بفجر الخامس من حزيران سيطر الجيش العربي السوري على القصير واعادها لحضن الدولة السورية بعملية نوعية لم تخرج كافة تفاصيلها؛ الا ان العنوان الرئيسي لها هو الاحترافية بالتنسيق والتكامل مع حزب الله
مهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوفييتي جوزيف ستالين، مهما كانت وجهة نظرك السياسية تجاه الاتحاد السوفييتي وطبيعة حكمه طوال مسيرته موافقا له او معارضا الا انك لا تملك سوى الانحناء اكراما وتقديرا للجيش الاحمر والشعب السوفييتي وتضحياته بمواجهة جيش النازية الهتلرية بمعركة ستالينغراد.
سائد العزة عمان الاردن / جريدة القدس العربي
تلك المعركة التي شكلت نقطة تحول في مسير الحرب العالمية الثانية، وادت الى انكسار الجيش الالماني واندحاره بعد معركة استمرت دون توقف ولو لدقيقة واحدة لمدة 180 يوم، قدم فيها أهالي المدينة وجيشها اسمى صور التضحية والبطولة الانسانية في الدفاع عن أرض الوطن ضد الغزاة، لتصبح المدينة بعد انتهاء الحرب محجا للزوار من كل العالم قادمين لاستلهام روح الصمود والتحدي والوطنية التي لم تنقذ المدينة فقط وانما انقذت البشرية وحضارتها من همجية هتلر ومشروعه المدمر.
ومهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوري بشار الأسد وبطبيعة الحال السيد حسن نصرالله فانك لا تستطيع انكار انجازات الجيش العربي السوري وتضحيات افراده وبطولة الشعب السوري وحزب الله بصمودهم الاسطوري على مدى أكثر من عامين بحربهم ضد الارهابيين من جبهة النصرة والقاعدة ومشروعهم الممول من دول اقليمية وعالمية الرامي لاسقاط الدولة السورية ، تلك القوى الارهابية التي دخلت الأراضي السورية بتمويل اجنبي لتسرق حركة الاحتجاج بداخل الشعب السوري ومطالبه الاصلاحية نجحت بخطف القيادة واصبحت الطرف الاساسي بالصراع مع النظام والجيش والشعب السوري.
هذه القوى ومكونها الاساسي من المقاتلين الاجانب القادمين لسورية من شتى انحاء العالم؛ نجحت باحتلال مدينة القصير منذ أكثر من عام، هذه المدينة التي تقع على مفصل الطرق الواصل بين سورية ولبنان لتصبح المدينة فاصل بشري وجغرافي يقطع التواصل بين الجيش العربي السوري وحليفه على الحدود اللبنانية من مقاتلي حزب الله وبنفس الوقت مصدر للامداد العسكري واللوجستي للمعارضة، لذا اتت معركة القصير كمعركة مصيرية باعتراف جميع المحللين العسكريين والسياسين فالنصر والحسم لاحد الطرفين عسكريا يصب سياسيا في المفاوضات بين الروس والامريكان بجنيف 2.
بفجر الخامس من حزيران سيطر الجيش العربي السوري على القصير واعادها لحضن الدولة السورية بعملية نوعية لم تخرج كافة تفاصيلها؛ الا ان العنوان الرئيسي لها هو الاحترافية بالتنسيق والتكامل بين عناصر الجيش العربي السوري والمقاتلين من حزب الله، وبالمناسبة لا داعي لاستنكار تدخل حزب الله ومشاركته بالقتال لا سيما اذا ما عرفنا ان من بين جبهة النصرة مقاتلين من معظم الدول العربية والاوروبية وكندا واستراليا والسبب الاخر انه وبعد الاعتداء ‘الاسرائيلي’ الاخير على سورية في الشهر الماضي كان الرد السوري متطابقا مع رد حزب الله وهو تغير قواعد الأشتباك مع العدو الصهيوني بمعنى ان ما كان محظورا على الدولة السورية نتيجة لاتفاق التهدئة بعد حرب تشرين بالعام 1973 لم يعد كذلك فأعلنت سورية دعمها اللامحدود لحزب الله واعلن السيد حسن نصرالله دعمه للمقاومة السورية.
نعم وكما حال ستالينغراد هو حال القصير مدمرة البنى والبنيان ولايخلو بيت او عمارة من اثار قذيفة او انفجار لغم، ولاتخلو عائلة من شهيد او جريح نزف دمه على ارضها لكن وكما نهضت ستالينغراد ستنهض القصير من تحت الرماد لتصبح حمص أجمل وسورية الاجمل.
انتصار الدولة السورية بجيشها وشعبها وقيادتـــها بالقصـــــير هو نصر لحلفاء سورية في ايران الشيعية والصين الشـــــيوعية على حد السواء، هو انتصـــــار للجناح العسكري السني لحركة المقاومة الاسلامية حماس على الجــــناح السياسي السني للحركة، هو انتصار للقوى والتيارات الشعبية والجماهير العــــربية التي لا ترى سورية سوى حرة الارادة والمشــروع خارج الاملائات العسكرية والاقتصادية والسياسية لحلف الناتو والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية..
هزيمة قوى الارهاب بالقصير هو هزيمة لاردوغان وحمد والحمدلله هزيمة لحملات التضليل الأعلامي وناشري الفتن المذهبية والطائفية بالمنطقة هزيمة لعالمية هذا الأعلام المتحكم به صهيونيا.