يحمّل مقرّبون من الرئيس تمام سلام الرئيس فؤاد السنيورة وحزب الله مسؤولية مشتركة في عرقلة تشكيل الحكومة. أمل أيام التكليف الأولى يتلاشى شيئاً فشيئاً، على وقع الحرب السورية الكبرى
فراس الشوفي
يحمّل مقرّبون من الرئيس تمام سلام الرئيس فؤاد السنيورة وحزب الله مسؤولية مشتركة في عرقلة تشكيل الحكومة. أمل أيام التكليف الأولى يتلاشى شيئاً فشيئاً، على وقع الحرب السورية الكبرى.
قد يكون الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، اللبناني الوحيد الذي يحمل همّ حكومة، لم يكتب لها الولادة حتى اللحظة. من القصير إلى طرابلس، لا يكترث أحد بأن ساكن السرايا الحكومية الحالي الرئيس نجيب ميقاتي هو رئيس تصريف أعمال، ما دامت الأعمال تُصرَّف، والبلد يَئنّ على جبهتين.
قبل قانون التمديد للمجلس النيابي الحالي، ترنّحت الحكومة شهراً بين التمديد وإجراء الانتخابات، وسلام يتّكئ بخدّه على كفه، بانتظار الفرج. أتى فرج التمديد، ليدخل البيروتي الحالم بإعادة مجد آل سلام في مهلة انتظار قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون التمديد، من عدمه، وما زال خدّه على كفّه.
غداً، يُتمّ سلام شهرين كاملين من عمره رئيساً مكلّفاً لتشكيل حكومة ما بعد القصير. قضى ثلاثة أرباعها على كرسي الاحتياط، منتظراً أن يتّفق المتخاصمون على التمديد، أو يختلفوا، ثمّ على قبول الطعن، أو رفضه.
شعلة الأمل التي أعادت الحياة إلى بيت هادئ في المصيطبة، تخفت شيئاً فشيئاً. قد لا يعود المهللون للبيك ابن البيك إلى الدار مجدّداً. والصور، واللافتات وابتهاجات البيروتيين الأصليين كلها سراب؟ ماذا عن دلالات حضور الوزير جبران باسيل في كنف ممثّل السعودية في بلاد الأرز؟ وابتسامات السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري على شاشة تلفزيون المنار؟ كلّها لم تعد تجدي نفعاً، ثمّة ما يشير إلى أن الحكومة «لن تولد».
«كان لدى اللبنانيين فرصة بتشكيل حكومة هادئة تشرف على الانتخابات أو تدير الصراع في البلد»، وتبقيه خارج الحدود، على قاعدة «من يريد أن يقاتل فليقاتل في سوريا». هكذا يقتنع المقرّبون من سلام، وهذا ما يبقي الأمل حياً في أن يتمكن «السلاميون» من المباركة لبيكهم بالرئاسة الثالثة.
هل فعلاً تريد أطراف الصراع حكومة؟ هذا ليس ثابتاً، يقول المقرّبون من سلام حائرين: «من الواضح أن لا أحد يريد تشكيل حكومة جديدة قبل وضوح ما في المنطقة، لكنّهم يتلطّون ويعلنون غير ما يضمرون».
تعبيد طريق سلام بالصعوبات لا يبدأ من القصير برأي «السلاميين»، بل من «السادات تاور». هناك، حيث ينصّب الرئيس فؤاد السنيورة نفسه «وليّاً فقيهاً لأهل السنّة، يكفّر من يشاء، ويكافئ من يشاء». وتماماً، كما في القضاء والإدارة والسياسة، «أعلن السنيورة أنه أمير المؤمنين أيضاً في عرقلة تمام بيك، ولم يترك عصا إلّا مدّها في دواليبه». لا شكّ في أن السنيورة يذرف دمعاً على الرئيس رفيق الحريري أكثر من نجله الرئيس سعد الحريري، «هل يعتقد أن غزارة دموعه تخوّله أن يرث الحريري سياسياً؟».
العلاقة بين الرئيس سعد الحريري وسلام لا تحتاج إلى وسيط، «وهي علاقة أكثر من جيّدة». كيف يعرقل السنيورة إذاً؟ «يتولّى السنيورة إقناع الأميركيين بعدم الضغط لتشكيل الحكومة وأخذ وقتهم؛ لأنه هو الوحيد القادر على تشكيلها، ثمّ يروّج لنظريّته هذه عند الرئيس نبيه برّي».
حزب الله أيضاً لا يريد حكومة جديدة، هكذا يستنتج المقرّبون من سلام. يعلن حزب الله أنه حريص على الاستقرار اللبناني، ومنع النار السورية من الوصول إليه، وفي المقابل، «لا يسهّل عمل سلام قيد أنملة، ولا يتخلّى عن حقيبة واحدة من حقائب حلفائه».
يرى «السلاميون» أن على حزب الله التنازل في أمور كثيرة تتعلق بالحكومة، لكي يسهل عمل الرئيس المكلّف، وإعادة خلق تعددية سنية، «هذا من مصلحتهم». لكن الحزب، دائماً بحسب المصدر، بدل أن يساعد سلام يحاسبه على الكلمة، ومثال على ذلك ما قاله في حلقة «كلام الناس» بعد تكليفه بقليل أنه يدعم خيار الشعب السوري. «أين المشكلة يا أخي؟ (الرئيس السوري) بشار الأسد يقول إنه مع الشعب السوري. في الموضوع اللبناني، قال سلام إن حزب الله في لبنان هو مقاومة دافعت عن لبنان وأنجزت التحرير، وفي اليوم التالي عمد أحدهم إلى إرسال رسالة اعتراض له بتمزيق صورة له في الطريق الجديدة. ألا يكفي؟ ماذا يريدون من البيك؟ أن يسكن في حارة حريك؟».
على وقع اجتماعات المجلس الدستوري هذا الأسبوع، سينتظر «السلاميون» من جديد. إن قبل المجلس الطعن، يعني أن الحكومة المنتظرة ستعود حكومة انتخابات في الأشهر المقبلة، وإن لم يقبل الطعن، فستصبح حكومة الوحدة الوطنية حاجة إلى تحييد لبنان عن الحرب السورية. في كلتا الحالتين لا يستبشر المقربون من سلام خيراً، الخيار الأول فيه صعوبة «لأن لا أحد يريد الانتخابات باستثناء (النائب) ميشال عون، وفي الخيار الثاني إن اتفقوا على الثلث المعطّل، فسيختلفون على توزيع الحقائب».