ابرز ما جاء في الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء من بيروت
تصدر الحدث الامني عناوين الصحف الصادرة صباح اليوم في العاصمة بيروت، فكانت المتابعات لآخر ما وصلت اليه الامور في صيدا بعد تحرير الجيش اللبناني عاصمة الجنوب من جميع المظاهر "الاسيرية". كما كان لهذه الصحف جولة على ابرز العناوين الاقليمية والدولية.
السفير
الجيش يفك أسر عاصمة الجنوب .. بدمائه
نجح الجيش اللبناني بدماء عسكرييه والاحتضان الوطني الشامل، في فك أسر عاصمة الجنوب، منهيا أسطورة مربع أمني كاد يجر لبنان إلى الفتنة العمياء من البوابة الصيداوية.
قبض الجيش على مربع «مسجد بلال بن رباح»، أمّا الشيخ أحمد الأسير، فقد اختفى، تاركا خلفه العشرات من أنصاره، قتلى أو جرحى أو موقوفين زادوا عن السبعين.
آخر اتصال رصده الجيش للشيخ المتواري، كان بعيد الثانية من فجر أمس، حين استفقده بعض مناصريه، فتبلّغوا أنه يقاتل في الصفوف الأمامية، وليس على السمع، ليفاجأوا مع ساعة متقدمة فجراً بتوجهه إليهم عبر اللاسلكي، من خارج المجمع، داعيا إياهم الى الصمود والاستمرار في القتال، واعداً إياهم بأن النصر آت وبأن هناك الكثير من المفاجآت التي لم تظهر بعد، وانتهى الاتصال ليتبين أن الاسير قد توارى عن الآنظار، وسط جو من الشائعات جعله يتنقل بين صيدا ومخيم عين الحلوة، ومن ثم سوريا «لإنشاء جيش مقاوم» تحت مسمّى «جيش لبنان الحر».
حُسمت معركة مربّع عبرا، لكن ثمنها كان كبيراً جداً، دفعه الجيش اللبناني بشراكة كاملة مع أهل صيدا الذين عضّوا على الجرح نحو سنتين، وهم يدفعون الثمن من اقتصاد مدينتهم وعلاقتهم بجوارهم، فضلا عن المسلسلات الأسبوعية لقطع الطرق وترويع المواطنين بالرصاص والاعتصامات.
الخسارة الصيداوية، لا بل الوطنية كبيرة، لكن التعزية هي في الاحتضان الوطني السياسي والشعبي للمؤسسة العسكرية ولشهداء الجيش، وفي أن يكون مصير ظاهرة الأسير عبرة لمن تسوّله نفسه اللعب على وتر الفتنة من جهة ومحاولة النيل من المؤسسة العسكرية من جهة ثانية.
ولعل «أمر اليوم» الصادر عن قائد الجيش العماد جان قهوجي، قد صبَّ في هذا الاتجاه بدعوته السياسيين الى سحب ذرائع التفجير، مؤكدا «أن الجيش لن يسكت عن استهدافه».
حُسم أمر «مربّع عبرا»، وباتت ظاهرة أحمد الأسير، من الماضي، وتحوّل «الشيخ الثائر» و«المطرب التائب» الى مطلوبين للعدالة.
ما جرى في صيدا وفي مناطق لبنانية أخرى يطرح أسئلة مشروعة:
من حضن ويحضن ظاهرة الأسير وأخواتها في معظم مناطق لبنان، من وفّر التمويل والتسليح والتجييش الإعلامي والمذهبي ومن شكّل ويشكّل رافعة داخلية وخارجية لهذا النوع من الخطاب التكفيري الإقصائي وهل انتهت هذه الظاهرة أم أن من صنعها سيستولد ظاهرة جديدة؟
من أعطى أمر العمليات، بأخذ البلد الى الفتنة، أولاً عن طريق استهداف «حزب الله» الذي أثبت أنه لن يفرّط بالاستقرار، وثانيا، عن طريق استهداف الجيش لخلق فراغ يمهد للفوضى والفتنة؟
من هو صاحب المصلحة في تشكيل حاضنة للمعتدين على الجيش والساعين الى إشاعة الفلتان على مساحة كل لبنان؟
هل ينطوي قرار استهداف الجيش على خطة خبيثة، لجعله عاجزا أمام المربّعات المذهبية؟
أين هو أحمد الأسير، هل هرب فعلاً أم هـُرِّب، وهل تحول الى شاكر عبسي جديد، ومن هي الجهة التي ترعاه وتؤويه في هذه اللحظة؟
أين تكمن مسؤولية من اعتمدوا التراخي حيال كل ما تعرضت له المؤسسة العسكرية من تحريض، وتكفير، ومطاردات، وهجمات في عكار وطرابلس وعرسال وغيرها من المناطق وصولا الى بيروت؟
أين هي مسؤولية بعض المراجع الرسمية والسياسية التي احتضنت هذه الظاهرة ودللتها وأمّنت لها التغطية وراعت خاطرها أو تقاعست فتركت لها المجال على مدى اكثر من سنتين تنفخ في بوق الفتنة والتحدي؟
هل ثمة من يجرؤ على كشف الرعاة الحقيقيين الذين أمّنوا مظلة وغطاء سياسياً وشرعياً ودينياً ومالياً وإجرامياً لهذه الظاهرة؟
من يحاسب بعض الجهات والمرجعيات التي اكتفت بالمساواة بين القاتل والمقتول وبين المعتدي والمعتدى عليه، أو اعتمدت سياسة الهروب الى الامام من خلال التركيز على أن ظاهرة الأسير ردّة فعل على سلاح «حزب الله»؟
اذا كان الحرص على الجيش صادقا، من يرعى «التضامن المنظّم» مع قاتل العسكريين في صيدا في عدد من المناطق ولا سيما في العاصمة وطرابلس؟
وفي انتظار تبلور الأجوبة على هذه الأسئلة، لا بد من تسجيل الآتي:
أولاً، لولا الغطاء الوطني الشامل، وتحديدا الغطاء السني، الشعبي والرسمي والسياسي والديني، لما أمكن القضاء على هذا الظاهرة الغريبة عن المجتمع اللبناني.
ثانياً، لقد أثبت الجيش أنه بمستوى الآمال التي يعلّقها عليه اللبنانيون، ولو أن الكلفة كانت كبيرة جداً، وستثبت الأيام أن هذه المؤسسة الوطنية، كانت وستبقى عصيّة على محاولات النيل من هيبتها وحضورها في صميم الوجدان اللبناني، وحسناً فعل الرئيس سعد الحريري بتبنّيه علناَ خيار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وباقي ضباط المجلس العسكري، على عتبة أسابيع من احتمال تمدد الفراغ الى هذه المؤسسة.
ثالثاً، لقد أثبتت صيدا بمواقفها وتضحياتها، أنها كانت وستبقى مدينة العيش المشترك وعاصمة الجنوب وبوابة المقاومة والتحرير، وها هي تنتصر على الفتنة، فتشرّع أبوابها للجنوبيين، من كل الاتجاهات والأطياف، لعبور شرايينها بكل كرامة وعزّة.
رابعاً، لقد أثبتت المخيمات الفلسطينية، وخاصة مخيم عين الحلوة، أنها أحرص من بعض اللبنانيين، على أمن لبنان، بدليل الاجماع الفلسطيني، على رفع الغطاء سريعا عن بعض المجموعات التي حاولت أن تلاقي الظاهرة الأسيرية بافتعال مشروع اشتباك مع الجيش، لا بل ذهبت بعض الفصائل، وخاصة «حماس» و«فتح» الى حد النزول الى الشارع لمنع جر المخيم الى اشتباك مع محيطه، وهذه النقطة ركّز عليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل في الاتصالات التي جرت بينهم وبين قيادات لبنانية عدة.
خامساً، ربحت المقاومة بنزع مشروع فتيل تفجير الفتنة في مدينة صيدا وبينها وبين باقي جوارها، غير أن المقاومة مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأن تعيد صياغة علاقتها بهذه المدينة التي تشكّل عمقاً حيوياً إستراتيجياً لها.
سادساً، لقد خسر مطبخ الفتنة في الداخل والخارج، بعد أن عمل بشكل متواصل على تكبير ظاهرة الأسير ومدّها بالمقوّيات، ولعل العبرة تكمن في قطع الطريق على محاولات بعض المواقع الخليجية الانفعالية، خلق حالات أسيرية جديدة سواء في صيدا أو في مدن لبنانية أخرى.
سابعاً، ليس الربح حكرا على صيدا بل هو ربح لكل لبنان، بدليل أن ما أصاب عاصمة الجنوب استدرج حالة من التوترات المتنقلة في كل المناطق ولا سيما العاصمة، وحسنا فعل الجيش بتكثيف اجراءاته في المناطق اللبنانية كافة التي ستعود اليوم لممارسة حياتها الطبيعية.
ثامناً، لقد أثبتت تجربة صيدا أن الاستقرار اللبناني محصّن بإرادة دولية واقليمية وبقرار أغلبية القيادات اللبنانية عدم الانجرار الى الفتنة وبجرأة الجيش قيادة وضباط وعسكريين في حماية آخر ما تبقّى من مظاهر الدولة، في ظل الفراغ الوطني الشامل.
تاسعاً، يحتم ما جرى على القوى السياسية المعنية، أن تبادر الى مقاربة ملف التأليف الحكومي وفق قواعد مختلفة، بحيث تكون الأولوية لولادة حكومة تطمئن اللبنانيين الى حاضرهم وغدهم بدل التلهّي في معادلات تقود أولاً وأخيراً الى طرح سؤال بديهي: هل بمثل هذه المنافع الضيّقة، نلاقي دماء العسكريين الذين جعلونا نستعيد ثقتنا بمفهوم الدولة؟
عاشراً، صار الأسير من الماضي وقد دفع الرجل ثمن أفعاله وأقواله، فهل يمكن القول أن هذا هو مصير كل من يعاند الوقائع اللبنانية؟
الاخبار
إنتفاضة الجيش
قطر والسعوديّة مسؤولتان عن الجريمة
ابراهيم الأمين
ليس من أحد غير الجيش يستعجل إزالة ذيول معركة صيدا. حتى إنه قد لا يكون مضطراً الآن إلى مراجعة الحسابات والمعطيات والنتائج، وما يجب القيام به لحماية هذا الإنجاز. وقد يكون النقاش في قيادته متصلاً بأبعاد أخرى، نتيجة ضغوط فريق الولايات المتحدة والغرب ودول الخليج وفريق 14 آذار، التي تريد منه اليوم توجيه ضربة ما لحزب الله أو لمن يمتّ بصلة لحزب الله، فقط، لأجل القول إنه جيش كل اللبنانيين. فكيف ستكون حاله، ورؤساء الحكومات السابقون والحاليون والمستقبليون تحدثوا عن الكيل بمكيالين؟
لكن، هل من كل هؤلاء من يريد للناس أن يعرفوا لماذا حصل ما حصل في صيدا؟
سيكون الجيش مضطراً خلال الفترة المقبلة الى الإعلان رسمياً أو عبر مصادره عن تفاصيل ما جرى، وعن الخطة التي كانت معدة مسبقاً لضرب حواجزه وطرده من الأحياء الفاصلة بين مربع الأسير والمنطقة المطلة على حارة صيدا، حيث كان العمل جارياً، على طريقة جبل محسن، لافتعال احتكاكات بقصد إشعال المدينة وجوارها على خلفية أنها معركة بين السنّة والشيعة.
وعدا عن رهان الأسير على أن الجيش كان سيخفض رأسه ويقبل الضربة ويجبر على الهرب، فإن مواقف 14 آذار عكست الرهان السياسي الكبير لهذه المجموعة، على ما يحصل في صيدا. وكان هؤلاء، ومعهم الجماعة الإسلامية، يعتقدون أن بمقدور الأسير إشعال المنطقة بطريقة تحتم محاصرة حزب الله، ومن ثم تحميل الأسير المسؤولية وعزله أو طرده، وأن يتولى هؤلاء حصاد ما كانوا يعتقدون أنه ثمرة سياسية كبيرة. وهو أمر احتاج الى خطوات عملية، وخصوصاً في المنطقة التي توصل عبرا بمحيط مجدليون، وهي خطوات يعرفها قادة «المستقبل» قبل غيرهم، ولو أن بعضهم كانوا خارج الأجواء، لنقص في الثقة به، أو لعدم الحاجة الى رأيه.
أما الجانب الآخر من الجريمة، فهو المتصل بحسابات أجهزة استخبارات عربية، ولا سيما في السعودية وقطر، التي كانت تعوّل كثيراً على نجاح مهمة الأسير في صيدا، علماً بأن الرجل لديه جدول أعماله الخاص، ولديه طريقته في إدارة الأمور، وربما هي التي جعلته يقدم على عملية الانتحار هذه.
ولم يكن ينقص هذه اللعبة سوى تصريحات الحكومة السعودية، برئاسة الملك عبد الله، التي أعربت «عن بالغ القلق إزاء ما تشهده مدينة صيدا من أحداث، داعياً الجميع إلى وقف الاشتباكات وعدم تصعيد الموقف». ولوهلة أولى، يمكن الاعتقاد أن تيار المستقبل هو من صاغ البيان، لولا التنبه الى أن «أحداث صيدا» كما سماها البيان كانت في صلب اهتمامات ومتابعات القيادة السعودية، التي لم تكلف نفسها عناء إدانة الاعتداء على الجيش اللبناني وقتل عسكرييه، بل رأت ضرورة «وقف الاشتباكات»، على اعتبار أن ما يجري هناك هو صراع بالنار بين مجموعتين مسلحتين. حتى إن مشروع «مبادرة الحل» التي حملها مشايخ من طرابلس أمس الى قيادة الجيش في الجنوب، كانت تقوم على مبدأ أن يجري وقف لإطلاق النار، وأن يجري التفاوض مع الجيش من جهة ومع الأسير من جهة ثانية، لأجل التوصل الى صيغة حل على طريقة ما يحصل في طرابلس أو البقاع.
يضاف الى ذلك أن ما حصل في صيدا كان جزءاً من خطة أشمل، وجرى التمرين عليها مراراً وبأوجه مختلفة في أكثر من منطقة، وجاءت أخبار سوريا غير السارة لفريق أميركا وعربها، لتدفع نحو الاستعجال بتنفيذ هذه الخطة. وهو ما سوف تظهره الأيام المقبلة، برغم كل الاتصالات والضغوط الجارية منذ ساعات مساء أمس، لإعادة «ضبضبة» الجميع بعدما صار الخلاف عنواناً لاستعادة الجيش هيبته وكرامته. وهذا ما قاد هؤلاء الى التحضير للجريمة برفع الصوت ضد حزب الله، وحتى تحميله مسؤولية ما جرى في صيدا.
مع ذلك، فإن الدماء التي سقطت من العسكريين والمدنيين، ستبقى من مسؤولية قطر والسعودية، وبقية المجموعات التي سكتت عمّا كان يعدّ له الأسير منذ فترة ليست قصيرة. وكل محاولة لتعمية الأبصار من خلال الحديث عن المظلومية والإحباط لن تفيد في تغيير الحقيقة.
في لبنان التوتر كبير جداً، والميل الغالب لدى فريق 14 آذار، وعلى رأسه تيار المستقبل، يتجه نحو موجة ندب جديدة على طريقة «مذهب 7 أيار». وهؤلاء لا يندبون حظهم العاثر دوماً، بل يخشون أن تكون لمعركة صيدا نتائج مباشرة على معركة تأليف الحكومة الجديدة، وتالياً على واقع السلطة السياسية في البلاد.
الجيش يفكّ أسـر صيدا
نهاية ظاهرة الأسير: «القائد» يفرّ من أرض المعركة
انتهت ظاهرة أحمد الأسير، في عبرا، بقوة سلاح الجيش الذي انتفض لكرامته على السياسيين الذين لم يمنحوه غطاءً كاملاً لتوقيف قتلة جنوده وضباطه. لكن الانتصار لم يكتمل باعتقاله، بعدما فرّ من أرض المعركة، تماماً كما جرى عام 2007 مع قائد فتح «الإسلام» شاكر العبسي
آمال خليل
خلال نحو 24 ساعة، أنجز الجيش، عصر أمس، في عبرا الجديدة عمليته العسكرية لإزالة المربع الأمني الذي كان أحمد الأسير قد استحدثه في محيط منزله ومصلى بلال بن رباح. انتفض الجيش لكرامته، ولم يقف عند الكلام الملتبس لبعض السياسيين المنادين ببسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وخاصة في فريق 14 آذار. كما أنه لم يلتفت إلى الموقفين الأميركي والسعودي اللذين تعاملا مع اشتباكات صيدا كما لو أنها تدور بين مجموعتين مسلحتين، لا بين مجرمين وجيش.
ميدانياً، تمثل «الإنجاز» باقتحام فوج المغاوير للمصلى، بعد إسقاط الدشم والحواجز الاسمنتية والتحصينات حول المربع، والتي أطلق من خلفها الرصاص والقذائف على الجيش. قبل ذلك، شهدت عبرا ليلة من الاشتباكات العنيفة بين الجيش ومقاتلي الأسير، حيث سمعت أصوات الأسلحة إلى الأقضية المحيطة بصيدا. وحاولت قوة من فوج المغاوير التقدم فجر أمس لاقتحام المصلى، لكنها فوجئت باستهدافها من قبل القناصة المنتشرين على أسطح المباني المحيطة، ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء لمغاوير الجيش وخمسة جرحى، استشهد اثنان منهم لاحقاً بسبب خطورة إصابتهما. القنص وانكشاف الجنود أمام المقاتلين المتمركزين فوق رؤوسهم أعاقا اقتحام الجيش وأبطآ حركته لساعات إضافية.
في هذا الوقت، كانت الاشتباكات تشتد حيناً وتهدأ حيناً آخر، إلى أن أسكتت مصادر نيران المسلحين بعد الظهر على نحو شبه كامل. وبين هذا وذاك، أجلى الجيش بالتعاون مع فرق الدفاع المدني السكان المدنيين من الشقق، حيث جال عليهم واحداً واحداً وطلب منهم مغادرة المنطقة حرصاً على سلامتهم. كما أصاب نقاط القناصة ومطلقي القذائف وجهز قوة كبيرة لاقتحام المصلى ومحيطه وتمشيط المنطقة.
عند الرابعة عصراً، توجهت الأنظار إلى عبرا بعد انتشار أنباء عن سقوط المربع الأمني. توافدت وسائل الإعلام وبعض السكان لتفقد منازلهم نحو المنطقة. اكتشفوا هول الحرائق والدمار والخسائر الفادحة التي لحقت بالمباني الحديثة والشقق الفارهة وتفقدوا الخراب والشظايا وأسلاك شبكات الكهرباء وأغصان الأشجار المتقطعة التي تملأ الشوارع السكنية التي غطاها الزجاج المتطاير من نوافذ الشقق. لكن أين أحمد الأسير؟ لا جواب واضحاً لدى عناصر الجيش المنتشرين بكثافة في كل الأنحاء.
يمنعون المدنيين من التجول بين الأحياء تخوفاً من وجود قناصة لم يستسلموا بعد. لكنهم في الوقت ذاته، لم يعرفوا مصير الأسير الذي صنع مشهد الخراب المتكامل الذي حلّ بعبرا. مصدر عسكري قال لـ«الأخبار» إن الأسير اختفى ولم يعثر عناصر الجيش عليه في الشقق والزوايا التي مشطوها بعد دخولهم. من هنا، رجّح بأنه قد يكون تمكن من الفرار مع فضل شاكر وحوالى عشرين من مقاتليه. لكن، كيف له أن يهرب في ظل الطوق الأمني المحكم حوله؟ اقتحام الجيش للمربع الأمني جعله مساء أمس أمام اكتشافات بالجملة لحجم التحصينات والإجراءات والتسلح التي اتخذها الأسير طوال الفترة الماضية وغطيت بخيمة حديدية ضخمة ربطت بين مكتبه ومنزله. ملاجئ ومخازن تضم كميات كبيرة من مختلف أنواع الأسلحة، والبحث جار عن احتمال العثور على مخابئ ومخارج سرية تمكن من الخروج منها. الجدل الذي رافق اختفاء الأسير في نهاية عملية الجيش، أنتج شائعات متعددة حول مكانه، في ظل معلومات أمنية عن أن جهازه اللاسلكي الخاص سجل آخر نداء له إلى المقاتلين بعيد الثانية من فجر أمس. بعض الشائعات تحدثت عن تمكن موكب الشيخ سالم الرافعي من سحبه ليل أول من أمس عندما حضر إلى صيدا للطلب من الجيش وقف إطلاق النار، فيما راجت شائعات أخرى عن كون الشيخ الفار قد وجد الملجأ السري في حمى حليفيه الجماعة الإسلامية أو النائبة بهية الحريري في مجدليون، علماً بأنه وإن وجد الملجأ الآمن المؤقت، فإنه لن يحميه من الإجراءات القضائية التي بدأت أمس بادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بحقه وبحق فضل شاكر وعدد من أنصارهما. لكن وفي كل الأحوال، فقد الشيخ جزءاً كبيراً من هالته التي نسجها حول نفسه. فقد فرّ من المعركة تاركاً خلفه العشرات من مقاتليه الذين قادهم إلى مواجهة ضد الجيش، وتناسى تهديداته ووعيده بأنه سيقاتل الجيش وهيمنة حزب الله «حتى آخر نقطة دم في آخر طفل لدينا».
إلا أن الدم الذي سال على إسفلت عبرا كان لنحو 40 من مقاتلي الأسير في حصيلة أولية، من بينهم ابن شقيق فضل عبد الرحمن الشمندور. فيما أكد مصدر أمني أن الجيش اعتقل أكثر من 57 من المقاتلين، من بينهم من فضّل تسليم نفسه بنفسه. اللافت أن الفئة القليلة منهم من اللبنانيين، فيما الجزء الباقي من السوريين والفلسطينيين وعدد من السودانيين.
وفيما الجيش يتعقب أثر الأسير وفضل اللذين «لن يعودا إلى سابق عهدهما في عبرا»، لفتت المصادر إلى أن مصلى بلال ستسلم إدارته إلى دار الفتوى، فيما سيشغل الجيش في الفترة الأولى المراكز والشقق التابعة للأسير ومجموعته.
على صعيد متصل، أعلن وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب تأجيل الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة المقررة اليوم في مراكز تقديم الامتحانات العشرة الواقعة ضمن مدينة صيدا حصراً، إلى وقت يحدد لاحقاً. وصدر عن الجيش بيان أوضح فيه أن وحداته تواصل عملياتها العسكرية في صيدا وعبرا للقضاء على المظاهر المسلحة وتوقيف المعتدين على مراكز الجيش وإعادة فرض الأمن والاستقرار. ولفت البيان إلى أن العديد من المسلحين عمدوا الى القنص على عناصر الجيش باستخدام المراكز الدينية سواتر لهم واتخاذهم المواطنين الأبرياء دروعاً لهم لتفادي المواجهة المباشرة».
وفي الحصيلة شبه النهائية، أعلن الجيش أن عدد شهدائه في معركة صيدا ارتفع الى 18 شهيداً وأكثر من مئة جريح.
المستقبل
مباحثات إيجابية بين أوباما واردوغان.. وكيري في الرياض اليوم
الاتحاد الأوروبي لا يرى الأسد قائداً لسوريا المستقبل
أعلنت الممثلة العليا لخارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون أمس، "اننا منذ وقت طويل لا نرى مكاناً لبشار الأسد كقائد في سوريا المستقبل"، وفي لندن يلتئم اليوم مجلس الامن القومي البريطاني في جلسة مهمة تتمحور حول السياسة الخارجية للمملكة المتحدة وتتركز على الملف سوريا.
ولفت أمس إجراء رئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان، محادثة هاتفية إيجابية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول سياسات بلديهما تجاه سوريا، التي تحضر أزمتها في مفاوضات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يزور الرياض اليوم.
ففي لندن وجه رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون دعوة الى غريمه في السياسة المحلية زعيم حزب العمال اد ميليباند للمشاركة في اجتماع مجلس الامن القومي البريطاني اليوم، في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة من كاميرون لإقناع ميليباند بأن تسليح الثوار السوريين قرار ينبغي ان تتخذه لندن في حال فشل جنيف 2.
وكان الرأي العام البريطاني مناهضاً لفكرة التسليح ما انعكس سلباً على مواقف اغلبية النواب في مجلس العموم ولا سيما العماليين منهم، ما استدعى ان يقوم كاميرون ووزير الخارجية ويليام هيغ باتباع طرق اكثر ديبلوماسية ليس فقط مع معارضيهم السياسيين بل ايضا مع افراد من حزبهم من المحافظين ونواب حليفهم في الحكومة "الليبرالي الديموقراطي"، بغية تأمين نصاب كاف في مجلس العموم لتمرير قرار التسليح في حال طرحه.
وبرغم ان رئاسة الوزراء طلبت الى الصحافيين عدم التمعن كثيرا في اسباب الدعوة واشارت الى ان كاميرون يرغب في ان تكون السياسة الخارجية للبلاد عملية يشارك فيها جميع القوى السياسة الممثلة للشعب، الا ان الخبراء لا يجدون في الوقت الراهن مبررا آخر، خاصة وان دعوة مشابهة وجهها كاميرون عام 2011 لميليباند قبيل اتخاذ الناتو قراراً بفرض حظر جوي فوق ليبيا ومساعدة الثوار الليبيين على الاطاحة بنظام معمر القذافي.
في غضون ذلك اكد وزير الخارجية البريطاني في نيويورك خلال ترأسه جلسة لمجلس الامن حول اغتصاب النساء في الصراعات، ان لا ادلة تشير الى استخدام الثوار الاسلحة الكيمائية في حين ان المعلومات التي بحوزة لندن وواشنطن وباريس تشير الى أن نظام الاسد استعملها، وعبر عن صعوبة عقد مؤتمر جنيف مشددا على ان بريطانيا تدعم الحل السياسي للنزاع ومذكرا بوجوب دخول مفتشي الامم المتحدة الى سوريا.
وقدم رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو في لوكسمبورغ أمس، وثيقة مشتركة مع الممثلة العليا لخارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون تتضمن خطة تصدي للازمة السورية وزيادة قيمة المساعدات الاوروبية للاجئين السوريين 400 مليون يورو حتى اصبح قدرها مليار و250 مليون يورو.
وأعلنت آشتون أمس، "اننا منذ وقت طويل لا نرى مكانا لبشار الأسد كقائد في سوريا المستقبل. ويبقى للاطراف المعنية كيفية الاتفاق على صيغة تؤدي الى تحريك الامور الى الامام"، واشارت الى الدعم الكامل لبروكسل للحل السياسي ولبذل جميع الجهود التي يقودها الاخضر الابراهيمي من اجل عقد مؤتمر جنيف 2 وانجاحه.
واصدر مكتبها بياناً اكد التزام دول اوروبية من خارج الاتحاد بتمديد العقوبات المفروضة على نظام الاسد وبقرار رفع حظر التسليح عن الثوار المعتدلين في سوريا، وهذه الدول بحسب البيان هي الجبل الاسود وصربيا وايسلندا والبانيا واللينشتنشتاين والنرويج ومولدوفا وجورجيا.
أميركياً، أجرى رئيس الحكومة التركي رجب طيّب أردوغان أمس، محادثات هاتفية إيجابية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، حول سياسات بلديها تجاه سوريا.
ونقلت صحيفة "زمان" التركية عن نائب رئيس الحكومة بولنت ارينتش، قوله إن أردوغان أجرى اتصالاً هاتفياً مع أوباما امتد لمدة ساعة، ووصف المكالمة بـ"الإيجابية".
وذكرت الصحيفة أنه لم يتضح فوراً مضمون المحادثات، لكن يعتقد بأن سياسة البلدين التي يجري تنسيقها معاً تجاه سوريا، تصدّرت المباحثات بين المسؤولين التركي والأميركي.
ويصل وزير الخارجية الاميركية جون كيري اليوم في زيارة ضمن جولة له في آسيا والشرق الاوسط، يلتقي خلالها في جدة كبار المسؤولين، كما يعقد جلسة محادثات رسمية مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها فى مختلف المجالات.
كما تتناول مباحثات الوزير الاميركي مع المسؤولين في المملكة التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية، وسبل دعم المقاومة والجيش السوري الحر، خصوصا في ظل تفاقم وتصاعد اعمال العنف والقتل التي يمارسها النظام السوري ضد المدنيين بدعم من قوات "حزب الله" وايران وروسيا.
وكثفت قوات النظام السوري غاراتها على عدة مناطق سورية وخاصة على العاصمة دمشق وريفها مما أدى إلى مقتل أكثر من 90 شخصا أمس، بينما اندلعت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر في أطراف مدينة الرستن بمحافظة حمص.
وقال ناشطون إن عددا من الأشخاص أصيبوا إثر استهداف مستشفى ميداني في دير الزور، بينما تجدد صباح امس القصف على مناطق مختلفة من العاصمة السورية دمشق.
وأفاد اتحاد التنسيقيات السورية بوقوع إصابات جراء قصف طائرات النظام السوري للمستشفى الميداني في موحسن بدير الزور، وذكر الاتحاد أن القصف دمّر المستشفى بشكل كامل. وكانت الطواقم الطبية قد غادرت المستشفى بسرعة عقب نقل الجرحى إلى الملاجئ لدى سماع صوت الطائرة، وهو ما أسهم في التقليل من عدد الجرحى جراء الغارة.
وقالت شبكة شام إن قصفا عنيفا بالمدفعية الثقيلة استهدف معظم أحياء مدينة دير الزور.
وفي العاصمة دمشق ذكرت شبكة شام أن قصفا بالمدفعية الثقيلة والدبابات استهدف أحياء برزة والقابون، فيما طال قصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة مدن وبلدات البويضة وزملكا وبساتين المليحة وداريا بريف العاصمة. وأشارت الشبكة إلى حملة دهم لمنازل في أحياء ركن لدين والميدان بدمشق.
وفيما تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على مدينة الحولة بحمص، قالت شبكة شام إن الطيران الحربي قصف بلدة قبتان الجبل بريف حلب، ورصدت الشبكة اندلاع اشتباكات في أحياء الأشرفية والراشدين ومحيط مباني البحوث العلمية بين الجيش الحر وقوات النظام.
وأشارت الهيئة العامة للثورة السورية إلى أن كتائب الجيش الحر استهدفت مقر المخابرات الجوية في حي جمعية الزهراء بحلب، فجرا.
وأكدت مصادر من المعارضة المسلحة للجزيرة أن جيش المهاجرين والأنصار في مدينة حلب فجر مبنى القيادة داخل مطار منغ العسكري عقب سيطرة المعارضة على جميع مداخله وبواباته، وأشارت المصادر إلى أن العملية تمت بواسطة عربة مدرعة محملة بأكثر من أربعة أطنان من المتفجرات استخدمت لنسف كامل المبنى.
وبث ناشطون صورا لعناصر النظام وهم يفرون من مبنى القيادة إلى أنفاق داخل المطار عقب سيطرة المعارضة على جميع مداخله وبواباته. وقال مراسل الجزيرة في حلب إن الجيش الحر بدأ فجر أمس عملية عسكرية للاستيلاء على المبنى الأخير في مطار منغ الذي يتحصن فيه عشرات من ضباط النظام وجنوده.
وفي درعا قال ناشطون إن عددا من القتلى والجرحى سقطوا إثر غارة للطيران الحربي السوري على منازل سكنية في بلدة طفس، وبث ناشطون صور الضحايا جراء القصف في حين تستمر الاشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام وعناصر "حزب الله" في بصرى الشام تزامنا مع استمرار قصف قوات النظام لبلدتي الغارية الغربية وتسيل في ريف درعا.
وفي إدلب ذكر ناشطون أن كتائب المعارضة المسلحة سيطرت على حاجز المجبل على طريق اللاذقية حلب، وتدور هناك اشتباكات عنيفة في محاولة من قوات المعارضة للسيطرة على الطريق المؤدية إلى مدينة حلب بهدف قطع خطوط الإمداد عن قوات النظام، وبدأ جيش النظام سحب آلياته من بعض الحواجز العسكرية بعد اشتداد وتيرة المعارك.
اللواء
الجيش يحكم سيطرته على مربعه في عبرا والغموض يلف مصير الأسير
والحريري تسأل الأمنيين عن كيفية هروبه وتعلن صيدا مدينة منكوبة
صيدا – سامر زعيتر:
تمكن الجيش اللبناني من السيطرة على المربع الأمني لـمحيط «مسجد بلال بن رباح» في عبرا - شرق صيدا، بعدما عاشت المدينة لليوم الثاني على التوالي، حرب شوارع حقيقية بين أنصار امام المسجد الشيخ أحمد الأسير، وعناصر الجيش اللبناني، حيث شهد المربع الأمني للمسجد معارك ضارية، أسفرت عن سقوط 18 شهيداً في صفوف ضباط و عناصر الجيش وعدد كبير من الجرحى، إضافة إلى الكثير من القتلى والجرحى في صفوف مقاتلي الشيخ الأسير ومن الأهالي المدنيين، فيما علم أن الجيش ألقى القبض على بعض العناصر المسلحة في محيط مسجد بن عبرا.
أعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة «أن الصليب الاحمر نقل منذ الساعة الخامسة عصر أمس 94 جريحاً من عبرا، بالإضافة الى إجلاء أكثر من 60 مدنياً.
وأشار كتانة إلى اننا «ننتظر ان يكون هناك مسار آمن واضح ولدينا سيارات اسعاف بمحيط المربع الأمني لاخلاء الضحايا متى استطعنا التحرك».
وفي الوقت الذي غرقت فيه مدينة صيدا بالظلام جراء انقطاع التيار الكهربائي، فإن ألسنة اللهب والدخان ارتفعت من محيط «مسجد بلال بن رباح»، بفعل احتراق عدد كبير من السيارات وتضرر المباني بفعل الاشتباكات الدائرة في المنطقة.
ومساء، شب حريق في فيلا فضل شاكر في جادة نبيه بري في حارة صيدا.
وتضاربت المعلومات عن مصير الشيخ الأسير الذي لفه الغموض، ففي حين ذكر أنه في عين الحلوة، تردد أنه غادر إلى سوريا، لكن معلومات ذكرت أن الجيش رصد اتصالاً للأسير مساء أمس في مدينة صيدا.
وكانت الاشتباكات امتدت الى أحياء مدينة صيدا، خصوصاً عند محور القياعة والأوتستراد الشرقي و«مسجد البزري» في البستان الكبير، وتحولت الى مدينة أشباح وأقفلت محالها ومؤسساتها التجارية ومدارسها، فيما استغل بعض الفتية فترة الهدوء ما بعد عصر أمس وخلو الشوارع من السيارات لممارسة لعبة كرة القدم داخل الأحياء الأكثر أمناً في المدينة.
تعمير عين الحلوة
وفي تعمير عين الحلوة، فقد اندلعت معارك بين الجيش وعناصر من «جند الشام» و«فتح الاسلام»، التي فتحت نيرانها على الجيش نصرة للشيخ الأسير من داخل مخيم الطوارئ، وبالوقت الذي حرص فيه الجيش اللبناني على عدم قصف المخيم، بل اكتفى بالرد على مصادر النيران، قامت القوى الاسلامية والوطنية وعلى رأسها حركتا «فتح» و«حماس» و«عصبة الأنصار» «والحركة الاسلامية المجاهدة» على تشكيل غرفة عمليات والقيام ميدانياً بمنع امتداد أي اشكال للمخيم أو خروج مسلحين منه لتحييد أبناء المخيم الدخول في معركة مع الجيش، حيث نجحت المساعي في التوصل الى وقف لإطلاق النار بعد عصر أمس (الاثنين).
النائب الحريري
أما الوضع الانساني في المدينة، وخصوصاً في منطقة عبرا، فقد حوصر المئات من الأهالي داخل منازلهم، الأمر الذي استدعى توجيه نداءات عاجلة لإخراج الأهالي، حيث وجهت النائب بهية الحريري – المحاصرة في منزلها في مجدليون – نداء الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والى قائد الجيش العماد جان قهوجي والى جميع المعنيين بأن ينقذوا صيدا من قبضة المسلحين وينقذوا اهل المدينة من كارثة انسانية كبيرة.. وقالت : لماذا صيدا متروكة!؟؟
وجاء في نداء النائب الحريري:«المدينة وقعت في قبضة المسلحين والجيش يحاول ان يصل الى حل معين والمواطنون محاصرون، آلاف المواطنين محاصرون، لا يوجد ماء ولا كهرباء، هذا النداء موجه الى كل المعنيين في البلد من رئيس الجمهورية الى قائد الجيش الى السلطة التنفيذية انقذوا صيدا من قبضة المسلحين وانقذوا اهلها من كارثة انسانية كبيرة..
وأضافت: انا محاصرة كما بقية الناس، المسلحون من حولي من كل الأطراف، وهناك كارثة انسانية نريد الكل ان يتحمل المسؤولية معنا.. الاستغاثة تكون من قبل الكبار بالسن ومن قبل الأطفال الذين بلا ماء وبلا حليب الموجودين في الملاجىء، العائلات مفككة، الأب في مكان والأم في مكان والأولاد في مكان، لماذا متروكة صيدا بهذه الطريقة».
وقالت:«نحن نريد الجيش ونريد الدولة ونريد ان يخرج كل المسلحين من المدينة.. المطلوب تحرك سريع، نحن منذ الساعة الثانية من بعد ظهر امس نصرخ ونرفع الصوت.. لكن الآن كل الناس ستتحمل مسؤولية الكارثة الانسانية التي تعيشها صيدا، نحن نريد الجيش ونريد القوى الأمنية هي التي تمسك الأمن».
ومساء أعلنت النائب الحريري صيدا مدينة منكوبة»، متوجهة بالسؤال إلى القوى الأمنية «كيف استطاع الشيخ الأسير الهرب من عبرا»؟، معلنة «دعمها للجيش اللبناني الذي سنبقى معه».
بلدية صيدا
كما ناشدت بلدية صيدا جميع المسؤولين من أجل وقف فوري لإطلاق النار ولهدنة عاجلة لدواعٍ إنسانية من أجل إجلاء المواطنين المحاصرين وبخاصة الجرحى من مناطق الإشتباكات، حيث تتواصل نداءات الإستغاثة منهم لوقف إطلاق النار دون جدوى.
ولفتت البلدية في بيانها إلى أن صيدا ومنطقتها هي ساحة حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والوضع مأساوي على الأهالي والقاطنين فيها، فلا كهرباء ولا ماء والخوف سيد الموقف في شوارع وأحياء المدينة.
سعد
وتواصلت التصريحات والبيانات المنددة بالاعتداء على الجيش اللبناني، حيث أعرب أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد عن «عميق حزنه للمآسى الإنسانية والخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تعرضت لها مدينة صيدا وضواحيها نتيجة للحرب الغادرة المجنونة التي يشنها الأسير على الجيش اللبناني.
