"إن دور رجال الدين الشيعة و السنّة يتمثّل في زيادة و ترسيخ ايمان الناس و هدايتهم و ارشادهم نحو الطريق القويم. إنّ العمل ينبثق من الايمان.".
"إن دور رجال الدين الشيعة و السنّة يتمثّل في زيادة و ترسيخ ايمان الناس و هدايتهم و ارشادهم نحو الطريق القويم. إنّ العمل ينبثق من الايمان.".
الإمام الخامنئي
الفصل الثالث: دور رجال الدين في المجتمع
1. رجال الدين و المجتمع
2. دور علماء الدين في إرشاد الناس
3. دور رجال الدين الشيعة و السُنّة في المجتمع
4. ما يلزم رجال الدين للتعامل مع الناس
5. مدى التبعية لرجال الدين
6. مجالات عمل ثلاثة أمام رجال الدين
7. تواجد رجال الدين في الجامعات
8. اهتمام رجال الدين بالإنذار
9. آمال الناس من علماء الدين
رجال الدين و المجتمع :
إن قضايا الحوزة ليست بمعزل عن قضايا المجتمع ككل، ولا عن قضايا العالم، بل هي ليست معزولة حتّى عن قضايا التاريخ. فالحوزة و رجال الدين ليسوا جزيرة منقطعة عن العالم المحيط بهم. إذ وفقاً للنسيج و لنمط السائد والدائم الذي لا يتبدّل في النظام الاجتماعي والعلاقات الانسانية في المجتمعات، الحوزة و رجال الدين كالدم الذي يجري في كل اعضاء جسد المجتمع، فهو على اتصال بكلّ مكان. و لهذا فإن قضايا رجال الدين و قضايا الحوزة مترابطة ترابطاً لا ينفصم مع قضايا البلد، وقضايا النظام الإسلامي، و قضايا عالم اليوم، بل و حتّى مع قضايا التاريخ و الماضي.
دور علماء الدين في إرشاد الناس :
في خضم الحياة الاجتماعية المعقّدة لعالم اليوم، لا يمكن السير من غير بصيرة و هدىً. على الشبّان أن ينظروا، و يفكّروا، و يرتقوا بمستوى بصيرتهم. و على المعلمين الروحيين، و على الملتزمين في المجتمع من ذوي العلم و الثقافة، من منتسبي الجامعات و الحوزات أن يعيروا اهتماماً لقضية البصيرة؛ البصيرة في الهدف، و في الوسيلة، و في معرفة العدو، و في معرفة موانع الطريق، و في معرفة اساليب التغلّب على هذه الموانع و ازالتها؛ ان هذه الأنماط من البصيرة ضرورية و لا بدّ منها.
من المؤكّد لو أن دور علماء الدين و المرشدين الروحيين كان معدوماً أو أُقصي، لما وقعت الثورة الإسلامية في ايران، و لما قام نظام الجمهورية الإسلامية في ايران، و لما بقي قائماً، رغم كلّ هذه المصاعب و العراقيل الجمّة التي افتعلوها على طريق هذه الثورة. و انطلاقاً ممّا سبق ذكره نقول ان لعلماء الدين تأثير خالد و دائم و متواصل في وقائع المجتمع و في مصير الأُمّة.
دور رجال الدين الشيعة و السُنّة في المجتمع
إن دور رجال الدين الشيعة و السنّة يتمثّل في زيادة و ترسيخ ايمان الناس و هدايتهم و ارشادهم نحو الطريق القويم. إنّ العمل ينبثق من الايمان. و جوارح الانسان من يد و قدم و لسان و عين تأتمر بما يأمر به قلبه؛ أي من تلك الروح و من حقيقة تلك النفس الانسانية التي بها يقوم الايمان. هذه القلوب ينبغي هدايتها إلى سواء السبيل.
ما يلزم رجال الدين للتعامل مع الناس
الشيء الذي يلزم من يعتمّون بالعمائم هو عبارة عن نيل ثقة المتلقّي و قبوله. فإن توفّرت هذه الثقة و هذا القبول يغدو عمل رجل الدين سهلاً و يسيراً. و لكن لو انعدم لدى المتلقّي مثل هذا القبول و فقدت هذه الثقة فلن يكون عملهم يسيراً، بل ربّما يغدو متعذّراً أحياناً. عمل رجل الدين هو إرشاد القلوب و توجيهها نحو اتجاه معيّن و ذلك هو الصراط الإلهي المستقيم. فلو انعدمت الثقة و القبول عند المتلقّي لن تتحقّق هذه الغاية. إنّ وظيفة رجل الدين هي الهداية، و الهداية ليست بالكلام وحده؛ بل تتطلّب كسب ثقة المتلقّي و نيل القبول عنده. إنّ السبب الذي جعل رجال الدين و المجتمع الديني في ايران يكسبون مثل هذا النجاح، بحيث أنجزوا أعظم تحوّل سياسي في تاريخ هذا البلد ـ و أعني بذلك الثورة الإسلامية في ايران ـ هو ما يحظون به من قبول عند أبناء الشعب. و هذا بطبيعة الحال لم يُنَل بيُسر و لا سهولة؛ و إنّما جاء من جهود العلماء و الأعلام و ذوي الورع و الاخلاص و التقوى و أمثالهم على مدى ألف سنة. إنّ هذا القبول ضروري.
مدى التبعية لرجال الدين :
جاء في رواية الإمام المعصوم (ع) انّه سُئِل عن الفرق بين علمائنا و بين علماء اليهود و النصارى، فقال: ان أهل الكتاب كانوا يرون ويعلمون أن علماءهم يعملون على خلاف ما أمر الله، و مع ذلك اتبعوهم. و على هذا الأساس إذا ارتكب أحد رجال الدين المسلمين معصية لا يعطي هذا غير المعممين ذريعة ليرتكبوا هم أيضاً معصية. فإن هو ارتكب عملاً مغلوطاً أو اقترف خطأً، فلا ينبغي للناس العاديين أن يخطأوا على غرار خطئه. أي أن خطأَ أحدٍ لا يبيح للآخرين ارتكاب خطأ مماثل. و لكن على رجال الدين أن يدركوا مدى التأثيرات السلبية و الهدّامة التي يتركبها خطؤهم في أذهان الآخرين.
مجالات عمل ثلاثة أمام رجال الدين :
كسب ثقة الناس إنما يکون بالعمل. إن العمل الصالح إذا صدرَ من سائر الناس له حُسنٌ واحد، بينما إذا جاء من العلماء و من رجال الدين، فإنّه بالاضافة إلى ما له بحدّ ذاته من الحسن و الصلاح، يؤدّي أيضاً إلى أن يقتدي به الآخرون و يحذون حذوه. و لهذا فإن الله تبارك و تعالى يُعطي للعالم العامِل أجرين: أجر على عمله هو، و أجر آخر لكون عمله هذا قدوة للآخرين. إذاً العلماء و رجال الدين أمامهم ثلاثة مجالات للعمل و هذه الميادين مفتوحة أمام الجميع: كلّهم يجب أن يتعلّموا، و يُعلِّموا، و يعملوا الصالحات.
تواجد رجال الدين في الجامعات :
تواجد رجال الدين في الجامعات يعني تواجد العلم و الدين فيها؛ و يعني «التبيين العلمي للدين، و التطبيق العملي و السلوكي و الايمان الديني بواسطة تواجده» في الجامعات. أي أن الجامعات التي هي محل العلم، تکون أحياناً محل للدين أيضاً بسبب تواجد أُناس متديّنين فيها. و لكن على رجال الدين أن يطرحوا علم الدين في الجامعات بصورة قوية و منطقية و مقبولة و تتناسب مع مستوى فهم الجامعيين. هذا هو الجانب العلمي من القضية؛ و ذلك ان المعارف الدينية من أسمى العلوم و من أعلى المباحث الفكرية و الفلسفية، و في بعض الجوانب تُعد من أهم المسائل الاجتماعية ـ و قضايا الحياة ـ و هذا ما ينبغي أن يُطرح بشكل علمي و رصين. و يجب الابتعاد فيها عن الوهن في الاستدلال و عن الاختلال في التبيين؛ إذ أنّ لكلّ واحد من هذه المحاذير تأثيراتها العكسية؛ أي ستعود بنتائج معاكسة لمرامي الدعوة. إنّ الدفاع الرديء من أهم أساليب التدمير و الهدم.
اهتمام رجال الدين بالإنذار :
على رجال الدين أن لا يغفلوا جانب الانذار و التحذير فعليهم أن لا يتناسوا تخويف الناس من عذاب الله و ما توعد به المسيئين من عقاب في الآخرة؛ فهذا هو ما كان يسير عليه في الماضي الانبياء و الأولياء لغرس الايمان في قلوب الناس و ابقاء جذوة الايمان متوهجة في نفوسهم. إنّ الانذار اليوم أيسر و أكثر قرباً إلى الواقع العملي. جاء في آية قرآنية كريمة ان الله تبارك و تعالى قال لرسوله الكريم: {لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا}. أي انه مِن الممكن انذار الشخص الحي و من له قلب حيّ. و هذه الحياة تنشأ في المجتمع من خلال الثورة و عن طريق العمل و المجاهدة.
آمال الناس من علماء الدين :
الناس على الدوام يأملون من علماء الدين أن يبيّنوا لهم المسائل الإسلامية و أحكام الحلال و الحرام. كما يرتجون أن يكون هؤلاء العلماء أكثر الناس التزاماً و عملاً بما يعلمونه و بما يعلّمونه للناس. أي ان العلماء يجب أن يكونوا قد عملوا بما يعلّمونه إلى الناس. و أمّا الشيء الآخر الذي يأمل الناس أن يجدوه في علماء الدين على مرّ التاريخ هو أن يكونوا أحراراً؛ بمعنى أن لا يخضعوا للضغوط و لا تكبّلهم المجاملات، و ما شابه ذلك. هذا بالنسبة إلى رجال الدين الشيعة أصل.