لا ينسى الكثير من الناس مشهد عملاء العدو الاسرائيلي من عناصر ميليشيا العملاء قبيل الاندحار الاسرائيلي في ايار/مايو من العام 2000، وهم يهرعون الى الحدود مع فلسطين المحتلة خلف المحتل الهارب.
لا ينسى الكثير من الناس مشهد أرتال عملاء العدو الاسرائيلي من عناصر ميليشيا العميل انطوان لحد قبيل الاندحار الاسرائيلي في ايار/مايو من العام 2000، وهم يهرعون الى الحدود مع فلسطين المحتلة حيث اختاروا الهرولة خلف المحتل الهارب تحت جنح الظلام، بدل التوبة والعودة الى احضان الوطن، علما ان العملاء الذين بقوا في ذلك الوقت في القرى المحررة لم تمسَّ شعرة منهم بل سلموا الى القضاء والسلطات المختصة في لبنان.
ولا ينسى الشعب اللبناني كيف تعامل القضاء بأحكامه مع عملاء العدو، فخلال شهر تشرين الاول/اكتوبر من العام 2001 اصدرت المحكمة العسكرية في لبنان سلسة "أحكام" بحق بعض العملاء، هذه بعض نماذجها:
- من أشد هذه الاحكام كان الحكم "الغيابي" بالحبس 15 سنة مع الاشغال الشاقة بحق بعض العملاء.
- حكم واحد بالحبس ثلاث سنوات مع غرامة 400 الف ليرة لبنانية.
- حكم اخر بالحبس مع غرامة 400 الف ليرة لعميل اخر.
- حكم بإدانة عميل وإعفاؤه من العقاب!!!
-ادانة عميل اخر وايضا اعفاؤه من العقاب لوجود كتاب معلومات صادر عن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني يفيد عن تعاونه معها.
-قرار بوقف التعقبات بحق عدد من العملاء!!!
عقوبات الخيانة في القانون اللبناني تصل الى الاعدام والمؤبد
ورغم ان المواد 273 الى 280 من قانون العقوبات اللبناني تعالج موضوع الخيانة بشكل واضح، وتصل عقوبات هذه االجرائم الى الاعدام والحبس المؤبد، لم تقف ملاحقة العملاء بالطرق القضائية فقط عند هذه "القساوة" المفرطة(التي اشرنا اليها اعلاه من خلال بعض الامثلة عن الاحكام القضائية) في التعامل مع خونة باعوا وطنهم وكرامتهم بثمن بخس، فلم تقف احكام القضاء بحق العملاء عند هذا الحد، بل شهدت الفترة الممتدة منذ "عيد المقاومة التحرير" في العام 2000 حتى اليوم صدور الكثير من إخلاءات السبيل والاحكام المخففة التي صدرت من قبل القضاء بحق العديد من العملاء العدو الاسرائيلي، علما ان بعض هؤلاء العملاء ممن تمّت محاكمتهم والتهاون معهم خصوصا بعد حرب تموز 2006 هم من العملاء الامنيين الخطيرين الذين ساهموا في تقديم خدمات جليلة للعدو في حربها ضد المقاومة والجيش ولبنان.
وخير دليل على هذه الخدمات الجليلة التي قدمها العملاء للعدو ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم تشييع الشهيد القائد في المقاومة الاسلامية غالب عوالي في العام 2004 بأن "لبنان يملؤه العملاء من الحدود الى الحدود ببركة التسامح والتساهل بل التغطية السياسية للكثير من هؤلاء العملاء".
فهذا التساهل الذي لقيه العملاء في لبنان والتغطية السياسة لبعضهم، أبّان وبعيد التحرير في العام 2000 لعله ساهم في زيادة جرأة هؤلاء على التمادي في الإضرار بأبناء وطنهم واهلهم ودولتهم، ما فتح الباب امام من تسوّل له نفسه بالتعامل مع العدو بل والانغماس اكثر في العمالة دون اي رادع وطني او اخلاقي او قضائي.
