لا يساوي قرار الاتحاد الأوروبي إدراج «الجناح العسكري» لحزب الله على لوائح الإرهاب ثمن الحبر الذي كتب به. بالنسبة إلى المقاومة، ليس لحزب الله أي مصالح في أوروبا يخاف عليها، بل على العكس
لأوروبا هنا مصالح تخاف عليها حتماً
فراس الشوفي
لا يساوي قرار الاتحاد الأوروبي إدراج «الجناح العسكري» لحزب الله على لوائح الإرهاب ثمن الحبر الذي كتب به. بالنسبة إلى المقاومة، ليس لحزب الله أي مصالح في أوروبا يخاف عليها، بل على العكس، لأوروبا مصالح هنا، وتخاف عليها حتماً.
فعلها الاتحاد الأوروبي، أو قل فعلتها أميركا وإسرائيل. ربّما لم يكن قرار الاتحاد الأوروبي إدراج ما سمّاه «الجناح العسكري» لحزب الله على لوائح الإرهاب الأوروبية قراراً مفاجئاً، لكنّه قرارٌ يثير الضحك حتماً، هنا على ضفّة المقاومة.
وكما فاضت النكات على مواقع التواصل الاجتماعي، المقاومون بـ«أجنحتهم» المتعدّدة، العسكرية منها والسياسيّة، حوّلوا قرار الاتحاد الأوروبي إلى مادّة دسمة للاستهزاء.
حسناً، الليلة لن ينام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ملء جفونه. ففي زيارته الأخيرة لباريس، كانت عيناه قد وقعتا على بذلة «سينييه» آخر موديل، سترتها كتلك التي خلعها الرئيس سعد الحريري قبل سنتين، وأمل أن يشتريها في زيارته التالية للعاصمة الفرنسية. فاجأه قرار الاتحاد الأوروبي، وطارت البذلة! من يصدّق؟ ما همّ حزب الله أو قادته العسكريين أو السياسيين إن أُدرج «الجناح العسكري» على لوائح الإرهاب الأوروبية؟ هل يملك نصرالله أو مصطفى بدر الدّين، حسابات في مصارف أوروبية أو بيوتاً في شوارع لندن وبرلين وبروكسل؟ هل أمضى الشهيد عماد مغنية إجازته بعد أسر الجنديين الإسرائيليين يوم 12 تموز 2006 في أمستردام مثلاً؟
مهلاً، من قال «الجناح العسكري»؟ كيف يمكن الاتحاد الأوروبي أن يميّز بين العسكري والسياسي؟ يقول أهل المقاومة إن «هذه بدعة، وانتهى».
في الجدّ، القرار الأوروبي لا يساوي شيئاً أمام القرار الأميركي. أميركا، أكبر دولة في العالم، تصنّف حزب الله «إرهابياً» منذ عقود، ولا شيء تغيّر. حتى بريطانيا، وهي صاحبة براءة اختراع «الجناح العسكري» لحزب الله، تصنّفه إرهابياً، و«هذا لم يؤثّر يوماً على عمل المقاومة. هذا القرار لا يساوي الحبر الذي كتب به».
يقول أهل المقاومة أيضاً، «ليس لحزب الله أي أصول مالية في أوروبا، ولا مصالح يخاف عليها، بل على العكس، لأوروبا مصالح هنا، وتخاف عليها حتماً». القرار واضح بالنسبة إليهم، «هو خضوع للضغوط الأميركية والإسرائيلية، لأن أوروبا لم تعد تملك رؤية ودوراً حقيقياً في المنطقة، وهي منيت في الأزمة السورية بهزائم عسكرية وأمنية وسياسية، ولا عجب إن اعتبرت إسرائيل القرار إنجازاً لوزارة خارجيتها».
لم تكن دول الاتحاد الأوروبي على المستوى نفسه من الحماسة، إذ «برز واضحاً خلال اجتماع الاتحاد أن إيطاليا، النروج، السويد، فنلندا، تشيكيا وإيرلندا كانت تعارض القرار، في مقابل اندفاعة بريطانية وهولندية لإقراره، وحماسة فرنسية مفاجئة» على ما تقول مصادر دبلوماسية في بيروت. وتشير المصادر إلى أن «القرار لن يكون ساري المفعول قبل تصويت البرلمان السويدي عليه، على رغم أن السويد رضخت للضغوط وأعلنت موافقة مبدئية»، على أن «تقوم لجنة من الخبراء بدرس القرار وتحويله إلى خطوات تنفيذية لاحقاً».
تقول مصادر في قوى 8 آذار «إن القرار لا يؤثّر بشيء على قوة المقاومة وقدرتها، من التسليح إلى حركة القيادات إلى المصادر المالية. لن يتغيّر شيء في الحقيقة». وبحسب المصادر، فإن «أوروبا لم تكن مضطرة إلى اتخاذ قرارات كهذه، وتعادي شريحة لبنانية وعربية وإسلامية واسعة، وتستبعد حركة فاعلة في لبنان والمنطقة كحزب الله. لماذا أصرّ الأوروبيون على وضع أنفسهم على سكّة صدام مع جزء كبير من الناس يرون في حزب الله حركة مقاومة شريفة؟ لم نفهم الدوافع الأوروبية حتى اللحظة. وهذا الصدام لا نعرف ما هي الأشكال التي قد يتخذها في المستقبل».
الاتحاد الأوروبي، بحسب مصادر أخرى في قوى 8 آذار، قد يكون حقّق إنجازين من قراره، الأول سياسي، وهو «توسيع دائرة استهداف حزب الله، وخلق أرضية دولية ودبلوماسية أوسع وأشمل لاستهدافه، على القاعدة نفسها التي يعمل فيها خلال الحرب على النظام والجيش السوري والقيادات العسكرية والأمنية السورية». والإنجاز الثاني أمني، «إذ يقول الأوروبيون لمواطنيهم إن الإرهاب الذي قد يعصف بأوروبا أو يفتعله أي جهاز أمني غربي فيها، ليس مصدره تنظيم القاعدة فحسب، بل حزب الله أيضاً، وسياسة التعاطي المقبلة مع حزب الله ستكون كتلك التي يتم التعاطي بها مع حركة حماس، أي لا مقاومة في لبنان، بل حركة إرهابية، وبالتالي تهيئة الأرضية الشرعية لأي اعتداء يتعرّض له حزب الله في المستقبل، إن من إسرائيل أو من خلايا أمنية ترتبط بها أو بالإرهاب». وتقول المصادر إن «أوروبا ربما تحاول وضع الحجر الأساس في لبنان للمرحلة المقبلة بعد انحسار دورها، لفرض معادلاتها في الداخل، ومنع حزب الله من الإمساك بملفات معيّنة مؤثرة في أي تسوية، كالشواطئ والنفط الذي ستدور معارك طاحنة لحمايته». «لكنّ العالم وإسرائيل يسيئان تقدير قوّة المقاومة وقدرتها وطريقة تعاطيها مع الملفات في كلّ مرّة، فلننتظر ونر»، تضيف المصادر .
بوسع أوروبا أن تقرّر ما تشاء. من بنى بيتاً له من سنديانة في مارون الراس، ومغارةً في جبل عامل، وأستأنس بنفقٍ قرب الحدود مع فلسطين المحتلّة، لا تعنيه شوارع نيس، ولا مراكب البندقية الإيطالية، وردّ نصر الله على القرار الأوروبي جاء متقدّماً، «لوائح الإرهاب تبعكن... بلّوها واشربوا ميّتها».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه