بعد فترة من الجمود السياسي الداخلي في لبنان عادة الحركة لعجلة السياسة على خط قانون الانتخاب، فقد أعلن الرئيس نبيه بري ان اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" على جدول اعمال جلسة المجلس في 15 أيار.
بعد فترة من الجمود السياسي الداخلي في لبنان ، عادت الحركة لعجلة السياسة على خط قانون الانتخاب، فمع قرب موعد الجلسة المقررة للمجلس النيابي في 15 أيار/مايو، أعلن الرئيس نبيه بري ان اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" على جدول اعمال هذه الجلسة، ما يعني انه سيطرح على التصويت لانه سبق ان عبر بسلام من امتحان اللجان النيابية المشتركة.
لم يأتِ موقف الرئيس بري من الفراغ خصوصا انه سبق ان "جمّد" الاقتراح الارثوذكسي رغم الاجماع المسيحي عليه فاتحا الباب بالتوافق مع البطريرك الراعي، امام امكانية الوصول الى إجماع لبناني عام على قانون للانتخاب، ولكن في ظل عدم توافق اللبنانيين على قانون انتخابي يعتمد النظام المختلط (الاكثري والنسبي) عاد اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" الى البروز من جديد وبقوة هذه المرة.
"الارثوذكسي" عاد بزخم كبير الى الواجهة، فهل يتم اقراره؟
عودة الحديث عن "الارثوذكسي" بهذا الزخم، ترافقت مع حراك للاطراف المسيحية المختلفة التي تكثف نشاطها في الآونة الاخيرة، سواء انطلاقا من بكركي باتجاه اكثر من موقع قرار لبناني ، او حتى التواصل بين الرابية ومعراب ، او الرابية وبكفيا وبين بكفيا وزغرتا، بالاضافة الى الحضور البارز لـ"مهندس" اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" نائب رئيس مجلس النواب الاسبق ايلي الفرزلي.
ماذا سينتج كل هذا النشاط السياسي اللبناني الداخلي ، خصوصا للاطراف المسيحية على صعيد قانون الانتخاب؟ هل يعني ان اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" في طريقه الى الاقرار في المجلس النيابي؟ ام ان ما يجري هو للضغط على بعض الاطراف(التي لا تزال تلوّح بقانون الستين) كي تتجاوب للسير بالقانون المختلط الذي لاقى مباركة أغلب القوى السياسية في البلد؟
الفرزلي: البعض يريد ان يبقى واضعا يده على اصوات المسيحيين
حول هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى نائب رئيس المجلس النيابي الاسبق في لبنان ايلي الفرزلي الذي اوضح ان "ما عاد يطرح اليوم عن اقتراح اللقاء يتلخص ان هناك اقتراح قانون سلك مسلكه القانوني، وتمَّ التصويت عليه في اللجان النيابية المشتركة ، ومن بعدها وصل بحسب الاجراءات القانونية الى الهيئة العامة لمجلس النواب"، ولفت الى ان "رئيس المجلس النيابي نبيه بري أعلن منذ ما يقارب الشهر ان 15 أيار موعدا محتملا ، وأعطى مجالا للتوافق على اي قانون للانتخاب بين الاطراف اللبنانية كافة".
وشرح الفرزلي مسار الفترة الماضية فيما يتعلق بقانون الانتخاب، مذكرا انه "بعد لقاء الرئيس بري بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الفاتيكان على هامش التنصيب الرسمي للبابا فرنسيس ، علّقت لجنة بكركي التي تضم الاحزاب السياسية صاحبة الحجم التمثيلي العمل بالقانون الارثوذكسي لفتح باب التوافق، ومن بعدها عادت لجنة التواصل النيابية حول قانون الانتخاب الى الاجتماع بغية الوصول الى الوفاق المنشود حول قانون يعالج الاسباب الموجبة لاقتراح اللقاء الارثوذكسي ، ويعالج هواجس المسيحيين من صحة التمثيل ورفع الضيم عنهم ، ويمنع السطو على حقوقهم". اضاف "إلا ان كل ذلك لم يحصل حتى وصلنا الى الوقت الحاضر من دون قانون يتفق عليه جميع اللبنانيين".
ولفت الفرزلي في حديثه لموقع "قناة المنار" الالكتروني الى انه "يجب على اللبنانيين الاعترف باتفاق الطائف ، واذا كان البعض لا يريد ذلك ، فلنذهب للبحث في صيغة عقد تأسيسي جديد للبنان". وأوضح انه "خلال الفترة الماضية لم يرضَ البعض بأي صيغة تحقق بالحد الادنى من 70 الى 80 % من صحة التمثيل للمسيحيين ، بل أراد هذا البعض ان يبقى يضع يده على اصوات المسيحيين ، وهذا ما لن نقبله اطلاقا بعد اليوم".
وأكد الرئيس الفرزلي ان "جميع الاطراف المسيحية صوت واحد وصارخ ، ويريدون إقرار اقتراح اللقاء الارثوذكسي"، وذكّر ان "العماد ميشال عون كان من اول المطالبين وباصرار بهذا الاقتراح"، واوضح ان "جميع القوى المسيحية كانت تنتظر ان يوضع هذا الاقتراح على جدول اعمال جلسة مجلس النواب، لان الجميع يريده لانه يحقق مصالح الجميع بحفاظه على الصوت المسيحي"، ولفت الى ان "حزبي الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية يؤيدان الارثوذكسي خصوصا اذا تمّ التخيير بينه وبين قانون الستين".
الفرزلي: اذا تمَّ اقرار "الارثوذكسي" فالجميع في لبنان سيسيرون
وقال الفرزلي إنه "رغم كل الاصرار والثبات المسيحي خلف اقتراح اللقاء الارثوذكسي ، نحن لا زلنا نقول ان هناك بضعة ايام فليُطرح علينا اي قانون يحقق صحة التمثيل للمسيحيين كي نناقشه"، واضاف "فليطرح الارثوذكسي على الهيئة العامة لمجلس النواب ، وليسقط هناك ، فعندها نعلم انه سقط بالشكل الدستوري ضمن المؤسسات وباللعبة الديمقراطية"، مؤكدا انه "اذا بقيت الاوضاع على حالها كما هي اليوم وحتى موعد الجلسة في 15 الشهر الحالي، فإن الارثوذكسي سيقر في مجلس النواب".
وحول مواقف الاطراف غير المسيحية من اقرار الارثوذكسي خصوصا من يرفع الصوت ضده اليوم، اشار الفرزلي الى انه "اذا تمَّ اقرار الارثوذكسي فالجميع في لبنان سيسيرون به ، وستجري الانتخابات على اساسه ، وهذا ما اعلنه النائب سعد الدين الحريري وكذلك رئيس الجمهورية ميشال سليمان صراحة"، واعتبر انه "اذا أراد البعض مقاطعة الانتخابات لأنها ستجري على اساس الارثوذكسي فليقاطع ، لانه في لبنان سبق ان قاطع المسيحيون ، ولم تحصل مشكلة في البلد، وأجريت الانتخابات ، ومورست الحياة الدستورية بشكل كامل".
وفيما لم يستغرب الفرزلي ان "النائب وليد جنبلاط لا يزال يلوح بقانون الستين، فجنبلاط يحاول استزلام المسيحيين ويناسبه هذا القانون"، رفض "كلام البعض الذي يدعي ان الارثوذكسي ضد العيش المشترك وضد الوحدة الوطنية"، وأكد ان "ما يعتبر ضد العيش المشترك هو إبقاء سيطرة طائفة على طوائف اخرى"، وسأل "هل البعض ممن يدعون الوسطية في لبنان هم فعلا في موقع الوسطية؟ داعيا "الجميع للذهاب الى المجلس النيابي والتصويت بعد استنفاذ كل فرص التوافق، وعندها تظهر المواقف الحقيقية للجميع".
بالتأكيد ستحمل الايام القليلة المقبلة الخبر اليقين فيما يتعلق بالقانون الذي ستُجري عليه الانتخابات النيابية المقبلة، سواء أكان اقتراح "اللقاء الارثوذكسي"، الذي يبدو انه صاحب الحظ الاوفر، ام غير ذلك من الاقتراحات.