قصص وروايات عدة ومتنوعة ، تُوصِف واقع الحال الذي يعيشه السوريون ، جراء النزاع الدامي المستمر منذ سنتين ونيف…
حسين ملاح
قصص وروايات عدة ومتنوعة ، تُوصِف واقع الحال الذي يعيشه السوريون ، جراء النزاع الدامي المستمر منذ سنتين ونيف…. واذا كانت اخبار المعارك الميدانية تحتل صدارة المشهد ، لكن المعاناة الانسانية للمواطنين لا تقل اهمية ، وأضحت ترخي بثقلها على الوضع السوري برمته.
المناطق التي أصابها الدمار والخراب في سورية كثيرة وممتدة على طول جغرافية هذا البلد ، بدءاً من محافظة درعا ، وصولاً الى محافظتي حلب وادلب ، والتي أتت لتؤكد المؤكد أن المشروع الخارجي المعد لسورية هو تدميرها بشراً وحجراً تحت عناوين "الحرية".."الديمقراطية"…
ولان معاناة ملايين السوريين الذين تضرروا جرَّاء هجمات الجماعات المسلحة أكثر من أن تحصى ، وآخرها كان الحصار الذي فُرض على أهالي الاحياء الغربية لمدينة حلب تحت حجة وجود الجيش السوري في مناطقهم ، دون أن يراعي المسلحون بداية شهر رمضان المبارك ، حيث عانى أهالي تلك المناطق من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية والمحروقات.
نبل والزهراء
نبعد 20 كيلومتراً عن حلب المدينة ، وتحديداً باتجاه الريف الشمالي ، حيث تقع بلدتا نبل والزهراء ، الرازحتان تحت حصار خانق منذ أكثر من عام ، وقد منع المسلحون وصول اية مواد غذائية وتموينية وطبية الى المدينتين ، بحجة تأييد الاهالي للدولة السورية ، ما عرض حياة عشرات الاف الى خطر داهم.
اضافة الى نقص الغذاء يسجل في المدينتين ازدياد عدد الامراض نتيجة فقدان الادوية والمسلتزمات الطبية فضلا عن توقف المستوصفات عن الخدمة وسط تحذير من تفشي الامراض المعدية (الليشمانيا) المتعلقة بقلة النظافة لعدم توافر المياه والكهرباء ، وعدم استطاعة البلدية القيام باعمالها.
نبذة
يبلغ عدد سكان نبل والزهراء أكثر من 65 الف نسمة ، وقد ازدادت الكثافة السكانية بشكل كبير جداً بعد نزوح اعداد كبيرة من اقاربهم المقيمين في مدينة حلب بعد دخول المسلحين اليها.
-المدينتان تتبعان ادارياً لمنطقة اعزاز وتتميزان بموقع جغرافي هام واستراتيجي
الحصار..والمخطط
مع اشتداد المعارك في حلب وريفها صيف 2012 ، وعجز الجماعات المسلحة عن بسط سيطرتها على المحافظة لتكرار تجربة بنغازي الليبية ، حيث تم فرض منطقة حظر طيران ، لجأ المسلحون مع هذا الفشل الى ضرب حصار على نبل والزهراء .
وتنوعت أشكال الحصار ، بين قطع للطرقات وخطف كل من يحاول الخروج من المدينتين فضلا عن منع دخول أية سيارة مدنية ، وأمام هذا الواقع عمدت الدولة السورية الى الاستعانة بالطوافات لايصال المساعدات الغذائية الى نبل والزهراء ، الا ان الجماعات المسلحة استهدفت العديد منها عبر صواريخ قِيل انها حرارية وصلت الى دول اجنبية ، ما يعزز الحديث عن تورط هذه الاطراف في معاناة أهالي نبل والزهراء.
وتأكيداً على ما سبق يعزو العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والخبير الاستراتيجي الياس فرحات تشديد الحصار على نبل والزهراء "الى سعي الجماعات والمسلحة ومن يقف خلفها الى تحقيق عدد من الاهداف بينها:
- اعطاء المسألة بعدا طائفيا وتأجيج الصراع في المنطقة
- محاولة الرد على النجاحات التي يحققها الجيش السوري في حمص وتحديداً في أحيائها القديمة
- الضغط على الدولة السورية وحلفائها عبر تهديد أهالي نبل والزهراء
يحذر فرحات من ان "تهديد المسلحين باقتحام المدينتين جدي ، خاصة في ظل الحملة الاعلامية التي تروجها بعض الفضائيات العربية عبر تصوير أهالي نبل والزهراء على انهم مجرد شبيحة" ، وهو ما ينفيه بشدة العميد فرحات مؤكدا أن سكان المناطق المجاورة يدركون ما يُروج له بعيداً عن الواقع.
ارتفاع وتيرة الاعتداءات
ترواحت أشكال الاعتداء على أهالي نبل والزهراء بين استهداف لقمة العيش والتصفية الجسدية. المسلحون قصفوا الاحياء المأهولة ، واختطفوا المواطنين ، وإستهدافوا سيارات التموين والاسعاف وغيرها….
ناهيك عن الخسائر والاضرار المادية الهائلة التي الحقها المسلحون بالابنية العامة والخاصة ، سقط من اهالي نبل والزهراء أكثر من مئة وخمسين ضحية جراء اعتداء الجماعات المسلحة اضافة الى عشرات المخطوفين، ما دفع بالعديد من شبان المدينتين الى الانخراط ضمن صفوف قوات الدفاع الوطني لصد المحاولات المتكررة للمسلحين لاقتحام نبل والزهراء وارتكاب الفظاعات كما جرى في المناطق السورية.
نبل والزهراء …الواقع المر وتضميد الجراح
مدير مركز التوثيق الاعلامي في سورية علي عبد المجيد يؤكد لموقع المنار أنَّ "الوضع الحالي في نبّل والزهراء لا يَدفع إلى التفاؤل؛ فالحصار المسلّح مازال متحكماً بكلّ شرايين الحياة، وتهريب المواد الغذائية أو الدوائية يكاد يُصبح مستحيلاً"، مضيفاً ان "المدد الذي كان يأتي عبر مروحيات الجيش انخفض بشكلٍ حاد بسبب الخطر الكبير الذي تشكله الصواريخ المضادة التي تمتكلها المجموعات المسلّحة هناك ، إضافةً إلى ذلك، فإنّ إعلان المسلحين نيتهم إبادة سكان المدينتين، والهجمات الشرسة المتكررة، تجعل الوضع أكثر خطورةً والاحتمالات مفتوحةً على كلّ شيء، وتجهدُ اللجان الشعبيّة في المدينتين لكسر هذه الهجمات ببسالةٍ واضحة".
ويكمل عبد المجيد "أكثر القطاعات حرجاً في المرحلة الحاليّة هو القطاع الصحي، حيث نفذَت أغلب الأدوية، وما يصل من رشحات قليلة عبر المروحيات لا يكفي عشرات الآلاف من الناس، في حين يكون أغلب الدواء المهرّب من مناطق أخرى فاسداً".
رغم قسوة الأوضاع التي يعانيها المدنيّون في نبّل والزهراء، لا ينفك أهالي المدينتين يتمسكون بموقفهم الرافض لمشروع الفتنة في المنطقة، ويُناشدون للتدخل في إنهاء هذه المأساة الإنسانية المتفاقمة.
تقارير مصورة عن نبل والزهراء: