بعد صدور قانون التمديد للمجلس النيابي اللبناني، جاء دور المجلس الدستوري للبحث بدستورية قانون التمديد، بعد تقديم كل من رئيس الجمهورية ونواب تكتل "التغيير والاصلاح" بمراجعتين حول ذلك.
بعد صدور قانون التمديد للمجلس النيابي اللبناني، جاء دور المجلس الدستوري حيث تقدم كل من رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان وبعض نواب تكتل "التغيير والاصلاح" النيابي وفي مقدمتهم رئيس التكتل النائب العماد ميشال عون بمراجعتين امام المجلس الدستوري طعنا بدستورية قانون التمديد.
هل المجلس الدستوري سيصدر قراره انطلاقا من خلفيات قانونية بحتة؟
وفيما يفترض ان يكون المجلس الدستوري برئيسه واعضائه قد انكب على البحث في تفاصيل وحيثيات هذا القانون والاسباب الموجبة له والمراجعتين المقدمتين امامه، بدأت التساؤلات في الشارع اللبناني عن التوجهات التي سيسلكها المجلس الدستوري، خصوصا في ظل ما طرح في بعض وسائل الاعلام عن ضغط يمارس من قبل السفارة الاميركية في لبنان عبر "تيار سياسي" للضغط على بعض اعضاء المجلس الدستوري لقبول الطعن بقانون التمديد، ومن ثم جاء تأجيل جلسة المجلس الدستوري التي كانت مقررة الاثنين لتزيد احتمالات صدقية ما نشر في وسائل الاعلام حول الضغط الاميركي باتجاه قبول الطعن لمنع التمديد للمجلس النيابي، والسير بقانون الستين واجراء الانتخابات على اساسه بحسب الرغبة الاميركية التي اعلنت عنها منذ البداية السفيرة الاميركية لدى لبنان مورا كونيللي.
فهل سيتجه المجلس الدستوري لاصدار قراره باعلان عدم دستورية قانون التمديد؟ وهل سيبطل "الدستوري" قانون التمديد كليا او جزئيا؟ وهل يجوز للمجلس ان يبطل القانون جزئيا فقط؟ ام انه سيؤكد دستورية هذا القانون ليكون التمديد نهائيا باتا؟ وماذا لو عدّل المجلس القانون، فهل قراره يصبح قانونا ام انه يجب العودة الى المجلس النيابي لاصدار قانون جديد؟ وهل المجلس الدستوري سيصدر قراره -ايا كان- انطلاقا من خلفيات قانونية بحتة ام سيكون هناك تأثيرات سياسية على هذا القرار؟
منصور: الخلافات السياسية هي التي تعطل المجلس الدستوري عن القيام بمهامه
حول كل هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى الخبير القانوني الوزير السابق ألبير منصور الذي اشار الى ان "الخلافات السياسية في لبنان اليوم هي التي تعطل المجلس الدستوري عن القيام بمهامه فيما يتعلق بالبحث في دستورية قانون التمديد"، ولفت الى انه "في وقت سابق تمَّ الاتفاق بين غالبية الافرقاء السياسيين في لبنان على التمديد للمجلس النيابي ولكن بعد ذلك يبدو انه حصل ضغط خارجي ما على بعض الافرقاء في لبنان خصوصا تيار المستقبل والقوات اللبنانية من قبل الولايات المتحدة الاميركية وبشكل اقل من قبل السعودية لتغيير موقفهما من موضوع التمديد"، واوضح ان "رد باقي الافرقاء اللبنانيين الذين وافقوا على التمديد لمجلس النواب كان بتعطيل جلسات المجلس الدستوري".
وقال منصور في حديثه لموقع قناة المنار إنه "في حال عدم إصدار المجلس الدستوري قراره حول دستورية قانون التمديد خلال مهلة شهر من تقديم أخر طعن له (اي الطعن المقدم من نواب تكتل الاصلاح والتغيير) يصبح قانون التمديد محصنا ضد اي إلغاء وبالتالي يصبح نافذا وواجب التطبيق"، واضاف ان "الخطير بالموضوع انه فيما لو صدر قرار المجلس الدستوري بعد 20 حزيران/مايو(موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي) فهنا نكون قد دخلنا في فراغ مميت للبلد ويعتبر قرار المجلس الدستوري وقتها جريمة بحق البلد".
منصور: نستغرب ألا يتأثر المجلس الدستوري بالضغوط السياسية
وحول امكانية ان يعدل المجلس الدستوري قانون التمديد جزئيا، أكد منصور ان "المجلس الدستوري إما ان يقبل او يرفض الطعن كما هو ولا مجال له كي يعدل جزئيا في القانون المطعون فيه فالمجلس اما ان يقول إن القانون دستوري وإما غير دستوري فقط"، واستغرب ان "لا يتأثر المجلس الدستوري في لبنان بالضغوط السياسية باعتبار ان هذا المجلس رغم انه اعلى سلطة دستورية في البلد إلا انه ابن هذه البيئة اللبنانية رغم كل الاحترام لاغلبية اعضاء هذا المجلس"، مشيرا الى ان "هذا الامر يوضّح ان الدولة في لبنان في حالة انهيار تام سواء على صعيد النظام او مؤسسات الدولة".
ولفت منصور الى إنه "اذا اعلن المجلس الدستوري عدم دستورية القانون خلال مهلة الشهر التي تلي اخر طعن مقدم فهنا يصبح القانون النافذ هو قانون الستين ويجب إجراء الانتخابات النيابية في أسرع وقت ممكن"، واضاف انه "يمكن هنا لمجلس النواب ان يؤجل اجراء الانتخابات لفترة وجيزة لاسباب تقنية تتعلق بانجاز كل التحضيرات اللازمة للانتخابات ويبقى القرار بعد ذلك للسلطة التنفيذية اي للحكومة ووزارة الداخلية".
وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة للبلد من مفاجآت على صعيد التمديد للمجلس النيابي، يبقى التذكير ان الولايات المتحدة الاميركية طالبت منذ بداية الحديث عن الانتخابات النيابية الحالية وقانون بضرورة اجرائها في موعدها وعلى اساس القانون النافذ اي "قانون الستين"، ورغم كل ما حصل من درس في اللجان النيابية ولجنة "التواصل حول قانون الانتخاب" وكل اللقاءات التي حصلت بين الافرقاء للبحث في "الارثوذكسي" ومن ثم "المختلط"، بتنا نرى ان "اليد الاميركية" في لبنان تعمل بجدّ في السر والعلن لتمرير ما تريده ولتطبيق رغباتها في كل المجالات، ليبقى هذا الامر برسم اللبنانيين والاطراف السياسية في لبنان.