وعبر عن «إشادته بمبادرة الجيش اللبناني إلى تحمل مسؤولياته لمواجهة الفتنة التي حاول الأسير تفجيرها بأوامر من رعاته في الداخل والخارج، كما نوه بالتضحيات الجسام التي يقدمها الجيش، وتوجه بأحر التعازي بالشهداء والعسكريين الميامين إلى قيادة الجيش وإلى عائلاتهم، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى».
ودعا «المرجعيات العليا في السلطة إلى توفير الغطاء السياسي للمؤسسة العسكرية لكي تقوم بمهامها على أكمل وجه، ولا سيما اعتقال جميع المجرمين الذين وجهوا رصاص الغدر إلى الجيش اللبناني، واغتالوا العسكريين بكل دم بارد. كما تسببوا بوقوع خسائر في صفوف المواطنين الآمنين وألحقوا أضراراً مادية هائلة بمدينة صيدا وضواحيها».
واعتبر «أن الجيش يشكل ضمانة للسلم الأهلي وسداً منيعاً في وجه الفتنة، ودعا سائر القوى والفاعليات السياسية اللبنانية، والصيداوية خصوصاً، إلى رفع صوتها دعماً للجيش اللبناني، ورفضاً للفوضى الأمنية، ولخطاب الفتنة المذهبية والظواهر الإرهابية الشاذة».
وشدد سعد على «رفض كل المحاولات الهادفة إلى لفلفة هذا العدوان الإجرامي المدبر، واختلاق تبريرات وذرائع له، وعلى ضرورة وضع حد لكل مظاهر الفوضى والإنفلات والمربعات الأمنية».
من جهة ثانية، أجرى الرئيس سعد الحريري العديد من الاتصالات على الصعيدين اللبناني والفلسطيني، وبالقوى والفاعليات في مدينة صيدا، وذلك للتشاور في التطورات، كما تلقى العديد من الاتصالات للغاية ذاتها، من أبرزهم: رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، قيادة «حزب الله»، رئيس «حركة الشعب» نجاح وكيم، أمين عام «الحزب الشيوعي» خالد حدادة، رئيس «حزب الإتحاد» عبد الرحيم مراد، أمين الهيئة القيادية «للمرابطون» مصطفى حمدان، قيادة «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، قادة القوى والفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية.
«تيار الفجر»
كما أسف «تيار الفجر» لما تعيشه صيدا من رعب وتدمير واعتداءات آثمة على المواطنين والجيش اللبناني الذي يشكل صمام أمان للسلم الأهلي والعيش المشترك.
ورأى التيار في بيان لمكتبه الإعلامي «أن الاعتداء على الجيش أمر مدان ومرفوض وأن القوى التي أشعلت المعركة بالأمس في مواجهة الجيش اللبناني والمدينة وأهلها لم تُقدر حرمة للدماء البريئة ولا للدين ولا للوطن ولا للمواطنين ولا للجيش الذي يدفع دائماً الثمن الغالي حرصاً على ضمان أمن واستقرار الوطن».
وأضاف: إن هذه القوى التي تعتدي على صيدا وأهلها وتستهدف أمن المدينة والجيش استفادت كثيراً من الغطاء السياسي الذي أمنته لها جهات سياسية معروفة ومن يدور في فلكها ممن تعودوا على تبرير الخطاب المتشنج والمتطرف معتقدين أنهم بهذه السياسة يمكنهم تحشيد الأنصار والأتباع متناسين المخاطر المتنامية التي تهدد المدينة ونسيجها وأطيافها جميعا دون استثناء.
وأكد على «أن مدينة صيدا ترفض هذه الفتنة التي يراد لها أن تستبيح المحرمات وتهدم القيم وتحرق المدينة وأهلها خدمة لأهداف مشبوهة لا تخفى على أحد.وباتت اليوم أكثر وضوحاً لجهة أهدافها التخريبية والفتنوية».
وشدد على «أن الجيش وحده هو المسؤول عن معالجة أي إخلال بالأمن من أي جهة أتى لأنه يمثل جميع مكونات الوطن. ولأن صيدا تثق بالجيش وبمؤسسات الدولة وقد سئمت لغة التهديد والوعيد والخطاب التحريضي والاشكالات المتنقلة المفتعلة المقلقة لأمن المواطنين وراحتهم. والتي طالما حذرنا من نتائجها الوخيمة التي رأى الصيداويون بأم أعينهم آثارها الجسيمة على الأرواح والممتلكات».
ولفت «تيار الفجر» الى «أن كل نقطة دم تنزل في هذه المعركة هي خسارة كبيرة للوطن معتبراً ان البندقية التي تعتدي على الجيش والمواطنين هي بندقية مشبوهة ومدانة ولا مكان لها في صيدا الإسلامية والوطنية».
النهار
عبرا نهر البارد - 2: الجيش يحسم "المربع" غطاء لـ"الأمن المتوازن" والأسير إلى طرابلس؟
ماذا بعد الحسم العسكري في عبرا وانهاء مربع الشيخ احمد الاسير و"امارته" بكلفة موجعة تكبد فيها الجيش 16 شهيدا ونحو مئة جريح وتحولت عبرا ومناطق عدة من صيدا منطقة منكوبة بعد ساعات الرعب التي أطبقت على عاصمة الجنوب؟ ثم السؤال الذي لا يقل أهمية وخطورة عن سابقه: اي تداعيات لهذه المعركة ولو انتهت الى الحسم الحتمي الذي ما كان ممكنا تجنبه والذي حصل وسط اوسع تعاطف مع الجيش ودعم له من كل الفئات اللبنانية من غير ان يحجب ذلك وجود أزمة عميقة في مسألة التطبيق المتوازن لمعايير فرض الامن بالقوة والتي تعني تحديدا سلاح "حزب الله"؟
اذا كان مصير الاسير الذي اختفى لدى اطباق الجيش على معقله شغل الجميع فان الحسم الذي انجزه الجيش بعد 24 ساعة من انفجار المعركة في عبرا استتبع اثارة الوضع الامني في صيدا كلا بما يكفل بعد تصفية الحالة المسلحة للاسير في المدينة انهاء "مربع الشقق" العائد الى "حزب الله" والذي يعتبر على نطاق واسع "فخا" استدرج الى المدينة الحالة الاسيرية وما نجم عنها من انفجار كارثي. ولم تغب هذه الناحية الاساسية عن الغطاء الذي وفرته القيادات السنية السياسية كافة في المدينة وخارجها وعن البيان الذي صدر عن "قمة السرايا" لرئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس الوزراء المكلف ورؤساء الحكومة السابقين والذي اتسم بدلالات مهمة. ذلك ان هذه القيادات رمت بكل ثقلها في دعم الجيش والتمسك بالدولة ومؤسساتها ورفضت "المحاولات المتكررة والفاشلة لوضع الجيش في مواجهة المسلمين السنة وتصويرهم بانهم جماعة متطرفة رافضة للدولة" كما جاء في بيان المجتمعين في السرايا، لكنها شددت في المقابل على"تطبيق القانون على جميع اللبنانيين بالتساوي" وطالبت تاليا بخطة أمنية لصيدا تمنع كل المظاهر المسلحة "وتطال كل المربعات الامنية والشقق الامنية المسلحة".
وفي معلومات لـ"النهار" ان المعركة التي انتهت الى الاطباق على مجمع الاسير والتي تعتبر الاكبر للجيش منذ معركة نهر البارد عام 2007، شهدت معطيات ميدانية وصلت الى مراجع رسمية، منها ان الاسير كان صباح امس في وضع منهار ويجب اعطاؤه فرصة لكن الجواب الحاسم لدى قيادة الجيش كان ان لا تفاوض معه بل تطبيق القانون عليه.
ومنذ الصباح بدأت ترد شهادات من المواطنين القاطنين قرب مجمع الاسير انه غادر المكان مع مجموعة ولم ترد معلومات بعد ذلك على الاطلاق.
وترافق ذلك مع انتشار حواجز لـ"حزب الله" في محيط مجدليون وشرق صيدا راحت تدقق في الهويات مما أثار قلقا لدى العابرين ورفعوا شكاوى الى مرجعيات المدينة. كما ان النائبة بهية الحريري كشفت مساء امس ان عناصر "حزب الله" احتلت تلة مار الياس المتاخمة لمنزلها واستخدمت مدفعية الهاون في القصف ولم تنسحب الا غروب امس.
أين الاسير؟
وقالت فاعليات صيداوية لـ"النهار" ان اللغز هو كيف ان الاسير استدار من معركة ضد شقق "حزب الله" الى معركة ضد الجيش اللبناني. وبعد اقتحام الجيش معقل الاسير عقب استسلام العشرات من انصاره ومقتل اكثر من 20 آخرين في المعركة، علمت "النهار" ان معلومات أبلغت الى المراجع المعنية بأن الجيش أوقف 60 متورطا في الاشتباكات من أنصار الاسير وأنه يدقق في كل المعطيات عن طريقة فرار الاسير الى جهة مجهولة اذ تبين انه فر مع عائلته والمغني السابق فضل شاكر ومدير مكتب الاسير احمد الحريري. وتضاربت المعلومات عن طريقة فراره والمكان الذي لجأ اليه بما يذكر بفرار شاكر العبسي بعد سقوط مخيم نهر البارد في يد الجيش، بينما رجحت معلومات توافرت ليلا لـ"النهار " ان يكون قد غادر مركزه في العاشرة صباح امس وانتقل الى طرابلس.
قائد الجيش
ووجه قائد الجيش العماد جان قهوجي بعد حسم المعركة أمر اليوم الى العسكريين جاء فيه "انكم انقذتم بلدكم من الفتنة وخرجتم من المهمة ورؤوسكم مرفوعة" ودعا اللبنانيين الى "الوقوف صفا واحدا الى جانب جيشهم بدل تحويل مناطق لبنان بؤرا مسلحة".
وعلمت "النهار" ان مبادرة سياسية رافقت حركة الاتصالات بدأت بأفكار عرضها الرئيس فؤاد السنيورة هاتفيا مع الرئيس سعد الحريري ومع النائبة بهية الحريري. وبعد الاتفاق على عناصرها تولى الرئيس السنيورة الاتصال برئيس الجمهورية ميشال سليمان وأبلغه اياها كما اتصل الرئيس الحريري بقائد الجيش العماد جان قهوجي للغاية نفسها.
الحريري
وأعلن الرئيس سعد الحريري مساء "اننا سنبقى مع الجيش وسيبقى مشروعنا مشروع الدولة ولا يحاولن احد ازاحتنا عن هذه الطريق". وبعدما حيا العماد قهوجي ورئيس الجمهورية والنائبة بهية الحريري اكد ان "المشكلة الاساسية في لبنان هي مشكلة السلاح، فلولا ان هناك سلاحا بيد فلان او فلان لما كنا وصلنا الى هنا". ودعا الى الامتناع عن اقفال الطرق متسائلا: "هل الحل في ان تكون هناك مجموعات كمجموعة الشيخ احمد الاسير او غيره تتحدى الدولة؟"، واضاف: "لا شك لدي في ان الاستفزازات التي يقوم بها "حزب الله" تخرج المرء من جلده ولكن هذا لا يعني ألا نسير في مشروع الدولة" وتوجه الى "أهلنا في طرابلس والى بعض الجماعات التي قد ترى ان الطريقة التي تم التعامل بها كانت قاسية" قائلا: "ان أي أمر ضد الدولة يجب ان يتم التعامل معه بهذه القسوة نفسها". كما دعا الى التمديد لقائد الجيش "فكفى نمتدح الجيش ولا نعطيه شيئا في المقابل".
الحكومة
الى ذلك بدا ان حسم معركة عبرا شكل دافعا قويا وملحا لاستعجال المساعي الآيلة الى تأليف حكومة جديدة. اذ علمت "النهار" ان رئيس الوزراء المكلف تمام سلام الذي زار امس رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد في اجتماع السرايا لاحقا انه يزمع تقديم تشكيلته الحكومية خلال اسبوع.
وسألت "النهار" اوساط الرئيس سلام عن تأثير تطورات صيدا على مساعيه فأجابت ان ما حدث يؤكد ما سبق له ان حذر منه من مغبة الفراغ مما يحتم الاسراع في انجاز التأليف لايجاد حكومة تتحمل مسؤولياتها في الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد.
وأثارت أحداث صيدا ردود فعل دولية وعربية، فنددت الولايات المتحدة "بأقوى لهجة ممكنة" بالهجمات التي قامت بها عناصر متشددة على القوات المسلحة في صيدا وأكدت التزامها مواصلة تزويدها المعدات والتدريب للقيام بدورها المهم في صون وحدة لبنان. وأبدت فرنسا مخاوفها الكبيرة من تدهور الوضع في صيدا وسقوط عدد من العسكريين والمدنيين مشددة على دعمها التام للسلطات الرسمية اللبنانية والقوى العسكرية. كما دعت المملكة العربية السعودية الى وقف الاشتباكات وعدم التصعيد في مدينة صيدا حفاظا على أمن لبنان واستقراره.
الموضوعات المدرجة ضمن هذه الصفحة تعرض للقارئ أبرز ما جاء في الصحف, وموقع المنار لا يتبنى مضمونها