فهل لبنان المقاوم الذي أزلّ عدو الاصيل بات عاجزا عن إنزال حكم القانون بحق العميل؟ فهل لبنان ما عاد قادرا عن تحصين انجازاته؟ ولماذا لم يطبق القانون بحرفيته بإنزال اشد العقوبات بحق العملاء منذ العام 2000 وحتى اليوم؟ وما الذي يمنع من ذلك؟ هل هو تساهل بعض القضاة او التغطية السياسية التي يلقاها بعض العملاء؟
المحامية الخنسا: تعليمات خارجية وداخلية تدخل في محاكمة عملاء العدو
حول هذا الموضوع، شددت المحامية اللبنانية الاستاذة ميّ الخنسا على ان "هناك تعليمات خارجية وداخلية بخصوص محاكمة العملاء"، واشارت الى ان "الاحكام المخففة بحق العملاء تأتي بأوامر سياسية وتعليمات عليا من الخارج قبل الداخل تُفرض فرضاً على العدالة في لبنان".
واسفت المحامية الخنسا ان "الشرفاء في لبنان اعتمدوا سياسة السكوت عن العملاء الحقيقين الذين يجب محاكمتهم فعلا"، واكدت "أننا جميعا نتحمل هذا الامر لان الخطأ ليس خطأً قضائياً فحسب بل هو إهمال من اهل المقاومة والشعب المخلص الذي اعتمد سياسة من ضربني على الايمن فله الايسر"، واوضحت "انا ضد هذا النوع من مواجهة الامور الخاطئة القاتلة فيمكن لي ان اتساهل بأمور تتعلق بالماديات مثلا وانسى الموضوع أما ان نغفر لمن كفر بوطنه وخانه فهذا ما لا يمكن قبوله"، وتابعت انه "ربما تلفق بعض التهم بالعمالة بحق شرفاء مجاهدين من اجل القول الرأي العام إن البراءة ممكنة في هكذا قضايا".
وقالت الخنسا في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني إن "لبنان المقاوم والعزيز حزين جريح من كثرة العمالة والعملاء"، واعتبرت ان "هذا الامر يشكل جرحا نازفا يعكر على الشرفاء حلاوة الفرح بالتحرر والتحرير من دنس الصهاينة"، واضافت "أقولها للمرة الألف بعد المئة إن لبنان لا يسمح بمحاكمة العملاء الحقيقيين"، وتابعت "لا اقول هذا الكلام فقط للمنابر والاعلام ولمجرد الكلام فقط بل هذه هي الحقيقة والقضية التي يجب متابعتها لانزال العقوبات المستحقة بكل خائن لوطنه".
الخنسا: سكوتنا عن محاكمة العملاء بهذه الطريقة جريمة
واشارت الاستاذة الخنسا الى انه "عندما يعود السياسي اللبناني لضميره ويبتعد عن المصالح المادية ويبتعد عن القيام بشراكة مع المشبوهين والمقربين من الصهاينة ويبتعد عن العمليات التجارية كما يحصل حاليا اي عندما يعود السياسيين الوطنيين الى روح المقاومة وشروطها لن يتجرأ لا وزير ولا امير او رئيس قريب او بعيد من التدخل في عمل القضاء وخصوصا في موضوع العمالة للعدو لان دم الشعب اللبناني ودم شهدائنا ليس رخيصا"، وشددت على ان "سكوتنا جميعا عن النوع الجديد من العمالة المتمثل بحماية العملاء والصفح عنهم هو جريمة بحد ذاتها يجب مقاومتها".
ورأت المحامية الخنسا انه "كما يوجد في لبنان عملاء في مجالات عديدة وليس فقط في الساحات العسكرية والامنية هناك مقاومة في مجالات مختلفة وليس فقط في الدفاع الحربي المقدس عن لبنان"، وبمناسبة "عيد المقاومة والتحرير" توجهت الخنسا بالتحايا الى "كل الاحرار الذين صنعوا هذا النصر بدمائهم وتضحياتهم، للشهداء ولسيد المقاومة السيد حسن نصر الله ولكل مقاوم في كل مجالات المقاومة".
ويبقى ان العميل لا طائفة ولا مذهب ولا دين له، فهو اعتنق فكر الخيانة ولذلك لن يفلت من العقاب مهما طال الزمن ومهما اعتقد انه يستطيع ان يضر بوطنه ومقاومته وشعبه، فمن أذل العدو الاصيل لن يتوانى ولن يتراجع قيد انملة عن ردع العملاء في أي زمان ومكان، سواء لقي هذا العميل التساهل او التغطية ام ترك يواجه قدره المحتوم، فحماية الوطن وحفظ المقاومة هي الاساس في كل الظروف والاحوال.