29-11-2024 07:40 AM بتوقيت القدس المحتلة

«ميدان تقسيم».. أول هزيمة سياسية لأردوغان

«ميدان تقسيم».. أول هزيمة سياسية لأردوغان

انضم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى قائمة رؤساء الدول، الملوك في العالم الثالث، بتحميل الخارج مسؤولية ما يحصل في بلاده، واعتبار ما يجري من انتفاضة مجرد «مؤامرة»



    
    
محمد نور الدين

انضم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إلى قائمة رؤساء الدول، الملوك في العالم الثالث، بتحميل الخارج مسؤولية ما يحصل في بلاده، واعتبار ما يجري من انتفاضة مجرد «مؤامرة». وأكمل أردوغان بذلك موقفه التحقيري لقوى المعارضة بوصفهم باللصوص والمخربين.

وقد حاول أردوغان الإيحاء بأنه صامد لا يهتز أمام جموع الغاضبين في اسطنبول ومختلف أنحاء تركيا، وذلك بالإصرار على عدم إلغاء جولته المغربية. لكن التصريحات، التي صدرت من أكثر من مسؤول رفيع المستوى، ومن بينهم الرئيس عبد الله غول، عكست قلقاً من استمرار الاضطرابات وسعياً لتفهم مطالب المتظاهرين، والدعوة إلى معالجة المشكلة بتفهم وروية. ويطرح العناد الأردوغاني الباب مفتوحاً أمام احتمالات التصعيد بالرغم من أن الحركة الاحتجاجية حققت غرضاً أساسياً، وهو كسر صورة أردوغان وهيبته، واعتبار ما جرى هزيمة له لم يكن يتوقعها.

غير أن الأبرز كان تعليقات الصحف التركية، التي تحدثت عن انتصار المعارضة واستعادة «ميدان تقسيم» من الحكومة إلى حضن العلمانيين. وباستثناء مقالات محدودة فإن غالبية التعليقات عالجت أسباب الانتفاضة محملة أردوغان وسياساته مسؤولية الوصول إلى انفجار الوضع وتشويه صورة تركيا الخارجية.

وتحت عنوان «مقاومة ما بعد حداثية»، كتب جنكيز تشاندار في صحيفة «حرييت»، قائلاً «لم يغير أردوغان عادته في معاندة المقاومة التي ظهرت في تقسيم. لكن لغة الجسد عنده تغيرت. وانطفأت القدرة على التحكم بالنبرة أثناء الكلام»، مضيفاً «كان واضحاً التحسس بفقدان الكاريزما. من أي زاوية نظرنا فإن المنهزم الأكبر في أحداث اسطنبول كان رجب طيب أردوغان». وتابع «لم تخرج التحركات ضد قطع شجرة أو حتى ضد حزب العدالة والتنمية بل ضد أردوغان شخصياً. وتحول الاعتداء على المحتجين والفنانين والصحافيين إلى ردة فعل دخلت التاريخ على أنها انتفاضة اسطنبول التاريخية».

وبالنسبة لتشاندار «القضية هي أن شبّان المدينة من كل الفئات انفجروا من تحقير الحكومة لهم ومن الضغط على نمط حياتهم فاجتمعوا وقالوا لأردوغان: وان مينيت (أي دقيقة واحدة وهي الكلمة التي رفعها أردوغان في وجه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مؤتمر دافوس في كانون الثاني العام 2009)».

ووفقاً لتشاندار «لقد تعرض أردوغان للمرة الأولى خلال عشر سنوات لهزيمة، وفي قلب مدينته بالذات. اسطنبول التي شعرت بأن أوكسجين الحرية قد انقطع عنها ثارت في وجهه، وقالت له: وان مينيت. هذه هي القضية».
وفي صحيفة «راديكال»، كتب اوزغور مومجو أنه قبل انتخابات العام 2002 أسدى أردوغان لابنه بلال نصيحة جاء فيها «لا تكن مغروراً». لكن بعد وصوله إلى السلطة لم يطبق هذه النصيحة.

وبحسب الكاتب في «ردايكال» فإنه «كيفما أطلقنا اسماً على النظام الجديد في تركيا فهو نظام رجب طيب أردوغان. وهو يتحمل كل المسؤولية. لكنه والمحيطين به يبحثون عن المؤامرة، بينما الجميع في الساحة، لاعبو كرة القدم، والفنانون، وأساتذة الجامعات، وربّات البيوت، ونادلو المقاهي، والأكراد، والقوميون». وبالنسبة إليه فإن «المسؤول عن التعامل بقوة مفرطة مع المحتجين هو البوليس الإرهابي والسلطة المتعجرفة. لقد حانت لحظة تذكير أردوغان بنصيحته لابنه: لا تكن مغروراً».

وتحت عنوان «كفى»، كتبت صحيفة «أقشام» أن ادعاءات كثيرة ظهرت حول ما حدث في «ساحة تقسيم» وفي كل تركيا. لكن المتظاهرين خرجوا ليقولوا «كفى» لمصادرة حقوق الخمسين في المئة التي لم تعط أصواتها لأردوغان.
«كسر هؤلاء حاجز الخوف وطفح الكيل معهم فخرجوا ليحموا حرياتهم وقيمهم العلمانية، خرجوا احتجاجاً على بيع المال العام وتحويل المدن إلى مراكز تجارية. خرجوا ليقولوا لأردوغان كفى»، وفقاً لـ«أقشام».

قدري غورسيل في صحيفة «ميللييت»، وتحت عنوان «رسالة المحتجين»، اعتبر أن «هدف المحتجين ليس إسقاط حكومة رجب طيب أردوغان، الذي جاء إلى السلطة بنسبة 50 في المئة، لكن رسالة الشارع إلى السلطة هي أنه لا يمكن إدارة البلاد في وقت تُحتقر فيه الـ50 في المئة التي لم تمنحه (أردوغان) أصواتها، بل يعتبرها لا شيء». ويتساءل الكاتب «هل وصلت الرسالة؟»، ليجيب «لا نعرف سنرى ذلك في الأيام المقبلة».

لقد أظهرت انتفاضة الشارع التركي أن مدة سياسة الاستقطاب، التي انتهجتها الحكومة، قد انتهت. وكما انعكست سياسة الحكومة تجاه سوريا توتراً، وعدم استقرار في الداخل، ما اضطر الحكومة إلى تغيير جوانب منها، يتحتم عليها اليوم تغيير سياستها في المسائل الداخلية. وبالنتيجة من الممكن القول إن أردوغان ذاق أول هزيمة له في حياته السياسية.

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه