28-11-2024 08:44 AM بتوقيت القدس المحتلة

"كلاشينكوف" أيار..كما أسموها

بكاميرا، وكثير من الشغف التقطوا اللحظة. وبعد مضي ثلاثة عشر عاماً ما زلنا نلتقطها من خلالهم

التقطوا اللحظة والتقطناها من خلالهمبكاميرا، وكثير من الشغف التقطوا اللحظة. وبعد مضي ثلاثة عشر عاماً ما زلنا نلتقطها من خلالهم. هم شركاء في صناعة الصورة الأجمل، اللحظة الأجمل، الصوت الأجمل: 25 أيار 2000. وقتها، كما أهل الجنوب، كما المبعدون عنه قصراً، كما من لم يعرفوه، كما من عرفوه، كما المقاومون، كما عشاق الحرية، هرولوا إلى القرى المحررة برفقة "كاميرا"، حاولوا بواسطتها ابتلاع الحدث على ضخامته وروعته، فباتوا شركاء في حفظه وإحالته ذاكرة حية نمكث فيها كلما أردنا استعادة اللحظة، نحن، وآخرون ممن لم يسعفهم الحظ لأسباب مختلفة بأن يشهدوا هزيمة "اسرائيل" بأنفسهم.

أيار المليء بالصور..يوم هُزمت "اسرائيل"

المصور رمزي حيدر: من الأنانية اختصار أيار بصورةتبدو على رمزي حيدر، المصوّر الصحافي الذي كان يعمل لصالح الوكالة الفرنسية في أيار 2000، علامات الإستفزاز عند سؤاله عن الصورة الأجمل التي التقطها أثناء تحرير القرى الجنوبية من العدو الإسرائيلي. ترتفع يداه بانفعال واضح ويقول بثقة "أرفض الحديث عن أجمل صورة، هذا اليوم يوم تاريخي، مكتمل الجمال، يحوي صوراً وليس صورة، لا يمكن اختصاره، من أجل هذا الحدث سقط عدد كبير من الشهداء وهُجّر عدد كبير من الناس، من الأنانية اختصاره بصورة، في كل قرية محررة كان هناك كمّ من الصور الرائعة". في أيار 2000، يروي حيدر، لموقع المنار، أنه لم يكن مجرد مصور صحافي "كنت مواطناً عربياً شهد على الهزيمة التي منيت بها اسرائيل، بعد أن عايش حقبة طويلة مليئة بالهزائم".

كامل كركييتشارك كامل كركي، المصوّر في تلفزيون المنار، مع زميله حيدر، روعة لحظات التحرير في أيار، لكن عند الحديث عن تفاصيل ما التقطته الكاميرا وقتها، تتدفق الصور في حديث كركي، " الناس التي كانت تُقبّل الأرض، الناس التي كانت ترقص فرحاً، حلقات الدبكة، أناس كانت قد عاشت التهجير لفترة طويلة وفي تلك اللحظة شاهدناها تدخل قرى الجنوب للمرة الأولى، اقتحام القرى، صور إلقاء القبض على العملاء ووضعهم في الشاحنات ".

كما حيدر، عاش كركي في عيد التحرير ازدواجية فريدة،  كان همه "نقل صورة واضحة وشاملة عن الحدث للمشاهدين، لم تكن الكاميرا تتسع لضخامة الحدث وتنوع مشاهده"، وفي الوقت عينه كان مواطناً يشهد على تحرير وطنه لحظة بلحظة، مشيراً إلى أن "اللقطات كانت تحرك في داخلي مشاعر لا توصف، خصوصاً تلك التي تُظهر لقاء الناس القادمين بأهالي القرى المحررة، الرجل الكبير في السن الذي يتكئ على عكازه كان يخرج إلى الساحات للقاء الناس". يؤكد كركي لموقعنا أن الخوف لم يراوده حتى عندما كان يشاهد الطائرات الحربية المعادية وهي تحلق فوقي رؤوس الأهالي أثناء قيامه بالتصوير "بل إني كنت أحرص على إبرازها في الصورة إلى جانب فرحة الأهالي واقتحامهم للقرى غير آبهين بالمخاطر"، يقول.

عن صورهم الأحلى

 

كما صوّر كامل كركي انتصار أيار 2000

خلال ساعات التحرير، لم يسترح كركي ولم يُرح الكاميرا، كأنه كان يريد التهام الحدث وحفظه من النسيان. يذكر أنه "من عيتا الجبل وحتى بنت جبيل، كنت مصراً على الوقوف خارج باب الجيب الذي كنا نستقله، وضعت يداً في داخله، وعلى اليد الأخرى كاميرا تزن 13 كلغ، لم أرد لها أن تنطفئ أبداً"، هذا ويذكر كركي جيداً لقطته الأجمل. حدث ذلك في بيت ياحون، هناك وصل كركي بعد ورود معلومات عن نية "الشباب"، أي المقاومين، تفجير موقع جيش الإحتلال هناك. "في تلك اللحظات تتبدد جميع المخاوف التي تتملك المصور الإنسان، فيصبح كل همه نقل ما يحدث، لقد نسيت العالم في تلك اللحظة"، يروي كركي متابعاً "أخذت الكاميرا وثبتها على بعد 500 م عن المركز، وجلست في مكان آمن، لكن الحجارة تساقطت علينا عند تفجير الموقع، وقتها قمت بسرعة قياسية بسحب الكاميرا والإختباء بعيداً عن الحجارة المتناثرة، كانت من أجمل اللقطات، حيث أنها أرّخت للحظة تدمير أحد رموز الإحتلال".

عباس سلمان: صورتي الأجمل أظهرت كم أن هذا العدو جبانربما لم يكن المصوّر الصحافي في جريدة السفير عباس سلمان يعي الحقيقة الكاملة لأهمية ما جرى في 25 أيار 2000، حتى وصوله إلى ما يُسمى "بوابة فاطمة" في بلدة كفركلا الحدودية. يقول، لموقع المنار، "هناك شاهدت آلية اسرائيلية من مخلفات العدو وعليها علم للمقاومة، وفي المقلب الآخر آلية اسرائيلية ايضاً على متنها جنود اسرائيليين، ولا يفصل بينهما سوى السياج الحدودي"، يوضح سلمان "هنا أدركت جيداً ما أنجزه المقاومون، حيث كان عدد منهم يقف وجهاً لوجه مع جنود الإحتلال على الحدود مع فلسطين المحتلة، وجنود العدو عاجزون عن القيام بأي شيء أمام المقاومين". يؤكد سلمان أنه في تلك اللحظات لم يشعر بأي تعب، وأن الكاميرا "باتت تقودني"، وقتها "حصلت على صورتي الأجمل التي أظهرت كم أن هذا العدو ضعيف وجبان وليس كما صُوّر لنا أنه لا يُقهر".

كلاشينكوف الإنتصار

يصرّ المصورون الثلاثة حيدر، كركي، وسلمان، أنهم في أيار لم يكونوا مجرد أفراد يسارعون لالتقاط الصور، بحكم مهنتهم، بل هم شركاء في ذلك الإنتصار. إنها "كالكلاشينكوف"، بالنسبة لحيدر "حاضرة بيد المقاومين ولعبت دوراً أساسياً حتى التحرير"، فمن كان يصوّر في الخطوط الأمامية من المواجهة "ساهم بحفظ انجازات المقاومة للأجيال القادمة، وكذلك الأمر بالنسبة لأيام التحرير في أيار". أما كركي فيؤكد أن الكاميرا في أيار 2000 كانت "مثل ابني وأغلى من ابني"، خصوصاً أنها ، حسب تعبيره، قد حفظت الوجه المشرق لتحرير الجنوب "والذي يغلفه الضباب بالنسبة للبعض".

يخاف الجندي الإسرائيلي، بحسب سلمان، الكاميرا كما يخاف البندقية، فالأولى برأيه قد أرّخت لسقوط هيبته، لهزيمته، لفرحة الجنوبيين، للحرية. وفي هذا الصدد، يشدد زميله حيدر على ضرورة "حفظ هذا الإنتصار وابقائه راسخاً في ذاكرة الأجيال القادمة"، لأن "ايار لن يتكرر في تاريخ العرب، خصوصاً في هذا الزمن الرديء الذي تعيشه بلداننا العربية إن كان في سورية أو العراق أو مصر أو تونس أو ليبيا"، يصمت ويضيف "ربما يحتاج العرب إلى مئة عام، إن استطاعوا إعادة بناء أوطانهم، لتكرار تجربة أيار".

الصور أعلاه بعدسة: وهب زين الدين

غرافيكس: وسيم صادر

اللحظة.. كما التقطوها


 في طريقهم.. إلى الأرض

رغم جبروتهم..

فرح جنوبي..

غداً.. قادمون

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بالمرصادر دوماً..

اوهن من بيت العنكبوت..

أيار يرسم خطوط التماس..