28-11-2024 12:54 PM بتوقيت القدس المحتلة

هل تسقط الصين في فخ أزمة ديون؟ البنك المركزي لا يرى ذلك

هل تسقط الصين في فخ أزمة ديون؟ البنك المركزي لا يرى ذلك

تلقت أسواق المال العالمية نبأ غير سار هذا الاسبوع عندما قال بنك الشعب الصيني (المركزي) يوم الأحد الماضي إن البنوك الصينية لم تعد تقدم قروضا لبعضها البعض

بنك الصينتلقت أسواق المال العالمية نبأ غير سار هذا الاسبوع عندما قال بنك الشعب الصيني (المركزي) يوم الأحد الماضي إن البنوك الصينية لم تعد تقدم قروضا لبعضها البعض، وهي الظاهرة التي أدت في عام 2008 إلى انهيار بنك ليمان براذرز، رابع أكبر بنك استثماري في الولايات المتحدة.


وقال باتريك شوفانيك، أستاذ إدارة الأعمال السابق في جامعة تسينغهوا الجديدة ببكين والذي يتولى حاليا منصب كبير المحللين الاقتصاديين بشركة سيلفركريست أسيت منجمنت للاستثمار وإدارة الأصول ‘السوق تجمدت.. ولم تعد هناك تعاملات بين البنوك’.
وأضاف شوفانيك في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن المشكلة اصبحت خطيرة،’بعدما أصيبت التعاملات قصيرة الأجل بين البنوك بالشلل، كما وصل سعر الفائدة على هذه التعاملات إلى مستويات قياسية.


ووجد مصرف بانك أوف تشاينا التابع للدولة في الصين نفسه مضطرا إلى الدفاع عن نفسه ونفي الشائعات التي ترددت عن إفلاسه. ‘وقد ترددت أنباء عن تأخر البنك في صرف مستحقات العملاء لمدة وصلت إلى 30 دقيقة بسبب نقص السيولة لديه.
وقال شوفانيك”ماذا يعني الإفلاس؟ هل يعني عدم الرد على الدائنين عندما يتصلون بك؟ لا، بل يعني أيضا عدم دفع مستحقاتهم. إنه سؤال في علم الدلالة إذن فالبنوك لم تفلس وإنما فقط اشترت بعض الوقت’.


والحقيقة أن احتمال حدوث انهيار مصرفي في دولة بحجم الصين وخاصة في ظل الحجم الضخم للودائع الخاصة في البنوك، قد أثار رعب المراقبين في بكين حتى رغم أن مراقبي السوق لاحظوا”وجود مؤشرات على تشكل عاصفة”في بداية هذا الشهر.
وبالفعل ارتفعت أسعار الفائدة على القروض في العديد من الأسواق، وهو ما يشير إلى أن البنوك أصبحت أكثر قلقا من تقديم قروض قصيرة الأجل لبعضها البعض. وقد وصل سعر الفائدة على القروض بين البنوك الأسبوع الماضي إلى حوالي 14”’رغم تراجعها عن هذا المستوى المرتفع يوم الجمعة الماضي.


وتشير التوقعات في السوق إلى أن سعر الفائدة على القروض بين البنوك سيدور حول 8.5′ لمدة شهر مقبل. وبالنسبة للاقتصاديين فإن ارتفاع سعر الفائدة عن مستوى 6′ يعني وجود أزمة سيولة.
ويقول شوفانيك ‘يضع هذا السوق المصرفية فوق مستوى التجمد مرة أخرى.. إذا كان هناك نوع من الصدمة،’سيتجمد السوق’.
والحقيقة أن الأزمة المصرفية بدأت تؤثر على الاقتصاد الحقيقي للصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد تراجعت ثقة المستثمرين في الاقتصاد الصيني، حيث أشار”مؤشر مديري المشتريات إلى الانكماش بعد سنوات من إشارته الدائمة إلى النمو.
كل هذه الأنباء غير سارة بالنسبة للاقتصاد العالمي الذي يتزايد اعتماده على نمو الاقتصاد الصيني.
ويقول محللون في بنك لانسبنك هيسن تويرنغن الألماني إنه إذا استمر هذا الاتجاه، سيكون هناك شعور بالتأثير على القروض للشركات، وبالتالي على الاقتصاد الحقيقي.


في الوقت نفسه، فإن الحكومة الصينية لا تستطيع العودة إلى سياسة ضخ الأموال التي تبنتها أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008′لأن هذه السياسة هي السبب الدقيق للصعوبات الاقتصادية الحالية التي تواجهها الصين.
وقال شوفانيك ‘الخلفية التاريخية هي أن الصين غزت النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس الماضية ببرامج تحفيز .. وقد أدى هذا إلى فقاعة إقراض’.


وأضاف أنه لا يمكن القول إن جميع الاستثمارات يمكن أن تتحرك وفقا لهذه التوقعات. وأوضح أنه إذا اتجه قدر كبير من القروض إلى استثمارات لا تحقق عائدات،”ستتراكم هذه الديون وهو ما يعني أنها لن تحقق عائدات رأسمالية’.
ويقول شوفانيك إن”تسهيل الإقراض أصبح مثل إدمان المخدرات ‘فالمرء يحتاج إلى المزيد والمزيد من تسهيلات الإقراض لتحقيق النمو. ولكنه يحقق معدلات نمو أقل لإجمالي الناتج المحلي من خلال مزيد من القروض وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط على القطاع المصرفي’.


كما أعرب عن قلقه إزاء تدفق الأموال إلى القطاع المصرفي الموازي، غير الرسمي،’الذي يتمثل في شركات إدارة الأصول حيث أن بعض استراتيجيات استثمار هذه الشركات مشبوهة. ومدفوعات هذا القطاع مسؤولة جزئيا عن أزمة السيولة الحالية وعن ارتفاع معدل الفائدة.


ويقول وانغ تاو خبير الاقتصاد الصيني في بنك طيو.بي.إس′ السويسري لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن البنك المركزي الصيني أعلن اعتزامه التدخل للحد من التوسع في القروض. وكان البنك تدخل العام الماضي لكي يخفف حدة أزمة سيولة نقدية.
في الوقت نفسه، ذهبت دعوات البنك للمؤسسات المالية بمزيد من الانضباط في عمليات الإقراض ادراج الرياح.
وقال وان إنه يجب على البنوك تقليل حجم خطط نمو القروض وإدارة سيولتها النقدية بطريقة أكثر عقلانية.
يأتي ذلك فيما زاد حجم التمويل الاجتماعي وهو أحد مؤشرات نمو سوق الائتمان في الصين بنسبة 52′ خلال الاشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأغلب هذه الأموال تدخل إلى النظام المالي وليس إلى الاقتصاد الحقيقي.


ويقول وانج إنه على البنك المركزي وغيره من السلطات الرقابية التعامل بحذر بالغ”خلال الاشهر القليلة المقبلة مع محاولة تقليل مخاطر أن انفجار غير متوقع لأزمة سيولة”أو أزمة ائتمان غير مرغوبة.
ورغم التحليلات المتشائمة التي يقدمها اقتصاديون اجانب، لا يرى المسؤولون الصينيون ان الامور على هذا القدر من القتامة. فقد أكد بنك الشعب (المركزي) الصيني يوم الثلاثاء أن البلاد لا تعاني نقصا في السيولة النقدية وأن أزمة السيولة الحالية بين البنوك ستخف تدريجيا.


وقال البنك في ثاني بيان له خلال يومين إنه عزز السيولة النقدية لعدد من المؤسسات المالية الحذرة بعد أن ارتفعت الفائدة على القروض قصيرة الأجل بين البنوك إلى مستويات غير معتادة خلال الأسبوعين الماضيين.
وأرجع البنك هذه الظاهرة إلى مجموعة من العوامل منها النمو السريع للقروض وتركيز عمليات تحصيل ضرائب الدخل للشركات وزيادة الطلب على النقد خلال موسم عطلات عيد التنين والتغييرات في سوق الصرف وزيادة مخصصات تغطية القروض لدى البنوك.


وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه مع تلاشي العوامل الموسمية وقلق الأسواق ستتراجع تدريجيا حدة أزمة السيولة.
كان البنك المركزي قد ذكر أول من الأحد الماضي أن الحكومة الصينية ستبقي على سياستها النقدية المتعقلة وأنها ‘ستحسنها’ في الوقت المناسب مما بدد الآمال في تخفيف شروط الإقراض في الصين.


وذكرت (شينخوا) أن البنك المركزي الصيني يتبنى ‘موقفا صارما’ من البنوك التجارية التي تديرها الدولة رغم الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك. وأضافت الوكالة أن البنك يحاول ‘إجبار المقرضين المحليين على وقف ضخ الأموال إلى القطاع المصرفي غير الرسمي التي تضخم خلال السنوات الأخيرة وأشعل المخاوف من المخاطر المالية’.