اما صفوان ابو عكر فيبقى سلوكه السيء متصاعدا الى ان يصبح عميلا للفرنسيين ، وليلة حريق دمشق يصاب بقذيفة تؤدي الى بتر قدميه وقلع عينه ثم يتوب ويلتزم دينيا
انفردت شاشة تلفزيون المنار في العام الماضي بعرض الجزء الأول من المسلسل السوري "زمن البرغوث"، والذي هو من انتاج مركز بيروت الدولي للانتاج الفني، وتأليف الكاتب محمد زيد الزيد، وإخراج أحمد إبراهيم الأحمد. وهذا العام مع قدوم شهر رمضان المبارك، ينحصر معها عرض الجزء الثاني من المسلسل.
يقدم العمل رؤية جديدة للمجتمع الدمشقي، مما يجعله مختلفا عن غيرة من المسلسلات البيئية الاجتماعية الدمشقية، حيث يكسر الاطار الذي يحيط بالحارة الدمشقية ،ذلك الاطار الذي يجعلها وكأنها معزولة عن العالم ، فيصور علاقات الدمشقين مع محيطهم من الريفيين والبدو من خلال حارة دمشقية في حي الميدان. تقع أحداث هذا العمل في أكثر من ستين حلقة، ويضم أكثر من مئتين وسبعون شخصية، وينحصر زمن العمل بين عامي 1915-1926 والتي يتخللها حرب السفر برلك.
لجانب العسكري والسياسي فيه يكاد يكون ثانويا الا انه يرمي بظلاله على المجتمع الدمشقي من خلال سوق الشبان الى الخدمة العسكرية ، وعدم عودة الكثيرين منهم . اضافة الى المآسي والمجاعة التي أحدثتها الحرب. ويتناول العمل العادات والتقاليد الدمشقية الاصلية (وبعض العادات والقيم الريفية والبدوية التي لا تختلف كثيرا)، ويظهر القيم التي كانت سائدة آنذاك ،والتي نفتقد معظمها في أيامنا هذه.
كما يظهر في العمل مفارقات وتناقضات عديدة. ويتناول العمل عدة شخصيات نموذجية (سلبية وايجابية)،فتظهر الشجاعة والشهامة والكرم متمثلة بشخصية المختار و العقيد ومعظم رجال الحارة، وبعض الرجال الآخرين من أماكن اخرى مختلفة ، وتتجلى ظاهرة البخل والشح والنذالة بشخصية ابو نجيب، الذي يعيش الحرمان هو وأولاده ، مما يجعله سخرية للآخرين وتصرفاته المفرط في البخل والنذالة تثير الضحك والفكاهة لدى المشاهد بامتياز.
ويتجلى جانب الشر بشخصية ام تحسين وابنها تحسين ابن عم العقيد ابو ادهم ،والذي يكتشف في آخر الجزء الاول بانه لا تربطه بالعقيد اي صلة قربى، وشخصية صفوان الملقب بابو عكر ووالدته ام صفوان اللذان يحتلان القسم الاكبر من جانب الشر حيث تظهر الخصال الذميمة كالحسد والعدوانية والحماقةفي شخصية ام صفوان وابنها صفوان ايضا،حيث نرى من خلال شخصية صفوان ابو عكر جانب الدهاء والخبث والمكر وتدبير المكائد للآخرين ، بطريقة مشوقة واحيانا طريفة فابو عكر هو شخص حشاش ،سنطرح من خلاله طرائف ومفارقات ، وشخصية والده ابو صفان هو الزوج المغلوب على امره الذي تورطه زوجته وابنته في العديد من المآزق.
كما يتناول النص بعض القضايا والمفارقات مثل شخصية نصري القصير القمامة النحيل الجسد. والذي يحاول أن يعوض هذا النقص بالكذب والادعاء امام بعض الصبية والمراهقين .وامام نزلاء خان العقيد، والذي يعمل به، وكذبه هذا يوقعه في العديد من المشاكل . وهناك ابو محمد السكافي وهو الانسان المتهم البريء المظلوم والذي يعاني الاميرن حتى تظهر براءته ، ويكافئ من قبل المرأة التي كانت قد اتهمته باتهام باطل مشين ، بثروة عظيمة لتكفر عما ارتكبته بحقه ، وهي على فراش الموت .
كما يتطرق النص الى الجانب الوطني متمثلا بشخصية هاشم افندي موظف السرايا والمشكوك بامره من قبل اهل بعض الحارة بأنه جاسوس للسرايا ، الا انه في الحقيقة رجل وطني يكره العثمانين ويتعاون مع بعض الضباط العرب الفارين من الجيش العثماني للعمل في الجمعيات الوطنية .ويتناول جوابنا من الثورة السورية ضد الفرنسيين.
كما يتطرق العمل الى مشكلة السحر والشعوذة المتمثلة بشخصية المشعوذ الشيخ جوهر، وفردوس زوجة نصري في الجزء الثاني . وهناك مجموعة اخرى من الشخصيات الثانوية والتي تنفرد كل منها بقصة خاصة بها.
بعدما شاهدنا في الجزء الأول كيف يتم تبديل الطفلين وبعد وفاة ابو عبدو وشلل ام عبدو ، ليزوجه رويده ، وهو يعلم ان وضاح على قيد الحياة ، من رسالة كان قد ارسلها لأهله ليعلمهم بانه ما زال بخير ، فيتسلم الرسالة ويخفيها عن الجميع ، ويشاع خبر اعدام وضاح ، فيعقد تحت الاكراه قران صفوان على رويده كرها، فلا تجد رويده امامها من سبيل الا الفرار، فتفر ليلا ، وتلتقي بقافلة رهبان وراهبات، فتذهب معهم الى الدير وتعيش هناك سنوات وبعد عودة وضاح يلتقي بها بطريقة مشوقة(بسبب معركة شارك فيها مع الثوار ضد الفرنسيين بالقرب من الدير)ثم يلتقي بامه وابيه بعد عناء، ثم يعلم من اخته سميحة التي قد تزوجت خيرو بن هاشم افندي،وحضرت ولادة الضرتين ، والتي هجرت الى تركيا مع زوجها واهلها بسبب ممارسة والد زوجها العمل السياسي الوطني ، هجرت ثاني يوم للولادة واخذت معها سر تبديل الاطفال وعند عودتها وبعد خروج العصملي من دمشق ، روت لوضاح قصة تبديل الاطفال ، كل ذلك يجري بحبكة محكمة ومقنعة بامتياز ثم يلتقي بابنه ويكون مشهدا حارا ، اما صفوان ابو عكر فيبقى سلوكه السيء متصاعدا الى ان يصبح عميلا للفرنسيين ، وليلة حريق دمشق يصاب بقذيفة تؤدي الى بتر قدميه وقلع عينه ثم يتوب ويلتزم دينيا ، ويطلب السماح من كل من اساء اليه بالحاح، ويلتحق بالثوار ضد الفرنسيين.
وفي الجانب الآخر من الحارة، نتابع قصة شاهر الشهم الذي يقرر خطبة ام ادهم ليخلصها من ظلم نسوة اخوتها ، على الرغم من حبه لسعاد ابنة هاشم افندي ، فيشكك به وبعد صراع درامي يتزوجها، دون ان يقترب منها احتراما للمرحوم ابي ادهم، ولأنه تزوجها ليجمعها مع اولادها في بيت زوجها لمرحوم، وخلال سنين تنشأ بينهما قصة حب مثيرة.
هناك عدة محاور أخرى تلتقي وتتقاطع مع هذه الأحداث هي محاور ممتعة جدا ولم نوضح شيئا منها مراعاة للاختصار وعدم الاطالة، حيث أن الملخص الأساس لهذا العمل يقع في أكثر من سبع وثلاثين صفحة، أرجو الاطالع عليه فهو يعطي صورة أكثر انصافا للعمل.
نجوم الجزء الثاني: سليم صبري ،ضحى الدبس،مهيار خضور، قمر خلف،هبة نور، رهف شقير،مديحةكنيفاني، سعد مينا، فايز قزق،امية ملص، علاء قاسم، فائق عرقسوسي، مرح جبر، نجلاء خمري، نزار أبو حيدر، شادي مقرمش،علي كريم، حسام تحسين بيك، أندرية سكاف ، عدنان أبو الشامات ،معن عبد الحق، سحر فوزي، ايمان عبد العزيز، عهد ديب، مي مرهج..... وآخرين.