أمريكا تسعى لتذليل عقبات داخل المعارضة السورية وتهدد المعارضين بوفد الى جنيف يطغى عليه العسكر.
تمر الأزمة السورية بمرحلة من الانتظار الدبلوماسي والحراك العسكري في وقت بدا الاتفاق الروسي الأمريكي على عقد مؤتمر جنيف 2 للتفاوض بين النظام والمعارضة السورية جديا لأول مرة وإن كان هشا ولا يتحمل الصدمات.
وفي ظل هذا التوجه الأمريكي الجدي كما يبدو لحد الآن اشتعلت نار الخلافات التي تعصف بالمعارضات السورية، في ظل ضغوط امريكية على أطياف المعارضة لتسهيل مهمة الولايات المتحدة في تشكيل وفد من المعارضة السورية التابعة لها للحضور الى جنيف.
ويشهد الائتلاف السوري المعارض خلافات كبيرة في الاتفاق على وفد موحد مع رغبة الجميع فيه للتواجد في جنيف ضمن وفد المعارضة السورية الذي لن يكون حكرا على الائتلاف الوطني واجنحة المعارضة السورية الموالية للولايات المتحدة والغرب والممولة قطريا وسعوديا، حيث ان لهيئة التنسيق المعارضة وفدها الذي تم انتخابه، ويبدو أنه سوف يخضع لعملية تعديل تراعي توزيع الأقطاب داخله خصوصا لجهة التمثيل الكردي داخل الهيئة التي تحظى بعلاقة جيدة مع كل من روسيا وايران.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت المجلس الوطني السوري ووفدا من جماعة الإخوان المسلمين في سوريا كان في زيارة لواشنطن خلال الأسبوع الماضي أنها اتفقت مع روسيا على عقد مؤتمر جنيف 2 للتفاوض بين النظام والمعارضة السورية. وأبلغ السفير الأمريكي في دمشق روبيرت فورد وفد الجماعة الذي كان برئاسة ملهم الدروبي أن مصالح أمريكا تقتضي ذهاب المعارضة السورية الى جنيف للتفاوض مع النظام .
واوكلت امريكا الملف السوري الى السعودية بشخص بندر بن سلطان بن عبد العزيز الذي يقوم منذ أسبوعين بدعوة المعنيين في المعارضة السورية المدعومة خليجيا وغربيا فردا فردا الى الرياض لوضعهم بصورة القرار الأمريكي الأخير بتسليم السعودية إدارة الملف السوري ضمن المعارضة مع كف يد القطري في هذه المرحلة. وقد طلب بندر من الجميع الابتعاد عن جبهة النصرة وجماعة الإخوان المسلمين حتى يستمر الدعم السعودي للمعارضة السورية، مبلغا من استقبلهم أن الأمريكي نزع الملف السوري من يد القطري لمصلحة السعودي، وحدد بندر لمن استقبل من المعارضين الهدف السعودي الحالي بإسراع المعارضة السورية بالاتفاق على وفد موحد وإلا سوف يجبرون على ذلك كما أجبروا في شهر تشرين الثاني عام 2012 في العاصمة القطرية الدوحة على تشكيل الائتلاف الوطني وكما اجبروا على تعيين غسان هيتو في اجتماعهم في اسطنبول في شهر آذار الماضي، ويبدو أن الولايات المتحدة شبه ضائعة في كيفية إدارة خلافات المعارضات السورية وتشرذمها فضلا عن الانزعاج الأمريكي من هيئة التنسيق الوطني التي سوف تكون حاضرة من ضمن حصة المعارضة.
