من لا تاريخ له لا جذور تشدّه إلى الزمان والمكان ، فالإنسان من دون ذاكرة هو كائن معلّق على رصيف الحياة،مائة صورة تختصر مائة عام من تاريخ مدينة صور اللبنانية تحيي ذاكرتها وتضيء على هذه الحاضرة.
من لا تاريخ له لا جذور تشدّه إلى الزمان والمكان ، فالإنسان من دون ذاكرة هو كائن معلّق على رصيف الحياة،مائة صورة تختصر مائة عام من تاريخ مدينة صور اللبنانية تحيي ذاكرتها وتضيء على هذه الحاضرة التي ابتكرت المقاومة منذ الإسكندر وحملتها وصولا إلى عصرنا الحديث .
اقامت "الجمعية الدولية للمحافظة على صور" و"رابطة المدن الكنعانية، الفينيقية، والبونية"، معرض صور فوتوغرافية تحت عنوان "ذاكرة صور: مئة عام في مئة صورة"، في قاعة قصر الاونيسكو في حضور شخصيات سياسية وفكرية واعلامية وفنية.وجميعها تعرض للمرة الأولى .
ويتضمن المعرض مئة صورة تختصر 100 عام من تاريخ تطور صور تمتد بين 1843 إلى 1943 وهي توثق الذاكرة التاريخية والحضارية لهذه المدينة العريقة وتعد من اوائل الصور الملتقطة بعد اكتشاف الكاميرا
سبق افتتاح المعرض النشيد الوطني، ثم ندوة ادارها الدكتور نسيم شلهوب وتحدث فيها الوزير السابق جورج قرم باسم الجمعية، فاعتبر ان "مدينة صور او" ملكة البحار" هي جزء من امجاد تراثنا التاريخي وهي جزء من مخيلتنا الوطنية".
وذكر قرم بقول الشاعر شارل قرم "ان ما يربط اللبنانيين فيما بينهم، قبل ان يصبحوا مسلمين او مسيحيين، كان الانتماء الى الحضارة الفينيقية المتوسطية وعظمتها في الاكتشافات العلمية والفنية والتقنية، وعلى رأسها الابجدية". وشكر المهندس خالد عمر تدمري، ومهى الخليل الشلبي على ما بذلاه من اجل الحفاظ على التراث وتخليده.
وعرض مراحل تأسيس الجمعية ونشاطاتها الحرفية وانشاء معهد الدراسات الكنعانية والفينيقية والبونية في بيروت، منوها "بالجهود التي قامت بها الجمعية من اجل ايجاد التمويل الذي لا بد منه للقيام بمثل هذه النشاطات المتعددة. ومن بينها المبادرة الى تنظيم يانصيب من نوع خاص، وقد يكون البعض غير معتاد عليه في لبنان، وهي لوحة الفنان العالمي بيكاسو "رجل القبعة" حيث يتم عن طريق الانترنت من خلال موقع محمي وسعر البطاقة 100 يورو".
وقال تدمري في كلمته "هو معرض يرصد في 100 صورة، إلتقط بعضها على يد أشهر المصورين الأوائل بعد إكتشاف التصوير الشمسي بسنوات قليلة، تطور مدينة صور عمرانيا ويظهر معالمها الأثرية والتاريخية، وحركة مرفأها ومراكبها ومناظرها الداخلية والعامة، خلال 100 عام من تاريخها، تمتد من أواخر العهد العثماني، مرورا بفترة الإنتداب الفرنسي، وتصل إلى استقلال لبنان عام 1943. ويظهر المعرض في جنباته مختلف أوجه الحياة اليومية والحرف اليدوية والأزياء السائدة، إضافة إلى لقطات لبعض المعالم المجاورة للمدينة تعود لنهاية القرن الـ19 ومطلع القرن الـ20، كقناطر وطواحين رأس العين، وقبر حيرام، وتل النبي المعشوق، ورأس البياضة وغيرها، إضافة إلى عدد من لوحات الرسم الزيتية النادرة، ولوحات الغرافور التي رسمها رحالة مستشرقون، والخرائط البحرية والبرية للمدينة، والتي يرقى بعضها إلى القرنين الـ17 والـ18، هذا فضلا إلى الصور الجوية الأولى لصور التي إلتقطها الجيش الفرنسي في ثلاثينيات القرن الماضي".
ولفت الى أن جمع هذه الصور والوثائق واللوحات النادرة استغرق زهاء 18 عاما، متحدثا عن "صور نادرة كتلك الصور حفظها السلطان عبد الحميد الثاني في مجموعة ألبوماته الخاصة، وفي محفوظات الضباط والجنود الفرنسيين الذين أقاموا أو مروا في المدينة".
وأوضح أن "هذا العمل يأتي ضمن سلسلة معارض اعدها منذ عام 2004، شملت مدن طرابلس الميناء والبداوي، وجبيل، وعاليه، وبعلبك، بالاضافة الى معرض "ذاكرة التعليم في لبنان" ضمن فعاليات بيروت عاصمة عالمية للكتاب عام 2010، وهو يعد حاليا معرض "ذاكرة بيروت" بالتعاون مع بلديتها.
وكانت مداخلات مترافقة مع صور وفيلم وثائقي عن تاريخ مدينة صور، شارك فيها الدكتورة سمر مكي حيدر والدكتور ناجي كرم والكسندر نجار". وكانت كلمة الختام لرئيسة الجمعية الدكتورة مهى الخليل الشلبي فاضاءت على الاولويات التي تعمل الجمعية على تحقيقها وهي: "المدينة الحرفية عشتار"، و"معهد الدراسات الكنعانية، الفينيقية والبونية" واطلاق مشروع "يوم فينيقيا".
وقالت "من أجل أن تبقى صور ماثلة بقوة في حياتنا كان هذا الحدث من اجل ان نستلهم من تناسل حضاراتها التي تعاقبت على مر العصور صورة الأصالة والإنغراس في عمق التاريخ والتراث مقرونة بالتجدد".
وأضافت"لقد اتخذت الجمعية الدولية من المحافظة على صور وتعزيز تراثها عنوانا تجتهد لتحقيقه على أرض الواقع الصعب والأليم".
يذكر أن الجمعية تمكنت من إدراج صور على قائمة التراث العالمي عام 1984 وفي العام 1998 وتكللت جهودها بالنجاح عبر إطلاق الأونيسكو "الحملة الدولية لصور"على غرار قرطاج وأبو سمبل .
تصوير : محمد علوش