يشيد الحاج غلام حسين سماوي (92 عاما) الذي يقطن في البيت المقابل لمنزل روحاني، بأخلاقه العالية وإطاعته والده. ويسرد بختياري، بإعجاب وتقدير، قصصاً عن أخلاق الرئيس المنتخب وصفاته الحميدة.
البلدة شبه خالية من المارة، باستثناء قليل من الرواد في مطاعم صغيرة ومقاه متناثرة هنا وهناك، وأماكن تاريخية يرجع عهدها إلى أكثر من خمسة قرون. هي بلدة سُرخه التي تبعد 18 كيلومتراً عن مدينة سمنان، و180 كيلومتراً شرق طهران، وهي مسقط رأس الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني، وأيضاً الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد.
سُرخه (إيران) - محمد صالح صدقيان / جريدة الحياة
يوم صيفي بامتياز وحرارة تجاوزت الـ40 درجة في البلدة الصحراوية التي يبلغ عدد سكانها 250 ألفاً، وأعطاها نجاد وضع مدينة، علماً أن أهلها ما زالوا أوفياء لعاداتهم القديمة وفي مقدمها إكرام الضيف والتسابق على خدمته. يشعر سكان سُرخه بفرح واعتزاز، حين تسألهم عن روحاني، ويمكن تلّمس ذلك من صوره التي تزيّن الجدران وواجهات المحال التجارية والدكاكين المتواضعة.
القرية لا تستقطب سيّاحاً، على رغم وجود أماكن أثرية، وأهلها منشغلون في الزراعة، إذ تتوزّع محاصيلهم على العنب والرمان والحنطة والقطن، وقليل من أشجار الفستق التي دخلت القرية حديثاً.
شباب سُرخه لا يعرفون عن روحاني سوى اسمه، إذ غادر العام 1961 ليدرس العلوم الدينية في مدينة قم، قبل التحاقه بجامعة طهران حيث نال شهادة في القانون، ثم الدكتوراه من جامعة غلاسكو. لكنهم يعرفون منزل والده الذي توفي قبل سنة، تاركاً والدته سُكينة بيوندي (86 عاما) في البيت. ولم يعلم أسدالله فريدون، والد روحاني، أن محل العطارة الذي تركه سيصبح المقرّ الرئيس للحملة الانتخابية لنجله في سُرخه. حسن النجار، صهر العائلة، مدرّس متقاعد أشرف على المقرّ، فتح لـ «الحياة» باب منزل الرئيس المنتخب، حيث ثمة ساحة واسعة تتزّين بأشجار الرمان والعنب. وذكر علي أكبر جمال، وهو شيخ مسنّ، انه كان فلاحاً يعمل في حديقة المنزل، مستذكراً أن «الحاج حسن روحاني» زرع إحدى أشجارها.
وتقول والدة الرئيس المنتخب أن لديها خمسة أبناء، هم حسن وحسين وصديقة وطوبا وآمنة، مشيرة إلى أن «الحاج حسن يتصل بي يومياً، أينما كان». وحين يزورهم، تجتمع العائلة في منزل والده. يلفت حسن النجار إلى أن لقب العائلة هو فريدون، لكن الرئيس المنتخب أبدله بلقب «روحاني» خلال عهد الشاه، للإفلات من جهاز الاستخبارات «سافاك» الذي لاحقه وأرغمه على عدم صعود المنبر في المساجد والتكايا (الزوايا)، بسبب نشاطه السياسي، خصوصاً أنه كان الوحيد في عائلته الذي درس العلوم الدينية. يُذكر أن الإيرانيين يطلقون تسمية «روحاني»، على مَن يدرس هذه العلوم ويلبس زيّ علماء الدين.
يشيد الحاج غلام حسين سماوي (92 عاما) الذي يقطن في البيت المقابل لمنزل روحاني، بأخلاقه العالية وإطاعته والده. أما الحاج إبراهيم إبراهيمي (92 عاما) فيتذكّر طفولة روحاني، مشيراً إلى أنه كان منذ صغره يسرد القصص بسهولة ومتانة، ويلبّي فوراً خدمة يطلبها أحد سكان الحي.
ويروي حسين علي بختياري، زميل الدراسة والفتوة لروحاني، انهما كانا العام 1958 يدرسان في مدرسة نظامي، لافتاً إلى أن الرئيس المنتخب «كان يتمتع بذكاء مفرط، قياساً إلى نظرائه الطلاب، حتى أن المدرّسين كانوا يُسندون إليه إدارة الحصة وشرح الدروس، في حال غيابهم». وأضاف: «حين كبرنا، ولم نكن نعلم ماذا تعني كلمة نضال، كان الدكتور (روحاني) من مناضلي الثورة».
ويسرد بختياري، بإعجاب وتقدير، قصصاً عن أخلاق الرئيس المنتخب وصفاته الحميدة، مضيفاً: «أدعو إلى الله، إذا عشت 5 سنوات إضافية، أن يضيفها إلى عمر الدكتور»!.. روحاني زار مسقط رأسه الخميس الماضي، أي بعد 4 أيام على إعلان فوزه في الانتخابات، وقرأ الفاتحة على قبر والده، بعد لقائه والدته، وعاد إلى طهران.