ويتم الان الحديث عن تشكيلة من خمس عشرة شخصية تمثل المعارضة ، وتحاول الولايات المتحدة فرض حضور عسكريين من قيادات الجماعات المسلحة , وتضع اسم سليم إدريس رئيس قيادة الأركان المشتركة في الوقت الذي ترفض فيه جماعات مسلحة قيادته وتمثيله لهم في الذهاب الى جنيف ، فيما لا تعترف جبهة النصرة بقيادة إدريس ولا بمرجعية غير مرجعتيها، وهي صعدت من رفضها للذهاب الى جنيف مع خروج الملف السوري من اليد القطرية ومحاولة السعودية إضعاف سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على المعارضة السورية , إذا لم تتمكن من القضاء على هذا النفوذ. وهنا في هذه المعمعة والصدام المباشر تظهر العلاقة العضوية بين جماعة الإخوان المسلمين وجبهة النصرة.
وتسعى الولايات المتحدة الى البحث عن صيغة لوفد موحد يمنع انفجار الإئتلاف وتشرذم المعارضة , وهي تحاول تذليل ثلاث عقبات قبل الذهاب الى جنيف 2 :
1- تريد واشنطن تمثيلا للشخصيات المحسوبة على التيارات العلمانية والليبرالية على حساب تمثيل جماعة الإخوان المسلمين التي تريد أن يكون تمثيلها يعكس وزنها داخل المجلس الوطني السوري والإئتلاف السوري أي حوال 70 بالمائة من الوفد وهذا ما ترفضه واشنطن والسعودية أيضا.
2- تعتبر امريكا ان هيئة التنسيق المعارضة ترتبط بعلاقات متينة بروسيا , وهي بوجودها داخل وفد المعارضة سوف يكون للروسي علاقات جيدة بالمعارضة فضلا عن تحالفه مع النظام , لذلك يسعى الأمريكي الى إيجاد صيغة لحل هذه المعضلة.
3 – يسعى الأمريكيون لوجود سليم أدريس قائد الهيئة المشتركة لأركان الجيش الحر في وفد المعارضة، بينما ترفض قيادات سياسية وكتائب مسلحة على الأرض هذا الأمر الذي سوف ينتج انشقاقا جديدا داخل الجماعات المسلحة لا تريده امريكا حاليا حتى لا تفقد أوراقا جديدة في المفاوضات.
ويقول مرجع سوري معارض ان الأمريكيين أبلغوهم ان يتفرغوا بين 7 و13 حزيران/يونيو المقبل، بينما تقول مصادر دبلوماسية غربية أن كل المواعيد مفتوحة ومرتبطة بحل الخلافات التي تعيشها المعارضة السورية , والوصول الى تشكيلة موحدة للوفد المعارض.
وتهدد الولايات المتحدة المعارضين السوريين بتشكيل وفد يشكل العسكر غالبية أعضائه في حال لم يتفقوا على وفد سياسي مدني، وهذا ما يحاول بعض أركان المعارضة تفاديه وإقناع الأمريكي بعدم الدخول في هذه اللعبة التي إن حصلت سوف تجعل للعسكر موقعا في التركيبة السورية لن يتخلوا عنها أبدا، حسب مصادر دبلوماسية، أشارت أيضا إلى أن السعودية تريد ان يتمثل الإخوان بشخص واحد فقط وتريد تحديدا ملهم الدروبي في وقت تريد الجماعة ان يرأس مجموعتها الى التفاوض نائب المراقب العام فاروق طيفور.
في نفس السياق تبدو عملية وقف إطلاق النار غير قابلة للتنفيذ حاليا بسبب تعقيدات الوضع على الأرض، وعدم سيطرة الشخصيات المعارضة التي تريدها امريكا على أي من الكتائب المسلحة في سوريا، وهذا ما يعيه الإخوان المسلمون الذين يسعون للتخفي وراء جبهة النصرة و"دولة العراق وبلاد الشام الإسلامية" التي وصل الى سوريا مؤخرا قائدها في العراق أبو العمر البغدادي. وتحاول واشنطن عبر تركيا التي زار رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان واشنطن منذ عدة ايام أن تضغط على جماعة الإخوان المسلمين لإدارة عملية الميدان عندما تقتضي المصلحة.