28-11-2024 03:33 PM بتوقيت القدس المحتلة

نصب إلكترونيّ يسلب آلاف المصريين أموالهم وصداقاتهم

نصب إلكترونيّ يسلب آلاف المصريين أموالهم وصداقاتهم

راقت الفكرة لآلاف الأشخاص بسرعة رهيبة، بل أنهم نجحوا في إقناع آخرين بها، على اعتبار أنها باب ربح سريع، يضمن على الأقل 200 دولار شهرياً. وقع ضحيّة هذا الوهم أطباء ومهندسون وأكاديميون ومحاسبون وإعلاميون وحتى

نصب إلكترونيّ يسلب آلاف المصريين أموالهم وصداقاتهمفي إقبال محموم على شرِكَة وهميّة للتسويق الإلكترونيّ، وقع آلاف المصريين في شباك الكسب السريع، وخسروا ما يزيد على 280 مليون دولار.

بدأت الحكاية في منتصف 2012 مع عرض من شرِكَة تُدعى «غلوبال آد مارت» لفتح حسابات على موقعها الإلكترونيّ مقابل 500 دولار، مع وعد بحصول المشترك على 50 دولاراً أسبوعياً من أموال يفترض أنها تأتي من مُعلِنين.

راقت الفكرة لآلاف الأشخاص بسرعة رهيبة، بل أنهم نجحوا في إقناع آخرين بها، على اعتبار أنها باب ربح سريع، يضمن على الأقل 200 دولار شهرياً. وقع ضحيّة هذا الوهم أطباء ومهندسون وأكاديميون ومحاسبون وإعلاميون وحتى قضاة. وحكت س.ح (وهي محاسبة) قصّتها إلى جريدة «الحياة» قائلة: «بعد ثورة 25 يناير تردّت أوضاعي مالياً، خصوصاً بعد فقدان زوجي عمله في القطاع السياحي. وأحكمت الأزمة الاقتصادية قيودها. عندي ولدان في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وأدفع أكثر من نصف راتبي دروساً خصوصية لهما. ثم ظهر الأمل عندما عرضت علي زميلة أن أنضم إلى تلك الشرِكَة لأحصل على 200 دولار شهرياً، إضافة إلى عمولات كلما أقنعت أحداً بالانضمام إلى موقع الشركة.

لم يكن مطلوباً مني سوى مشاهدة 5 إعلانات أسبوعياً مدّتها خمس دقائق على الإنترنت. وبعد أن تقاضيت أول 200 دولار، فوجئت بأن الموقع اختفى. وفهمت أني كنت ضحيّة عملية نَصب إلكترونيّ. ولم يكن ممكناً أن أشكو زميلتي لأنها ضحيّة مثلي».
وشرح آخرون أن من الصعب فرز «الضحايا» من «النصابين» في هذه الخدعة الإلكـــترونيّة، إذ من المـــمكن اعتبار من انضم إلى تلك الشرِكَة الوهميّة «ضحيّة» لمن ســـبقه في الانضمام إليها، كما يعتبر «نصّاباً» في نظـــر من انجذب إليها. وهكذا تراكمت اتهامات الضحايا- النصّابين ضد بعضهم بعضاً أمام سلطات القضاء والشُرطة، فانهارت صداقات كثيرة، بعدما تـــبخّرت أوهام الأموال.


مقاهي الانترنت انتشرت سريعا في مصروأثناء انتشار الانضمام إلى تلك الشرِكَة، أسّس كثيرون مجموعات على «فايسبوك» لمتابعة مواعيد بث الإعلان الذي كان ينتظره المشتركون بفارغ الصبر. كانوا يتبادلون الشكاوى والمخاوف أحياناً، إضافة إلى فتاوى دينية حول الحلال والحرام في هذا النوع من النشاط. وزادت الشكوك عندما تعثّر ظهور الموقع لمدة أسبوعين. ومع اختفاء بثّ الإعلانات، شعر كثيرٌ من المشتركين بالخطر. إلا أن الموقع كان يضع على صفحته الرئيسية ما يهدئ أعضاءه، مدّعياً أن «التحميل الزائد» من جانب آلاف المشتركين أدى إلى «ضرورة تحديثه وتطويره»، بحسب كلمات الموقع. لم يكن ذلك إلا حيلة لكسب الوقت و... المزيد من الدولارات.

تفاقم الحال، على رغم ظهور أعراض ظاهرة النَصب على مدى أسابيع عدة، سواء عبر التعطّل المتكرّر للموقع أم تبدّل موعد بثّ الإعلانات من مرّة أسبوعيّاً إلى مرّة كل 10 أيام، وتحويل اسم الموقع من «كليك آد» إلى «غلوبال آد». وفي كلّ مرّة كان المشتركون يبتلعون الطُعم، وتزيد مخاوفهم من احتمال ضياع ما دفعوه. ولم يخطر ببالهم أنهم سيضطرون إلى ردّ كل عمولاتهم، بل مُضافاً إليها رؤوس أموالهم، وعلى نحوٍ ذكّر بسوابق كثيرة حاقت بمن سار وراء سراب الكسب السريع المتهاطل كأوراق الخريف من شجرة أحلام الثراء الإلكتروني.


نصب إلكترونيّ يسلب آلاف المصريين أموالهم وصداقاتهمومن الظواهر التي رافـــقت هذه الظاهرة من النَصب الإلكتـــروني، زيادة الإقبال على الاشتراك في خدمة الإنترنت مصــــرياً، من قِبَل من سعوا لمتابعة إعلانات الموقع، وانجراف شريحة كبار السن ممن ليست لهم عــــلاقة سابقة بالعـــالـــم الافتراضي، فوجدوا أنفسهم فجــأة ضحيّة مُكرِه الـــفائق الذكاء.

بصورة تــــبعث على الأسى، أبـــــدى كــــبار السن ردّ فعـــل متألّم حيال الخسارة، بل طالبوا من جرّوهم إلى الشركة المذكورة، بأن يعيدوا الأموال، خصوصاً أصحاب مقاهي الإنترنت الــــذين كانـــوا يتــولّون مشاهدة الإعلانـــات نيابة عن بعــض المشتركين، مـــقابـــل نسبة من الدولارات التي لم تأت أبداً.