28-11-2024 07:36 AM بتوقيت القدس المحتلة

الشيخ أحمد كريمة لموقع المنار: الجهاد في سورية كذبة والسلفيون أزلام السلطة

الشيخ أحمد كريمة لموقع المنار: الجهاد في سورية كذبة والسلفيون أزلام السلطة

الدكتور الشيخ أحمد كريمة هو أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر، له تجاه التيارات الاسلامية وآدائها السياسي في مصر مواقف واضحة كانت وراء استهدافه.

الدكتور الشيخ أحمد كريمة هو أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر، له تجاه التيارات الاسلامية وأدائها السياسي في مصر مواقف واضحة كانت وراء استهدافه. وهو من أبرز الدعاة الوسطيين الذين أجادوا تشخيص الواقع الاسلامي عندما تحدثوا عن ضياع الاسلام تحت أقدام التعصب المذهبي.

الشيخ أحمد كريمةقبل ساعات من عزل الرئيس محمد مرسي، كان للشيخ كريمة حديث خاص مع موقع قناة المنار، تحدث فيه بصراحة عن منازعة التيارين الاخواني والسلفي لدور الأزهر التقريبي. بحسرة تحدث فضيلته عن دخول وبقوة إلى عصر غربة الاسلام،ليصف السلفيين برجال الحكام والسلطة، وينعب دعوات "جهاد في سورية" بالكاذبة، ومطلقيها بالوعاظ الذين لم يحصلوا أي درجات علمية معتبرة.

 

فضيلة الشيخ أحمد كريمة، في معظم مواقفكم التي تابعناها مؤخراً نراكم تهاجمون من تقولون إنهم يمارسون تجييشاً مذهبياً، تتحدثون اليوم عن ضياع الاسلام تحت أقدام العصبيات المذهبية، بالمقابل هناك من خرج ليتهمكم بالتعصب لصالح الأزهر، برأيكم هل هناك اليوم منازعة على دور الأزهر وما يمثله من مرجعية إسلامية في المنطقة؟

نعم، هناك دور مشبوه للغاية، يتمثل في محورين. جماعة الاخوان تسعى للسيطرة على القيادات او المناصب في الأزهر، تريد اخضاع الأزهر لما يمكن أن نسميه الحظيرة الاخوانية، أي أن الأزهر يدخل في الطاعة الاخوانية كمؤسسات الدولة في مصر او في باقي الدول الاسلامية، الاخوان ليس لديهم مشروع ثقافي يضيف أو يُنقص من الثقافة الأزهرية، هم يريدون فقط المناصب.

لكن الخطر الأكبر يكمن في المتسلفة الوهابية، هؤلاء يريدون تغيير الصبغة والهوية الأزهرية لصالح معتنقاتهم وأجندتهم، يريدون فرض آراء محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية لتحل محل الاجتهادات السليمة للامام أبي الحسن الأشعري –رحمه الله- ، يريدون أن يكون الأزهر مذهبياً في الفقه، اي ان يكون في فقه أحمد بن حنبل –رض- يريدون لأشياخهم في الخليج ان يكونوا المرجعية .. هذا جزء من مخططهم. هم يريدون أولاً تغيير الثقافة ، واذا عجزوا عن تغييرها أغلقوا الأزهر.. ويغلقوه هنا فكرياً، فهم مثلاً في القاهرة أوعزوا الى الطلاب الدارسين خصوصاً العجم من الدول الآسيوية والافريقية أن الأزهر عقيدته كفر وشرك، وبالتالي تحول هؤلاء الى بلد المنشأ في الخليج العربي، أو يرجعون إلى بلادهم ، وهم يحملون الأزهر يمثل الوسطيةشهادات أزهرية ، ويعتنقون أفكاراً سلفية وهابية ، وينشئون جماعات العنف المسلح وهناك الفيلبين والصومال ونيجيريا ومالي وباكستان وغيرها.. هؤلاء نموذج، الجماعات هذه تشربت ذلك، الوهابية يشبعون الأتباع بالتعاليم التكفيرية، هذا هو مخطط إغلاق وإضعاف الأزهر.

فضيلة الشيخ أنتم اليوم تقرون بأن هناك منازعة على الأزهر، بل ذهبتم للقول إنهم يكيدون له، ولكن ما هو سبب منازعة الأزهر على دوره؟

لأن الأزهر يمثل الوسطية، وهو يقوم على التعدد والتنوع الفكري، فمثلاُ عندما ندرس العقيدة نحن لا نلزم بالعقيدة الأشعرية، بل من منظور السلف والخلف.. الأزهر فيه المذاهب الخمسة في المراحل الأولى، وفيه باقي المذاهب في الدراسات العليا التخصصية كالفقه الشيعي الجعفري والزيدي والاباضي. والسلفية ترفض كل ذلك، لأنهم يحصرون الاسلام بعقائد ابن عبد الوهاب، وفقه ابن حنبل.

برأيكم، ما هي أسباب رواج هذا الفكر حتى عند بعض طلاب الأزهر كما أسلفتم؟

السلفية والاخوان نجحوا في جعل الأمة غثاء سيل.. فقاقيع، جميلة المظهر فارغة المضمون.

المرحلة الأخطر يصفها الحديث الشريف: بدأ الاسلام غريباً وسيعود غريباً، فطوبي للغرباء. الآن ندخل بقوة على غربة الاسلام. أخشى أن يأتي يوم يقول فيها أولادنا كنا نسمع من ذوينا أنهم يقولون عن الاسلام كذا.. هذه هي غربة الاسلام ، لأنهم لن يجدوا اسلام محمد بن عبد الله ، بل سيجدون اسلام محمد بن عبد الوهاب وسيد قطب واسلام بعض المتطرفين من الشيعة.

هذه التيارات المتطرفة المغالية أوصلت الأمة الى أخطر مرحلة غثاء السيل وغربة الاسلام.

سبق وذكرتم في أكثر من مقابلة أنكم تعرضتم للتهديد بسبب مواقفكم..

تعرضت سابقاً ولم أزل، الاخوان في الأزهر والسلفية يبحثون عن أي اتهام او تلفيق لابعادي عن عملي في جامعة الأزهر الشريف، وتلقيت تهديدات بالتصفية الجسدية ، وأبلغت السلطات في حينها ، ولكن لا حياة لمن تنادي. الأمر الآخر، حرضوا مراكز بحثية وجامعات خاصة، ومراكز دعوية ومساجد ضدي، وواقعاً فقد عادت سلباً على مواردي.

وقد أرسلوا إليّ ترهيباً وترغيباً... وأزعم أن مرد هذه السياسة كوني الوحيد الذي يجهر بمواقف واضحة، دون أنصاف حلول. معظم الأزهريين الآن اما تلونوا واما تحولوا ومنهم من لاذ بالصمت.

السلفية أتت خدمة للحكاممشكلة الأزهر أنه إلى اليوم لا يملك قناة تلفزيونية واحدة، فيما يضع السلفيون يدهم على 15 قناة، لقد دخلوا إلى بيوت العوام والمناطق الشعبية وغيرها، الناس لا يتعرفون إلى الاسلام إلا عبر هؤلاء، فيما يقتصر ظهور علماء الأزهر الاعلامي في البرامج التلفزيونية الرسمية ولمدة لا تتجاوز 10 دقائق.

سماحة الشيخ، اليوم نتلمس آثار التجييش المذهبي وتكفير الآخر، المسلمون يتقاتلون فيما بينهم سنة ضد السنة كما في تونس وسنة ضد شيعة، كالحادث الذي شهدته مصر قبل فترة، وكل ذلك مرده الى الاختلاف في الرؤية السياسية او الرأي فقهي..

كلا.. المشكلة واقعاً ليست في الاختلاف. يجب أن نلتفت أن السلفية أساساً أتت خدمة للحكام، وكان لا بد من إلهاء الشعوب الشيخ أحمد كريمةلتحقيق هذا الغرض. منذ النشأة، كان محمد بن عبدالوهاب خادماً للأمير محمد بن سعود ، وأجلسه على كرسي الحكم بالغطاء الديني، الآن آل الشيخ من أحفاده نفس الامر يدورون في فلك آل سعود. ولذلك نجدهم يحرمون الخروج عن الحاكم حتى ولو كان ظالماً مع ان هذا ضد الاسلام، وقد قال الامام مالك ابن أنس –رض- : الحاكم الظالم لا يُعان دعه وما يراد منه، ينتقم الله من ظالم بظالم ، ثم ينتقم من كليهما.

أما الأحاديث التي قالت في طاعة ولي الأمر، فإن هذا في الحاكم العدل الرشيد بمواصفاته، وقد حفل التاريخ بما يدعم رأينا، فقد خرج الصحابي أباذر الغفاري على سيدنا عثمان بن عفان في العدالة الاجتماعية، حتى الإمام علي (رض) فقد خرج وقاتل في سبيل الحق، كما ابن الزبير وسيدنا الحسين خرجا على ظلم بني أمية.

من المفارقة أن من يقول اليوم بحُرمة الخروج على الحاكم الظالم لحقن دماء المسلمين هم من يحرضون اليوم للقتال في سورية حتى لو تطلب ذلك سفك الدم.. وقد غرقت اليوم سورية بالدم فعلاً

صحيح وهذا هو التناقض. أصحاب الفتاوى هؤلاء لا يجيدون الا خدمة الحكام، وهكذا تصرف من هم في مصر في عهد حسني مبارك ، ذهبوا إلى ميدان التحرير لتثبيط عزائم الشباب، السيناريو نفسه تكرر مع محمد مرسي.

المتسلفون هم رجال السلطة والحكام، نلقوا المعركة من محاربة ظلم واعوجاج أصحاب القصور إلى الاعتداء على حرمة الصحابة وأهل البيت الأولياء في القبور.

استضافت القاهرة قبل فترة مؤتمراً حضره علماء من حوالي 50 دولة اسلامية اجتمعوا لإعلان الجهاد في سورية..

أولاً لابد من تصحيح معلومة إن المؤتمر الذي عُقد في القاهرة لم يكن فيه أي عالم بحق، بل كان مجرد خطباء مساجد او وعاظ لم يحصلوا على أي درجة علمية معتبرة، ولكن أن نصف هؤلاء بالعلماء فإن ذلك غاية في الخطورة.

مَن مِن اهل العلم يري أن الفتنة عند الأشقاء في سورية تعالج في القتل واراقة الدم؟ لقد رسم لنا القرآن الكريم المنهج بالقول: (فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما...( والأمر هنا ليس للعوام ولكن للقوة الرادعة عند ولي الأمر..  ليس لأي منا أن يُفتي بقتل الآخر، على جهاز الدولة أن يتصدى لجريمة البغي استجابة لقول الله (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).

بالخلاصة فإن، دورنا بالنسبة لسورية اليوم إما أن نصلح أو أن نعتزلهم ليتلولوا وحدهم كسوريين أن يعالجوا مشاكلهم عبر مؤسساتهم.

اليوم الأحداث في مصر او تونس أو حتى ليبيا.. نرى التقاتل وعمليات الذبح بنداء "الله أكبر".. اليوم وبصراحة من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه أمور المسلمين؟

يتحمل المسؤولية كل من: حاكم جائر ومتعالم دنيوي وعميل خائن ينفذ أجندات مشبوهة.

هل استقال اليوم بعض علماء مسلمين من دورهم ومسؤولياتهم؟ خصوصاً من قال بالجهاد في سورية؟

الجهاد في سورية كذبلا يوجد جهاد في سورية هذا كذب..لا يوجد دليل شرعي يستند إليه هؤلاء في رأيهم الفقهي، الجهاد قتال مسلم لكافر لإعلاء كلمة الله تعالى ، اذا وُجدت المقتضيات هذا هو الجهاد في الاسلام أما غير ذلك فهو بغي، وعلينا ان نفرق بين الجهاد والبغي.

أما عن الاستقالة أو التقاعس، فنعم.. لقد تقاعس كثير من علماء المسلمين عن مسؤولياتهم. هناك من هم في منطقة أنصاف الحلول، ونسأل الله الهداية لهؤلاء، وهذا خطر في العلم ولا يجوز، وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

فضيلة الشيخ، من يطلق دعوات الجهاد في سورية يبرر ذلك بالحديث عن إقامة الخلافة الاسلامية، ما هو تعليقكم على ذلك؟

كلمة حق يُراد بها باطل، الخلافة عمل دعوي وليس سياسيا وانتهت بخلافة سيدنا علي (رض)، الحكم الأموي انقلاب دموي مسلح وكذلك العباسي والعثماني، هذه لا تسمى خلافة، ومن العار أن تُنسب لها، عهود فيها من القهر والاذلال للشعوب ، ويدخل شاعر مقابل بيت أو بيتين من الشعر في مدح الحاكم ليأخذ الدنانير فيما لا يجد الشعب الفتات.

يقولون بالعودة إلى الخلافة، فليعملوا قبل كل ذلك على انشاء سوق اسلامية مشتركة، او عملة مشتركة! أنا اليوم مصري وانتم لبنانيون هل تستطيعون الذهاب لأداء فريضة الحج بلا تأشيرة! عندما يحصل ذلك تعالوا لنتحدث عن إقامة الخلافة.