الحكومة المصرية تواجه مجموعة من الظروف الاقتصادية الصعبة بشكل متزايد بحيث يمكن أن تزيد الضغوط التضخمية وتؤدي إلى اضطربات اجتماعية أخرى
حذرت وكالة ستاندرد آند بورز الأميركية للتصنيف الائتماني، امس الثلاثاء، في تقرير من أن الحكومة المصرية تواجه مجموعة من الظروف الاقتصادية الصعبة بشكل متزايد بحيث يمكن أن تزيد الضغوط التضخمية وتؤدي إلى اضطربات اجتماعية أخرى.
وأشار التقرير الذي جاء بعنوان ‘الاعتماد على تمويل البنك المركزي قد يزيد ضغوط التضخم في مصر’ إلى أن النمو الاقتصادي في البلاد آخذ في الضعف منذ الانتفاضة الشعبية العام 2011 وأن البنك المركزي المصري يشهد تراجعا حادا في احتياطياته من النقد الأجنبي، فيما تستمر البنوك المحلية في أن تكون المستثمر الرئيسي في السندات الحكومية، لكن الحكومة تلجأ بشكل متزايد للحصول على تمويل أكبر من البنك المركزي.
وقال محلل شؤون الائتمان تريفور كولينان لدى ستاندرد آند بورز إننا ‘نعتقد أن تراجع سعر صرف الجنيه مع زيادة تمويل البنك المركزي للحكومة، من المرجح أن يرفع التضخم في مصر فوق المستويات العالية نسبيا بالفعل.’
وأضاف أنه ‘من وجهة نظرنا، سيقلل نمو التضخم القوي عبر تآكل الدخول الحقيقية من مستويات المعيشة المتدنية بالفعل بالنسبة لغالبية المواطنين’.
وأشار إلى أن ذلك ‘من المرجح أن يزيد مستويات حالة السخط السياسي المرتفعة حاليا،وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من خفض قدرة الحكومة على تنفيذ إجراءات للتخفيف من الضغوط المالية والخارجية ويضع ضغوطا نزولية على تصنيفاتنا السيادية لمصر’.
وفي وقت سابق هذا الشهر خفضت ستاندرد أند بورز تصنيف مصر إلى ‘سي.سي.سي زائد’ في حين اعطتها وكالة موديز تصنيفا عند ‘سي.إيه.إيه1′ وهو مستوى عالي المخاطر.
كما قال محلل كبير لدى وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية امس إن انخفاض مستوى احتياطيات النقد الأجنبي لمصر عامل رئيسي بشأن تصنيفها المصحوب بنظرة مستقبلية سلبية.
وقال بول غمبل مدير التصنيفات السيادية في فيتش ‘الشيء المهم هو … منحنى الاحتياطيات. بدون تدفقات كبيرة للداخل وإذا تراجعت الاحتياطيات لفترة طويلة وإذا لم تتضح صورة التدفقات فإننا سنعيد النظر في التصنيف مجددا.’ كانت فيتش خفضت تصنيف مصرالى ‘بي’ مع نظرة مستقبلية سلبية في كانون الثاني/يناير. وتعطي الوكالة مصر تصنيفا أعلى من وكالتي التصنيف الأخريين لكنه يظل دون درجة الاستثمار.
وزادت احتياطيات النقد الأجنبي لمصر إلى 14.4 مليار دولار في أيار/مايو لكنها مازالت دون مستوى الخمسة عشر مليار دولار الذي يقول الاقتصاديون إنه ضروري لتغطية واردات ثلاثة أشهر. وانحدرت الاحتياطيات منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في 2011 بسبب انخفاض إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي.
وقال ريتشارد فوكس مدير التصنيفات السيادية للشرق الأوسط وافريقيا لدى فيتش إن الوكالة ستبدأ مراجعة تصنيفاتها مرتين سنويا بدلا من مرة واحدة بسبب تغييرات تنظيمية. واضاف ‘سيكون علينا أن نراجع تصنيف مصر في النصف الثاني من العام.’
وقال جمبل إن وضع الديون الخارجية لمصر هو عامل دعم رئيسي لتصنيفها. لكنه اضاف ‘نحن على ثقة كبيرة في قدرة مصر واستعدادها لخدمة ديونها الخارجية’.
على صعيد آخر قال صندوق النقد الدولي امس إن من المتوقع أن يرتفع التضخم في مصر إلى 10.9 بالمئة هذا العام وهو ما سيكون أعلى مستوى منذ 2010 ويفوق توقعات سابقة أعلنها الصندوق الشهر الماضي.
وقال صندوق النقد في توقعاته الإقليمية ‘من المتوقع أن يرتفع التضخم في مصر والأردن والمغرب وتونس بسبب خفض الدعم في الآونة الأخيرة ومزيد من التخفيضات المزمعة وفي بعض الحالات ضغوط من تمويل العجز.’
كان الصندوق توقع في تحليله نصف السنوي للاقتصاد العالمي والمنشور في الشهر الماضي أن يبلغ التضخم في مصر 8.2 بالمئة في 2013.
لكن ضغوط الأسعار قد تنحسر بعض الشيء في 2014 عن التقديرات السابقة حيث خفض صندوق النقد توقعاته لنمو أسعار المستهلكين إلى 11.6 بالمئة من 13.7 بالمئة في توقعات نيسان/ابريل حسبما أظهر التقرير.
وتسارع تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 8.1 بالمئة على أساس سنوي في نيسان متأثرا بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتراجع العملة المحلية.
ومن المتوقع أن يزيد التضخم بدرجة أكبر مع مضي الحكومة في زيادات ضريبية وخفض للدعم بهدف الاتفاق على قرض قيمته 4.8 مليار دولار من صندوق النقد بعد عامين من القلاقل الاقتصادية والسياسية.
وتعثرت المفاوضات مع صندوق النقد مرارا بسبب تردد الحكومة إزاء إجراءات تقشف ضرورية لاحتواء عجز الميزانية.
ويتوقع صندوق النقد ارتفاع عجز الميزانية إلى 11.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو حزيران من 10.7 بالمئة في العام السابق قبل أن يعاود الانخفاض إلى 8.7 بالمئة في السنة المالية 2013-2014.
كان وزير الاستثمار المصري المعين حديثا يحيى حامد قال في وقت سابق هذا الشهر إن العجز سيبلغ 11.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2012-2013.