لكن بعد هذا التبرير السينمائي للجيش الصهيوني والجدار العنصري، يصبح التعليق السينمائي أكثر سخافة، حين تعلو ضجة الاحتفال وتصل لآذان الموتى الأحياء الذين يثيرهم الصوت، فيشكّلون هرماً لكي يتسلقوا الجدار
عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، تلمّع هوليوود صورة الكيان الغاصب، وتزيّف التاريخ والواقع القائم على العنصرية والاحتلال. فيلم World War Z لمارك فورستر نسخة جديدة من خلط السينما بالخبث السياسي.
يزن الأشقر / جريدة الأخبار
كعادتها، تعيد هوليوود تقديم نفسها ماكينةَ دعاية سياسية متجددة. هذه المرة، يأتي الخبث السياسي بفيلم رعب، حيث الأموات الأحياء (الزومبي) ينهضون مرة أخرى للقضاء على البشرية. World War Z لمخرجه مارك فورستر (صاحب فيلمي «كرة الوحش»، و«أغرب من الخيال») يقدم إسرائيل للعالم على طبق من الذهب، وهي ليست المرة الأولى ولا الأخيرة بالتأكيد. هنا يجتمع رعب نهاية العالم مع التلميحات الساخرة لتقديم خدمة دعائية الكيان الصهيوني.
في الفيلم المقتبس عن رواية صدرت عام 2006 بالعنوان نفسه للكاتب ماكس بروكس، يؤدي براد بيت دور الموظف السابق في الأمم المتحدة جيري لين الذي يفاجأ صباح ذات يوم بخبر انتشار مرض غامض في فيلادلفيا حيث يقيم، فيهرب مع عائلته، ويُنقَذ بمروحية للأمم المتحدة، ومنها إلى سفينة تابعة للبحرية الأميركية. يجبر لين على مساعدة الجيش الأميركي في البحث عن سبب المشكلة تحت تهديد الطرد من السفينة. بعد الرضوخ لمطالبهم، يُؤخذ إلى قاعدة أميركية في كوريا الجنوبية، وهناك يخبره موظف سابق في الاستخبارات الأميركية أن يذهب إلى القدس لأنّ الموساد قد قام بإجراءات احتياطية قبل ظهور الفيروس.
في الجزء الإسرائيلي من الفيلم، نتعرض لمشاهد دعائية سمجة تعظّم قدرة الدولة المحتلة وتبرر لها سياساتها. وبحسب موقع «تايمز أوف إسرائيل» الإخباري، فهو «أهم قطعة بروباغاندا سينمائية لإسرائيل منذ فيلم Exodus لأوتو بريمينغر». يصل جيري لين إلى القدس، ونشاهد العلم الإسرائيلي يرفرف على الشاشة بلقطة مقرّبة، بالإضافة إلى مشاهد لجنود جيش الاحتلال توحي بالنظام العسكري.
يلتقي جيري برئيس الموساد الذي يلقي عليه درس تاريخ على الطريقة الإسرائيلية الدفاعية التي تبرر احتلالها وسياساتها، ويخبره أنّ إسرائيل اتخذت احتياطاتها باكراً بعدما علمت من طريق التنصت أنّ الهند تقاتل الموتى الأحياء. لذا قامت إسرائيل بالتحصن من خلال بناء جدار عازل (جدار الفصل العنصري إياه) عن الزومبي يسمح لكل شخص غير مصاب بالفيروس بالدخول بغض النظر عن أصله. الاستعراض السمج يتمثّل حين نرى الإسرائيليين والفلسطينيين يغنون ويرقصون معاً احتفالاً بنجاتهم وراء جدار الدولة العازل، محميين من الخطر الخارجي، في المكان الأكثر أماناً في العالم على ما يبدو.
لكن بعد هذا التبرير السينمائي للجيش الصهيوني والجدار العنصري، يصبح التعليق السينمائي أكثر سخافة، حين تعلو ضجة الاحتفال وتصل إلى آذان الموتى الأحياء الذين يثيرهم الصوت، فيشكّلون هرماً لكي يتسلقوا الجدار ويبدأوا بتدمير القدس. الأحداث تستمر، ويقدم الفيلم بطلة أخرى هي المجندة الإسرائيلية سيجين التي تساعد جيري على الهروب، بينما يفتك الجيش الإسرائيلي بحشود الزومبي المجنونة، لكنّ سيجين تتعرض أيضاً للعضّ في يدها، ليقوم جيري بقطع اليد كي لا يتفشى الفيروس، وهكذا ترافق المجندة الإسرائيلية البطل الأميركي ويستكمل الفيلم أحداثه.
من المخزي أن تتعرض أعمال سينمائية عربية وأجنبية جادة للرقابة في بلادنا، بينما تمرّ هذه الأفلام الصهيونية مرور الكرام من دون محاسبة. في لبنان، يعرض الفيلم كاملاً كما هو! وفي الأردن، مرّ الشريط على هيئة الإعلام المرئي والمسموع ليجد طريقه إلى الصالات السينمائية. لكن بعد احتجاج ناشطي المقاطعة، سُحب الشريط من الصالات ليوم واحد، وحُذفت بعض اللقطات منه قبل إعادته مرة أخرى. من جهتها، استنكرت «الحركة الشعبية الأردنية لمقاطعة الكيان الصهيوني» الفيلم.
وفي تصريح لـ«الأخبار»، دعت إلى مقاطعة الفيلم بالكامل وسحبه من الصالات المحلية «بسبب انحيازه الكامل إلى الرواية الصهيونية في تصويره أمام الجمهور على أنه كيان طبيعي ومسالم ويدافع عن الإنسانية». في «وورلد وار زي»، القدس هي عاصمة إسرائيل المحبّة للسلام والتعدّدية التي يرفرف علمها أمام المشاهد، والجيش الإسرائيلي يُصوَّر مدافعاً عن العالم. بروباغاندا سينمائية صريحة ووقحة تبرر المحتل وتغسل جرائمه، ومن الأجدى مقاطعته.