29-11-2024 12:49 AM بتوقيت القدس المحتلة

الضربات الاسرائيلية لسورية... قراءة عسكرية

الضربات الاسرائيلية لسورية... قراءة عسكرية

يتحدث الخبير العسكري العميد الركن محمود مطر لموقع المنار في قراءة للغارات العسكرية الاسرائيلية على سورية

احمد شعيتو

قبيل الغارات الاسرائيلية كان الضوء الاخضر الاميركي علنياً.. قبل أيام أعلن نتنياهو أن "من حق" اسرائيل التدخل لمنع نقل اسلحة من سورية تخلّ التوازن، وأيد اوباما في احد مواقفه المعلنة هذا "الحق"، وبالفعل كان أن وُضعت مضامين التصريحات على سكة التنفيذ بعد وقت ليس بطويل.

لقد جاءت الغارات في وقت كان فيه المسلحون المناوئون للنظام يتلقون على الرأس ضربة تلو اخرى، وهنا يمكن السؤال على صعيد أشمل: هل عدم سقوط النظام، مضافاً الى تعاظم قوة حزب الله، واستمرار الصلابة الايرانية المجبولة بالتطور النوعي التقني والعسكري يدفع الى "هستيريا" أميركية اسرائيلية الى حد القيام بغارات تضع المنطقة امام احتمالات مفتوحة، فتكون فتحتها واشنطن وتل ابيب وقد لا تدريان كيف تغلقانها؟

اهداف الضربات

جمرايا والهامة وقاسيون استهدفتها الغارات.. كانت الاهداف مخازن أسلحة ومركزاً للبحوث، وقالت مصادر اسرائيلية انها استهدفت مخازن صواريخ. تقول "اسرائيل" ان الغارات وقائية من نقل اسلحة ضاربة لموازين القوى في المنطقة، هذا على طريقة "الحروب الوقائية" الاميركية.
وقد نقلت "لوس أنجلوس تايمز" عن السيناتور الأميركي جون ماكين إن من شأن الغارات الإسرائيلية على سوريا زيادة الضغط على البيت الأبيض من أجل دعم "الثوار" السوريين، ودعوته إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا، وإلى توفير الحماية لهذه المنطقة. يتقاطع هذا الكلام مع "القلق" الروسي، فالمتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أليكساندر لوكاشيفيتش قال عقب الغارات الاسرائيلية: "نحن قلقون للغاية بسبب وجود مؤشرات على تحضير الراي العام العالمي لتدخل عسكري محتمل في سوريا".

حتى وإن كان هذا الاحتمال واردا لكن الاوضح منه ان الغارات الاسرائيلية بدت داعمة ميدانياً لمعارضي النظام السوري.
العميد الركن مطريعتبر الخبير العسكري العميد الركن محمود مطر في حديث لموقع المنار "ان هناك عدة وجوه واهداف للانقضاض الذي حصل على سوريا ، لكن يمكن وضعها في خانة الدعم للمعارضة الداخلية". وهو يلفت الى ان "كفة الميزان على الارض تميل لصالح الدولة السورية، فقد تمت محاصرة المعارضة في ريف دمشق ومحاصرتها في القصير وخطط المعارضة الحربية تخسر فيها ، ولا مصلحة لاسرائيل ان تحسم سورية المعركة بل استمراريتها بهدف تَحلُّل الدولة السورية".
هل يمكن ان تكون الضربات الاسرائيلية بروفا لمنطقة حظر طيران اميركية وغربية؟ يستبعد العميد مطر ذلك مشيرا الى ان الاميركي لا يريد ان يتورط في سوريا طالما الامور "ماشية" بدون تدخله.

تنسيق اميركي اسرائيلي قبل الغارات

"كله كان منسّقاً مع الاميركيين" بحسب مطر الذي يشير الى ان "الاميركيين يهربون من الحلول السياسية ، واي ضحايا تذهب في سورية ، واي استمرار للازمة كله يخدم مصلحة اسرائيل واميركا، المصلحة الاميركية الاسرائيلية هي في استمرار تحلل الدولة السورية ، وهناك عملية تجييش وتوظيف مقاتلين ، ومن يدفع الاموال قطر والسعودية لا الاميركان ولا الاوروبيون". وبما ان الاميركيين غير قادرين على الدخول  في المواجهة دخلوا بالمواربة ، وسمحوا للاسرائيلين بالقيام بهذا الامر، "فالمجتمع والاحزاب والادارة الاميركية بعدما فشلوا في العراق وافغانستان كان لديهم قرار بعدم فتح جبهات جديدة، فبدل ان يدخل الاميركي في المواجهة كلف اسرائيل التي هي ولاية اميركية مزروعة في الشرق الاوسط ، فقامت اسرائيل بالعمل نيابية عن أميركا".

التنفيذ وكيفية تخطي الدفاعات الجوية

يشير العميد الركن مطر الى ان "قيادة الجيش الاسرائيلي استدعت الاحتياط دون اللجوء الى قرار حكومي ، وتم تحاشي ان يخرج قرار الضربة الى العلن، فكان الجيش مستعجلا للتنفيذ ، فصدر القرار وبموازاته استدعي الاحتياط على الحدود اللبنانية على قاعدة احتمال تحرك حزب الله".
ردا على سؤال حول كيفية تخطي الدفاعات الجوية السورية يقول مطر "الطيران الاسرائيلي لم يعد بحاجة لتنفيذ عمليات انقضاض على ارتفاعات خفيضة.. اليوم لديه اجهزة الكترونية تعطيه احداثيات الهدف، ومن على ارتفاع 30 الف قدم ترسل الطائرات الصاروخ، ولم يعد بحاجة في الليل للاقتراب من الهدف والانقضاض عليه، فكل هذه الحرب الكلاسيكية انتهينا منها واليوم التكنولوجيا "تشتغل شغلها" وعندك احداثيات هدف تصيبه بامكانية عالية .. الطيران يقصف مخازن الاسلحة وعنده احداثيات هذه المخازن، والاصابات كانت من ارتفاعات عالية".

صحيح ان الرد السوري لم يأتِ سريعا لكن "اسرائيل" قد لا تتوقف عن سياسة الغارات ، وأمام احتمال وارد لاشتعال المنطقة يمكن ان نسأل من كان بذلك خبيرا من الصهاينة عن حرب تموز امام المقاومة، فكيف اذا اندلعت الحرب على جبهة واسعة، هذا اذا لم نتحدث عن تنامي قدرات حزب الله اضعاف ما كانت عليه في حرب تموز.
يقول مطر "عندما قرر حزب الله الدفاع  والاستشهاد ربح في العام 2000 وفي 2006 أفشل اهداف العدوان.. اذا لم تقم بتعبئة بين الشعوب العربية لتقف وتدعم المقاومة لا تستطيع ان تقاتل ، واذا لم تعلن الحرب على اسرائيل ، ولم تنزل بها خسائر لا قيمة لاي رد آخر".

تراجع المسلحين المحاربين للنظام في أكثر من منطقة استراتيجية يجعل "اسرائيل" في حالة "الممتعض" حتماً فلا يبقى توقيت الغارات مستغربا ولا حتى تكرارها.. هذا العدوان انتهاك سافر وشكل تصعيدا خطيرا ، وكان اوسع من الغارات السابقة المعدودة، وهو وضع محاربي النظام وداعمي هؤلاء المحاربين و"اسرائيل" في جانب واحد. فهل هنالك منهم من شعر بالاحراج؟ لا يبدو ذلك واضحا حتى الساعة.