23-11-2024 06:17 AM بتوقيت القدس المحتلة

السعودية تحت المجهر الغربي 2/3

السعودية تحت المجهر الغربي 2/3

الجزء الثاني: أسباب تراجع التعاطف والإهتمام الغربيين

الجزء الثاني: أسباب تراجع التعاطف والإهتمام الغربيين

عندما تتحدث عن السعودية في فرنسا، يتبادر إلى ذهن من يحاورك دولة قطر. فالحرب الخفية بين النظامين خرجت أصداؤها من بلاط القصور الحاكمة في الخليج لتصل إلى أروقة صنع القرار في الغرب. ولطالما استخف المسؤولون السعوديون بقطر وحجمها أمام نظرائهم في الغرب، وفي نفس الوقت كان الغربيون يتابعون باهتمام كل ما يصدر عن قناة الجزيرة القطرية خصوصا وأن هذه القناة انفردت بنشر تصريحات أسامة بن لادن، كما وضعت العراق في أولويات تغطيتها للأحداث مع فرق عمل كثيرة وإمكانيات كبيرة.

لقد أثر نجاح الجزيرة الإعلامي على نظرة الغرب لدول الخليج العربي، وبالأخص السعودية، التي لم تعد مراكز القرار تعتبرها قوة الثقل الوحيدة في منظومة الإمارات والمشيخات الخليجية. وبدأ دور قطر بالبروز عبر الجزيرة التي احتاجها الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، لتلطيف الاحتلالات في العراق وأفغانستان وفلسطين تارة، ولتمرير بعض متطلبات السياسة الأميركية في المنطقة تارة أخرى. وهذا ما جعل الغضب السعودي كبيرا على كل ما هو قطري، ولم يتوانى المسؤولون السعوديون عن تحريض نظرائهم في الغرب على قطر. حصل هذا مرات عديدة مع الرئيس جاك شيراك كما يذكر كتاب "أسرار الرؤساء" للكاتب والصحفي الفرنسي (فانسان نوزي) أو كما يقول (ريشارد لابفيير) صاحب كتاب "القصة السرية للقرار 1559" في حديث خاص. وامتد التحريض السعودي إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في هذا المجال.

غير أن دوائر القرار الغربية التي طالما عملت على أن تكون السعودية قوة الردع الموازية لإيران في المنطقة بعدما رفض الأتراك دخول لعبة المحاور، بدأت الحديث والتفكير جديا في نجاعة النموذج السعودي في المنطقة العربية خصوصا بعد التدخل العسكري السعودي في اليمن الذي أظهر محدودية القوة السعودية عسكريا وسياسيا رغم الإمكانات المالية الهائلة.

في هذا الشأن تقول (فتيحة دازي) مؤلفة كتاب "ممالك الخليج"، والمستشارة لدى وزارة الدفاع الفرنسية إن السعودية دولة غنية جداً، ولكن المال الوفير لا يصنع لوحده دورا استراتيجيا ومهماً للدول.

ولم يقتصر هذا التراجع في أهمية النظام السعودي الحاكم على ما ذكرنا، ولكن وصل إلى حد اقتناع النخب السياسية في الغرب بأن العائلة السعودية الحاكمة هي أصل انتشار التطرف وتربيته في العالم الإسلامي، فضلا عن أنها تقوم على نموذج للحكم غير قابل للحياة طويلا.

وقد أشار إلى هذا صراحة (الن شوييه) المدير العام السابق لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسي (د ج أس أو) والذي شن هجوما عنيفا على عائلة آل سعود وعلى نظام الحكم في المملكة العربية السعودية متهماً إياه بأنه النظام المغذي للعنف وبلد التطرف والتعصب الإسلامي، وليس إيران أو العراق.

 ومما قاله في ندوة عقدت في مجلس الشيوخ الفرنسي شارك فيها عدة من الخبراء الفرنسيين والأوروبيين والأميركيين تحت عنوان (الشرق الأوسط في الزمن النووي). وكان من بين المحاضرين (خافيير سولانا) الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي والرئيس السابق للدبلوماسية الأوروبية، وعدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب في باريس، وبوجود وزيرة الخارجية الأميركية السابقة (مادلين أولبريت):
 
 
"لقد حكمت هذه العائلة منذ العام 1926 واعتمدت على شرعية الأماكن المقدسة وعلى المزايدة في التطرف والتشدد الإسلاميين بحكمها بعد أن قامت بإزاحة الهاشميين أصحاب الشرعية التاريخية في إدارة شؤون الأماكن المقدسة.

والحقيقة أن هذه العائلة السعودية هي أساس العنف في العالم الإسلامي لأنها اعتمدت على استمرارها في الحكم على منطق التطرف والمزايدة على الآخرين في كل ما هو إسلامي، وهذا من اجل قمع أية حركة معارضة داخلية، وفي مواجهة الآخرين خارجيا مثل إيران أو العراق أيام صدام حسين.

ونظرا لافتقاد العنصر البشري ولعدم وجود بنية صناعية في السعودية، اعتمدت العائلة السعودية على دفع الأموال التي تملكها بكثرة في إدارة سياستها، عبر تمويل جمعيات وجماعات في كل أنحاء العالم تحمل فكر التطرف والعنف.

أما السبب الحقيقي لاستقرار السعودية واستقرار حكم العائلة فيها فيعود إلى الاتفاق الذي عقد في العام 1945 بين الملك (عبد العزيز آل سعود) والرئيس الأميركي (فرانكلين روزفلت)، والذي ينص على حماية الولايات المتحدة الأميركية للنظام السعودي مقابل التزام من قبل العائلة الحاكمة باستمرار تدفق النفط إلى أميركا." ينتهي هنا كلام شويه.

الآن وبعد الثورات التي تحف بالعالم العربي، فإن هناك إعادة رسم لخريطة الجغرافيا - السياسية في المنطقة والعالم على حد تعبير وزير خارجية فرنسا (ألان جوبيه). ومعالم هذ الخارطة المؤثرة كما تراها النخب في الغرب، لا تتناسب مع استمرار النظام في السعودية على هذه الشاكلة، لأن التحولات العربية الحاصلة تجعل دعم الغرب لهذا النظام عبئا عليه، ويعني له مزيد من الاستعداء للجماهير العربية التي لم تعد تخاف أنظمتها.

"التغيير سوف يطال السعودية ليس هناك شك في ذلك،" يقول أكاديمي فرنسي له متخصص بالشأن العربي، مضيفا أن "المفاهيم الجديدة والمتغيرات الحاصلة لا بد من أنها ستصطدم مع نظام الحكم السعودي الجامد وسوف تسقطه."

الجزء الاول من السعودية تحت المجهر الجزء الاول

الجزء الثالث: عندما تفتح ملفات حقوق الإنسان والفساد