بيانات أظهرت أن المخاطر المالية تتجه للتصاعد. ولا يكفي صافي احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة – التي تحتاجها البلاد لدفع ثمن الواردات – لسداد الالتزامات المقبلة قصيرة الأجل مما يشير إلى أزمة تمويل و
ابتهجت أسواق الأسهم والسندات بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي وانخفضت تكلفة التأمين على ديون مصر لكن بيانات أظهرت أن المخاطر المالية تتجه للتصاعد. ولا يكفي صافي احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة – التي تحتاجها البلاد لدفع ثمن الواردات – لسداد الالتزامات المقبلة قصيرة الأجل مما يشير إلى أزمة تمويل وشيكة ستشهدها مصر ما لم تتلق مساعدات خارجية سريعا.
وأنفق البنك المركزي ثلث احتياطياته النقدية لحماية الجنيه المصري منذ أوائل عام 2011 بعد أن نضبت الاستثمارات الأجنبية وتعثر الاقتصاد عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. ولم يستطع البنك دعم هذه الاحتياطيات إلا بفضل مساعدات مالية قدمتها ليبيا وقطر، ومن غير المضمون استمرارها بغد الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي.
وأظهرت أحدث البيانات أن إجمالي الاحتياطات الأجنبية يبلغ حاليا أقل من 15 مليار دولار بما يكفي بصعوبة لتمويل واردات ثلاثة أشهر. لكن حتى هذا الرقم مضلل المتواضع. فالمبلغ يتضمن الأصول غير السائلة مثل الذهب فضلا عن أن الالتزامات التعاقدية الوشيكة تتجاوز بكثير حجم احتياطيات البنك من النقد الأجنبي.
وتشير بيانات صندوق النقد الدولي ومصرف بانك أوف أمريكا/ميريل لينش إلى أن عجز احتياطيات العملات الاجنبية لدى مصر ‘التي يسهل تحويلها’ يبلغ أكثر من خمسة مليارات دولار لا غير ‘إذا ما قورنت بحجم الالتزامات المستقبلية للبنك المركزي.
وتتباين التقديرات لاحتياجات مصر المالية.’ويتوقع جان مايكل صليبا، خبير شؤون الشرق الأوسط لدى بانك أوف أمريكا/ميريل لينش في لندن، أن تصل هذه الاحتياجات إلى 33 مليار دولار في الثمانية عشر شهرا المقبلة من بينها 14.7 مليار دولار ستحتاجها مصر بنهاية عام 2013 بينما يقدر محللون في في.تي.بي كابيتال أن تصل احتياجات البلاد من التمويل الخارجي إلى 19.5 مليار دولار في عام حتى حزيران/يونيو 2014.
ورشد البنك المركزي استهلاك النقد الأجنبي من خلال نظام عطاءات غير أن الجنيه وصل إلى مستوى قياسي منخفض ليتجاوز حاجز السبعة جنيهات للدولار وتراهن الأسواق الآجلة على أن السلطات لن تستطيع الحفاظ على هذا السعر لفترة طويلة متوقعة انخفاض قيمته 20 بالمئة في العام المقبل. أما الجانب المضيء في وضع مصر فهو أن جزءا كبيرا من هذه الالتزامات يتكون من أذون خزانة مستحقة مقومة بالدولار تحمل معظمها بنوك محلية ومن ثم يسهل إطالة أجل استحقاقها.
وقالت سهير عصبة الخبيرة الاستراتيجية في شؤون الأسواق الناشئة لدى بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي إن أحد عطاءات أذون الخزانة التي أقيمت في الآونة الأخيرة شهد طلبا جيدا.’وأضافت ‘السوق مفرطة في تفاؤلها تجاه مصر ولكنهم (المصريون) لن يعجزوا عن السداد. سيتلقون كثيرا من المساعدات الخارجية إذا طلبوها.’ ومن الممكن أن تشهد البنوك المركزية عجزا لفترة إذ أن بنك الاحتياطي الجنوب افريقي (البنك المركزي) على سبيل المثال شهد صافي احتياطيات سلبيا لسنوات وسجل عجزا بلغ نحو 30 مليار دولار في عام 1994.
ورغم ذلك تشير أزمة التمويل المتفاقمة في مصر إلى أنه لن يكون أمام القاهرة خيارات تذكر سوى إتمام اتفاق قرض صندوق النقد الدولي الذي حاولت حكومات ما بعد الانتفاضة الشعبية تجنبه خشية أن يذكي خفض الدعم الذي يطالب به الصندوق اضطرابات اجتماعية في البلاد.
من جهته’قال البنك المركزي المصري امس إن الاحتياطيات الأجنبية تراجعت 1.12 مليار دولار الشهر الماضي إلى 14.92 مليار دولار مما يبرز خطورة الأوضاع المالية في الوقت الذي تتشكل فيه حكومة جديدة يدعمها الجيش.
وفي تطور متصل قال مسؤولون بمطار القاهرة الدولي إن محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز توجه إلى أبوظبي امس بعد أن قالت وسائل إعلام مصرية إن القاهرة تسعى للحصول على مساعدات مالية من دول الخليج بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
ووصلت ميزانية مصر وميزان مدفوعاتها إلى مستوى متأزم في عامين ونصف العام شهدت البلاد خلالها اضطرابات سياسية واقتصادية بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011.
ولم يتسن الحصول على تعقيب من محافظ البنك أو أحد مسؤوليه الكبار. وتعهدت الإمارات بتقديم مساعدات لمصر قيمتها ثلاثة مليارات دولار عام 2011 لكنها لم تصل حتى الآن. وفي أيار/مايو الماضي قالت الإمارات إن تحويل هذه الأموال سيستغرق بعض الوقت. وأقرضت قطر مصر أكثر من سبعة مليارات دولار منذ انتخاب مرسي رئيسا للبلاد قبل عام ولكن دول الخليج الأخرى لم تحرك ساكنا. وقال محللون إن هذه الدول كانت قلقة من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي.