28-11-2024 10:27 PM بتوقيت القدس المحتلة

جبل عامل وجواره .. البلد الذي تدوم فيه "قيامة البنادق"

جبل عامل وجواره .. البلد الذي تدوم فيه

المسلسل يروي حقبة مجيدة لأجدادنا في بلادنا في جبل عامل والهرمل والبقاع "لا يمكن لأحد أن يلغيها من ذاكرة الناس". فرحات يقول إن ذاكرة جدته أصدق من بعض الكتب التي تصنف أبطال مثل أدهم خنجر بأنه لص..

مشهد من مسلسل قيامة البنادقيأتي "قيامة البنادق" على صدى تحولات جيوسياسية وثقافية كبرى تقوم في بلاد المشرق العربي، فيعمل المخرج الشاب السوري عمّار رضوان تحت ظل اسقاطات تاريخية كتبها بإبداع السينارست اللبناني محمد النابلسي، وانتاج مركز بيروت الدولي للإنتاج والتوزيع الفني، لتقدم روح توأمة مع حيثيات العصر الراهن، بأحداث وقعت في العام 1920 مع مواجهات لاضطهاد الإمبراطورية العثمانية من جهة ومع مقاومة محلية شرسة في وجه الاحتلال الفرنسي، الذي قدم إلى المنطقة بوفاق اتفاقية سايكس بيكو التآمرية الشهيرة بتقسيم الوطن العربي إلى دويلات من جهة أخرى.


يروي المسلسل المرتقب عرضه في شهر رمضان المبارك، على شاشة قناة المنار، أحداثا من حقبة العام 1920، الذي عرّف أنه عام التحول السياسي في حياة المشرق العربي، وشكّل في هذا السياق عام الحسم بالنسبة لعلاقة جبل عامل بجواره وخاصة بجبل لبنان. وهو عام تصفية الكيان الذاتي الذي كان قد كسبه جبل عامل ابتداء من سنة 1749 وذلك بقيام دولة لبنان الكبير.
في صورة فنية جمعت بين الدراما والوقائعية، يبرز مسلسل "قيامة البنادق"، كيف وقف العامليون بصلابة مع الحركة العربية في العام 1916 - 1920 وتابعوا عصاباتهم المقاومة ضد وجود "الحلفاء" وضد مشاريعهم السياسية لتقسيم سوريا الكبرى، بقيادة صادق الحمزة وأدهم خنجر.


"قيامة البنادق" دراما تاريخيّة يعتمد في أحداثه وشخصيّاته على وقائع حقيقيّة متضمّناً خطوطا دراميّة افتراضية لضرورات البناء الدّرامي والتّشويق، ومكان الأحداث هو قرية المالكيّة وانطلاقا منها إلى فلسطين والجولان ودمشق وبيروت وصولا إلى الأردن، بحيث يتّخذ من تلك الحقبة نقطة ارتكاز، تتمحور حولها بقيّة الأحداث للارتباط الجوهريّ فيما بينهما.


مشهد من مسلسل قيامة البنادقحكاية المسلسل تنطلق من قيام حامد (مازن معضم) أحد شبان المالكية بقتل جندي تركي أثناء تصادم بينهما في أحد أطراف القرية. بعدها، يفرّ حامد من القرية بينما تلقي القوات التركية القبض على خطيبته سعاد (السا زغيب) التي تعمل مع رفيقتها عليا (بولين حداد) ابنة أبي حيدر ـــ أحد أعيان المالكية ـــ على تهريب الأسلحة إلى الثوار من شبان القرية. يظن أهل القرية أنّ سعاد هربت مع حامد. وبينما تكون سعاد قيد الاحتجاز وتخضع للتحقيق في سرايا مرجعيون، نتعرف من خلال الأحداث الموازية إلى عوائل القرية الرئيسية كعوائل أبي سالم (نعمة بدوي)، وأبي مالك (جان قسيس)، وأبي نعيم، ووائل بك (أحمد الزين)، وعاطف وقبل كل هؤلاء عائلة أبي حيدر الذي سيشكل أبناؤه الأربعة حيدر وعباس وزهير وحمزة خطوط الربط مع ثوّار جبل عامل مثل محمود بزي، وأدهم خنجر، وصادق حمزة وثوار المناطق الأخرى كملحم قاسم في البقاع، وأحمد مريود في الجولان، وسلطان باشا الأطرش في جبل العرب، والسيد عبد الحسين شرف الدين المرجع الديني والسياسي للثوار في جبل عامل. كل ذلك إثر تشتت العائلة بعد فتنة يقوم بها سمعان اليهودي أحد منسقي عملية الهجرة اليهودية إلى مستعمرة «الخالصة» المحاذية للمالكية.

