في موقف الجمعة بتاريخ 31 أيار الماضي تحدثنا عن رفض الجيش الفرنسي للقرار الذي اتخذه وزير خارجية فرنسا بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية
في موقف الجمعة بتاريخ 31 أيار/مايو الماضي تحدثنا عن رفض الجيش الفرنسي للقرار الذي اتخذه وزير خارجية فرنسا بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، ووعدنا يومها بنشر تفاصيل هذا الاعتراض من قبل الجيش الفرنسي في ثلاثية (كيف تتعامل اوروبا مع المعارضة السورية؟)، غير أن استمرار النقاش الفرنسي حول موضوع حزب الله ، وكثافة الحدث السوري يوميا أملت علينا نشر تفاصيل حول رفض الجيش الفرنسي أو ضباط كبار حاليين ومتقاعدين في الجيش الفرنسي للقرار الذي كان اتخذه وزير الخارجية (لوران فابيوس) بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية في موقف الجمعة الحالي بعد التراجع الفرنسي عن هذا القرار، الذي لو كان طبق كما اعلنه (فابيوس) لكان شكل انعطافا سياسيا فرنسيا كبيرا في علاقات باريس مع لبنان والشيعة فيه ،ومع الشيعة ومؤيدي حزب الله على صعيد العالم العربي والإسلامي.
في مؤسسات الاتحاد الأوروبي توجد لجنة اسمها (لجنة مكافحة الإرهاب) ويطلق عليها بالفرنسية (ريليكس)، وهذه اللجنة تجتمع مرتين في السنة إلا في حالات طارئة واستثنائية، وتضم كافة الدول الأعضاء، وعملية القرار داخلها تتخذ بطريقة الإجماع، وهذه الطريقة في التصويت وجدت مراعاة لمصالح الدول الكبرى في الاتحاد خصوصا فرنسا وبريطانيا. ويكفي ان تعترض دولة واحدة على وضع حزب او حركة أو دولة على لائحة الإرهاب حتى يسقط أي قرار حتى ولو أيدته باقي الدول .
منذ عشر سنوات تحاول بريطانيا وضع حزب الله على لائحة الإرهاب ، وتصطدم في هذه اللجنة بالرفض الفرنسي. وحاولت لندن في السابق مباشرة أو عبر دول مثل (تشيكيا وهنغاريا وبولونيا وحتى دولة قبرص) تمرير قرار بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، لكن الرفض الفرنسي كان حاضرا ، وفي كل مرة يمنع صدور هكذا قرار تعرف فرنسا أنها اول وآخر المتضررين من صدوره، نظرا لوضع لبنان الاستراتيجي للنفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط ، المنطقة التي تعتبرها أمريكا منطقة نفوذ ومصالح للعرق الإنكليزي دون غيره ، وهذا ما يمنع الفرنسيين من بيع أية قطعة سلاح لدول الخليج بفعل الفيتو الأمريكي البريطاني فضلا عن ضعف التواجد الفرنسي في قطاعي النفط والغاز الذي تسيطر عليه الشركات الأمريكية والبريطانية حصرا.
في تفاصيل القرار الفرنسي والتراجع عن هذا القرار تقول مصادر فرنسية مطلعة لموقع المنار ان جهات عسكرية وازنة في قيادة الجيش الفرنسي ، وبعد إعلان وزير خارجية فرنسا (لوران فابيوس) خلال شهر آذار/ مارس الماضي أن فرنسا قررت الطلب من (لجنة الإرهاب) في الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية ، تحركت جهات فاعلة في العسكر الفرنسي ، ومررت أكثر من رسالة لقصر الإليزيه حول عدم صوابية هذا القرار وتعارضه الكلي مع المصالح الفرنسية في لبنان والشرق الأوسط. وتقول مصادر صحافية فرنسية لموقعنا ان ضباطا كبارا في قيادة الأركان الفرنسية عبروا لها عن امتعاضهم من هذا القرار، وتنقل المصادر عن ضابط كبير في قيادة الأركان الفرنسية تساؤله: كيف سيكون وضع قواتنا العاملة في جنوب لبنان ؟ هل سيتم استهدافها؟ هل سوف تتعامل مع حزب الله كمنظمة إرهابية؟ وكيف ستكون العلاقة بين جنودنا وبين سكان جنوب لبنان المؤيدين بغالبيتهم لحزب الله؟.
في هذا الوقت كان قصر الإليزيه وعبر أحد مستشاري الرئيس يتواصل مع ضباط متقاعدين وفي الخدمة أبدوا اعتراضهم على القرار الفرنسي. وحسب معلوماتنا المؤكدة، عمل المستشار الرئاسي على التواصل مع الكثير من هؤلاء الضباط ، وسألهم عن الموضوع ، كما ان المستشار الرئاسي التقى بعض اللبنانيين والعرب من سكان فرنسا وحاملي الجنسية الفرنسية ، وسألهم عن رأيهم في هذا القرار .
مصادر قريبة من هذه التحركات قالت لموقع المنار ان الإدارة الفرنسية اتخذت من موضوع التدخل العسكري لحزب الله في سوريا حجة للذهاب الى الآخر في قرارها ، وقد تشددت الخارجية في موقفها أثناء معركة القصير، حيث أفهم بعض المعارضين السوريين وعلى رأسهم (ميشال كيلو وبرهان غليون ) حسب ما تقول مصادرنا ، أفهموا الخارجية الفرنسية ان الضغط على حزب الله في هذا المجال سوف يمنعه من دخول القصير. وتضيف المصادر ان انتصار حزب الله السريع والقوي في القصير أعاد الحكمة الى الموقف الفرنسي الرسمي الذي تراجع فعليا ، وإن استمر على نفس الوتيرة إعلاميا، ولم يشر الى اي تراجع في هذا المجال.
بعض الذين استشارهم قصر الإليزيه قدموا رؤيتهم بعدة نقاط هي التالية:
1 – كيف ستتعامل باريس مع اي وفد وزاري أو نيابي لبناني يزور فرنسا يضم وزيرا او نائبا عن حزب الله خصوصا في حال رفعت إحدى المنظمات اليهودية دعوى قضائية بحق الوفد أو ممثل حزب الله فيه؟
2- لن يتراجع حزب الله عن قرار التدخل في سوريا تحت أي ضغط.
3- سوف تقيد حركة السفير الفرنسي في لبنان، وقد يضطر للمغادرة في حال ساءت الأوضاع.
4- مصالح فرنسا في لبنان والشرق الأوسط أكبر من مصالح حزب الله والشيعة مع فرنسا.
5 – في لبنان 9 مراكز ثقافية لدعم استمرار الفرنكوفونية ، وهي الأكثر فعالية وانتاجية ، والأكثر انتشارا في كل الشرق الأوسط.
6- انتصار حزب الله في القصير يحتم على فرنسا الاستمرار في سياسة التواصل معه حفاظا على دورها، وهذا التواصل يشكل ارجحية فرنسية على كل من بريطانيا وأمريكا.