28-11-2024 07:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

لبنان والازمات المتنقلة.. ابحثوا عن "المستقبل"

لبنان والازمات المتنقلة.. ابحثوا عن

ان المتتبع بهدوء لمسار الاحداث التي تحصل في لبنان يجد ان البيئة الحاضنة لها الاحداث تتبع تيارا وفريقا سياسيا معينا.

صحيح ان المتتبع لاحوال لبنان منذ عشرات السنين يعلم علم اليقين ان هذا البلد ليس مثاليا في احوال استقراره وامنه واوضاعه بشكل عام، فهو البلد الذي قال عن وضعه احد الحكماء "في لبنان لا استقرار ولا انهيار"، الا ان المتتبع بشكل دقيق في هذه الفترة يلحظ حركة غير اعتيادية في اثارة الخضات على اكثر من صعيد، مما قد ينذر بتحضير شيء ما اكبر بكثير مما حدث في صيدا في الفترة الاخيرة.

فالمواطن العادي في لبنان لا يستغرب حدوث اشتباك هنا او ازمة هناك، لكن عندما تتجمع هذه الازمات الامنية والسياسية والعسكرية في وقت واحد دفعة واحدة نكون بالتأكيد في حالة اللاستقرار التي تحتاج الى من ينزع فتيلها، ولم يظهر حتى الآن اقله بوادر لذلك او اشارات تفيد بقرب الفرج اللبناني مع اشتداد الازمات في العديد من دول المنطقة مما قد يؤدي الى ارتفاع في وتيرة الاحداث اللبنانية في الفترة المقبلة.

القارئ لمسار العديد من الاحداث -إن لم نقل كلها او اغلبها- يجد ان البيئة الحاضنة لهذه الاحداث تتبع تيارا وفريقا سياسيا معينا، والا فما معنى ان يعتدى على الجيش في مناطق محددة دون غيرها وما معنى ان يربى احمد الاسير في كنف نُزل سياسي معين، او تقدم مذكرات لرئيس الجهورية حول العلاقة مع سورية من شخصيات سياسية معروفة التحالفات.

ولماذا تهاجم المقاومة وتتهم في كل صغيرة وكبيرة في لبنان والمنطقة والعالم من قبل نفس الفريق السياسي، ولماذا يتهم الرئيس نبيه بري (في هذا الوقت بالذات)-وهو الذي طالما عرف عنه رحابة صدره وانفتاحه على الجميع في احلك الظروف- بتجاوز صلاحياته الدستورية فيما اصحاب فريق محدد يتألف منهم مكتب هيئة مجلس النواب وهم من وضعوا جدول اعمال جلسة ذات الفريق السياسي هو من قاطعها تحت حجج الميثاقية والدستورية بينما الدستور واضح ولا يحتاج الى تأويل، حتى ان النائب وليد جنبلاط عندما حاول كما يقال على الطريقة اللبنانية "لمّ الشمل" بين الافرقاء خرج من يتهجم عليه وليتحدث عن الطعن في الظهر وما شاكل.

فهل ان من يقوم بكل هذه التوترات والخضات اللبنانية يقوم بها بحسن نية  ام ان هدفه ضرب لبنان الدولة والمؤسسات بهدف تحقيق مخططات خارجية ومكاسب سياسية خدمة لمشاريع طالما ارتبط بها هذا الفريق؟ وهل ان ضرب الجيش والمؤسسات في لبنان بات بهذه السهولة وهل ان السياسة ومصالح تيار سياسي معين واشخاص محددين للوصول الى مناصب ورئاسات تبيح تدمير وطن اصلا يحتاج الى الكثير كي يأخذ موقعا جيدا بين الاوطان؟ وماذا يمكن ان يجنيه البعض في إفراغ لبنان من مؤسساته وتعطيل المرافق العامة عن السير وادارة شؤون البلاد؟ ولماذا اشتدت الحملة ضد الرئيس بري ومحاولة تعطيل مجلس النواب تحت حجج واهية؟

ابو زيد: الجيش اللبناني يتعرض منذ فترة طويلة لحملة منظمة تستهدفه

حول كل هذه التساؤلات قال المحلل السياسي اللبناني سركيس ابو زيد إن "هناك حملة منظمة منذ فترة طويلة ضد الجيش اللبناني، والاحداث التي وقعت مؤخرا في عبرا وطرابلس وعرسال هي سلسلة من تحركات بدأت منذ سنوات وتستهدف الجيش ترافقت مع حملة من نواب كتلة المستقبل ضد الجيش وقائده والتشكيك بدوره في عكار او الجنوب"، وذكّر ان "الجيش اللبناني سبق ان اتهم انه نصراني ويسيطر عليه البطريرك الماروني وكل ذلك بهدف خدمة التنظيمات التكفيرية لاقامة امارات اسلامية في بعض المناطق اللبنانية".

ولفت أبو زيد في حديث لموقع "قناة المنار" الى ان "عناوين الهجوم على الجيش اختلفت اليوم حيث تتهم المؤسسة العسكرية انها تابعت لايران ولحزب الله لان الهدف اليوم هو ضرب العلاقة بين الجيش والمقاومة واستهداف معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي ادت الى حماية لبنان"، واضاف ان "هناك فريقا لبنانيا لا يريد هذه المعادلة التي تشكل نقطة القوة للبلد أمام العدو الاسرائيلي"، واكد ان "كل ما يحصل على الساحة اللبنانية هدفه النيل من سلاح المقاومة الذي عجزت اسرائيل عن النيل منه خلال تموز 2006 فهي تحاول اليوم النيل منه بطرق اخرى".

واشار ابو زيد الى ان "نقطة القوة لسلاح المقاومة هي معادلة الشعب والجيش والمقاومة والتنسيق الدائم والعالي"، وأوضح ان "كل الشروط والشروط المضادة التي توضع لعرقلة تشكيل الحكومة هدفها النيل من المعادلة التي تشرع وتحمي سلاح المقاومة والتي تؤمن قوة استراتيجية للبنان"، ولفت الى ان "البعض يحاول النيل من الجيش بعد فشلهم في اضعاف المقاومة وفي سبيل ذلك يستهدفونه حينا ويحرضون عليه احيانا"، واضاف ان "سبب الحملة على الجيش هي مواقفه التي يطبقها انطلاقا من معادلة متفق عليها في الشرعية اللبنانية وواردة في البيان الوزاري والتزمت بها كل الحكومات اللبنانية".

ابو زيد: "المستقبل" يهدف لايجاد حالة من الفراغ في لبنان

وقال ابو زيد إن "احد اهداف النيل من الجيش واضعافه من قبل تيار المستقبل هو اضعاف الجيش وتشتيت تركيزه في المناطق الحدودية مع سورية لتسهيل ايصال السلاح والعتاد والافراد الى المعارضة السورية المسلحة"، واضاف ان "المستقبل يعمل لتحويل لبنان الى منطقة سائبة والى منطقة وقاعدة خلفية للمجموعات المسلحة في سورية لامدادها بالسلاح والمسلحين وفي سبيل ذلك يعمل لمنع الجيش من قيام بدوره في هذا الاطار".

وحول ما اشيع عن موافقة النائب سعد الحريري على التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، اعتبر ابو زيد ان "هذا الموقف للحريري كان هدفه سياسيا بامتياز لاثارة الخلاف والتحريض ضد العماد ميشال عون الذي يرفض التمديد لقائد الجيش"، وتابع "لكن الحريري تعرض للانتقاد في اوساط تيار المستقبل وبعض المجموعات المتطرفة التي تعتبر ان الجيش وقف بوجهها ومنعها من تنفيذ مخططاتها في اكثر من منطقة"، وراى ان "كل ذلك جعل الحريري يسحب موافقته من التداول بل ويتراجع عنها".

وحول محاولة "المستقبل" لتعطيل عمل مجلس النواب والتحريض على الرئيس نبيه بري، قال ابو زيد إن "المستقبل يطبق منطق إما ان تكون المؤسسة الدستورية تحت سيطرتي او اقوم بتدميرها وتعطيلها كما هو الحال في كل مؤسسات الدولة اللبنانية"، واعتبر ان "هذه الحملة المركزة على مجلس النواب وعلى الرئيس نبيه بري تهدف لايجاد حالة من الفراغ في البلد لجعل لبنان ساحة مفتوحة كي تستطيع ان تتحرك التنظيمات التكفيرية لدعم المجموعات المسلحة في سورية وكي تصبح قوى امر واقع في لبنان".

وعن احوال "تيار المستقبل" على ارض الواقع وما يدفعه الى اثارة الزوابع في الساحة اللبنانية، اعتبر ابو زيد ان "تيار المستقبل لديه مشكلة اليوم في وسطه حيث هناك صراعا بين تيارين احدهما متشدد والآخر يعتبر نفسه معتدلا ووسطيا"، واضاف ان "تيار المستقبل سبق ان استخدم الفريق المتشدد كفزّاعة لتخويف الاخرين في لبنان وكي يقبلوا به ممثلا للسنة في لبنان مهددا انه سيستخدم المتشددين ضد اللبنانيين ولبنان"، ورأى ان "هؤلاء باتوا يشكلون خطرا على تيار المستقبل ويسعون الى اخذ الزعامة منه لذلك اصبح المستقبل امام خيارين اما ان يعترف بقوة هذا الفريق الذي صنعه بنفسه في الوسط السني واما ان يكون متشددا كي يجاري المتشددين كي يستعيد شارعه الذي يفقده تدريجيا "، آسفا انه "في كلا الحالين لبنان سيدفع الثمن من جراء تصرفات المستقبل".

ولعل على جميع الافرقاء في لبنان ومنهم "تيار المستقبل" التنبه ان سقوط المعبد سيكون على الجميع ولن يفرق بين احد وآخر، وان اثارة النزاعات والازمات لن تضر فريقا دون آخر، فالسفينة ان غرقت ستغرق كلها، فلا يظنن احد انه بمنأى عن السقوط فيما لو سقط لبنان، لذلك يجب على من يفتعل المشاكل ان يمعن جيدا اين مصلحة لبنان -المقدمة حتما على كل المصالح- والعمل لتحقيقها.