لعل مدينة القدس تمر هذه الأيام بأسوأ وأخطر أيامها، فهي تئن تحت وطأة التهويد المتسارع، وعمليات الغزو الاستيطاني اليومي، وتواجه عملية اقتلاع ممنهجة لتاريخها وتراثها وعقيدتها، ونزعها من روحها الرسولية
الخليج الاماراتية
لعل مدينة القدس تمر هذه الأيام بأسوأ وأخطر أيامها، فهي تئن تحت وطأة التهويد المتسارع، وعمليات الغزو الاستيطاني اليومي، وتواجه عملية اقتلاع ممنهجة لتاريخها وتراثها وعقيدتها، ونزعها من روحها الرسولية، وتزوير مقدساتها أو طمسها أو هدمها .
كأننا بمدينة المدائن تذبح من الوريد إلى الوريد، أمام أهلها وأصحابها، وينتهك أقدس أقداسها، من دون أن يرف جفن، أو يتحرك نبض، أو تتأجج نخوة الملايين في مشرق الأرض ومغربها ممن يفترض أنها أولى قبلتيهم وثالث حرميهم .
شوارعها، حواريها، دروبها، أحياؤها، بواباتها، لم تعد هي التي كانت جزءاً من عبق التاريخ، والماضي التليد، التي مشاها وعرفها الرسل والأنبياء، والتي كانت صلة الوصل بين الأرض والسماء، وسرة الروح لأمة سجلت على أرضها وفوق أسوارها صفحات المجد والبطولة .
ناسها وأهلها، لم يعودوا هم الذين كانوا بعد أن احتلها بغاث الأرض الذين جاؤوها من كل حدب وصوب، وعاثوا فيها فساداً وانتهاكاً، وهجّروا أهلها ودمروا منازلهم التي يحمل كل حجر من حجارتها بصمة من بصمات آلاف الشهداء التي عبقت بأرواحهم، ومهروها بدم لا يزال وشماً على كل ذرة من ترابها .
من بقي من أهلها يرفض أن يرحل عنها، هو يسقيها كل يوم بدمه ويعطيها شيئاً من روحه، ومعتصم بمسجدها الأقصى وكنيسة قيامتها، لأنه يخاف عليها من لصوص الهيكل المتربصين بهما ويستعدون للغدر بهما في كل حين، فيما كل القوم نيام في هدأة بال، أو يلوكون الكلام، أو أداروا الظهر لهما، كأنها مدينة لقيطة .
يا قدس . . يا متروكة وحيدة في عراء الكرامة المستباحة . . لك الله وأهلك الذين يذودون وحدهم عن مدينة الله .