ابرز ما جاء في الصحف اللبنانية الثلاثاء 16/7/2013
تصدر الحدث الفلسطيني عناوين الصحف اللبنانية الصادرة صباح الثلاثاء، ورصدت الصحف آخر تطورات الاحتجاجات في النقب. وتناولت الصحف آخر التطورات على الساحة السياسية في لبنان وابرزها موضوع تشكيل الحكومة والتمديد لقائد الجيش.
الاخبار
النقب يتحدّى إسرائيل: تهويد برداء عصري
المخططات التي تستهدف أهل النقب كثيرة منذ النكبة، تعدّدت مسمّياتها وبقيت الأهداف ثابتة، حتى تجسّدت أخيراً في مشروع مخطط برافر، الذي يهددّ نحو 40 ألفاً من بدو النقب بالطرد ومصادرة 800 ألف دنماً من أراضيهم. وبينما تروّج إسرائيل أن ذلك المشروع تحت شعار «تطوير النقب»، يفضّل الأهالي هناك تسميته بـ«النكبة الجديدة»
مالك سمارة
رام الله | في عام 2003، وخلال جلسة «للجنة الوزارية الإسرائيلية لقضايا الوسط اليهودي»، ضرب أرييل شارون بيده على الطاولة، وقال بحزم :«نحن نخسر الأرض التي لا نوجد عليها». عقب ذلك، باشرت لجنة إسرائيلية متابعة تنفيذ أوامر الهدم «للمباني غير المرخصة»، وتركزت الحملة على ثلاث مناطق: الجليل، والمثلث، والنقب. بعد عام، أعلنت إسرائيل إطلاق مشروع «تطوير النقب»، الذي تجسد أخيراً في مخطط «برافر ــ بيغن»، وصدّقت عليه الحكومة الإسرائيلية عام 2011.
إلى الجنوب من فلسطين، ثمة بقعة صحراوية مهملة ومنسية من الوجدان العربي، تشكّل ما يقارب خمسين في المئة من أرض فلسطين التاريخية، وستّين في المئة من مساحة دولة الاحتلال. يقطنها الآن نحو 300 ألف فلسطيني من بقايا النكبة، يشكّلون ثلث السكان الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.
النقب، المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية والطبيعية، تواجه اليوم أكبر مخطط احتلالي لطرد سكانها الذين تعود جذورهم فيها إلى القرن الخامس قبل الميلاد. هو جزء من سلسلة مخططات كثيرة أقدمت عليها سلطات الاحتلال منذ النكبة حتى الآن؛ كان أوّلها حصر نصف السكان الذين تركوا أراضيهم إبان النكبة في حيّز جغرافي ضيّق، معزول عن مناطق النقب الأخرى، وممنوع أهله من الإقامة والبناء خارجه بحرّية، عدا عن منحهم الحد الأدنى من الخدمات، وهذا ما دفع أهالي تلك المنطقة إلى تسميتها بـ«السياج». أما النصف الآخر من سكان المدينة فيعيشون في 45 قرية موزعة على مناطق النقب، بعضهم ظلّ حتى الآن محافظاً على طراز الحياة التقليدية الذي ورثه عن أجداده، والبعض الآخر لا يزال محافظاً على قيمه وعاداته البدوية مع تطوير أنماط حياته الشكلية. كل تلك القرى لا تعترف إسرائيل بوجودها، وبالتالي هي محرومة حتى من أبسط الخدمات، وأهلها يواجهون مخططاً لاقتلاعهم ونقلهم إلى مناطق أخرى أكثر «عصرية»، تمهيداً لسيطرة إسرائيلية كاملة على أراضي النقب، ضمن ما يطلق عليه: مشروع برافر ــ بيغن.
اقتلاع البدوي من صحرائه
لا مبالغةَ في القول إن مخطط برافر هو أخطر ما يهدد وجود الفلسطيني في الأرض المحتلة منذ نكبة عام 1948. في البداية، مهّدت إسرائيل لذلك المخطط عام 2005 بعنوان جذّاب ومخاتل: «مشروع تطوير النقب»، ورصدت لذلك حوالى ملياري دولار. لكن سرعان ما تبيّن أن وراء تلك البروباغندا الصهيونية مشروع تهويدي هو أشبه بعملية «بتر حضاري» لبدو النّقب، في سبيل توطين أكبر عدد منهم في مجتمعات مدينية طارئة ومهجّنة، وعلى أصغر مساحة من الأرض، في مقابل توطين أقل عدد من المستوطنين على أوسع مساحة منها، تمهيداً لعسكرة النقب. المخطط الاحتلالي هو تجسيد لسلسلة من المخطّطات والقوانين الإسرائيلية التي استهدفت أهل النقب بعد النكبة، بدءاً بقانون «الحاضر الغائب» (1951) مروراً بقانون التخطيط والبناء (1965)، وصولاً إلى «قانون طرد الغزاة» (2004)، وهو من أكثر القوانين الإسرائيلية تطرّفاً وطرافة في آن واحد، إذ اعتبر بدو النقب غزاةً للأرض ويجب طردهم، رغم أنّهم موجودون هناك قبل قيام دولة إسرائيل.
