايران، في حين يترافق كل ذلك مع تداول مصادر عربية وغربية الحديث عن سيناريو عمل عسكري غربي - اسرائيلي، كما ينقل مراسل «السفير» الزميل محمد بلوط، يستهدف سوريا، بذرائع من بينها الاتهامات الكيميائية، وتوجيه ضربات عسكرية تنفذها الولايات المتحدة بالتعاون مع اسرائيل، ضد مقارّ القيادة العسكرية السورية ومخازن الاسلحة، تترافق مع عدوان اسرائيلي يطال منطقة الحدود اللبنانية السورية، وذلك بعد اسابيع من «الانجازات» العسكرية التي حققها الجيش السوري في المواجهة العسكرية مع مسلحي المعارضة خصوصا في ريف دمشق ومنطقة القصير.
وبينما تقول المصادر لـ«السفير» ان درعا قد تكون محور اي عمل عسكري محتمل ضد دمشق، خصوصا مع تزايد الحديث عن استضافة الاردن معسكرات لتدريب مجموعات من المسلحين لاستخدامهم مستقبلا في اي تدخل عسكري، كان من اللافت تصاعد الاشتباكات والغارات في منطقة درعا بين الجيش ومسلحي المعارضة.
وبينما تشهد الجبهة الديبلوماسية جمودا شبه شامل، بانتظار تغير المعطيات الميدانية، ما زالت الانظار مصوبة باتجاه اللقاء المفترض بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين في حزيران المقبل. وفي هذه الاجواء، جرى اتصال هاتفي بين اوباما وبوتين عبّر خلاله الاول عن قلقه من قضية استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، وهو ما يثير لدى الروس الهواجس من تكرار سيناريو التدخل العسكري الغربي، عبّر عنها إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صراحة برفض موسكو تكرار التجربة العراقية في سوريا.
وقال لافروف إن «محاولات القوى الغربية توسيع نطاق تحقيق تجريه الأمم المتحدة بخصوص استخدام أسلحة كيميائية في سوريا ما هو إلا ذريعة للتدخل في الحرب الأهلية السورية»، مضيفا «ربما تكون هناك حكومات وعدد من الأطراف الخارجية التي تعتقد انه من اجل الإطاحة بالنظام السوري فإن كل الوسائل لا بأس بها. لكن موضوع استخدام أسلحة الدمار الشامل خطير جدا، ويجب ألا يكون هناك هزل بشأنه. ومن غير المقبول التكهن بأهدافه السياسية والجغرافية».
ويأتي الحديث عن سيناريوهات وخطط لاستهداف سوريا، على خلفية الأسلحة الكيميائية، في إطار زيادة الضغط على النظام السوري. وقالت مصادر عربية وغربية لـ«السفير» إن أوساطا أمنية عربية وغربية تتداول توقعات بوجود خطط برية وصاروخية تستهدف دمشق انطلاقا من درعا والجولان، وأخرى إسرائيلية تستهدف قطع الاتصال بين قواعد الجيش السوري و«حزب الله» شمال غرب دمشق ومنطقة البقاع الغربي.
وتضيف إن عمليات التحضير مستمرة بوتيرة عالية، وتشمل توزيعا للمهام بين الإسرائيليين الذين يتولون العمليات البرية انطلاقا من الجولان ضد الفرق السورية، ويتولى الأميركيون العمليات الصاروخية والجوية. وتتضمن خطط التدخل في سوريا، كما كان قد اقترح السيناتور الأميركي جون ماكين، ضربات صاروخية لمراكز الأركان وسلسلة القيادة السورية، لقطع اتصالاتها بالألوية السورية التي تقاتل في درعا، وفتح الطريق نحو العاصمة السورية أمام قوات المعارضة.
وتشير المصادر إلى انه سيكون على قوات من «الجيش الحر»، قليلة الخبرة جرى تدريبها في معسكرات أردنية في الأشهر الأخيرة، دور رئيسي في الاندفاع نحو دمشق، في منطقة تعمل فيها خمس فرق سورية مدرعة على تخوم درعا - دمشق، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الألوية.
ويحظى بترجيح قوي سيناريو تدخل قوات برية إسرائيلية من الجولان السوري المحتل ضد الفرق السورية المدرعة المنتشرة، وضد قواعد لـ«حزب الله» في البقاع الغربي وعلى سفوح الجبال والممرات المؤدية إلى دمشق، لفصله عن قواعده في الجنوب اللبناني وعن قواعد الفيلق السوري الثاني المتمركز في الزبداني، والقوات الفلسطينية، فيما يكتفي الأميركيون بتوجيه ضربات صاروخية للتجمعات السورية، ولمخازن الأسلحة الكيميائية المهددة بالسقوط بيد «حزب الله» أو المعارضة السلفية الجهادية، التي تعمل في ريف دمشق، حيث تنتشر هذه المخازن، بحسب تقارير غربية.
وعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس الأول، اجتماعاً خاصاً للمجلس الأمني المصغر للتداول في الشأن السوري استمر أربع ساعات. ولاحظ معلقون أن هذا أول اجتماع رسمي منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة للبحث في سوريا ما بعد الرئيس بشار الأسد. (تفاصيل صفحة 14). وكان نتنياهو طلب من وزرائه امس الاول الامتناع عن الادلاء بتصريحات ومواقف حول سوريا، فيما برزت اصوات اسرائيلية دعت الى تدخل عسكري مباشر في الازمة السورية، وسط تهديدات موزاية ضد لبنان.
وقد عرضت في الاجتماع التقديرات الاستخبارية، وكذلك ما يوصف في إسرائيل بأنه الخطوط الحمراء، سواء ما تعلق منها بانتقال أسلحة كيميائية أو متطورة إلى «حزب الله» أو غيره من المنظمات. كذلك جرت محاولة لبلورة موقف من الجماعات المختلفة في سوريا، ومناقشة الموقف الواجب على إسرائيل اتخاذه من محاولات الغرب تسليح المعارضة السورية.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيانات، نفذ الطيران الحربي السوري غارات عدة على مناطق في ريف دمشق والرقة وحمص. وأوضح ان «احدى الغارات استهدفت بلدة جاسم، مسقط رأس الحلقي، ما ادى الى مقتل 11 شخصا، بينهم ثمانية مقاتلين معارضين». وتشهد هذه المنطقة عمليات كر وفر بين القوات السورية والمسلحين.
بوتين واوباما
والتقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، في نيويورك، قبيل اجتماعه مع وفد لجنة متابعة مبادرة السلام العربية.
وأعلن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن بوتين وأوباما اتفقا، خلال اتصال هاتفي بينهما، على «عمل كل شيء ممكن من أجل حل الأزمة السورية»، مضيفا أن «بوتين وأوباما أكدا أهمية استمرار الاتصالات بين وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف وجون كيري وجهودهما الرامية إلى وضع خطوات مشتركة في الملف السوري».
وذكر البيت الأبيض، في بيان، «تدارس أوباما وبوتين الوضع في سوريا، وشدد أوباما على القلق إزاء الأسلحة الكيميائية السورية». وكرر وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل إن الولايات المتحدة والحلفاء يواصلون محاولاتهم للتوصل إلى تفاصيل ما إذا استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية، موضحا أن وكالات الاستخبارات «تواصل تقييم ما حصل، ومتى وأين».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل اجتماع مع رئيس بعثة التفتيش الدولية بقيادة العالم السويدي ايك سلستروم في نيويورك، ان المحققين يجمعون ويحللون المعلومات المتاحة بشأن الهجمات المزعومة بالأسلحة الكيميائية بما يشمل زيارات محتملة لدول قالت إن لديها أدلة على استخدام أسلحة كيميائية.
وقال ديبلوماسي غربي إن مسؤولين بريطانيين عرضوا على سلستروم أدلة أسست لندن عليها تأكيدها بأنه توجد أدلة «محدودة لكنها متنامية» على أن السلطات السورية استخدمت أسلحة كيميائية، مضيفا ان سلستروم وجد أن الأدلة غير حاسمة.
وشدد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، أمس، على أن النزاع في سوريا ليس بين سنة وشيعة «بل بين أنصار المقاومة ضد الصهيونية ومعارضيها. ليست حكومة سوريا حكومة شيعية، ولا المعارضة العلمانية المعادية للإسلام مجموعة سنية. إنما المنفذون لهذا السيناريو المأساوي كانوا بارعين في قدرتهم علي استغلال المشاعر الدينية للسذج في هذا الحريق المهلك».
وأضاف إن «الأموال التي يمكن استخدامها في تحقيق رفاه خلق الله، تنفق في التهديد والتكفير والاغتيال والتفجير وإراقة دم المسلمين وإضرام نيران الأحقاد الدفينة... هذه اليد الغادرة تستثمر من دون شك الجهل والعصبية والسطحية في مجتمعاتنا، وتصب الزيت علي النار. مسؤولية المصلحين والنخب الدينية والسياسية في هذا الخضم ثقيلة جداً. ليبيا بشكل، ومصر وتونس بشكل أخر، وسوريا بشكل، وباكستان بشكل آخر، والعراق ولبنان بشكل، تعاني اليوم أو في معرض المعاناة من هذه النيران الخطرة».
وفي هذه الاثناء، اتهمت تركيا إيران بأنها تسعى لتخريب عملية المصالحة بين الدولة التركية و«حزب العمال الكردستاني». ونقلت صحيفة «ميللييت»، أمس، عما سمّته «مصدرا حكوميا رفيع المستوى» قوله إن محاولة تعطيل الحل جاءت عبر القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني الذي اجتمع مع قادة «الكردستاني» في جبال قنديل قبل أيام، عارضا عليهم مساعدات عسكرية لقاء وقف عملية المصالحة.
وأضافت الصحيفة انه ظهر أن إيران قامت بتحركات ديبلوماسية سرية لدى قيادة جبل قنديل منذ مدة بهدف ثني «حزب العمال الكردستاني» عن تنفيذ قراره الانسحاب من تركيا، حيث التقى سليماني مع الرجل الثاني في «الكردستاني» مراد قره يلان.
ويشمل العرض الايراني بحسب الصحيفة، عدم الانسحاب من تركيا واستمرار حرب «حزب العمال الكردستاني» على تركيا مع تزويد الحزب بأسلحة ثقيلة. وتقول الصحيفة إن هذا العرض أكده، كما المصدر الحكومي الرفيع المستوى، كذلك قيادة إقليم كردستان.
وتذكر الصحيفة إن إيران منزعجة من عملية المصالحة بين الدولة التركية و«الكردستاني» والتي رتبتها الولايات المتحدة، وتهدف إلى وأد النزعة الإسلامية لدى الأكراد وتفتيت المنطقة على أسس اتنية.
«الانتخابات تحتاج إلى الغموض البنّاء»
بري: رئاستا الجمهورية والحكومة تهملان الحدود البحرية
عماد مرمل
تتجمع الملفات الساخنة في عين التينة التي تنطلق منها وتعود اليها كل «قطارات التفاوض»، في رحلاتها على خطوط صياغة قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة وترسيم الحدود البحرية المتصلة بالثروة النفطية. وإذا كان الكثيرون في 8 و14آذار يحاولون الضغط على بري لاستمالته الى هذا الجانب او ذاك، إلا ان رئيس المجلس يتمسك بالعمل، وفق أجندته، وعلى توقيت ساعته السياسية حصرا.
ويقول بري لـ«السفير» انه عندما اقترح المشروع المختلط على اساس توزيع المقاعد مناصفة بين النظامين والنسبي والاكثري، كانت الفكرة ان هذا المشروع هو كل لا يتجزأ، وسلة واحدة تؤخذ كلها او ترفض كلها، لكن ما حصل لاحقا ان بعض الأفرقاء أصبحت قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فإذا بهم يضيفون اليه او يسحبون منه ما يناسبهم، حتى أفقدوه جوهره الأصلي. ويضيف: لقد أرادوا إعادة تفصيل المشروع على قياساتهم، بينما هو مفصل في طبعته الاصلية على قياس الوطن.
ويعتبر بري ان فريق 14 آذار يريد فعلا إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، إنما وفق قانون يحقق له الاكثرية، والبعض في 8 آذار يفكر أيضا بالطريقة ذاتها، «أما أنا فأسعى الى بلوغ قانون يتسم بالغموض البناء، وبالتالي يوحي لكل من الطرفين بأنه قادر على انتزاع الاكثرية النيابية».
ويؤكد بري ان مسار تشكيل الحكومة قائم بذاته ولا يجب ربطه بمسار قانون الانتخاب، مشيرا الى ان هناك إمكانية لتأليف الحكومة قبل الجلسة العامة الفاصلة التي سيدعو اليها في 15 أيار المقبل إذا تعذر حتى ذلك الحين التفاهم على مشروع توافقي.
ويتابع بري مستدركا: إذا كان الربط غير حتمي وغير إلزامي، إلا ان ذلك لا يمنع ان الاسراع في إقرار قانون توافقي للانتخاب من شأنه ان ينعكس تلقائيا، بشكل إيجابي، على عملية التأليف، لان معظم الأطراف ستصبح في هذه الحال متساهلة في التعامل مع مسألة الاحجام والحقائب، على قاعدة ان الحكومة المقبلة ستكون انتقالية، وان حكومة ما بعد الانتخابات ستكون هي موضع الاهتمام.
والحرص على إجراء الانتخابات النيابية تبلغه بري من الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي تربطه ببري علاقة قديمة. كان بوغدانوف واضحا في تأكيد اهتمام موسكو بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، والذي يشكل حصول الانتخابات أحد مفرداته البليغة.
ولا يخفي بري ارتياحه الى السلوك الروسي الإجمالي في المنطقة، ملاحظا ان روسيا تكاد تكون حاليا أهم من الاتحاد السوفياتي في عز أيامه. ويلفت الانتباه الى ان موسكو باتت بمثابة بيضة القبان في الساحة الدولية، وهي تصنع التوازن في مواجهة النزعة الاميركية الى الاحادية والهيمنة، واضعا زيارة بوغدانوف الى لبنان في هذا السياق.
وإذ يشدد بري على أهمية الموقف الروسي الاستراتيجي من الأزمة السورية، يستبعد ان تتمكن واشنطن في سوريا من إعادة استنساخ تجربة التدخل العسكري في العراق، لافتا الانتباه الى ان موسكو لن تأخذ كيفما اتفق بالادعاءات الاميركية حول استخدام النظام للسلاح الكيميائي، ولن تقبل بأقل من أدلة ثابتة وقاطعة، خصوصا ان هناك احتمالا بان تكون بعض الدول تزود المعارضة السورية بهذا النوع من الاسلحة لاستخدامه ومن ثم اتهام النظام باستعماله.
ويروي بري كيف ان الروس كانوا من أوائل الذين تحمسوا لإجراء مسوحات من أجل استطلاع إمكان وجود غاز ونفط في لبنان، لكن عرضهم لم يؤخذ بالجدية المطلوبة.
ومن هذه الواقعة، يطل بري على كيفية التعاطي الرسمي مع ملف النفط والحدود البحرية، مستغربا إهمال السلطات المعنية في الدولة حقوق لبنان وعدم خوض المعارك السياسية والدبلوماسية اللازمة لحمايتها، لا سيما في ما يتعلق بمساحة الـ 865 كلم مربعا المتنازع عليها في البحر مع العدو الاسرائيلي الذي يحاول وضع اليد عليها وضمها الى منطقته الاقتصادية، في حين انها جزء عضوي من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
ويتساءل بري: ألا يستحق هذا الامر ان نجعل منه قضية حية، وان نستخدم كل علاقاتنا وطاقاتنا من أجل إبرازه في المحافل الدولية؟
ويلاحظ بري ان رئاسة الجمهورية التي تملك صلاحية التفاوض والتوقيع على المعاهدات الدولية، ورئاسة الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية، لا تحركان ملف الحدود البحرية كما يجب ولا تبذلان الجهد المطلوب لمعالجته، الامر الذي دفعني الى ملء الفراغ وتأدية دور هو ليس من صلب صلاحياتي كرئيس لمجلس النواب، محملا الرئيس فؤاد السنيورة مسؤولية ارتكاب خطأ جسيم في الترسيم البحري، لا نزال ندفع ثمنه حتى الآن.
ويتوقف بري عند ما صدر مؤخرا عن أحد خبراء شركة «سبكتروم» العالمية حول وجود مخزون غازي في المياه اللبنانية يفوق ما لدى كيان الاحتلال، مشيرا الى ان الاميركيين أكدوا ايضا ان المخزون المتوافر في لبنان هو من بين الافضل في العالم.
ويضيف: لهذا السبب أؤكد انه لو لم تكن المقاومة موجودة، لكان من الواجب ان نوجدها الآن لحماية ثروتنا النفطية، حتى لا يصيبها ما أصاب مياهنا في السابق، حين كانت اسرائيل تستبيحها وتمنعنا من الاستفادة منها، مستقوية بضعفنا.
الاخبار
النواب «ينقّون» أيضاً: معاشنا مــش مكفّينا
تؤكد المقارنة بين أجور النواب في مختلف دول العالم والحد الأدنى للأجور في كل دولة، تقاضي النائب اللبناني واحداً من أعلى الأجور في العالم. لا يبرر أصحاب السعادة ذلك بجهودهم التشريعية وإنجازاتهم أو بمتطلبات فرقهم البحثية وتكلفة دراساتهم السياسية. لا أبداً، يحمّلون المواطنين المسؤولية: طلباتهم الكثيرة وأفراحهم وأتراحهم
غسان سعود
من منتصف كل شهر يبدأ في مكاتب النواب في المجلس النيابي الـ«نق». لا علاقة للأمر بالتوترات الأمنية أو صعوبات تشكيل الحكومة والاتفاق على قانون الانتخاب. لا أبداً، السبب هو الأجر الشهري الذي لا يكفي أصحاب السعادة. حين قرر عضو كتلة المستقبل النائب خالد زهرمان استبدال السيارة التي أهداه تيار المستقبل إياها بعد انتخابه نائباً بسيارة زوجته، توفيراً للبنزين، سخر منه زملاؤه وتعاقبوا على وصفه بـ«النوتي».
لكن لم يلبث أن لحق واحدهم تلو الآخر، باستثناء النائب هادي حبيش الذي «الله مكملها معو»، بالنائب العكاريّ المقيم في إقليم الخروب الشوفيّ: يركنون سيارات الدفع الرباعي ذات الـ«سلندرات» الثمانية في منازلهم، ويتنقلون بسياراتهم القديمة أو سيارات زوجاتهم. يكاد بعضهم أن يكسر يده و«يشحد عليها» حين يتعلق الأمر بالبنزين الذي يخطف الحيز الأكبر من نقاشات النواب منذ أشهر. ونصيحة: لا تسألوا عضو كتلة المستقبل البيروتي محمد قباني عن البنزين. وقد انضم المستقبليون بذلك إلى زملائهم في تكتل التغيير والإصلاح: هنا يقود النائب يوسف خليل «فولفو» قديمة على غرار غالبية مزارعي التفاح في الجرد الكسرواني. أما زميله حكمت ديب فيواصل التنقل بتويوتا صغيرة ستنتهي ولايته النيابية الأولى قبل إنهائه أقساطها المصرفية، فيما يلوّح زميلهما النائب ناجي غاريوس للذبحة القلبية بكلتا يديه حين يتذكر أن فاتورته في محطة الوقود قرب منزله في الحازمية تلامس في بعض الأشهر ألف وخمسمئة دولار. ولا يخيّم «الفقر» فوق العونيين فقط: زهرمان، السابق ذكره، استغنى عن سكرتيرته في مكتبه النيابي قبل بضعة أشهر. خضر حبيب يلتزم بإجراءات حصر النفقات في ما يخص السكرتيرات منذ انتخابه نائباً. زميلهما هادي حبيش يكتفي بسكرتيرته في مكتب المحاماة الخاص به. أما رابعهما عكارياً، النائب معين المرعبي، فحذا حذو زميله خالد ضاهر واستغنى عن المكتب من أساسه. ولم يجد النائب نضال طعمة الذي لا «يتمصرف» يميناً ويساراً غير الدعاء إلى الله على صوت عال أن يعيد نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس إلى لبنان، بعدما أعلمهم تيار المستقبل أخيراً بوجوب تجهيز أوراق ترشحهم، دون أن يمدهم كعادته برسم الترشح. ويذكر منعاً للالتباس أن نوع السيارة التي يقصد النائب المجلس النيابي بها لا يكفي للحكم عليه. في مجلس 1992 دأب النائب السابق إيلي الفرزلي والحالي نقولا فتوش على الحضور بسيارتين «مهرغلتين»، فيما الاول «مرتاح جداً»، والثاني تكفيه شركاته وشقيقه من عين داره إلى جنوب السودان للتنقل بعشرات المواكب.
أعلى أجر نيابي في العالم
لا يصدق كثيرون ما سبق. يتقاضى النائب رسمياً 11 مليوناً ومئتي ألف ليرة. وتقول دراسة نشرتها مجلة الشهرية التي تصدر عن «الدولية للمعلومات» إن أجر نائب لبناني واحد يوازي أجور أكثر من 20 عاملاً يتقاضون الحد الأدنى للأجور، مقابل موازاة أجر النائب المصري أجر ستة عشر عاملاً مصرياً يتقاضون الحد الأدنى للأجور في بلدهم، وأجر النائب الأميركي عشرة أضعاف الحد الأدنى الأميركي للأجور (1375 دولاراً شهرياً). وينتهي بحث «الدولية» إلى أن أجر النائب اللبناني مقارنة بالحد الأدنى للأجور هو الأعلى في العالم. ورغم ذلك لا يبدو النواب ممنونين، لا بل يأمل المتطلعون إلى الحفاظ على كراسيهم رفع المجلس المقبل في أول جلساته أجورهم. وعند البحث في زيادة رواتب العاملين في القطاع العام، كانت الحكومة قد اقترحت زيادة مخصصات وتعويضات السلطات العامة التي تشمل رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة والوزراء والنواب (الحاليين والسابقين). والجدير ذكره أن النائب اللبناني السابق يتقاضى تعويضاً أبدياً يبلغ 55% من راتب النائب الحالي إن كان شغل موقعه النيابي مرة واحدة، و65% إن كان نائباً لدورتين، و75% إن فاز بنيابته ثلاث مرات وأكثر، وتستفيد عائلته في حال وفاته من نسبة 75% من المخصصات والتعويضات التي كان يتقاضاها.
نواب «مريشين» وآخرون «طفرانين»
لا يكفي أجر النائب نعمة طعمة لملء خزانات طائرته بالوقود للقيام بجولة واحدة من جولاته الشهرية حول العالم، صحيح. وصحيح أيضاً أن أجر أحد مستشاري الوزير محمد الصفدي الشهري يكاد يوازي ضعفي أجر النائب الطرابلسي. ولا يشك تاجر ثياب واحد في أن الملايين الأحد عشر لا يشترون للنائب ميشال فرعون بذلة رسمية واحدة، ولا يشبعون كلبين أقله من كلاب النائب وليد جنبلاط. والأصح أن أحداً لا يفهم حاجة الرئيس نجيب ميقاتي أو النائبة ستريدا طوق جعجع إلى أجر شهريّ. لكن ليس كل النواب مثل جيلبرت زوين يمكنهم بيع أرض بنحو خمسة ملايين دولار سنوياً، أو سامي الجميّل الذي يسقي ساعة يشاء من ثروة والده عطشه، أو الرئيس نبيه بري وسليمان فرنجية وفريد مكاري وبهية الحريري وروبير فاضل وعباس هاشم وعصام صوايا وميشال المر الذي اضطرته الظروف يوماً إلى بيع بيته قبل أن يبرم الدولاب ويبدأ بشراء البيوتات. هناك نواب لا يملكون ثروات، ولا القدرة على إغلاق أبوابهم أمام «الواجبات» الاجتماعية والخدماتية وغيرها:
يقول عضو كتلة الطاشناق النائب آرثيور نظريان أنه يحاول التحكم في المساعدات التي تطرق أبوابه، لكن «لولا مصنع البياضات الذي أديره لأفلست من زمان». يوافق العدد الأكبر من زملائه على ذلك: «لولا أعمالنا الجانبية الخاصة لما أمكننا الاستمرار اجتماعياً وخدماتياً». يدعو النائب سيمون أبي رميا سائله عن أجره إلى أن يحتسب معه: في قضاء جبيل هناك 87 قرية وفي كل قرية هناك ناد ولجنة وقف وجمعية أقله وهيئة للتيار الوطني الحر. وفي حال إحياء كل مجموعة منهم احتفالاًً سنوياً واحداً يكون المجموع 348 احتفالاً في العام أو نحو 30 احتفالاً شهرياً، لا يجوز تغيب النائب عن أحدها أو تبرعه في حال مشاركته بأقل من مئتي دولار. يمكن المصروف الشهريّ هنا فقط أن يصل إلى ستة آلاف دولار. لكن لا تنتهي القصة هنا: تحل بطاقات الأعراس في الصيف، يقول أحد الموظفين في مكتب النائب نبيل نقولا، محل الأكاليل وبدل الأكاليل في الشتاء. ويشير المصدر من شباك المكتب إلى صيدلية قريبة، مؤكداً أن فاتورة المكتب هناك فقط تتراوح شهرياً بين ألف وألف وخمسمئة دولار: بعض الأدوية يمكن النائب توفيرها من وزارة الصحة، لكن هناك أدوية غير موجودة في الوزارة يطرق أبواب المكتب يومياً عشرات المواطنين يحملون روشتات تطلبها. «لولا وظيفتي في الجامعة اللبنانية الأميركية ومستشفى حمود ووظيفة زوجتي، لانكسرت»، يقول عضو كتلة المستقبل النائب باسم الشاب. ويعدّد عفوياً واجبات الشهر الحالي: عشاء جمعية، ترميم كنيسة، وحفل تمويلي لإحدى الجامعات لا يجوز للنائب أن يشتري أقل من عشر بطاقات إليه. يحسمها النائب فادي الأعور: «يكفيني الأجر النيابيّ حتى الخامس عشر من كل شهر». أين تذهب سبعة آلاف دولار وهو ليس من النواب «الفشيخة»؟ «تعال إلى مكتبي» يقول: «ستجد عند مطلع العام الدراسي مواطنين يطالبونك بشراء الكتب المدرسية لأبنائهم. ويومياً رابطة نسائية جديدة أو جمعية شبابية قررت إطلاق حملتها من مكتبك شخصياً». الأجر النيابي لا يكاد يكفي النائب الأملي هاني قبيسي حتى الخامس عشر من كل شهر أيضاً، يقول الأخير. ثمة نواب لا يحتاجون إلى رواتبهم لأن لديهم من المال ما يكفيهم، يشير قبيسي، أو لأنهم لا يفتحون منازلهم ولا ينشطون اجتماعياً وخدماتياً. لكن، يتابع أبو حسن، ثمة نواب متفرغون للعمل السياسي لا يمكن الرواتب الحالية أن تكفيهم. النائب نديم الجميل ممن «يعتاشون» سياسياً من راتبهم النيابي، فتدور كل حركته الشخصية والسياسية والخدماتية والإعلامية والتشريعية في فلك الملايين الأحد عشر، بينما يشير النائب ناجي غاريوس إلى أن النائب الطبيب على غراره يعمل مجاناً تقريباً، ويفرد أصابعه: «عدّ معي: مدير مكتبي مليون ونصف المليون. مليونان و300 ألف ليرة مواصلات. مليون ونصف المليون تلفونات. مكتب نواب بعبدا مليون. وواجبات اجتماعية (أعراس وأحزان وعشوات) أربعة ملايين». وغالباً ما يتصبّب زميله في التغيير والإصلاح زياد أسود عرقاً حين يتعلق الأمر بتكاليف النيابة بعدما بات محسوماً عنده أن «مشوار جزين» في نهاية كل أسبوع يكلف بين ألفين وثلاثة آلاف دولار، بين مساعدات صحية ودوائية ومدرسية وإنسانية ودعم جمعيات ولجان وقف ونواد وهيئات حزبية وتبرع لمآتم وأعراس. وأخيراً، يؤكد النائب آلان عون أن أجر النائب «من دون أن يتفخفخ» لا يكفيه، نظراً لضغط الخدمات المتفرقة الصغيرة عليه وتكلفة فريق عمله مهما اتّكل على المتطوعين فيه. وبحسب تجربته، يحسم عون أن العمل السياسي صعب جداً من دون إمكانيات مالية.
«ادفعوا نمثّلكم»
مقابل من سبق تعدادهم ثمة قائمة طويلة من النواب تبدأ بالرئيس سعد الحريري وسيرج طورسركيسيان ونايلة تويني ولا تنتهي عند هنري الحلو وطلال أرسلان وفؤاد السعد ودوري شمعون وسليم كرم وبدر ونوس وشانت جنجنيان ممن يتقاضون أجوراً لا يشرب منها ناخبوهم قهوة ولا يتطبّبون أو يشترون بفضلها كتب أبنائهم المدرسية. ويجد هؤلاء كما يبدو أن دفع المواطنين لهم أجر 20 عاملاً لبنانياً وبقشيشاً صغيراً لتمثيلهم ?