أما التخريب بات أشبه بالظاهرة الشرسة التي لا ترحم التاريخ, إذ طالب الدكتور عبد الكريم أبناء الشعب السوري حماية الآثار بالتعاون مع الجهات المختصة ضد كل من يريد تحويل هذه المواقع الى نقاط عسكرية
خليل موسى /موقع المنار الالكتروني
سورية مهد الحضارات .. بداية التاريخ .. سورية اليوم تنزف, وتبذل قلبها التراثي العريق ضحية للحرب الكونية على أرضها.. هذه الأرض التي تشهد كل منطقة فيها على متاحف وأثار عمرها الاف ومئات السنين.. هذا الواقع اليوم يروي لنا قصة أخرى من قصص تاريخ سورية .. هذه المرة القصة درامية ..
عن الوضع العام الذي وصلت إليه الآثار في ظل الازمة السورية, تحدث إلى موقع المنار الالكتروني الدكتور مأمون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف. فالسرقات لم تعرف حتى الآن حدا من الضوابط بسبب اتساع الأماكن الأثرية وانتشارها الكثيف في البلاد, رغم تواصل مديرية الآثار السورية مع المنظمات الدولية والمؤسسات العالمية المسؤولة عن حماية الآثار حتى الجمارك الدولية, للعمل من أجل تأمين الحماية لهذه الأثار .
فكل ما ذكر من جهات حسب المدير العام " تواصلنا مع الجميع لكن لم يحضرنا منهم الا رسائل تضامن ومحبة" ليبقى العمل على ردع هذه الانتهاكات " ذاتيا بجهود المديرية بكامل طاقمها متعاونة مع بعض أبناء المناطق التي تتعرض للنهب والسرقات". ونوه الدكتور عبد الكريم الى ان هذا لا يكفي بشكل كامل .
أما التخريب بات أشبه بالظاهرة الشرسة التي لا ترحم التاريخ, إذ طالب الدكتور عبد الكريم أبناء الشعب السوري حماية الآثار بالتعاون مع الجهات المختصة ضد كل من يريد تحويل هذه المواقع الى نقاط عسكرية. وهنا تكمن الخطورة فالمجموعات المسلحة تتخذ من الاماكن الأثرية والقلاع معاقلا للتحصن بها, فقلعة الحصن - كما أشار- وغيرها في خطر ومصيرها مجهول.
وتساءل الدكتور عبد الكريم " أنا لا أفهم ما هي القيمة العسكرية لتدمير هذه الأُثار". فـ"تدمر"، مثلا، تقع إلى الشرق من البلاد متوسطة بادية بلاد الشام وهي مفتوحة على الحدود مع الأردن والعراق, التخريب طال معالم عدة للمواقع الأثرية من جنوب البلاد حتى شمالها, ومن شرقها حتى غربها. كما أن الأسباب التي يتذرع بها المخربون, أن تلك الاماكن الاثرية بنظر التكفيريين ما هي إلا أصنام وهم يطبقون الشريعة بحقها, يجعل اعمال التنقيب السري الممنهج الذي تحدث عنه الدكتور مأمون أسهل على من يقوم بالتخريب والسرقة.
سورية ليست فقط مهد الحضارات فشواهد كثيرة تخبر عن مهدٍ للديانات, بدءا من المساجد والمعابد المسيحية, حيث تعرض الكثير منها للتخريب المتعمد, من الجامع الاموي الكبير في حلب الى أديرة مثل كنيسة السيدة وكنيسة الموارنة الأثريتين, مخطوطات تاريخية ومكتبات, حتى كنيس يهودي في جوبر قرب دمشق وغيرها, كل هذا تعرض للسرقة والحرق والهدم, وأحكام إعدام نفذت بحق التماثيل التي خلدت أصحابها منها تمثال أبو العلاء المعري, حتى أبولو الدمشقي لم يسلم ما تبقى من عمله باستهداف سرير بنت الملك في بصرى الشام, وأشار الدكتور عبد الكريم الى أن مئات ملايين الدولارات التي قد لا تكفي بعد ما أصاب تلك الأثار, أي ما يعادل حسب تقديراته بناء مدينة كاملة.
إذن سبعة آلاف عام من التاريخ الذي سكن سورية, يبكي اليوم على ما حل بها من خراب لشواهد على بداية الحضارات في تلك الأرض الشامخة, وأوغاريت بأبجديتها الخالدة تكتب اليوم كما كتبت ما مر على سوريا بتعبير أبناءها .