منذ يومين هاتفني الروائي الإسباني خوان غويتسولو سألني هل صحيح نزل إلى الشارع 17 مليونا؟ قلت له لا.. الرقم الصحيح أكبر من ذلك بكثير، ربما يتجاوز 33 مليونا.
الروائي المصري جمال الغيطاني / جريدة السفير
ما جرى مفاجأة حتى لمن يعرف مصر وتاريخها جيدا، ما جرى معجزة أثبت الشعب خلالها حيويته وقدرته على استدعاء موروثه لمقاومة الظلم والعدوان والاحتلال. جماعة الإخوان هي قوة احتلال لمصر، قلت ذلك منذ البداية، وهم جماعة قد تصل إلى السلطة بالصندوق ولكنها لا تتركه أبدا، لأن مهمتها هي تخريب الأوطان، مهمتها هدم الكيانات الكبيرة وتفتيت المنطقة.
الشعب المصري أدرك ذلك مبكرا واستخدم عبقريته في المقاومة ليزيح هذا الحكم لينقذ ليس فقط مصر ولكن الإنسانية كلها.
منذ يومين هاتفني الروائي الإسباني خوان غويتسولو سألني هل صحيح نزل إلى الشارع 17 مليونا؟ قلت له لا.. الرقم الصحيح أكبر من ذلك بكثير، ربما يتجاوز 33 مليونا. . قال غويتسولو: هذه أكبر مسيرة فى تاريخ البشرية. بالفعل. لم تكن المسيرات فى الميادين الرئيسية فى المدن ، ثمة مسيرات فى أحياء وأزقة شعبية لم يسمع بها أحد ..رأيت فى منطقة مقابر قايتباي وهي منطقة نائية ومجهولة ، مظاهرة لسيدات عجائز يرفعن علم مصر ويهتفن ضد حكم المرشد.
كنت أتصور أنني سأرحل والإخوان في سدة الحكم، ولكن فاجأني الشعب بكافة أطيافه أدركوا مبكرا أن هذه الجماعة تحمل الخراب لمصر، لم نسمع طوال عمرنا عن صراع سني شيعي بمصر، نحن نتزوج على مذهب أبوحنيفة النعمان ونموت حبا من اجل سيدنا الحسين، عندما جاء الإخوان حدث الصراع ..تحت سمع وبصر رئيس الجمهورية.
بدون مبالغة هزني مشهد الخروج ، هزني وجود المرأة المصرية التي هتفت بكل ما فيها من طاقة ساعات طويلة لم تتعب، حدث أزاب الفوارق بين الطبقات جميعا، في مسيرة المثقفين التي سرت فيها كان كل أجيال المثقفين ممثلة ..كنت أتصور أن مصر لن تشهد حدثا مثل ثورة 19 ، ولكن هذا الحدث فاق كل الحدود والتصورات.
عندما أرى شبابا تمرد أشعر بعبقرية هذا الجيل الذى دعا الشعب واستجاب.. ولأول مرة فى التاريخ يؤمر الجيش من الشعب فيستجيب ..وهو الأمر الذى لا يمكن فهمه إلا فى إطار الوطنية المصرية لا العسكرية المصرية ...استيقظت أمس ..كان اليوم اسعد ايام حياتي إنه يوم خال من الإخوان ، ذلك السرطان الخبيث..استرددنا مصر المخطوفة في أقل من عام.