29-11-2024 12:37 AM بتوقيت القدس المحتلة

قرارات الاتحاد الاوروبي في زمن حزب الله :رهانات ما بعد معركة القصير؟ !!!

قرارات الاتحاد الاوروبي في زمن حزب الله :رهانات ما بعد معركة القصير؟ !!!

قرار مريب و معيب، هذا أقل ما يمكننا أن نصف به قرار الاتحاد الاوروبي ضد ما يدّعى "الجناح العسكري لحزب الله !!" ، لأن الحكمة تقول: غضب الجاهل في قوله و غضب العاقل في فعله.

 

 موراد غريبي

الإتحاد الأوروبي قرار مريب و معيب، هذا أقل ما يمكننا أن نصف به قرار الاتحاد الاوروبي ضد ما يدّعى "الجناح العسكري لحزب الله !!" ، لأن الحكمة تقول: غضب الجاهل في قوله و غضب العاقل في فعله.

 مثل هذه القرارات لا يمكننا قراءتها سوى ضمن المعادلة الكبرى في المنطقة و الاجندات المتلاحقة للتشكيك في قوة المقاومة و ما تشكله من قلق للكيان الصهيوني في المنطقة، بالاضافة لكساد الهزيمة الذي عرفه تيار التنازلات في المنطقة و الأمة، دون ان نغفل حالة وأزمة أوروبا في مؤسساتها الاتحادية، حيث كتب بروفيسور د. د. فيرنر فايدنفيلد - مدير مركز الأبحاث السياسية التطبيقية في جامعة لودفيغ-ماكسيميليان في ميونيخ-  مقالا بعنوان طرق نحو المستقبل في العدد الأخير من مجلة دوتيشلاند: (لم يتم حتى الآن البت في مسألة القيادة السياسية.

لم يعد يخفى على المراقبين الصراعات وحالات التشنج والجدل القائمة بين رئيس المجلس الأوروبي ورئيس المجلس الوزاري ورئيس المفوضية الأوروبية ورئيس مجلس اليورو ورئيس البرلمان الأوروبي ورؤساء الحكومات والدول الأعضاء، وحسب الحالة والموضوع، أيضا رئيس البنك المركزي الأوروبي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية. ولكن من يتحمل بالفعل مسؤولية القيادة والقرار في أية حال وأية مهمة؟ لا يمكن لأحد الإجابة حاليا على هذا السؤال. من هذا الجانب، يعتبر الاتحاد الأوروبي واحدا من أقل الظواهر المتعلقة بالحياة السياسية شفافية.

عدم الشفافية يقود بالضرورة إلى النأي والابتعاد والهروب إلى الشعبوية. من هنا نستخلص أهمية وضرورة تحقيق الشفافية والوضوح. كسبت أوروبا قوة هائلة، ولكنها لم تكسب تأييد المواطنين. إطار اليورو يقرر مصير مئات المليارات، ولكن الخلفيات والمصالح والأهداف تبقى غير واضحة وغير مفهومة. من هو إذا صاحب الشرعية والحق في اتخاذ مثل هذه القرارات البالغة الأهمية؟ مسألة الشرعية والحق تبرز هنا لتحتل مكانة في مركز الاهتمام...)

على ضوء ماسبق، إن القراءة الدقيقة لقرار الاتحاد الاوروبي لا يمكن ان تبتعد عن راهن الأزمات و الصراعات في عمق التمركز الغربي من جهة، ومن أخرى قبيل المفاوضات حول الشأن السوري، فحزب الله شكل توازنا استراتيجيا و استطاع ان يكسر الطوق الامني الصهيوني لعشرات السنين، لكن الحقيقة الضمنية و اللعبة القديمة الجديدة في فن التمويه السياسي الغربي، هي محاولة الرهان على الفصل بين العقل السياسي و العقل العسكري في مكون الحزب، على شاكلة ما حصل و يحصل بالنسبة للمقاومة الفلسطينية عبرالتاريخ النضالي الفلسطيني كله و الحركات الكردية و IRA  الايرلندية و الحركات المتمردة بأمريكا اللاتينية، بينما الأمر يختلف مع حزب الله على عدة صعد، نذكر منها :

- تطور المكون العقائدي و الايديولوجي عبر معامل حركية الاجتهاد الفقهي الملاحق لمستجدات الواقع المحلي والاقليمي و العالمي بدقة عالية.
- التماهي بين العقل السياسي و العسكري لدرجة لا يمكن الفصل أو التفريق بينهما
- اتقان القيادة و القاعدة للغة المنطق و الانفعالات عبر التدريب الاداري و الحركي
- امتلاك الحزب لثقافة حركية قائمة على الأدوات العشر للقوة و التي منها الكفاءة ، النزاهة و المصداقية.
-  التنظيف المستمر لخطوط الوعي بين القيادة و الأمة.
- وضوح الرؤية و دقة الاهداف و استقلالية القرار و موضوعية الرهانات.

وأقل ما يوصف به هذا القرار أنه من أعراض هوس و فوبيا صهيونية عالمية لما بعد الازمة السورية، تتضح معالمه في الارتباك العالمي من واشنطن إلى لندن وباريس، مرورا بيت العنكبوت و عواصمه بالشرق الاوسط الجديد، حيث ما وراء هكذا قرارات نستذكر البروباغندا التي سبقتها من قبل  عبر وسائل الاعلام العربية و الاجنبية الناقمة على حزب الله و أدائه في معركة القصير، وفشل مخطط جره للصدام مع الجماعات التكفيرية لاسقاطه داخليا وعربيا.

كل هذا الاجتهاد في تشويه صورة حزب الله و قيادته متمثلة في سيد المقاومة حسن نصرالله في هذا الوقت بالتحديد، محله من الاعراب مأزق سياسي استراتيجي يعيشه الغرب و أذنابه بالمنطقة، و قرار الاتحاد الاوروبي هذا  ليس بموقف قوة أكثر ماهو مساومة و جص للنبض رغم معرفة القيادات المركزية للاتحاد بهوية الحزب و تاريخه و كفاءته سياسيا و عسكريا...

و لعل أقرب توصيف لهذا القرار، أنه طقسا من الطقوس الغربية حسب التحليل الثقافي في مناهج علم الاجتماع السياسي الغربي المعاصر، فلغة القرار تؤكد أنه طقس سياسي يومئ بالبحث عن حيوية اتصال لايجاد ارهاصات معينة، و ذلك ما يعكس الخلط في القرار رغم المعرفة الدقيقة بتشابك الجناح السياسي و العسكري و تناغمهما في بنية الحزب، و فك شيفرة فن القرارات الغربية يسهل صناعة الوعي لدى الرأي العام العربي و كشف الغطاء عن المأزق السياسي الكبير الذي تتخبط فيه القوى الغربية على مستوى منطقة الشرق الاوسط.

و خير دليل على هذا التمويه السياسي الاوروبي، ما تم ابرامه من صفقات في الكواليس و ما قبل الاعلان عن هذا القرار الذي أفصح عنه مبكرا سيد المقاومة من قبل و رد المقاومة على لسان قائدها الاعلى "بلوا قراراتكم و اشربوا ماءها" .
و طبخة القرار تبين أنها صناعة بريطانية خبيثة على شاكلة القرارات البريطانية التي تصدر ضد الجيش الايرلندي (IRA)،حيث نستوحي من الخطاب الاوروبي الرسمي العديد من  التلميحات التفاوضية المنبعثة بإحتشام من قبل رؤوس السياسة الخارجية الأوروبية، و التي أثبت  بما لا يدع الشك أن خلفية القرار و مصدره النفسي و الموضوعي هي النهايات التي وصل لها الحلم الغربي و أذنابه على أرض بلدة القصير.

بكلمة: القرار جاء لحفظ ماء الوجه و تبادل الادوار مع الأمريكان، لأنه قرار هجين و انفعالي و غايته أسوأ منه، حيث كل الرهانات و الانفاقات و الحسابات و المقاربات التي أنجبت هذا القرار، زادت من غرق أوروبا في وحل الكذب السياسي و تصديق قادتها له، عبر ابرام صفقات مشبوهة مع أذنابها بالمنطقة، و بالتالي نتساءل: هل ستشرب أوروبا من الكأس الذي شربت منه الولايات المتحدة الامريكية أم أنها ستستدرك أخطاءها على حساب امتيازات تكلفها مصداقيتها و اقتصادها على أرضها و عبر العالم العربي و الاسلامي؟؟

و لعل الحقيقة المرفوضة لدى الغرب ككل و أوروبا على ضوء قرارها الاخير، أن حزب الله ليس حركة أو تنظيما بالمعنى العربي و الاسلامي المتداول في أروقة  سياسة الكبار، و لكنه طفرة في الحراك السياسي-العسكري  المرتكز على المبادئ الاسلامية الاصيلة المنفتحة على الله و الانسان و الحياة، حيث للحكمة و القوة و النزاهة و التقوى حضورا حضاريا رائعا، لا يكاد يلحظ في أي حركة من حركات النضال الاسلامي، بالنظر الى  مستوى التنظيم و الصرامة و السرية والنباهة كما نلحظه في الحزب، مما جعله من أكثر التنظيمات النضالية  قوة و تطورا في العالم بأسره...
بالمختصر المفيد: من قل حزمه ضعف عزمه و بإصابة الرأي يقوى الحزم...فهل الاتحاد الأوروبي أصاب الرأي في قراره  بينما عزمه ضعيف ؟ !!! 

 موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه.