مواقف حكومة البحرين الأخيرة بادراج حزب الله على ما يسمى لائحة الارهاب، وملاحقة كل مواطن يتواصل معه، والترجيحات عن افتتاح مكتب تمثيل للكيان الاسرائيلي في المملكة
مواقف حكومة البحرين الأخيرة بادراج حزب الله على ما يسمى لائحة الارهاب، وملاحقة كل مواطن يتواصل معه ، والترجيحات عن افتتاح مكتب تمثيل للكيان الاسرائيلي في المملكة، لم تشكل صدمة للشارعين البحريني والعربي بشكل عام، إذ أن معالم الموقف الرسمي اتضحت فيما كشف عن تصالات وتصريحات لمسؤولين بحرينيين في أكثر من محطة ، ليظهر في كل مرة أن مواقف النظام في وادٍ، وقلب وعقل الشعب في أي وادٍ تحل فيه المقاومة.
الملك البحريني: لدينا علاقات مع "إسرائيل" على المستوى الأمني والاستخباري
لا يتردد الملك البحريني في التعبير عن أي موقف استرضاء للكيان الاسرائيلي، هذا ما كشفت عنه وثائق سابقة لويكيليكس نُشرت سابقاً. فالبحرين تصنف نفسها في مقدمة المعسكر الأشد تحالفاً مع الولايات المتحدة الأميركية، وتعبر على لسان ملكها حمد بن عيسى آل خليفة عن جديتها في الدفع باتجاه "السلام مع اسرائيل، وعندها يمكننا جميعاً أن نواجه إيران" ، والكلام للملك البحريني.
يقول بن عيسى إن أميركا يمكنها الاعتماد دوماً على البحرين، ويصف جورج بوش الابن بالقائد العظيم، وأن ما فعلته أميركا في العراق سيبدّل وجه المنطقة.
وفي لقاء مع السفير الأميركي ويليام مونرو في القصر الملكي ، يفاخر حمد بن عيسى بأنه أعطى تعليمات لوزير الاعلام محمد عبد الغفار "ليعمل على ألا تشير البيانات والإعلانات الرسمية الصادرة عن الوزارة إلى إسرائيل كعدو أو الكيان الصهيوني"، مؤكداً أن "البحرين لديها علاقات مع إسرائيل على المستوى الأمني والاستخباري (أي الموساد)".
ولي العهد: شركاء مع "إسرائيل"
الوثائق نفسها تتحدث عن لقاء جمع ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة والرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز خلال مؤتمر دافوس الذي انعقد عام 2000، أكد له يومها أن "كل خطوة تتخذها إسرائيل في اتجاه الفلسطينيين، ستقابلها البحرين بخطوتين".
وفي برقية أخرى أشار ولي العهد إلى أنه أطلع وزير الخارجية الإسرائيلي حينها سيلفان شالوم على أن الدول العربية وكيان الاحتلال شركاء طبيعيون ضدّ ما وصفه بـ "التهديدات الإقليمية مثل إيران".
وفي مقال له نُشر لاحقاً في صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية، دعا سلمان بن حمد ال خليفة القادة العرب الى مخاطبة الاسرائيليين من خلال وسائل الاعلام الاسرائيلية ، قائلاً: "نحن العرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الاسرائيلي".
وأضاف "علينا ان نتقدم الآن نحو سلام حقيقي من خلال التشاور مع شعبنا وتوعيته وكذلك من خلال مد اليد الى الشعب الاسرائيلي لتسليط الضوء على فوائد السلام الحقيقي".
الخارجية البحرينية: على الولايات المتحدة أن تضمن مكافأة العلاقة مع "إسرائيل"
وفي الموضوع نفسه، يقول مساعد وزير الخارجية عبد العزيز بن مبارك آل خليفة إن على الولايات المتحدة أن تضمن للعرب الذين يقيمون علاقات مع الكيان الصهيوني المكافأة.
وكان وزير الخارجية خالد بن حمد التقى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني حينها على هامش مؤتمر الأديان في نيويورك في تشرين أول/ اكتوبر 2008، لقاء وفق ويكيليكس تكرر أكثر من مرة.
هذه المواقف الرسمية أتت بمجملها لتمهد لمواقف الحكومة البحرينية الأخيرة حول إدراج المقاومة في لبنان والمتمثلة بحزب الله على لائحة الارهاب، وتجريم التواصل معها وحصر مصالحها في البحرين إن وجدت!
سجل الشعب البحريني: مقاومة
المواقف الأخيرة لم تكن غريبة على السلطات البحرينية، إلا أنها لم ترق للشارع البحريني ، فأتت تغريدات الصحافي البحريني وسام السبع لتعبر عن حقيقة توجهات البحرينيين. وسام كتب في حسابه على تويتر: "لا اعرف ان لحزب الله مصالح في البحرين سوى محبة الناس .. فكيف ستكافحون هذه المصالح؟"
الشارع الخارج على نظامه لم يستطع أن يجد نفسه في خندق واحد يجمعه مع الموقف الرسمي. إذ يفخر البحرينيون بالتأكيد على أن التظاهرات الحاشدة لم تهدأ طيلة أيام العدوان الأخير على غزة عام 2012. وفي عدوان 2009 تطوع عدد من أطباء البحرين الذين اعتقلوا من قبل النظام البحريني في علاج جرحى العدوان الصهيوني في القطاع ، وكان منهم المعتقل في السجون البحرينية الدكتور على العكري، الدكتور نبيل تمام، والدكتورة رولا الصفار.
كما أن اسم الشهيد البحريني محمد جمعة الشاخوري لم يغفل عن الذاكرة البحرينية بعد أن أردته رصاصة مطاطية في الرأس أرادت تفريق تظاهرة نُظمت أمام السفارة الاميركية في المنامة في 5 نيسان/ أبريل 2002 استنكاراً للمجازر التي ارتكبها الصهاينة في مخيم جنين.
وللجزيرة الخليجية الصغيرة اسهامات في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ، كان منها الشهيد مزاحم عبدالحميد الشتر الذي قضى في 21 حزيران/ يونيو 1982 بعد تطوعه في صفوف الفصائل الفلسطينية التي قاتلت ضد اجتياح لبنان. والتاريخ يُسجل للشعب البحريني أنبل المواقف وأشرفها في دعم المقاومة والذود عنها، إذ ساهم أبناء الشعب في بناء المسجد الأقصى في الربع الأول من القرن العشرين، وقدمت لجنة اغاثة ايتام فلسطين الدعم للثورة الفلسطينية الكبرى 1939.
وعام 1947، خرجت التظاهرات الحاشدة رفضاً لقرار تقسيم فلسطين، كما انطلق من البحرين عدد من الفدائيين للمشاركة في حرب 1948. وإبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 سجل البحارنة موقفاً برمي موكب وزير الخارجية البريطاني آنذاك سلوين لويد بالحجارة.
ويُشار إلى أنه وبالتزامن مع العدوان الثلاثي شهدت البحرين مفاوضات بين هيئة الاتحاد الوطني المشكلة من كل اطياف المجتمع البحريني من جهة والعائلة المالكة (آل خليفة) والاستعمار البريطاني من جهة اخرى, وكانت المطالب تختص بالشأن المحلي ومشاركة عائلة ال خليفة في ادارة البلاد. وأتت احداث العدوان على مصر لتجمد المفاوضات فخرجت تظاهرات حاشدة ضد الاستعمار البريطاني ومناصرة لمصر، فقام النظام الرسمي آنذاك مدعوماً بقوات الاستعمار بقمع التحركات ونفي قادة الهيئة لخارج البلاد.
يوماً بعد يوم، تزداد السلطة البحرينية بُعداً عن شعبها في ما تنتهجه من سياسات داخلية وخارجية, وجاءت قرارات الحكومة الأخيرة وتصريحات مسؤوليها متنافرة مع شعب يفخر بأن عنوان سجله: "مقاومة".