رحب وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله امس الخميس بالتقدم الذين احرزته حتى الآن اليونان حيث اقر البرلمان عند الفجر خطة لاعادة هيكلة الوظيفة العامة
رحب وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله امس الخميس بالتقدم الذين احرزته حتى الآن اليونان حيث اقر البرلمان عند الفجر خطة لاعادة هيكلة الوظيفة العامة والضرائب طلبها المانحون الدوليون للافراج عن قسط جديد من القروض.
وقال شويبله اثناء لقاء مع رجال اعمال ونظيره اليوناني يانيس ستورناراس في اثينا ‘اني مرتاح جدا لما انجزته اليونان في مجال اعادة التوازن المالي وتحديث الاقتصاد’. واضاف الوزير الالماني الذي يزور اثينا للمرة الاولى منذ بدء الازمة ان ‘المانيا على استعداد للاستثمار’ في صندوق يرمي الى توفير السيولة للشركات اليونانية ‘فور جهوزه’.
من جهته اوضح وزير التنمية اليوناني ان هذا الصندوق الذي سيطلق عليه ‘مؤسسة النمو’ سيتعاون ‘مع مصارف دولية كبرى وسيحظى بدعم مساهمين من القطاع الخاص’. وبعد اسبوع من التظاهرات تبنى البرلمان اليوناني فجر الخميس باغلبية ضئيلة، بلغت 153 نائبا من نواب البرلمان الـ300، اصلاحات مطلوبة لتسليم اثينا شريحة جديدة من المساعدة الدولية تبلغ قيمتها 6.8 مليار يورو وافقت عليها مؤخرا منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي.
ويطالب الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة بخفض كتلة الوظيفة العامة في اليونان. وتنص الاصلاحات التي تم اعتمادها خصوصا على قبول آلاف الموظفين، وبينهم مدرسون وشرطيون بلديون، نقلهم الى وظائف اخرى بدءا من هذا الصيف والا فقدوا وظائفهم. ومشروع القانون الذي يتألف من حوالى مئة مادة يشمل الغاء او تعديل واعادة توزيع الاف الوظائف. وطالب المانحون الدوليون باعتماد القانون لتقديم شريحة جديدة من المساعدة الى هذا البلد الذي يشهد ازمة.
وتطال الخطة المطروحة للوظائف الحكومية الشرطة البلدية ومدرسين وحراس مدارس سيكون عليهم العمل ثمانية اشهر برواتب مخفضة قبل القبول باقتراح جديد او مغادرة الوظيفة الحكومية اذا رفضوا نقلهم. ويفترض ان تتم اعادة توزيع 4200 منهم بحلول نهاية تموز/يوليو. ويتضمن مشروع القانون ايضا قواعد ضريبية جديدة تصفها المعارضة ‘بالهجوم الضريبي’ وتبسط الترتيبات الحالية التي تستند الى قانون صدر قبل ستين عاما، كما قال سكرتير الدولة للشؤون المالية جورج مافراغانيس.
ولا تملك الحكومة الائتلافية المكونة من اشتراكيين ومحافظين سوى اغلبية خمسة مقاعد منذ الازمة السياسية التي حصلت في حزيران/يونيو وخرج خلالها حزب يساري معتدل من الحكومة. وبينما كان النواب يصوتون على الاصلاحات كان آلاف المدرسين وحراس المدارس والشرطيين البلديين المعارضين للاصلاحات يواصلون في الخارج اعتصامهم الذي بدأوه مساء الثلاثاء وسط هتافات وخطب مناهضة لمشروع الاصلاحات. وبقيت محطات مترو عدة مقفلة طيلة النهار.
واحتج نحو خمسة آلاف يوناني في الشارع أمام البرلمان مع اقتراب التصويت وهتف البعض قائلا ‘لن نستسلم .. خيارنا الوحيد هو المقاومة’ ورفعوا بالونات سوداء لكن نسبة المشاركة في الاحتجاجات كانت أقل كثيرا من احتجاجات العام الماضي. وقال جورج ساكيلاريس الذي يعمل حارسا في مدرسة ‘بتصويت واحد فقط قضوا على حياة مئة ألف شخص. قتلوا الناس بتصويتهم.. الناس.’
وقال ميكاليس تساتساس رئيس رابطة مدرسي لاريسا ‘كل قطاع المدرسين يشعرون أنهم تعرضوا للخيانة.. إنهم يدمرون الكليات الفنية وهذه هي مجرد البداية.’
وقالت المدرسة ميلينا أبوستوليون ‘نشعر بخيبة امل كبيرة.. كرامتنا تلقت ضربة شديدة. الكليات الفنية التي تمثل عماد التعليم في كل الدول الاوروبية الأخرى دمرت.’ وقبل التصويت أعلن ساماراس أول خفض ضريبي في اليونان منذ بدء الأزمة قبل نحو أربع سنوات في محاولة لتهدئة المحتجين والرأي العام الغاضب بشكل متزايد. وقال باناجيوتيس لافازانيس النائب من كتلة سيريزا المعارضة في البرلمان بينما كان يقف مع المتظاهرين في وقت متأخر يوم الأربعاء ‘هناك نهر من التغيير التقدمي الكبير الذي يتدفق ولا يمكن وقف تياره. أيام حكومة ساماراس فينيزيلوس معدودة. زمن اليسار جاء.’
وقال ستيفانوس سامويليس النائب أيضا من سيريزا ‘هذه الحكومة يجب إبطالها لأنها لم تجلب سوى المعاناة لهذا البلد. لابد أن تتوقف.. خطة الإنقاذ دمرت الأرض.’ وفي خطاب مفاجئ نقله التلفزيون قال ساماراس إن الحكومة لن تهدأ في الوقت الذي أعلن فيه أن ضريبة القيمة المضافة في المطاعم ستخفض من 23 في المئة إلى 13 في المئة ابتداء من الأول من أغسطس آب.
وتتعثر خطى أثينا في طريقها للوفاء بشروط خطتي إنقاذ قيمتهما أكثر من 240 مليار يورو (315 مليار دولار) منذ عام 2010 حصلت عليهما مقابل خفض الأجور ورفع الضرائب مما تسبب في ركود الاقتصاد طوال ست سنوات وأوصل معدل البطالة إلى 27 في المئة.
لكن الخطوة التي أثارت أكبر قدر من الغضب هو تسريح 25 ألف موظف بحلول نهاية 2013 ومنحهم ثمانية أشهر للعثور على وظيفة أخرى وإلا يتم تسريحهم. وينظر للقطاع العام في اليونان على نطاق واسع على أنه غير فعال ويضم عددا زائدا من العاملين وإن العمل به يتم عن طريق العلاقات لكن الكثير من اليونانيين يعتقدون أن المجتمع لم يعد يتحمل المزيد من هذه الإجراءات أو رفع الضرائب. واحتج أفراد من الشرطة المحلية يرتدون الزي الرسمي وجامعو القمامة بملابسهم البرتقالية ومئات من العاملين الآخرين في القطاع العام في شوارع أثينا بشكل شبه يومي طوال أسبوع من الاحتجاجات.
يذكر ان هذه هي أول زيارة يقوم بها شويبله لليونان كوزير لمالية المانيا. وذكرت مصادر في أثينا أن الحكومة اليونانية تريد أن يطلعها شويبله على كيفية سير الأمور عقب انتهاء برنامج المساعدات الحالي عام 2014، حيث ستحتاج أثينا في الغالب إلى مزيد من الدعم بعد هذه الفترة. وتم استخدام 37 مليار يورو فقط من إجمالي 50 مليار يورو مخصصة لإعادة رسملة البنوك اليونانية. وترى أثينا إمكانية استخدام المبلغ المتبقي وهو 13 مليار يورو كغطاء أمان للبنوك. وامس فرضت الشرطة حظرا على كل الاحتجاجات العامة لمدة 11 ساعة خلال زيارة الوزير الالماني، كما فرضت طوقا أمنيا حول وسط المدينة حيث يوجد البرلمان. وتم حظر كل التجمعات من حشود ومسيرات.
ويلقي الكثير من اليونانيين باللائمة على موقف ألمانيا الصارم بشأن التقشف في أزمتهم الاقتصادية مع تجاوز معدل البطالة حاجز 27′. وبعيد وصوله اعرب وزير المالية الألماني عن أمله في استمرار سياسة التقشف في اليونان، وقال إن حكومة أثينا ‘تسير بالفعل على طريق يقود اليونان إلى مستقبل أفضل’. وكان شويبله رأى في لقاء تلفزيوني في وقت سابق ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل خروج اليونان من أزمتها وقال ‘إن ما يناقشه البرلمان (اليوناني) مساء الاربعاء ومايتخذه من قرارات هو أهم جزء من الإجراءات التي يجب على اليونان اتخاذها’.
وأبدى شويبله تفهمه لاحتجاجات اليونانيين على شروط الجهات الدولية المانحة لليونان وضد شويبله نفسه وقال ‘أستطيع أن أتفهم جيدا شعور الكثير من اليونانيين تجاه هذه الشروط.. وأن الكثير من اليونانيين يعتقدون بأن الجهات المانحة لهم هم المسؤولون عن الكثير من إجراءات التقشف.. ولكن الحقيقة ليست هكذا.. فنحن نساعد اليونانيين وأوروبا إجمالا’.
واضاف ‘نريد أن نفعل كل شيء سويا لدعم اليونان في هذا الطريق الصعب’.'لكنه كرر الموقف الالماني برفض فكرة’إعفاء اليونان من جزء آخر من ديونها.
وجاءت تعليقات الصحف اليونانية على الزيارة متباينة، حيث تحدثت صحيفة (إليفثيروتيبيا) اليسارية في افتتاحيتها عن غرق الاقتصاد اليوناني بسبب برامج التقشف الصارمة. وكتبت الصحيفة”شويبله هذا صنيعك: الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 20.5′ وتجارة التجزئة تراجعت بنسبة 18′ والبناء والتشييد تراجع بنسبة 67”. وأضافت الصحيفة أن معدلات البطالة بلغت حاليا 27′.
وفي المقابل تحدثت الصحف المحافظة بشكل موضوعي عن زيارة شويبله. يذكر أن المعارضة اليونانية انتقدت شويبله خلال الأشهر الماضية أكثر من مرة. واعتبر الكثير من اليونانيين الوزير الألماني شخصا غير مرغوب فيه في بلدهم.