صدّقت حكومة بنيامين نتنياهو على مخطط برافر عام 2011، قبل فترة وجيزة من انتهاء مدّتها، بعدما أدخلت تعديلات عليه بتقليص الفترة الزمنية لانتقال البدو إلى التجمعات السكنية من خمس سنوات إلى ثلاث، وتضييق الحيّز الجغرافي للمناطق المخصصة لهم. وفي أواخر الشهر الماضي، تمت التصديق على المشروع بالقراءة الأولى في الكنيست الإسرائيلي، وفي تصرّف ينمّ عن الكيديّة والتعنّت الإسرائيلي، اختارت يوم الاثنين، حين يخوض العرب داخل الخط الأخضر عصياناً مدنيّاً، موعداً لتعيين اللجنة التي ستتكفل بمهمّة الإشراف على المخطط لتقديمه للتصويت النهائي في القراءتين الثانية والثالثة في الخريف القادم.
منذ عام 1970، نجحت إسرائيل في عملية التوطين القسري لنحو 80 ألفاً من بدو النقب في التجمعات السبعة المحصورة في منطقة «السياج»، مستخدمةً أساليب متنوّعة. لكن موجة التهجير الكبرى كانت بعد النكبة تحديداً، عندما تم تهجير نصف سكان النقب وتجميعهم في منطقة السياج ذاتها، التي أصبح يعيش فيها اليوم أكبر تجمّع عربي في داخل الأراضي المحتلة، في مساحة لا تتعدى 1 في المئة من مساحة النقب. مدّتها ببعض الخدمات البسيطة لاستقطاب سكان القرى غير المعترف بها إليها، مستغلّةً غياب الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة في تلك القرى، وعدم توافر نظام تعليم ثانوي فيها، لإجبار الأهالي على اللجوء إلى تلك القرى السبع المعزولة في رحلة تنقّل يوميّة، الهدف النهائي منها هو إدخالهم في حالة صدمة حضاريّة يوميّة وجرّهم إلى ترك قراهم في المحصّلة. تقول الناشطة النقباوية إيمان الصانع، لـ«الأخبار»، في معرض شهادتها على معاناة أهالي تلك القرى: «تحتاج السيدة المسنة الى المشي عشرات الكيلومترات كي تصل الى مركز صحي لتلقّي العلاج. الشوارع غير معبدة. والأطفال قد يضطرون إلى المشي مسافات طويلة كل صباح ذهاباً الى مدارسهم. أما خدمات المياه، فقد وفر أهالي بعض القرى بجهد سبلاً لمد قراهم بأنابيب ضخ مياه، والبعض الآخر اجتهد واخترع طرقاً لاستغلال الطاقة الشمسية للحصول على طاقة كهربائية. نتحدث هنا عن شعب صامد رغم المعاناة، واثق من حقه في الحياة ويحبها ما استطاع إليها سبيلاً».
لا تغيب نبرة التحدّي والكبرياء تلك أيضاً في حديث الناشط الشبابي أمير أبو قويدر، رغم أنها نابعة من عمق المأساة. يعيش أمير في قرية الزرنوق، وهي واحدة من القرى الخمس والأربعين غير المعترف بها، وقد سبق أن هدم الاحتلال بيت أخيه. ورغم أن القرية محرومة من أدنى من الخدمات، يصرّ على عدم «مسكنة» أهل النقب، وعلى أخذ صمودهم ومقاومتهم في الاعتبار. يقول لـ«الأخبار»: «لدينا اكتفاء ذاتي يغنينا عن الدولة، كل ما نريده منهم هو أن يتركونا بحالنا».
لا تقتصر خطورة برافر على مسألة الترانسفير القسري فحسب. هناك عملية تشويه واجتثاث حضاري بالغة الخطورة، يمكن أن نستشفّها من حديث وزير جيش الاحتلال الأسبق، موشيه ديان. يقول: «يجب تحويل البدو إلى عمال مدنيين في الصناعة والخدمات والبناء. 88 في المئة من سكان إسرائيل ليسوا مزارعين، وسيصبح البدو جزءاً من هؤلاء. هذا التحول ليس بالأمر الهين، وسيكون معناه ألا يعيش البدوي على أرضه ومع قطعانه، بل سيتحول إلى شخص مدني يعود إلى بيته في المساء، وسيعتاد أولاده أباً يلبس البنطال، ولا يحمل الشبرية، ولا ينقّب القمل علانية. ستكون تلك ثورة، ويكفي جيلان لتحقيق ذلك، وستختفي ظاهرة البداوة من الوجود».
إذن، الهدف الكامن وراء ذلك المشروع هو سلخ البدويّ نفسيّاً ووجوديّاً عن بداوته، وجرّه إلى بيئة مدنيّة مهجّنة يضطلع فيها الاحتلال بعملية «التأديب المدني» لصقل شخصية «المواطن العصري الأليف» الذي يريده الاحتلال، بعيداً عن قيم العناد والتمسّك بالأرض والمقاومة التي جبلتها الصحراء داخله. كذلك، سيتمزّق النسيج العشائري الدقيق، الذي كان يحكم علاقات العشائر البدوية منذ مئات السنين. ستجد تلك العشائر نفسها مضطرة إلى التعايش في بيئة واحدة ضيّقة، بعدما كانت تمارس حياتها بحرّية أكبر في الحيّز الصحراوي المفتوح، وتحظى كلّ واحدة منها بنوع من الاستقلالية في حيّزها الخاص. ربّما ذلك ما يفسّر ارتفاع نسب الجريمة في القرى المعترف بها التي يسكنها خليط من العشائر البدوية، عنها في القرى غير المعترف بها.
________________________________________
فقر وتهميش... في صحراء غنيّة
ديفيد بن غوريون، مؤسس الدولة العبرية، ومهندس النكبة، كان قد أمضى أيامه الأخيرة في صحراء النقب، وكانت وصيّته أن يدفن هناك. يمكن الاستدلال من ذلك على مدى الأهمية الاستراتيجية للنقب لدى كيان العدو. هناك تقع أكبر قاعدة نووية في الشرق الأوسط، وتحت رمالها ثمة ثروة طبيعية هائلة لا تزال إسرائيل تتكتّم عليها، وتحت رمالها أيضاً وتد خيمة الإنسان البدوي الذي تعب من الترحال، فاختار الصحراء وطناً أبدياً.
في مقابل ذلك، تجد أن البلدات الجديدة التي بنتها إسرائيل «لعصرنة» الإنسان البدوي لا يمكن مضاهاتها بالبلدات الإسرائيلية المجاورة. هي من أكثر المناطق تهميشاً وفقراً داخل «الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط».
مرافق المدينة العادية: كالمكتبات العامة، فروع البريد، شبكات الصرف الصحي، البنوك، تكاد تكون معدومة. الأهم من ذلك، أن البنى الاقتصادية التحتية التي تمكّن السكان من تطوير أنماطهم المعيشية، وصولاً إلى نوع من الاستقلالية، هي أيضاً غير متوافرة. إيمان الصانع، التي تسكن في مدينة رهط، أكبر تجمّع ضمن تلك القرى المعترف بها، تفضّل الاستعانة بلغة الإحصاءات لتوضيح الأمر. تقول «في مدينة رهط، وهي مدينة يصل عدد سكانها الى ٦٠٠٠٠ نسمة، ٦٠ في المئة منهم تحت خط الفقر ، ٥٠ في المئة دون سن الرشد، وليس هناك سوق عمل مجهّز لاستيعاب الطاقات الشبابية العاملة»، تتحدّث عمّا يسمّى «السلم الاجتماعي الاقتصادي» الذي تقيّم به إسرائيل التجمّعات السكانية المختلفة على أساس عنصري: «رهط حصلت هذا العام على نسبة ٢ من ١٠ لأول مرة بعدما كانت تحصل دائماً على ١ من ١٠، بينما مستوطنة لهفيم أو عومر القريبة من المدينة تحصل على ١٠ من ١٠، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوزون بضعة آلاف!».
________________________________________
الشباب يتصدّرون المشهد
صرخة فداء شحادة ووجهها مخضّب بالدم إثر الاعتداء عليها من الشرطة الإسرائيلية تلخّص كل شيء. فداء شاركت في تظاهرات أمس، في مدينة بئر السبع بالنقب، ما الذي جرى؟ تقول لـ«الأخبار»: «كنا نجلس على الرصيف. فجأة اعتدوا علينا، ولم أشعر كيف بدأ الدم ينزف من وجهي». تضيف: «الجماهير توافدت بقوّة اليوم، لكن مشكلتنا في القيادات. يحاولون أن يلعبوا دور شرطة النظام، يفرضون علينا السير في الأرصفة وبين الأشجار وعدم النزول إلى الشوارع، ورغم ذلك تعرّضنا للاعتداء». تذكر إيمان الصانع التي تعرّض شقيقها للاعتقال كلاماً مطابقاً في معرض شهادتها على تظاهرة أمس، توضح «كانت القيادات تحاول فرض السلمية على التظاهرة إلى الحد الذي أفقدها رونقها، وأضفى عليها رتابة مملة، بعد ذلك طلبوا منّا أن نتفرق بحجّة أن الترخيص الذي حصلنا عليه يستمرّ ساعتين فقط، وحدثت بعض الإشكالات على الهتافات بين القيادات والشباب المشاركين، إلى أن تسلم الشباب مكبّرات الصوت. حينها، بدأت التظاهرة تزداد نزقاً وعنفواناً، وما لبثت القيادات أن غادرت المكان بعد ذلك».
هناك ممثّلون عن النقب في الكنيست، لكن الكثير من الشباب يعتقدون أنهم لم يحققوا شيئاً فعليّاً لأهالي النقب. يلخّص أمير أبو قو?