يعرب عدد من المحللين عن الخشية من هروب الاستثمارات الاجنبية من تركيا مع تواصل الحركة الاحتجاجية المناهضة لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان
يعرب عدد من المحللين عن الخشية من هروب الاستثمارات الاجنبية من تركيا مع تواصل الحركة الاحتجاجية المناهضة لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان لليوم العاشر على التوالي. ويقول الصراف شاهين اوزغيتنكايا من مكتبه في اسطنبول ‘لا يوجد اي اقتصاد في العالم يمكن ان ينمو في الفوضى’.ومنذ بدء المواجهات في ساحة تقسيم بين المتظاهرين وعناصر الشرطة في الحادي والثلاثين من ايار/مايو وصاحب محل الصيرفة هذا الواقع على مقربة من ساحة تقسيم في اسطنبول لا يخفي تشاؤمه. فقد تراجع عمله نحو 66 بالمئة عما كان عليه قبل اندلاع الاحداث.
وقال اوزغينتكايا (53 عاما) بحسرة ‘الجميع سيتأثر بهذه الاحداث، من المصارف الى الاسواق المالية الى العمال واخيرا اصحاب العمل’. وكانت بورصة اسطنبول الاولى التي تفاعلت مع الاحداث. وفور استئناف عملها الاثنين الماضي بعيد بدء الاحداث تراجعت بنسبة كبيرة تجاوزت عشرة بالمئة. ومع ان البورصة عادت ولملمت جراحها وتحسن اداؤها، فان المحللين باتوا يتساءلون اليوم حول احتمال بدء هروب المستثمرين الاجانب الذين كان لهم الدور الاساسي في تنشيط الاقتصاد التركي الذي حقق نسبة نمو ممتازة.
وقال نيل شيرينغ من شركة كابيتال ايكونوميكس في لندن ‘ان الخوف هو من استمرار الاضطراب السياسي والامني لفترة طويلة ما قد يؤثر على ثقة المستثمر ويدفعه الى سحبها.’ وكانت تركيا شهدت بعد وصول حزب الحرية والعدالة الى السلطة عام 2002 استقرارا اعقب فترة طويلة من الخضات السياسية كانت تتخللها تدخلات مباشرة للجيش في الحياة السياسية.
وبعد الازمة المالية التي عصفت بالبلاد عام 2001 دخل الاقتصاد التركي مرحلة تزايد النمو ووصوله الى اكثر من 8′ عامي 2010 و2011 ما اتاح مضاعفة اجمالي الناتج الوطني على اساس الفرد ثلاث مرات.
ويعتبر اردوغان ان النمو الاقتصادي السريع الذي تحقق في عهده وانتقال المجتمع التركي الى مجتمع استهلاكي كبير هما من اهم انجازات حكمه. ولم يتردد في تحميل ‘ارهابيين’ مسؤولية الاحداث الاخيرة معتبرا انهم مدفوعون من الخارج.
ومما قاله اردوغان الجمعة ‘لقد حققنا تقدما عبر البناء والانتاج وتعزيز قوة تركيا. وقد وصلنا الى ذلك رغم لوبي نسب الفوائد’ مضيفا ‘يعتقدون انهم سيكونون قادرين على تهديدنا عبر المضاربة في الاسواق، الا ان عليهم ان يعرفوا اننا لن نسمح لهم بان يتغذوا من عرق هذه الامة’.
ولا يخفي محللون ماليون خشيتهم من هذا الخطاب المتشدد لاردوغان. وبعد كلمة نارية القاها الخميس في تونس تراجعت بورصة اسطنبول نحو 5′. وفي اليوم التالي عندما استخدم لهجة تصالحية عادت البورصة وتحسنت.
وقال دنيز تشيشيك من مصرف فايننس بانك ‘ان خطابه المتشدد احدث خيبة امل في اوساط المتعاملين في الاسواق’ مضيفا ‘ان تمسك اردوغان بموقفه المتشدد هذا قد يؤدي الى ضرب الاستثمارات في البلاد خصوصا في حال حصل اي تدخل عنيف من قبل الشرطة ضد المتظاهرين’.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف يوم الجمعة ان ‘انعكاس التظاهرات على الاقتصاد لا يزال ضعيفا’ ولا يؤثر على التصنيف الحالي لتركيا الذي هو ‘بي بي بي’ في مجال الاستثمار. وكان وزير الداخلية معمر غولر قدر الخميس الماضي الخسائر الاقتصادية لحركة الاحتجاج حتى الان بنحو 70 مليون ليرة تركية اي نحو 37 مليون دولار، وهو مبلغ بسيط جدا مقارنة باجمالي الناتج الوطني التركي البالغ 770 مليار دولار. الا ان وكالة فيتش حذرت السلطات التركية. وقالت ان ‘كل شيء يبقى مرتبطا بطريقة تعاطي السلطات مع المتظاهرين، وفي حال حصل تدهور فان الوضع قد ينعكس سلبا على الاقتصاد’.
ويقول عثمان ايرين (33 عاما) من مكتبه في اسطنبول ان على اردوغان اعادة النظام الى البلاد. ويضيف ‘دعمت المتظاهرين خلال اليومين الاولين اما الان فقد تغير الوضع. وفي حال تواصلت الاضطرابات فسيفقد الناس وظائفهم’ مضيفا ‘اريد الان من الشرطة ان تبعد المتظاهرين عن الساحة، ان مستقبلي اليوم بات في الميزان’.
على صعيد آخر يقول تجار وشركات تعمل في اسطنبول انهم بدأوا يشعرون بتأثير الاضطرابات مع ابتعاد السياح عن المنطقة الى حد بعيد. كل يوم تملأ حشود كبيرة من المتظاهرين المناهضين للحكومة ساحة تقسيم بينما يحتل محتجون متنزه جيزي القريب منها منذ 31 ايار/مايو في اسوأ اضطرابات سياسية تشهدها تركيا منذ عشرات السنين. وتحولت حملة بدأت سلمية ضد إعادة تطوير حديقة جيزي في ميدان تقسيم إلى غضب لم يسبق له مثيل على ما يقول محتجون انه تسلط رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية، وانقلب الاحتجاج الى اسوأ اعمال شغب منذ عشرات السنين.
وتحدى آلاف المحتجين دعوة اردوغان الى انهاء الاحتجاجات على الفور واشتبك المتظاهرون مع شرطة مكافحة الشغب.
واستخدمت الشرطة خلال الاحتجاجات في الأيام الاولى مدافع المياه وقنابل الدخان لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها الحجارة.
وتسد الحواجز الان اغلب الطرق المؤدية الى تقسيم ولا تزال الحافلات والمركبات المحترقة رابضة في المنطقة.
وقالت شركات محلية ان السائحين لا يزالون يحجمون الى حد بعيد عن زيارة المنطقة بعد اسبوع من الاحتجاجات وان اعمالهم تضررت بذلك.
وفي فندق ايترنو قال مدير المبيعات يونس جيكريكجي ان 45 في المئة من الحجوزات لهذا الاسبوع الغيت. واضاف ‘تلقينا بسبب ذلك بعض الالغاءات تصل الى 45 في المئة. هذه الالغاءات للايام العشر المقبلة لكن خلافا لذلك بقية الحجوزات لا تزال على ما يرام.’ وقال حكمت بايران مالك مطعم (إيه بلس) ان عدد السائحين انخفض وانه متشائم بشأن المستقبل. واضاف ‘خسرنا بالفعل بعض الزبائن. لدينا بعض الزبائن لكن ليس بالعدد المفترض.. اقل كثيرا من عدد السياح الذين ارتادوا المطعم في نفس الوقت العام الماضي. وانا متأكد اننا لن نرى ذلك العدد مرة اخرى قريبا.’
واشتبكت الشرطة مدعومة بالمركبات المدرعة وطائرات الهليكوبتر مع مجموعة من المحتجين وسقط ثلاثة قتلى ونحو اربعة الاف مصاب بينما يحتشد الاف من معارضي اردوغان سلميا في تقسيم كل ليلة. وزاد السائحون والمارة أعداد المحتجين المعتصمين في مخيم في متنزه جيزي وهو زاوية تحيطها الاشجار بساحة تقسيم حيث ينام النشطاء في خيام او حافلات تعرضت للتخريب او يلتحفون أغطية تحت الاشجار.