28-11-2024 09:54 AM بتوقيت القدس المحتلة

«تاكسي مصر»: تظاهرة سياسية متحرّكة

«تاكسي مصر»: تظاهرة سياسية متحرّكة

سيارة أجرة سماها صاحبها «تاكسي مصر» تجوب شوارع القاهرة، وقد كست جوانبها لافتات سياسية، بما يشبه تظاهرة متحركة تشكل نوعاً جديداً من المعارضة السياسية والإعلام

تاكسي مصري شعارات سياسيةسيارة أجرة سماها صاحبها «تاكسي مصر» تجوب شوارع القاهرة، وقد كست جوانبها لافتات سياسية، بما يشبه تظاهرة متحركة تشكل نوعاً جديداً من المعارضة السياسية والإعلام. بسمرة وجهه المصرية، يجوب جمال أبو هاشم الشوارع بسيارته الأجرة باحثاً عن لقمة عيشه. أبو هاشم خطاط موهوب بالوراثة، وبمزيج بين عمله وموهبته، اختار أن يوثق آراءه السياسية، وأن يوصلها إلى عامة الشعب عبر كتابة اللوحات وتعليقها على سيارته ليقرأها الناس في الشوارع من حوله.


يبطئ المارة وسائقو السيارات ليقرأوا ما كتب أبو هاشم على سيارته التي امتلأت جوانبها بلافتات سياسية ساخرة وجدّية، على شكل رسائل قصيرة بخط يده. المشهد الأبرز كان حين توقف أحد المارة الملتحين وخاطب أبو هاشم بعدما قرأ اللافتات المعلقة على سيارته قائلاً: «اللي أنت كاتبه ده حلو جداً».


زحام القاهرة فرصة للتعبي :ر
«أحذروا غضبي أنا الشعب». تحذير وجهه أبو هاشم إلى الحكومة عبر لافتة لصقها على زجاج سيارته الأمامي، وإلى جانبها لافتة أخرى تعبّر عن خيبة الأمل في حكم تيار الإسلام السياسي، وتتهكم على مقولة بعض أتباعه الذين هللوا لـ«دخول الإسلام مصر» على حد تعبيرهم. اللافتة تقول: «الآن، وبعد دخول الإسلام كل مصر بتقول حسبي الله ونعم الوكيل صبح وظهر وعصر ومغرب وعشاء». «أفضّل أن أترك كتاباتي تعبر عمّا في داخلي»، يقول أبو هاشم، وقد ترك لكتاباته العنان للتعبير عن آرائه، حيث علّق على سيارته أكثر من عشر لافتات تتناول أحوال البلاد وتقلباتها.


ويروي ابو هاشم كيف ولدت الفكرة: «كنت في السابق أمر في بعض شوارع القاهرة في الثالثة صباحاً في قمة الأمان... فجأة وجدت أنني أصبحت لا أستطيع دخول هذه الشوارع حتى في عز وقت الظهيرة نتيجة غياب عنصر الأمن».
حينها شعر أبو هاشم بضرورة ترجمة هذا الشعور إلى كلمات بخطه الجميل: «وحشتيني يا مصر... نفسي أزورك» علقها على زجاج السيارة، مضيفاً: «مش هيّ دي بلدنا». ويكمل أبو هاشم حديثه قائلاً «من حينها بدأت أتناول مشاكل البلد في كتابات أعلقها على جوانب السيارة لتوصيل آرائي للناس».


ذكاء فطري :
«هي طريقة وكل واحد يختار طريقته التي يعبّر من خلالها عن رأيه بحسب إمكانياته وما يستطيع أن يفعله»، يقول عبد الرحمن مجدي، عضو هيئة التدريس في كلية الإعلام في جامعة «الأهرام» الكندية، في معرض تعليقه على هذا الأسلوب الجديد في المعارضة السياسية. ويستطرد: «كما أن كل انسان يعبر عن نفسه بطريقته الخاصة، كذلك فإن كل إنسان تصل المعلومة إليه بطرق مختلفة، بمعنى أن هذا الأسلوب قد يوصل المعلومة إلى البعض ولا يوصلها إلى للبعض الآخر».


وينوه الأستاذ الجامعي إلى أن ما يفعله أبو هاشم هو حقه في التعبير في ظل إرساء القواعد الديموقراطية.
أما على مستوى الإعلام، فيرى مجدي أن مقارنة هذا الأسلوب بشكل الإعلام التقليدي سيفقده كثيرا من المقومات الإعلامية.
ويثني مجدي على أسلوب أبو هاشم في عرض رأيه واصفاً إياه بـ«الذكاء الفطري». ويوضح «هو لم يستخدم وسيلة جديدة مثل الإنترنت لأنه في رأيه لا يصل لكل الناس في المجتمع، وهو بوعي فطري حدد جمهوره وهم الناس الذين ليست لهم علاقة بالإنترنت والتلفزيون».


وفي النهاية، يرى مجدي أنه بالرغم من أن الجمهور الذي ستصله رسالة أبو هاشم أقل كثيراً من جمهور التلفزيون، إلا إن هذه الرسالة قد تصل إلى شرائح أكثر عدداً، سواء ممن يشاهدون التلفزيون ويدخلون على الإنترنت، أو حتى من غير المهتمين نهائياً بهما.