28-11-2024 07:46 AM بتوقيت القدس المحتلة

قراءة في خطاب السيد نصر الله.. فهل من يصغي؟

قراءة في خطاب السيد نصر الله.. فهل من يصغي؟

في خطابه الذي ألقاه مساء الجمعة في 19-7-2013 طرح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله العديد من النقاط الهامة والاساسية بالنسبة للبنان، بشكل موضوعي مجرد بعيدا عن الحساسيات السياسية والحزبية.

في خطابه الذي ألقاه مساء الجمعة في 19-7-2013 خلال حفل إفطار "هيئة دعم المقاومة الاسلامية" طرح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله العديد من النقاط الهامة والاساسية بالنسبة للبنان، بشكل موضوعي مجرد بعيدا عن الحساسيات السياسية والحزبية، على امل ان يتفكر الجميع بتجرد ايضا ويستمعون لاختيار الانسب والاصلح للبنان.

فمما طرحه السيد نصر الله: - المخاطر الجدية التي يتعرض لها لبنان امام العدو الاسرائيلي وكيفية حماية لبنان وارضه وثرواته من الاطماع والاعتداءات الاسرائيلية، وسأل عن الخيارات المتاحة أمامنا كلبنانيين وما هي جدوى هذه الخيارات وتلك الخيارات؟ وهل ان المقاومة ضمن خريطة الخيارات المتاحة لبنانيا؟ هل هناك حاجة للمقاومة؟ هل هناك حاجة لسلاح المقاومة؟ ومن حق اي احد ان يناقش في كل ذلك توصلا لما قد يراه الافضل لمصلحة لبنان، والتشاور والتحاور بين اللبنانين للوصول الى الصيغة الافضل في حماية لبنان ودرء الاخطار عنه.

- والسيد نصر الله طرح البحث بالاستفادة من سلاح المقاومة، ولم يخض في تفاصيل تحاول بعض الاطراف جر المقاومة اليها انطلاقا من مقولة "سلاح شرعي أو غير شرعي"، فالسيد يبحث فعلا عما يحمي لبنان، ومن هنا جدّد الدعوة للبحث والتوصل الى استراتيجية دفاعية لحماية لبنان والنقاش في الصيغة الافضل لذلك، وهل يمكن الاستفادة من سلاح المقاومة ام لا من ضمن هذه الاستراتيجية؟ وطرح السيد هذا جاء مدعما بأدلة عن انجازات المقاومة منذ انطلاقتها حتى اليوم، وهو عندما يتحدث عن المقاومة التي حققت الانجازات لم يقصد حزب الله فقط بل المقاومة في لبنان ضد العدو الاسرائيلي، وهنا ايضال يمكن لاي لبناني تقديم طرحا معينا يراه مناسبا لكيفية الاستفادة من عدمه من قوة المقاومة في خدمة الهدف المنشود وهو حماية لبنان على ان يقدم الادلة القاطعة فيما قد يطلبه.

- وفي اطار الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية، طرح سماحته في البدائل التي قد تتوافر عن سلاح المقاومة، فطالب بتقوية الجيش، وهنا لا بدَّ لمن يطالب بسحب سلاح المقاومة -وهذا امر بديهي- العمل ليل نهار لتقوية الجيش كي يقول للمقاومة إن في لبنان جيش قوي قادر يستطيع ان يحمل المسؤولية لوحده ولا يحتاج الى مقاومته تعينه على ذلك.

والسيد نصر الله نفسه طالما طالب ولا زال يحمل مطلب ضرورة تقوية الجيش، حتى ان حلفاء حزب الله في ايران عرضوا اكثر من مرة تقديم دعمهم الكامل للجيش، بما يعبر عن رغبة صادقة من قبل المقاومة في لبنان بدعم الجيش وضرورة تقويته، والسيد دعا الى العودة سريعا الى طاولة الحوار من دون اية شروط مسبقة للبحث في استراتيجية الدفاع لحماية لبنان، بما يؤكد ايضا ان الهدف لدى المقاومة هو البحث عما يحمي لبنان لا عن اي امر آخر، بدليل عدم وضعه اية شروط للبحث في هذه الاستراتيجية.

ومن هنا على من يعارض مثلا الدعم الايراني للجيش ويرفض تقديم الجمهورية الاسلامية ما يحتاجه الجيش على صعيد تطويره كادره البشري او العتاد اللازم له، ان يقدم التبريرات المناسبة لرفض هذا الدعم الايراني وان يقدم مصادر اخرى يمكنها ان تقدم بالحد الادنى نفس مستوى الدعم الذي يمكن ان يقدمه حلفاء المقاومة في ايران، وعليه  ايضا ان يقدم التبريرات لماذا الدول الرافضة للدعم الايراني للجيش لا تنبري هي وتدعمه بما يحتاجه لضمان امن لبنان وحمايته امام العدو الاسرائيلي.

- وبالتوازي مع طروحات السيد لحماية لبنان من الاخطار الخارجية المتمثلة بالعدو الاسرائيلي، طالب السيد بحماية لبنان والحفاظ عليه من خلال الحفاظ على الجيش اللبناني والوقوف الى جانبه، فالسيد نصر الله ربط بقاء لبنان: "البلد والدولة" ببقاء الجيش، كما ربط حماية "السلم والاستقرار" في لبنان بحماية الجيش، لما يؤديه هذا الجيش من دور الحياة اليومية للمواطن اللبناني في كل المناطق.

وهنا السؤال الذي يطرح هل ان من يريد حماية لبنان يحمي جيشه ام يضربه؟ وهل يثير النعرات الطائفية داخل الجيش الذي يجمع كل اللبنانيين من كل الطوائف؟ هل ان يريد حماية لبنان ودولة المؤسسات والقانون يعتدي على الجيش في ثكناته؟ وماذا يستفيد من يحرّض على الجيش ويحاول اظهاره دائما في خانة المدان والمخطىء؟ وحتى لو حصل بعض الاخطاء هل الاصح مهاجمة الجيش على المنابر ام الوقوف الى جانب هذه المؤسسة وقيادتها لتصحيح الاخطاء ومتابعة مسيرة حماية السلم والاستقرار في البلد؟ فمن يريد مصلحة لبنان هل يحافظ على الجيش ام يحاول القضاء عليه بشتى الطرق؟ وحتى من يهاجم الجيش عن غير قصد هل يعلم ان ضرب هذه المؤسسة يؤدي بشكل او بآخر الى ضرب الوطن والاستقرار؟

الحقيقة ان اللبناني يحتاج الى سماع اجوبة على كل هذه التساؤلات من الافرقاء الذين لا ندري بأي وجه حق يتحاملون على الجيش في كل وقت، حتى حين يكون شهداء الجيش لا يزالون على ارض المعركة ودماؤهم لم تبرد بعد.

- وفي الشأن السياسي، اوضح السيد نصر الله ان نظريات الإقصاء والعزل لا توصل إلى مكان، ورفض الغاء اي احد واي مكون في لبنان، ودعا للتواصل والتحاور رغم كل الخلافات اللبنانية الداخلية او حتى على الموضوع السوري، واكد ان حزب الله يده ممدودة للجميع للجلوس والنقاش.

وتأتي هذه الدعوة من السيد نصر الله والتي ادرجها في خانة اجواء "شهر رمضان المبارك" لتقول للجميع دعونا نراجع كل الحسابات التي مهما اختلفت لن تمنعنا من الجلوس على طاولة واحدة والتفكير بما يخدم مصلحة لبنان، سواء اتفقنا او لم نتفق، وهنا لا بدَّ من الاشارة الى العلاقة الحالية بين "حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي" والقائمة على تنظيم الخلاف إن وجد في أية مسألة والسير معا في اية توافق او اتفاق في وجهات النظر المشتركة، فلو عممت هذه النظرية على كل الاطراف اللبنانية فمن المؤكد ان لبنان سيجني الكثير من الثمار الايجابية ليس آخرها تخفيف الاحتقان من الشارع والعمل لايجاد مخارج لاي خلاف مهما كبر.

- اما في الموضوع الامني، فقد دعا السيد كل لبناني ان يكون يقظا لان من يريد اشعال الفتنة في البلد يمكنه ان يفجر في اي مكان دون استثناء سواء في بيئة المقاومة ام في غيرها ويمكنه السعي لاستهداف اي احد، وهذه الدعوة تحمل في طياتها ضرورة التنبه لعدم اطلاق التحليلات والاشاعات التي كثرت في الايام الاخيرة حول وجود متفجرات او سيارات مفخخة في اكثر من منطقة لبنانية، وأمل من الاعلام ضبط موضوع الاخبار العاجلة وغير الدقيقة في هذا الاطار، لانه بالفعل إن اية معلومة او خبر في هذه الايام او حتى كلمة في غير محلها قد تكون فتيلا لاشعال نارا ليس من السهل اخمادها.

- ومن الطروحات الهامة للسيد نصر الله في كلامه الاخير ما طرحه حول ان المقاومة، التي تملك البصيرة، تضع نصب أعينها وتحسب الحساب للنتائج المحتملة لاي قرار تتخذه في اي موضوع من المواضيع، وهذا ما يجعل المقاومة وشعبها بشكل طبيعي تحت خطر الاستهداف الدائم في كل وقت طالما انها مقاومة فعالة وقادرة يحسب لها الاعداء الف حساب، ولذلك اكد السيد نصر الله ان هذه المقاومة -التي تستند إلى المنطق والحجة والتجربة والبرهان وتستند الى الانجازات والانتصارات- هي إن شاء الله قادرة وتستطيع بكل جدية وبكل قوة أن تتجاوز كل الصعوبات القائمة والحاضرة والآتية.

ومن هنا لا بدَّ ان يعلم الجميع ان المقاومة مهما حاول البعض اشغالها او تشتيت قدرتها فهي تصوّب بوصلتها جيدا وتعلم ماذا تفعل وكيف ترد على اي استهدف، ولعل ابلغ اشارة في كلام السيد ما قاله في الموضوع الداخلي "يدنا ممدودة" ولا نريد الغاء احد ولكن هذا لا يعني اننا نخاف من ان يلغينا احد، وما اكده في التعاطي مع تهديدات العدو بأن "العدو قبل أن تكون عينه على بيروت على ضوء المستجدات الأخيرة ستكون على الجليل".

"دعونا نستفيد من الوقت ولا نضيع هذا الوقت، أدعو إلى أن نهدّئ البال قليلاً في الخطاب السياسي، في الإعلام، في الموقف العام..."، بهذا الكلام ختم السيد نصر الله كلامه، عل ان يكون هناك من يصغي ويتمعن ويفقه كلا او بعضا من هذا الخطاب.