سيرة ووصية الشهيد علي زهير زهري
علي زهير زهري.. مواليد بيروت عام 1971، وينتسب الى النبطية. درس اختصاص الميكانيك العام. الوضع الاجتماعي: خاطب.
عرف عنه انه كان مهذبا وخلوقا ويترك اثرا جميلا في النفوس. وقد التزم علي بالتكليف الديني في سن صغيرة حيث كان عمره تسع سنوات ، ومع توالي سنين عمره كان يزداد تعلقا بالمستحبات وإحياء الشعائر، وقد حج بيت الله مرتين.
التحق الشهيد علي عام 1985 بكشافة الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) لينطلق منها الى التعبئة العسكرية، ثم تفرغ في العمل الجهادي وانتقل للعمل في محور اقليم التفاح، وقد خضع لعدة دورات عسكرية وشارع في العديد من العمليات النوعية.
كان علي الدليل للمجاهدين اثناء الحركة الميدانية، وذلك بسبب معرفته بطبيعة الارض فضلا عن قيامه بتجهيز المجاهدين بما يحتاجونه من سلاح وعتاد وترتيب اغراضهم وتهيئة اماكن نومهم بل حتى الطهي لهم.
عرف علي منذ التحاقه بصفوف المقاومة بإقدامه وشجاعته وتفانيه، وكان دائم الحضور على المحاور المتقدمة، وقد أصيب في قدمه خلال مشاركته في الدفاع عن الثغور إصابة تركت أثراً كاد يعيقه عن تأديته لواجبه الجهادي.
استشهد علي عام 1999 خلال اقتحام موقع سجد وذلك بعد ان تم كشف موقع المجاهدين من قبل العدو حيث حمل الشهيد راية حزب الله عازما على زرعها فوق دشمة الموقع لإرعاب العدو وما إن وصل وزرعها حتى اطلق عليه جنود العدو عدة طلقات أصابته في رأسه ومعدته وادت الى استشهاده.
وصية الشهيد:
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } صدق الله العليّ العظيم.
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا وحبيبنا وشفيعنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين، السلام على صاحب العصر والزمان أرواحنا لمقدمه الفداء، السلام على مفجّر الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني الراحل، السلام على نائبه بالحق السيد علي الخامنئي، السلام على راغب وعباس، السلام على كل الشهداء ورحمة الله وبركاته.
"ما من قطرةٍ أحب إلى الله عزّ وجلّ من قطرتين، قطرة دمٍ في سبيل الله، وقطرة دمعةٍ في سواد الليل، لا يريد بها عبد إلاّ الله عزّ وجلّ". "فإن الحديث عن الأجر والثواب الدنيوي يُعَدَّ إساءة أدب لمنزلتهم ومقامهم، وهذه الدنيا ببهرجها وزخرفها واعتباراتها أقل بكثير من أن تكون أجراً ورفعةً للمجاهدين في سبيل الله" [الإمام الخميني (قده)].
إن طريقنا، طريق ذات الشوكة، طريق الجنان والفردوس والراحة الأبدية، طريق عليكم أن تزفوها بدمائكم الطاهرة وأن تخطوها بمسيركم الليلي فوق الحقول، واعلموا كل العلم أننا لسنا أغلى وأفضل من أبي عبد الله الحسين (ع).
في خضم الأعمال الجهادية والتحركات العسكرية وعندما تصعب الأمور وتشتد الابتلاءات، تكون رحمة الله أقرب إلى الذين يخوضون في ساحات الوغى طالبين رضوان الله وإعلاء كلمته، في مثل تلك الأوقات ينزل الله سكينته على المؤمنين ويطمئن قلوبهم ويهدِّئ من روعهم ويبشرهم برحمةٍ منه ورضوان ويجعل الدنيا بكل ما فيها حقيرةً رخيصةً في أعينهم. ومن هنا، نفهم سر البلاء في حياة الإنسان ونفهم الحديث المشهور: "إذا أحبّ الله عبداً غطّه في البلاء غطاً"؛ ففي نيران الصدق تحترق كل أكوام التعلّقات الفاسدة، وإذا تلاحم الأعداء ليمكروا بنا ويستفزوننا من الأرض تهطل أمطار العطاء الإلهي {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}...
