23-11-2024 06:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

خطاب الأمين العام ما يزال صداه في الإعلام

خطاب الأمين العام ما يزال صداه في الإعلام

خطاب السيد حسن نصرالله الذي أثار هياج أعدائه، بما تضمنه من إيضاح بأن سوريا قاتلت وستقاتل حفاظا على المقاومة في لبنان، وأن الأخيرة لن تتخلى عن سوريا عندما تكون سوريا بحاجة لها

السيد جسن نصرالله في خطاب يوم المقاومة والتحريرما تزال اصداء خطاب أمين عام حزب الله اللبناني الاخير، تتردد في عالم الإعلام وفي المحافل الدولية. وكأن الإعلان عن تضامن هذا الحزب مع سوريا أمرٌ جديدٌ، وأن مشاركة عناصر من المقاومة اللبنانية في صد العدوان عن سوريا مفاجأة، لم يكن يعلم بها الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون، وأتباعهم في المنطقة. لو عدنا إلى الوراء وتفحصنا في وسائل الإعلام لوجدنا ادلة كثيرة على ان الذين تفاجأوا ودهشوا من كلام السيد حسن نصرالله، هم منافقون وماكرون..

ثريا عاصي / جريدة الديار


لقد تكشفت خلال السنتين الماضيتين ملفات لم يكن الإنسان العربي العادي والمسكين على علم بها. لا حرج في القول أن الحقائق أخفيت عنه. ان وسائل الإعلام العربية، والأجنبية إلى حد ما، أحجمت عن نقل أخبار ما يدور وراء الكواليس، حول القضايا التي تعني هذا الإنسان في حاضره وفي مستقبله. صار جليا وواضحا، أن حكومات عربية قطعت أشواطا طويلة في بناء علاقة بينها وبين المستعمرين الإسرائيليين. بل هي تستقوي بالإخيرين وتخوض حربا من أجلهم على العروبة وعلى الثقافة العربية.

 كانت الصورة التي ظهر فيها إمام الأزهر، ويده بيد الزعيم الصهيوني شيمون بيريز، صادمة لجميع المسلمين. يومها ألقيت المسؤولية على هذا الرجل. ذهب الأخير بعد ذلك إلى السعودية ووافته المنية هناك. لا أذكر أن الإعلاميين عالجوا آنذاك، هذه المسألة بعمق، وتساءلوا عن أسباب تواجد الزعيم الصهيوني إلى جانب شيخ الأزهر في مؤتمر حوار الأديان. لماذا ألبس التناقض بين المستعمِر من جهة والمستعمَرين من جهة ثانية أثوابا دينية. من يمثلْ إمام الأزهر ومن يمثلْ شيمون بيريز ؟ من هم حكام العرب الذين حضروا المؤتمر المذكور ؟ لا أظن أني أتجنى على الإعلام العربي إذا إتهمته بالتقصير والعجز وعدم الجرأة.

 لم يكن الإنسان العربي البسيط يعرف الكثير عن العلاقة التي تربط امراء قطر باسرائيل. وما من شك في ان هذه العلاقة أعطت امراء الإمارة الصغيرة دورا في المنطقة العربية، لا يتفق مع حجمهم، مثلما أن إسرائيل صارت قوة استعمارية ضاربة تهدد جميع دول العرب التي تتفوق عليها سكانيا ومساحة. كأن قطر تسعى لان تكون على شاكلة اسرائيل؟..


فداك الروح والقلب والعين يا نصراللهوبالعودة إلى خطاب السيد حسن نصرالله الذي أثار هياج أعدائه، بما تضمنه من إيضاح بأن سوريا قاتلت وستقاتل حفاظا على المقاومة في لبنان، وأن الأخيرة لن تتخلى عن سوريا عندما تكون سوريا بحاجة لها. ما يحمل على العجب أن الهياج الذي لمحنا إليه، يزداد حدة بالتلازم مع ورود أخبار تفيد بأن ميزان القوى على الأرض يميل لصالح الدولة السورية. إذ لا يخفي على المراقب، شرط أن يتحلى بالحد الأدنى من الموضوعية، أن نصف عدد المتمردين في سوريا، هم من جنسيات غير سورية. أي أن هناك عشرات الألاف من المرتزقة الغرباء.


أما شراكة الدول الغربية في الحرب التي تتعرض لها سوريا، فالبراهين عليها كثيرة. خذ إليك ما تقوله الصحيفة الفرنسية (Le canard enchaîné) في عددها الأخير: فرنسا ترفض دعوة إيران إلى مؤتمر جنيف المزمع عقده للبحث في الأزمة السورية.. ـ وزير الخارجية الأميركي جون كيري يشكر فرنسا لأنها طلبت إدراج حزب الله على اللائحة الاوروبية للمنظمات الإرهابية، الامر الذي يرضي إسرائيل..


 ـ الإتحاد الأوروبي يرفع حظر إرسال السلاح إلى المتمردين في سوريا. وبالإضافة إلى هذا كله، يجدر أن نذكر زيارة السناتور الأميركي ماكين إلى المناطق السورية الشمالية الحدودية، والغارات الإسرائيلية على مواقع الجيش العربي السوري، والمعسكرات في الأردن وتركيا التي يتدرب فيها المرتزقة على انواع السلاح، تحت إشراف خبراء اميركيين وفرنسيين وبريطانيين.
 وجملة القول، في هذه المسألة، أن حزب الله يوجد في كفة، وإسرائيل والغرب وأموال أمراء النفط ومرتزقتهم وشيوخهم ومفكرينهم في كفة. السوريون الذين يدافعون عن بلادهم يوصفون «بالشبيحة» وحزب الله «بالحليف المذهبي». في المقابل نلاحظ أن «قواعد المتمردين» في شمال لبنان تحظى بنوع من التسامح او بالاحرى بالحصانة تلك هي المعايير الغربية.


ينبني عليه ان مقاتلي حزب الله ذهبوا إلى سوريا ليتصدوا لمقاومة حلفاء اسرائيل. مثلما كافحوا الإسرائيليين في جنوب لبنان حتى سنة 2000. آنذاك كان قطاع كبير من اللبنانيين، يتفرجون، ويصفون المقاومة بأنها «عنتريات»، والبعض كان يرى انها «تجارة». ولكن جميع اللبنانيين والعرب معهم ابتهجوا في يوم التحرير وفي حرب تموز 2006. كان الحزب وحيدا في الحرب.. وكان خصومه وقحين وأصواتهم عالية.. ولكنه خرج منتصرا ولسان حاله يقول «تكلموا كما تشاؤون وافعلوا ما تريدون، انا الأقوى، لا تجبروني على إثبات ذلك»..


لم يمض وقت طويل حتى عاودوا إنتقاد حزب الله. بحجة ان المحتلين الإسرائيليين خرجوا من جنوب لبنان. أما الدفاع عن الوطن، بعد تحريره، فمسؤوليته تقع على عاتق الدولة اللبنانية وحدها. كأن الأخيرة شُفيت من عللها الطائفية ومن تأثير المافيات التي تمسك بدفتها. وبالتالي على حزب الله ومقاتليه أن يصفحوا أو ينسوا، رغم التضحيات الجسام، أداء هذه «الدولة» الشائن والمشبوه، في مواجهة غزو المستعمرين الإٍسرائيليين سنة 1982، ودخولها في مفاوضات معهم تمخضت عن إتفاقية17 أيار 1983.


الشهيد الحاج عماد مغنية بطل الأبطال وقائد الانتصارين الأولين على العدو في تاريخ الصراعكان واضحا، أن قطار الإستسلام للمستعمرين والعمل في المشاريع التي ينوون تنفيذها في الشرق الأوسط، قد إنطلق. وهذه مسألة تحتاج إلى تفاصيل لا يتسع هذا الموضع لها. وفي قناعة ربّان القطار ان للبنان موقعاً خاصاً في قطاره، نظرا إلى إحتمالية التأثير، انطلاقا منه على سوريا. لا حاجة هنا للتذكير، بالقرار الدولي الذي يطالب بخروج القوات السورية من لبنان، وإلى إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإتهام سوريا وحزب الله بارتكاب الجريمة.


ولما لم تؤت جميع هذه المحاولات الى صعود لبنان الرسمي إلى قطار «الإستسلام أو التطبيع»، لم يبق امام المستعمرين إلا الحرب. حاربوا حزب الله في تموز2006. فقتلوا وشردوا وهدموا، ولكن الحزب بقي. لذا لجأوا إلى آخر الحلول. ضرب سوريا وتدميرها، مباشرة، ظنا منهم أن باستطاعتهم، تقصير أمد الحرب عليها والوصول إلى أهدافهم بسرعة أكبر، تحت غطاء «الثورة من اجل الحرية والديمقراطية». ولكن صمود السوريين وجيش السوريين ومقاتلي حزب الله ودعم حلفاء سوريا، إيران وروسيا والصين، أغاظ المستعمرين. اليست مواجهة المستعمرين دفاعا عن سوريا جوهريا، امتداداً او استكمالاً لمواجهة الصهاينة في معارك حرب تموز2006. لتبقى العروبة.