الممثل نعمة بدوي : المسلسل سيحدث صدمة عند الجمهور
الممثل نعمة بدوي في موقع التصوير مع زينب الطحان مراسلة موقع المنارالممثل اللبناني المخضرم "نعمة بدوي" يقول لموقع المنار، إن حلمه تحقق أخيراً بانجاز هذا النوع من الدراما، فقد كانت دائماً العقبة الأولى من يتبنى أو يسوق لدراما "مقاومة". "وهي مسؤولية تاريخية، تساعدنا على كتابة التاريخ الناصع لأبطال بلادنا المقاومين". ويرى بدوي أن المسلسل سوف يحدث صدمة لدى المتلقي الذي اعتاد على قراءة مغايرة لتاريخ يصوّر مجاهدي جبل عامل بأنهم قطاع طرق ولصوص. "وما أشبه أمس باليوم، أليس هذا ما يقولونه عن مجاهدي المقاومة بأنهم إرهابيون؟!.. فيجب علينا تصحيح تاريخ الماضي لنحافظ على ناصعة مجد اليوم". ويتابع بدوي:"..نحن شعب بالسليقة مقاوم.. فالقاء الضوء بهذا الشكل وإعطاء الصورة الحقيقية لهذا الجيل ضروري، كي يتعرفوا الحقيقة .. وليروا صورة مشرّفة عن تاريخنا المشرق .. لقد كانوا أصحاب حق وأناسا طيبين يدافعون عن أرضهم وحقوق الناس المضطهدة والمسروقة والمسلوبة من أراض ومملتكات وحريات .."


وعن دوره في المسلسل يقول نعمة بدوي إنه يؤدي دور مزارع قطن بسيط يدعى "أبو سالم" وكان من مؤيدي "البيك التركي (أحمد الزين)، يقف على الحياد ويخاف المشاكل، ولكن مع وقوع أحداث دراماتيكية وبعد مقتل ابنه في ظروف غامضة، تنقلب أموره وتتضح له الحقيقة ويتحول إلى خط المواجهة ضد البيك والاحتلال".

الممثل عمّار شلق : إننا شعب يعيش تاريخاً يعيد نفسه
الممثل عمار شلق في موقع التصوير مع مراسلي موقع المنار محمد علوش وزينب الطحانالممثل القدير عمّار شلق، يؤدي شخصية "منذر" أو كما يلقبونه في المسلسل"القرموش" أي "القبوط"، وهو رجل لا يكلّ ولا يهدأ يكون شغوفاً بتحصيل المال أياً كان مصدره، لذلك يقبل بالعمالة للأتراك ومن ثم للمحتل الفرنسي، ولكن مع تقدم الاحداث تتعرض الشخصية لتحول كبير، وتدرك ما معنى حب الوطن والوفاء والمقاومة. وهو دور جديد بالنسبة إلى "شلق" يشكر مركز بيروت الدولي على إعطائه هذه الفرصة ليثبت نفسه مجددا ممثلاً قادرا على أداء جميع الأدوار ، حيث يقفز من الدراما إلى الكوميديا السوداء ثم إلى الميلودراما "لقد تمكنت من فتح العديد من الغرف المغلقة بداخلي بفضل هذا الدور". وهنا هو يثني على المخرج رضوان، الذي يتعامل معه لأول مرة، حيث يعمل "بعين حلوة وشفافة"، كونه مخرجاً مثقفا وحساساً، "وإن شاء الله سوف تشاهدون عملاً رائعاً يتميز بروح جديدة من الإخراج".


مجموعة من ممثلي قيامة البنادق في موقع التصويريرى عمّار شلق أننا شعب يعيش تاريخا يعيد نفسه، "نحن مكتوب علينا في هذا البلد أن نقاوم جيلا بعد جيل، نظراً لتركيبة البلد الديموغرافية وموقعه الجغرافي الاستراتجي في المنطقة، حيث تبقينا دائما على خطوط المواجهة إذا صح التعبير. ونص الكاتب محمد النابلسي في "قيامة البنادق"، ذكي وعميق يدخل على التاريخ ويضيء على شخصيات تاريخية لأبطال نختلف نحن جيل اليوم على توصيفهم. فهناك من يعتمد توصيف الاحتلال الفرنسي بأنهم "قطاع طرق" مثلما يختلفون اليوم حول تسمية المقاومة، ولكن المؤكد أنهم حسب عرف كل قوانين العالم جماعة أبطال لأنها خرجت لتقاوم الاحتلال .. "..


ويرى شلق أنه من الرائع اليوم أن نجد مركزا فنياً ثقافياً يهتم بهذا النوع من الانتاج الدرامي، لأنه يساهم بشكل كبير في تثقيف الأجيال الحالية حول ماضي أجدادها، "لأن الثقافة في عصرنا الراهن أصبحت بصرية مشاهداتية إن صح التعبير، تسهّل وصول المعلومة إلى المتلقي".

الممثل حسن فرحات : "قيامة البنادق" يعيد الاعتبار لمقاومين شرفاء
اعتدنا على رؤية الممثل البارع حسن فرحات في أدوار مختلفة في السنوات الأخيرة من مسيرته الفنية، من عميل كبير في أكثر من عمل درامي، إلى دور مقاوم ثائر سوف نشاهده في "قيامة البنادق"، هل ترى أنه يمكن أن تغيّر الدراما قناعات بعض الناس حول حقائق تاريخية؟...


الممثل حسن فرحات في موقع التصوير مع مراسلة موقع المنار زينب الطحانفرحات لا يرى أن مهمة الدراما تغيير قناعات الناس، بل مهمتها المحافظة على ذاكرة الناس باستحضار التاريخ وأحداثه. والمسلسل يروي حقبة مجيدة لأجدادنا في بلادنا في جبل عامل والهرمل والبقاع " وهذه مرحلة مجيدة لا يمكن لأحد أن يلغيها من ذاكرة الناس". ويقول إن ذاكرة جدته أقوى وأصدق من الكتب التي تصنف أبطال مثل أدهم خنجر بتهم باطلة، فهو ما يزال يذكر قصصها له حين كان صغيرا، كانت تحكي بفخر واعتزاز كيف كان خنجر ومن معه يلقنون المحتل دورسا في المقاومة والتحدي.. من هنا "ذاكرة الناس التاريخية هي البوصلة الحقيقية"، وهو سعيد اليوم بأنه أخيراً سنحت له فرصة تجسيد هذه الحكاية بالصوت والصورة لأجيال الحاضر كي يتعرفوا على أجدادهم وعلى الحقيقة كل الحقيقة.. "في هذا السياق نعم الدراما تعكس التاريخ وتصححه، مثلما حدث في الغرب مثلا في قصة روبن هود، عادت السينما وأنصفته بأنه كان نصير الفقراء ضد ملوك السلطة المستبدة وليس لصاً.".


ويرى أنه "نعم وفاق هذا المعيار "قيامة البنادق" يعيد الاعتبار لهذه الفئة من الناس التي أهملها التاريخ المكتوب بدعم من رجال السلطة وأهل المصالح والنفوذ .. فمن قال إنه لا يمكننا أن نروي تاريخنا بأنفسنا وعلى طريقتنا؟!.."

الممثل مجدي مشموشي : "الدراما المقاومة" ترسّخ قيم الشرف والكرامة
الممثل مجدي مشموشي في لقطة من مسلسل قيامة البنادقالممثل المخضرم مجدي مشموشي، الذي يؤدي دور "يوز باشا" التركي الذي يضطهد الأهالي ويتعاون مع الاحتلال الفرنسي، مقتنع إلى أبعد الحدود بتأثير الدراما على حياة الناس، وإنها نعم قد تغيّر بعض القناعات، "وتؤثر جداً في صناعة الرأي العام، لأنها تدخل كل دار، بدون استئذان، حتى دار العدو تنبش تاريخهم وتظهر بعض القضايا على حقيقتها رغم من كتب التاريخ وزوّر التاريخ لصالحه ولصالح لغة الاستعمار". ومسلسل "قيامة البنادق" يقول للجمهور إن هناك أناساً لا تذكرهم كتب التاريخ كانوا موجودين وكان لهم دور في تحرير البلد من المحتل الفرنسي وكانوا أبطالا.. ". ويؤكد أن "الدراما المقاومة" يخشاها العدو لآنها ترسخ قيم الشرف والكرامة الوطنية في النفوس، لذا يجب أن يكون إصرارنا عليها كبيراً ..".

الممثل أسامة المصري : "قيامة البنادق" أضخم انتاج لبناني تاريخي
الممثل أسامة المصري في لقطة من مسلسل قيامة البنادقالممثل أسامة مصري نتذكره في دور الشيخ عبد الكريم في مسلسل "الغالبون"، وفي فيلم سينمائي أدى دور قائد معسكر جنتي يدرب المقاومين والشباب .. أما في "قيامة البنادق" دوره مختلف كلياً، هو دور عميل،  ولقبه في المسلسل "الكراز"، أي "التيس" أو الكبش الذي يقود القطيع.


هو يقول إنه أحبّ أداء هذا الدور، ليظهر للمشاهد مدى حقارة العميل بين أهله وأبناء وطنه، لأنه يخون الأرض التي أنجبته واحتضتنه. حول صعوبة أداء هذا النوع من الأدوار يقول :"نعم أواجه صعوبة في تجسيد الدور وتقمصه، لأنه يتطلب إظهار مشاعر كراهية وحقد وطمع ..فكان التحدي أمامي كبيراً .. ولكني تمكنت من القيام به، وأنتم من تحكمون عند مشاهدة المسلسل".
المصري يؤكد أن "هذا المسلسل من أضخم الاعمال الدرامية وأول تجربة لمسلسل تاريخي بهذه الضخامة في لبنان، عن موضوع يعود عمره إلى مئة سنة من ايام الحرب العالمية الأولى، ليثبت أن تاريخ منطقتنا حافل بالمقاومة وهي امتداد على النهج نفسه محاربة الظلم والاحتلال ".