عندما يرجع المجاهد إلى الله في مواقف الشدّة فيعترف أمامه بعجزه وفقره وقلّة حيلته يجد الله قريباً، والله تعالى قد جعل عامود النور متصلاً من السماء إلى الأرض، وحيث تطأ أقدام المجاهدين التراب يرتفع من حبّاتها شذا يعبق بروح الدعاء ليخلصهم من أسر الدنيا، أسرتهم الدنيا ففدوا أنفسهم منها، وهم لا يعلمون أن الله اجتباهم واختارهم ليكونوا أحباءه وأولياءه ففتح لهم باباً عظيماً للورود إلى ساحته "إن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه"، ولقد قال الإمام الراحل (قده): "لقد أصبحت جبهاتنا جامعات لصناعة الإنسان" فعندما يفتخر بذلك فلأن أرواح المجاهدين قد فتحت أبواب الاتصال بخالقها العظيم، وكان الله عند وعده فأمطر عليهم من سحائب رحمته نوراً يشع على العالمين واستخلصهم لنفسه: فمنهم من اتخذه شهيداً ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
وأخيراً: أوصيكم أن تبقوا على هذا الخط الذي هو خط الإمام الراحل وخط سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، وأن لا تنسوا أمريكا وإسرائيل لأن إسرائيل قبل أن تكون كياناً غاصباً وجيشاً مدمراً وشعباً فاسداً هي مشروع قضاء على أهم عامل لقوة المسلمين وتحررهم ألا وهو الإسلام، لذلك: فإن إسرائيل تسعى بكل قوتها في هذه المرحلة لكي لا تجعل حربنا معها حرباً عقائدية، لأنها تعلم تماماً أنها خاسرة حتماً، بل تلوّح دائماً بأن المشكلة مع العرب مشكلة أرض، وأن هذه المشكلة يمكن أن تحل بالتراضي والمفاوضات. حتى إذا تمَّ ما تريد تبدأ بالخطوة التالية مباشرةً وهي القضاء على المجاهدين المؤمنين بكل أرضٍ ومنطقة مستفيدة من عطش الحكام وعشقهم للزعامة والرئاسة والملك، وتخوفهم بأن الإسلام خطر على عروشهم.
من هنا، يجب علينا أن نجعل حربنا حرباً عقائدية لا تعرف الجغرافية والحدود، كما قال الإمام العظيم: "هي حرب الإسلام ضد الكفر وحرب الأنبياء ضد الطواغيت"، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إلى أهلي الأعزاء: لقد خضت في ساحات الجهاد لكي آمن من هذه البلاءات، وطوبى لمن جمع بين اليقين والإيمان وبصره في الشهادة، أعرف أن شهادتي صعبة عليكم ولكن لا أقدر أن أرى الشعب الجنوبي يتعذّب وأنا أبقى مرتاحاً، وأنا لستُ أفضل من أصحاب الحسين (ع) الذين قدّموا أنفسهم في سبيل الله لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.
أمي الحنون: سامحيني وارضي عني، وأوصيكِ أن تبقي على هذا النهج الإسلامي وتذكري السيدة زينب (ع) ومصابها، واذرفي الدموع على مصاب أخيها الحسين (ع)، وأوصيكِ بأخواتي البنات أن تربيهم على النهج الإسلامي.
أبي العزيز: سامحني وارضَ عن عملي، وأوصيكَ أن تقدّم لآخرتك، وأن تنسى هذه الدنيا الفانية وأوصيك بأمي الحنون.
أخواتي البنات: أوصيكنَّ بالحجاب الإسلامي الجيد وأن لا تحزنَّ عليّ، واجعلنَ آخر همّكنَّ الدنيا وقدِّمنَ لآخرتكنَّ قبل فوات الأوان.
إخوتي الشباب: أوصيكم بالالتزام الجيد، وأن تسيروا على هذا الخط، لأنه يوصلكم إلى السعادة الأخروية.
وأخيراً، أرجو منكم أن تتسامحوا لي من جميع الجيران والأقرباء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.