29-11-2024 12:25 PM بتوقيت القدس المحتلة

نار «القصير» ووساطة الألمان

نار «القصير» ووساطة الألمان

لو تأخّر الوسيط الالماني في سوريا أياماً لربما استيقظ مذعوراً من العدوان الاسرائيلي. فوجئ الفرنسيون بأن الالمان خدعوهم مرة جديدة. جاء الوسيط بذريعة التعاون ضد الإرهاب



    
    
سامي كليب

لو تأخّر الوسيط الالماني في سوريا أياماً لربما استيقظ مذعوراً من العدوان الاسرائيلي. فوجئ الفرنسيون بأن الالمان خدعوهم مرة جديدة. جاء الوسيط بذريعة التعاون ضد الإرهاب، فطرح اسئلة حول احتمالات الانفتاح على اميركا.

ليس الأمر غريباً. واشنطن نفسها قالت للروس والايرانيين إنها مستعدة للاتفاق على سلة مفاوضات تشمل الملفات جميعاً وان ليس لديها مشكلة في بقاء الرئيس بشار الاسد مع توسيع النظام الى بعض المعارضــة، شـرط أن تحصــل على ضمــانات تتعلّــق بالسلام مع إسرائيل.

سأل الروس ومعهم الايرانيون الجانب الاميركي لماذا الخوف من إعادة ترشيح الاسد لنفسه في العام المقبل، فكان الجواب بأن احتمال فوزه بالانتخابات قائم. قال الروس والايرانيون «فلتكن إذاً لجنة دولية للإشراف على الانتخابات لضمان اعمق نزاهة ممكنة» رفض الاميركيون.

يتزامن الاحراج الاميركي والغربي حيال بقاء الاسد منذ أكثر من سنتين على الحرب، مع تقدم عسكري سوري لافت على الارض. مناطق استراتيجية عديدة سقطت. مدينة القصير التي أريد لها ان تصبح «قصيرغراد» او «نصرة غراد»، كما يصفها البعض تيمناً بـ«ستالينغراد» الروسية، باتت وفق المصادر الموثوقة بحكم الساقطة ولا تنتظر سوى قرار سياسي ــ عسكري. والجيش سيدخلها قريباً، وربما قريباً جداً.

ماذا يقول الرئيس الاميركي باراك اوباما لشعبه والعالم؟ ماذا يقول رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان؟ ماذا يقول زعماء اوروبا، ومعهم بعض الدول الغربية، المستمرون بالإعلان عن دعم المعارضة المسلحة من جهة، وترك المسلحين يُقتلون من جهة ثانية بهجمات الجيش وقوات الدفاع الوطني او بمساعدة مقاتلي «حزب الله» في المناطق ذات السكان المختلطين بين سوريين ولبنانيين؟ التململ بين المسلحين كبير. البعض قد يخرج الى العلن قريباً. تجري مفاوضات بين بعض الأجنحة والسلطة لتسليم السلاح بضمانة عدم القتل فقط. دول عربية تتوسط. أخرى تطرق أبواب ايران وبينها من قاتل النظام السوري.

جاءت الغارة الإسرائيلية تنقذ بعضاً من ماء الوجه. كانت الغارة مجرد رسالة. تعرف اسرائيل ان اسلحة وصواريخ متطورة نقلت الى «حزب الله». تعلم ان ليس في الاسلحة مواد كيميائية او سامة او غيرها، وانما فيها سلاح متطور لم يصل الى الحزب سابقاً. حذرت فلم ينفع التحذير، توسطت فلم تنفع الوساطة، قررت ضرب مقار تعتقد أن لها علاقة بهذا السلاح.

كان التحالف الروسي السوري بالمرصاد. لم يقبل الروس تكرار خطأ السوفيات سابقاً في حرب 67. آنذاك غدرت إسرائيل بطائرات الزعيم العربي جمال عبد الناصر فدمّرتها على الارض. هذه المرة نُقلت الأسلحة من مستودعاتها قبل القصف. اقتصرت الخسائر على 4 شهداء و70 جريحاً.

تلقفت سوريا الرسالة. خرج وزير إعلامها يقول إن «سوريا لن تتخلى عن خيار المقاومة». ساندته طهران سريعاً. أصدرت 5 تصريحات في ساعات قليلة. معظمها يؤكد «أن المقاومة ستنتصر».

تذكر الجميع ما قاله السيد حسن نصرالله قبل ايام «ان اصدقاء سوريا الإقليميين والدوليين لن يسمحوا بسقوطها». تلقفت اسرائيل الرسالة فقررت الانتقام. استندت الى ضوء أخضر اميركي من اوباما نفسه حين قال في تل ابيب ان «حزب الله» ارهابي. قالها 5 مرات.

جاء المبعوث الرئاسي الروسي الخاص الى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف تناول الغداء مع «الحزب الإرهابي»، ذهب للقاء مصوّر مع سيد المقاومة. تدخل حتى في القانون الارثوذكسي. قالت روسيا إنها باتت في قلب الشرق الاوسط.
ثمة قناعة عند الاسد وروسيا وايران و«حزب الله»، بأن القوة العسكرية تحمي اي خيار سياسي تفاوضي. ماذا تفعل واشنطن؟ تكتفي بطلب المساعدة الروسية لإيجاد حل، والمشكلة ان الروس لا يثقون بها، ويعتقدون انها تعمل تحت جنح الظلام لإسقاط الاسد بالقوة... الحرب اذاً مستمرة، حتى تتغير المعادلة على الأرض.

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه