24-11-2024 09:28 AM بتوقيت القدس المحتلة

النص الكامل لكلمة السيد حسن نصر الله في افطار هيئة دعم المقاومة -اللجنة النسائية

النص الكامل لكلمة السيد حسن نصر الله في افطار هيئة دعم المقاومة -اللجنة النسائية

كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في حفل الإفطار السنوي للمديرية النسائية في هيئة دعم المقاومة الإسلامية

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

إنني في البداية أرحّب بكنّ جميعاً، بالسيدات الجليلات والأخوات العزيزات، وأشكركنّ على هذا الحضور الكبير المميز في كل عام على مائدة المديرية النسائية في هيئة دعم المقاومة الاسلامية في لبنان، كما يجب في البداية أن أتوجه بالشكر إلى جميع الاخوات العاملات في هذه المديرية المجاهدة وأقدر لهنّ جهودهنّ وعملهنّ الدؤوب ودورهنّ المميز على مدار السنوات الماضية وإلى اليوم ودائماً هذا هو المتوقع منهنّ انطلاقاً من الإخلاص والصدق والإيمان والجدية.

طبعاً بعد الترحيب أشكر حضوركنّ جميعاً، ودائماً كنا نعتبر هذا الحضور، من السيدات والأخوات، نعتبره دعماً للمقاومة، معنوياً وسياسياً ومادياً وعلى كل صعيد، وهذا هو الأهم في الحقيقة، أن تكون المقاومة تُدعم من أهلها ومن شعبها وتعبّر عن إرادتهم وعزمهم، وعن رؤيتهم أيضاً للدفاع عن بلدهم وعرضهم ومقدراتهم وسيادتهم، هذه المقاومة اكتسبت صدقيتها عند الناس في لبنان، في العالم العربي، في العالم الاسلامي، بل في الكثير من أماكن العالم، لأسباب عديدة، بفعل تضحياتها وبفعل صمودها لأنها لم تتراجع أو تنكفئ أو تنهزم، وأيضاً بفعل إنجازاتها، إنجازاتها الميدانية وليس الخطابية، بفعل إنتصاراتها وهي التي بدلت أيضاً قواعد الصراع وأسقطت المشاريع وأعادت الأرض والأسرى والكرامة والسيادة اللبنانية وفرضت للبنان موقعاً متقدماً في المنطقة وفي المعادلات الإقليمية وستبقى، ايتها السيدات والاخوات، ستبقى هذه المقاومة التي تدعمون شوكة صلبة في عين الصهاينة وفي عين كل من يريد سوءاً بلبنان وبهذا البلد العزيز.

ولأن المقاومة لها هذا الحضور ولها هذا الفعل وهذا التأثير في معادلات المنطقة، كانت وما زالت موضع اهتمام لبناني، يعني على المستوى المحلي دائماً يوجد نقاش إسمه المقاومة وسلاح المقاومة ودور المقاومة، واهتمام عربي وإقليمي ودولي، سواء كان هذا الاهتمام إيجابياً أو سلبياً، إيجابياً من قبل من يؤمن بالمقاومة، من يدعمها، من يراهن عليها، من يعلق عليها الآمال، من يرى فيها المستقبل، من يعتبرها مصدر عزة وقوة له، وإهتمام سلبي من الذي يعاديها، من الذي يعتبرها تحدياً لمشاريعه التوسعية، لاحتلاله، لهيمنته، لتسلطه. فطبيعي جداً، لما تكون المقاومة لديها هذا الفعل فهي تحظى بكل هذا الاهتمام، لأنها ليست هامشية. وأيضاً لأن للمقاومة كل هذا الحضور وكل هذا الفعل والتأثير فهي دائماً في دائرة الاستهداف، مثل ما تكلمنا منذ عدة ليالٍ، هي دائماً في دائرة الاستهداف على كل صعيد، يعني من أجل إزالتها، سحقها، إنهائها، إعدامها. والاستهداف هنا يتسع لكل الدوائر العسكرية والأمنية والوجودية والسياسية والمعنوية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى آخره.

وبعض الخطوات أو القرارات التي سنتحدث عنها هذه الليلة قد لا يكون له تأثيرات أبعد من التأثيرات المعنوية والنفسية في بعض الأحيان.

إذاً من الطبيعي أن هذه المقاومة الحاضرة الفاعلة أن تكون في دائرة الإستهداف.

من هنا أود الدخول إلى الموضوع الذي يفرض نفسه عليّ في هذه الليلة. أنا كنت طبعا اليوم أنوي أن أحكي في أمور ثانية، لكن بعد ما أُعلن، من أن دول الإتحاد الأوروبي اتخذت قراراً بوضع ما سموه هم  بالجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب أو تصنيفه منظمة إرهابية، لم يعد بالمستطاع إلا أن نتكلم عن هذا الموضوع. على كل حال هو يكون في طياته بعض المعاني التي كنت أريد أن أشير لها في هذه الأمسية الرمضانية الطيبة.

هذا القرار أُعلن في وسائل الإعلام كما هو معلوم، حتى الآن لم يصدر بيان رسمي  ليقول ما هو تماماً هذا القرار وما هي حيثياته وما هي منطلقاته، ما هي دوافعه ما هي أدلته وما هو منطقه. حتى الآن ما يزال تكهنات وتحليلات وافتراضات، وأمام هذا المستجد مثل العادة سوف نتكلم (بترتيب) أولاً وثانياً وثالثاً.

أولاً: مثل عادتنا في المقاومة، انطلاقا من أخلاقنا وأدبنا يجب أن نتوجه بالشكر إلى جميع الرؤساء والقيادات السياسية والدينية والشخصيات والجهات والأحزاب والقوى التي رفضت وأدانت هذا القرار، وهم كانوا في لبنان كثيرين، وسوف نسمع وسنشهد الكثير من هذه المواقف الطيبة والوطنية والصادقة. فأولاً بالحقيقة أمس كل الذين أخذوا مواقف وأدانوا ورفضوا وهذا كان متوقع منهم ومنطقي منهم خصوصا أن كثير من هذه القيادات وقفت معنا في مثل هذه الأيام في حرب تموز عندما كنا نضرب عندما كنا نقصف وعندما نهدد بالسحق، وكان خيارها معنا وكان موقفها الوطني معنا، وبالمقابل سطرين أو ثلاثة (قصقوصة ورقة)، وان كان له بالنهاية له قيمته والتي سأتحدث عنها، هذا كان منطقي ومتوقع جدا.

ثانيا: بكل صدق أقول نحن في حزب الله لم يفاجئنا هذا القرار وكنا نتوقعه منذ وقت بعيد. الغريب بالموضوع أنه تأخر. يعني دائما كان هنا عمل من أجل إصدار موقف من هذا النوع من الاتحاد الأوربي.

ثالثا: الإسرائيليون تحدثوا بوضوح. يعني ليس هناك داع أن أحلل أو أتنبأ، ومن كل من يصغي أمس وأول من أمس وقبل وغداً وبعد غد للإسرائيليين، هم يتحدثون أن هذا القرار هو نتيجة الجهود الدبلوماسية، ولكي نضعه بين هلالين (الدبلوماسية) حين يكون منذ أيام نتنياهو يعمل على تعنيف الأوروبيين، يعنفهم تعنيفاً، يعمل على إهانتهم لأنهم لم يصدروا ولم يتخذوا هذا الموقف بعد، هذا ما يسمونه هم الجهود الدبلوماسية. من الواضح أن الإسرائيليين اعتبروا هذا انتصاراً لهم وفرحوا به فرحاً شديداً (أريد أن أقول لبعض اللبنانيين أذا كان هناك أحد في مكان ما من لبنان يريد أن يفرح فليعمل على إخفاء فرحته كي لا يكون هو نتنياهو "فرحانين مثل بعض")، وإن كان طموحهم ومسعاهم أكبر، وهو أن يعتبر حزب الله ككل إرهابياً. لكن هذه بدعة جناح عسكري، جناح سياسي ـ هذا من فعل الإنكليز وهم عادة ممن يجدون مخارج من هذا النوع ـ وكل المجريات والمعطيات تؤكد أن إسرائيل ومعها أمريكا بذلا جهوداً كبيرة ومارسا ضغوطاً على دول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ هذا الموقف، إذاً هذا لا يريد الكثير من الإستدلال، أو نفتش على معلومات أن الإسرائيليين هم يقفون خلف هذا القرار.. وهم يقولون هذا.

الآن الأميركان معهم مئة بالمئة، مَن من الأوروبيين كان متحمساً، وبعد ذلك نتيجة التطورات في المنطقة مَن هناك من العرب دخل على الخط أيضاً ودفع بهذا الاتجاه هذه كله يظهر لاحقاً، لكن هناك قدر متيقن اسمه أن هذا القرار بالشكل والمضمون والخلفية والدافع هو إسرائيلي ويخدم مصلحة إسرائيل .

رابعاً: مجريات النقاش في الاتحاد الأوروبي والمداولات والاتصالات التي كانت تجري على مدى أشهر وسنوات أيضاً كلها تؤكد ـ وهذا دليلي على الاستنتاج الذي أود أن أقوله ـ أن أوروبا خضعت، وليس أنها اقتنعت، وهذا أسوأ، فتارة مجموعة دول تقتنع وتأخذ قراراً انطلاقاً من قناعاتها فنقول يبدو أن هناك شبهة بالموضوع، لكن الأسوأ أن تخضع 28 دولة وبعض هذه الدول تعتبر نفسها أساسية في العالم للإرادة الأميركية والإسرائيلية، والدليل أن الموضوع دائماً لما كان يطرح لم يصلوا الى نتيجة، ولماذا كانوا لا يصلون الى نتيجة؟

لو كان هناك منطق، لو كان هناك دليل، لو كان هناك حجة، لو كان هناك موقف من هذا النوع يبنى عليه وبناء على القوانين المعتمدة عليهم ما كان الموضوع يحتاج سنوات أو يحتاج أشهراً ، لكن هذا يعني في داخل دول الاتحاد الاوروبي من كان يعتبر انه ليس هناك منطق ولا دليل وهذا غير قانوني وكان يتعرض للضغوط والتهديد، إلى أنه في آخر الأمر خضع للتهديد.

لأننا نحن في هذا الموضوع، أمام اتحاد أوروبي يخضع ويستكين للإرادة الأميركية والإسرائيلية، ولذلك أنا لم أشعر للحظة واحدة ـ وإذا كنتم توافقون معي بهذا الرأي أيضاً ـ لم أشعر أن هذا القرار سيادي أوروبي وإنما تم إملاؤه على الاوروبيين..

يمكن أن يكون هناك بعض الدول هي موافقة ومقتنعة والتي هي أصلاً دائماً تتماشى مع المشروع مثل الانكليز .

وهذا الموقف أيضاً هو لا ينسجم لا مع ما تتحدث عنه أوروبا من مبادىء وقيم لما تأتي وتصنف مقاومةعلى أنه إرهاب، وهو ما لا ينسجم أيضاً مع مصالحها.

طيّب، أبقوا المبادىء والقيم جانباً، حتى لو أتينا للمصالح ، من الواضح أن هناك من أراد أن يزج الدول الاوروبية في صراع يخدم مصالحه هو وليس مصالحها هي، والذي زج بها والذي يستخدمها هو الاسرائيلي .

ما هي مصلحة الدول الأوروبية في معاداة مقاومة لها تأثيرها الكبير في لبنان والمنطقة ولها مساحة تأييد عربي وإسلامي واسع جداً، ما هي مصلحة الاوروبيين؟

ما هي مصلحة هذه الدول الاوروبية التي صوتت على موقف أو قرار من هذا النوع؟

أما حكاية المبادىء والقيم والقانون ـ طيب بالحد الادنى قولوا لنا حتى الآن لا أحد بعد قال، نحن نفترض انتم بإمكانكم أن تفترضوا، ساعة أن الموضوع له علاقة بعملية في الخارج ، وساعة له علاقة بتدخل حزب الله في سوريا، وساعة له علاقة لا أعرف بماذا... فليقولوا لنا، ما هو منطقهم حتى نناقشهم

أنا الليلة لا أريد أن آخذ وقتكم وأناقش افتراضات، وهناك الكثير من الافتراضات التي تُحكى ويبنى عليها. فلننتظر، قيل إنه خلال أيام يمكن أن يصدر البيان الرسمي، لنرَ، في البيان يوجد دليل، يوجد منطق، على ضوء البيان والحجة والمنطق نناقش، نرى إذا كان هذا منسجماً مع مبادئهم وقيمهم  أو لا.

لكن في كل الأحوال، المسار التاريخي المعاصر في الحد الأدنى يؤكد أن الموقف الأوروبي لا يخضع لقيم ومبادئ، والدليل: لماذا لا تصنفون دولة إسرائيل إرهابية وتضعونها على الارهاب، لماذا الجناح العسكري في إسرائيل لا تصنفونه على لائحة الارهاب، يعني الجيش الاسرائيلي، وأنتم الاروبيون تعترفون بأن إسرائيل تحتل الآن أرضاً عربية، في الضفة وفي الجولان، وعاملين مسودة مشروع أيضاً له علاقة بالاستيطان بالضفة وشراء بضائع المستوطنات والمستوطنين وما شاكل، أنتم تعترفون أن اسرائيل جيشها يحتل أرضاً ولا ينفذ القرارات الدولية منذ عشرات السنين والعالم كله، لا يحتاج إلى تحقيق، شاهد على شاشات التلفزة مجازر الاسرائيليين في جنين، في الضفة الغربية، في قطاع غزة، في لبنان في نيسان 1996، في تموز 2006. حسناً، هؤلاء الذين يقتلون ويرتكبون المجازر ويحتلون أراضي الآخرين ويشردون شعباً بكامله من أرضه ويمنعون شعباً بكامله من أن يعود إلى أرضه ودياره ويصادرون ممتلكاته، هؤلاء ليسوا جناحاً عسكرياً وليسوا دولة إرهابية؟!

إذن من المؤكد أن الموضوع لا يخضع لا للمبادئ والقيم وإنما يخضع للمصالح وللضغوط.

حسناً، هذا تقييمنا للموقف الاوروبي. دعونا نتكلم قليلاً عن قيمة هذا القرار، تأثيراته، نتائجه، إلى أين سيوصل؟ وبالتالي نحن كيف سنتعاطى معه.

أولاً قيمة هذا القرار، بالدرجة الأولى، معنوية، لذلك أنا في البداية تكلمت عن الاستهداف، ليس فقط الأمني والعسكري، وإنما أيضاً الاستهداف السياسي والاستهداف المعنوي.

نعم قيمته معنوية وسياسية ونفسية، يعني ماذا، طبعاً نحن لن نجاري هذا التصنيف، من الواضح أن المقصود هو المقاومة، يعني هم يقولون هذه المقاومة اللبنانية هي منظمة إرهابية، هذه الترجمة.

حسناً، عندما يكون في البلد هنا يوجد، كان وما زال، يوجد مقاومون واجهوا الاحتلال الاسرائيلي الذي احتل ما يقارب نصف لبنان وقاتلوا هذا الاحتلال، قاتلوا بصدق، وتحملوا الكثير من الآلام والتبعات، سقط الكثير منهم شهداء، أصيب الكثيرون منهم بالجراح، دخل الآلاف منهم إلى السجون والمعتقلات وأمضوا زهرة شبابهم في السجون والمعتقلات واستطاعوا أن يعيدوا الأرض إلى أهلها والكرامة لهذا الشعب والسيادة لهذا الوطن وما زالوا يحملون السلاح ليدفعوا عن بلدهم وعن شعبهم وعن سيادتهم وعن كرامتهم كل غازٍ وكل معتدٍ وكل آثم، ثم تأتي إلى هؤلاء الذين هم أبناء هذا الشعب ويحتضنهم أهلهم وشعبهم وتقولون هؤلاء إرهابيون، هذه إساءة، هذه إساءة، وهذا أمر سيئ جداً للمقاومين الذين تتهمونهم بالارهاب، لشعبهم الذي هم جزء منهم وهو الذي يحتضنهم ، لبلدهم وأيضاً لحكوماتهم، أنتم تقولون إنكم تحترمون الحكومات، الحكومات المتعاقبة التي كانت في بياناتها تدعم المقاومة في تعابير مختلفة وإن كان آخر هذه التعابير معادلة الجيش والشعب والمقاومة.

إذن هذا أمر يسيئ للبنان، للحكومة اللبنانية، للشعب اللبناني، وليس فقط لهؤلاء المقاومين.

حسناً، نحن نرى في هذا الموضوع إساءة، لكن أيضاً دعونا نكون واضحين، أنا أقول لكم، أقول لكنّ جميعاً، هذه الإساءة لن تنال من معنوياتنا، طالما الموضوع بالجانب المعنوي، هذه الاساءة لن تنال من معنوياتنا، ولطالما أسيئ إلى هؤلاء المقاومين خلال ثلاثين عاماً، واتُهموا ووضعوا على لوائح إرهاب أمريكية وكندية وهولاندية ووو.... أن يساء إليك لأنك تدافع عن بلدك وشعبك وكرامتك وسيادتك وعرضك وشرفك، هذا أمر هو من تبعات ومن تضحيات هذا الطريق، كما أن من تبعات وتضحيات هذا الطريق أن تُقتل أو أن يُقتل عزيز لك، أن تجرح، أن يهدم بيتك، أن تُهجر من دارك، أن تُدمر أرزاقك ومحلاتك وحقولك، جزء من التضحيات أن يُساء إليك، أن تُتّهم وأن تُشتم، وهذا الأمر هو أمر قائم منذ بدايات هذه المقاومة، ولذلك أنا أعتقد أنّ هذه الإساءة لن تنال من معنويات المقاومة على الإطلاق. والحقيقة أنّ هذه الدول قد أساءت لنفسها وأساءت لمبادئها وأساءت لمصالحها وأساءت لسيادتها أيضاً عندما خضعت لإرادة الأمريكيين والإسرائيليين أكثر مما أساءت للمقاومة، وبهذا الحجم نرى الموضوع بالبعد المعنوي.

ثانياً، هذا الشيء خطر، هو قانوني، لكنه خطر من أي زاوية؟ أنّ هذه الدول يجب أن تعلم وسفراءها في لبنان يجب أن يبعثوا لها ـ وبالتأكيد هم يتابعون الحديث بشكل أو بآخر ـ أنّ هذه الدول تعطي غطاء قانونياً لإسرائيل من أجل أي عدوان على لبنان، لأنّ إسرائيل أصبح بمقدورها أن تقول أننا نخوض حرباً مع الإرهاب، ونحن نشن حرباً على جهة إرهابية، ونحن نقصف مواقع إرهابية وندمر مؤسسات إرهابية، وبالتالي فإنّ هذه الدول تجعل من نفسها شريكاً كاملاً في المسؤولية عن أي عدوان إسرائيلي على لبنان أو على المقاومة أو على أي هدف من أهداف المقاومة في لبنان، لأنها قدمت الغطاء، وإن كان الإسرائيلي لا يحتاج هذا الغطاء، وهي تقدم خدمة مجانية "ببلاش"، فهو لا يحتاج هذا الغطاء ولكنها تقدم هذا الغطاء له.

أيضاً في البند الثاني أود القول إنّ (هذا الأمر) لن يمس بإرادتنا، مع علمنا بأنّ دول الإتحاد الأوروبي تقدم الآن غطاءً قانونياً لاسرائيل، لن يمس بإرادتنا لأنّ كل الحروب التي شنّت بالماضي كانت تحظى بغطاء من هذا النوع بشكل أو بآخر، بسكوت أو بغطاء أو بتأييد أو ما شاكل، وفي كل الأحوال بالنسبة إلينا، ونحن الآن في أيام تموز وتذكرون جيداً أنّه عندما كنّا نصمد وإيّاكم سوياً ونقاوم كلّ في موقعه العسكري أو السياسي أو الإجتماعي، لم تكن فقط أوروبا مع إسرائيل بل كان 90 بالمئة من العالم مع إسرائيل ولم تستطع أن تلحق الهزيمة في لبنان ولا بالمقاومة في لبنان ولا بالشعب في لبنان.

ثالثاً: يمكن أن يُقال إنّ هذا الموقف الأوروبي له تبعات ونتائج وغداً سوف يصادرون أموال الذي سموه هم الجناح العسكري، يصادرون أملاكهم وأموالهم في البنوك أو لا يعطونهم فيزا ويمنعوهم من المشاركة في المؤتمرات وما شاكل.

الذي صدر في هذين اليومين على شبكات التواصل الإجتماعي من نكات على هذا القرار هو كافٍ، "إنو والله نحنا زعلانين السنة، لا حنصيّف بسردينيا ولا حنروح نشمّ الهوا ما بعرف وين، ما في شي منّو. نحن جماعة حتى بالعطلة وشم الهوا لبنانيين وطنيين" نصيّف في الجنوب أو في البقاع أو في الجبل. الفيزا التي كنتم تعطونها مباركة عليكم. أموال ليس لدينا في كل البنوك الأوروبية بل في أي بنك في الخارج في العالم، وحتى في البنك في لبنان لم يعد بمقدورنا أن نضع لخوفهم من الأمريكيين، ليس لدينا أموال لا كحزب ولا كمسؤولين ولا كمجاهدين ومقاومين، ليس لدينا أموال.

إذاً من هذه الزاوية ما هي تداعياته، إذا أردنا الحديث عن الترجمة  (للقرار)؟ لأنّ هناك أناساً سوف يتحدثون عن محاصرة الحزب اقتصادياً ومالياً وغير ذلك، لكن لا يوجد شيء من ذلك. على كلّ حال نحن منذ زمن لدينا قناعة ويوماً بعد يوم يثبت ذلك، أنّه إذا كنت تريد أن تقف بوجه إسرائيل ومشروع إسرائيل وأطماع إسرائيل يجب أن لا يكون لديك مشاريع اقتصادية في العالم كمقاومة، أو أن تضع أموالاً في مكان ما في العالم إذا كان عندك أموال أو إذا كان لديك أملاك، لأنّ العالم الذي يحتضن إسرائيل في يوم من الأيام سوف يصادر هذه الأموال.

في كل الأحوال، أنا في المناسبة أعود وأكرر، لأن هيئة دعم المقاومة لها شأن في بعد الدعم المالي، أنا أحب أن أؤكد أننا نحن، لا في خارج لبنان ولا حتى في داخل لبنان، ليس لدينا مشاريع اقتصادية، ليس لدينا مشاريع استثمارية، نعم لدينا مشاريع خدمات، صحيح، لكن مشاريع تدر أرباحاً وتجني أموالاً ليس لدينا. وحتى، أستغل هذه المناسبة لأقول لكل اللبنانيين ـلأنه حصل التباسات في السابق ـ إذا جاء أحد ما وقال لكم إن لدي مشروع تجاري وأضع فيه رأس مال معين وتعالوا شاركوا، وتعالوا ساهموا، هذا ربحه يعود للحزب أو هذا الحزب لديه حصة فيه، فهو كذّاب مفترٍ.

نحن ليس لدينا أي مشروع تجاري أو مشروع استثماري أو مشروع اقتصادي، لا في لبنان ولا في غير لبنان.

لدينا "كم فلس" يأتون من أناس طيبين وخيرين في العالم ومنكنّ، تأتي هذه الفلوس فنقاتل فيها، بمقدار "فلوساتنا" نواجه عدونا، لكن في الأصل على قدر إرادتنا وإيماننا. بالنهاية هذا الموضوع ليس له تأثير أو مفاعيل.

رابعاً: نريد أن ندرس تأثير هذا القرار على لبنان كبلد وكدولة وكحكومة وكإقتصاد. أمس، حاول المندوبون الأوربيون في لبنان تخفيف الموضوع والقول إن الدعم للبنان سيستمر، الدعم المالي سيستمر، الحرص على استقرار لبنان. أنا في هذه النقطة فقط أدعو إلى التأمل. أي لا نقول لا يوجد شيء نهائياً ولا نقوم بتهبيط الحيطان. هناك بعض "حبايبنا" في قوى 14 آذار، منذ عدة أيام "يهبطون الحيطان" على البلد في شكل عجيب، غريب. الأوربيون يقولون: لا، نحن مستمرون في دعم لبنان مالياً واستقرار لبنان وسياسة لبنان، ونريد حكومة وليس هناك فيتو على أحد، وهم يقولون "راح البلد"، خرب البلد بسببكم. هذا التوظيف غير المناسب.

أريد أن أقول في الشق الذي له علاقة بتأثيرات هذا الموقف الأوروبي على لبنان كدولة وكإقتصاد، دعنا نقول هذا يحتاج إلى دراسة وتأمل واستكشاف، وهذه طبعاً مسؤولية الكل، وعلى ضوئها يرى الواحد ما هو الإجراء الذي يأخذه وما هو الموقف الذي يأخذه.

تبقى كلمتان: كلمة للاتحاد الأوروبي وكلمة للداخل اللبناني.

للاتحاد الأوروبي أقول لهم: عادة أي قرار لديه هدف، هدف هذا القرار الذي اتخذتموه واضح، هدفه هو إخضاعنا، هو فرض التراجع علينا، الانكفاء، التردد، القلق، الخوف. وأنا أقول لكم: لن تحصلوا من هذا القرار إلا على الفشل والخيبة. لا يوجد شيء. من يتصور أن المقاومة التي واجهت في مثل هذه الأيام أقوى جيش في المنطقة على مدى 33 يوماً وكانت تنزف دماًً يمكن أن يخضعها قرار تافه، فهو واهم أو جاهل.

يعني هذا القرار لن يستطيع أن يحقق أياً من أهدافه، ولذلك نحن ندعوهم إلى العودة عن هذا الخطأ، نحن لا نحب لهم أن يُكملوا في الخطأ، الآن المسؤولون في لبنان يقولون لهم إعملوا مراجعة وادرسوا.. جيد، نحن أيضاً ندعوهم إلى العودة عن هذا الخطأ، لأنه لن يؤدي إلى نتيجة.

في كل الأحوال نحن موقفنا إزاء هذا القرار هو الذي قلناه في 25 آيار 2000، يعني أعود وأقوله باللهجة العامية، هذا القرار الذي لكم "بُلوه وإشربوا ميته".

 كلمة للداخل اللبناني: نحن استمعنا خلال الأيام الماضية، وقرأنا بيانات وتحليلات ومواقف لبعض القوى السياسية في الفريق الآخر. سبق وأن دعوت منذ بضعة أيام إلى التهدئة وإلى عدم الدخول في السجالات، وبالتالي أريد أن أظل هادئاً، لا أريد أن أدخل في سجال، ولا أُريد أن أعقّب لا على مضمون الكلام ولا عن خلفياته ولا عن نتائجه.

لكن أُريد أن أقول لهذه الجهات: لن تستطيعوا توظيف هذا القرار في الحسابات السياسية اللبنانية، يعني إذا أحد منهم كان على باله أنه "مثلما يقولون: إجت والله جابها"، هنا نعزلكم وهنا نحاصركم، يعني تصوروا مثلاً أمس كان هناك أناس يقولون: هذا يؤكد "أنه لازم تتشكل حكومة من دون حزب الل"ه، في الوقت الذي كان فيه الأوروبيين هم أنفسهم يقولون: نحن ليس لدينا مشكلة أن يشارك حزب الله في الحكومة، يعني أصبحوا عندنا هنا ملكيين أكثر من الملك، عادةً هكذا في لبنان، ملكيين أكثر من الملك. طيب إنهم يحمّلون الموقف في هذه النقطة ما لا يحتمل.

أنا أقول لهم لا للتوظيف الداخلي، ما قبل القرار الأوروبي مثل ما بعد القرار الأوروبي، في المعادلة الداخلية الأمور كما هي، أحجام القوى معروفة وتركيبة القوى معروفة ولا يتغير شيء.

طبعاً أنا لا أُريد أن أُطول عليكم بسبب طبيعة الحفلة والإفطار والناس تريد أن ترجع إلى بيوتها، لكن أُريد هنا أن أُمرّر مزحة لطيفة، أنا أُفكر أن أقترح على إخواني، أنه طبعاً حكومة بدون حزب الله لن تتشكل، وهذا المنطقي يعني، ليس لأننا "مستقتلين" من أجل أن نشارك بالحكومة، كلا، أبداً لسنا "مستقتلين"، لكن لأسباب الآن ليس الوقت مناسباً لشرحها، فأنا على سبيل المزاح بالرغم من أنني لست موافقاً على حكاية هذا التقسيم وهذا التفصيل، أنا أقترح أن يكون وزراؤنا في الحكومة اللبنانية المقبلة من الجناح العسكري في حزب الله، "هذا مريح، ينفع، يعني".

أقول إذاً لا تُراهنوا على هذا القرار، على توظيفه في المعادلة الداخلية اللبنانية. هذا لا يُفيد شيئاً، وتكونون قد إرتكبتم خطأً جديداً، وإشتباه جديد ستضيفوه على إشتباهاتكم وأخطائكم السياسية، التي لا داعي لإعادتها وتكرارها.

حسابات البلد هي حسابات مختلفة وبالتالي الناس مُدعوة مجدداً أن تعود لتتكلم مع بعضها ـ مثلما قلنا في آخر لقاء ـ وتتحاور مع بعضها، وتفتش على حل تشكيل حكومة سياسية قادرة أن تحمي لبنان وأن تنهض بلبنان، يا أخي إذا لا تريد أن تحل مشاكل لبنان، في الحد الأدنى أن تُدافع وأن تحفظ لبنان في قلب العواصف ـ ليس في قلب العاصفة ـ العواصف التي تتحرك من حولنا، وفي أكثر من بلد عربي وفي كل المنطقة، هذه هي مسؤولية اللبنانيين، وبالتالي لا نعود ونضيّع وقتنا، أن يحاول أحد أن يعزل الثاني أو أن يستفز الثاني أو أن يستغل موقفاً من الخارج.

أيتها السيدات والأخوات إن قوة هذه المقاومة تنبع من إيمانها بالله العظيم، وبعدالة قضيتها وإحتضان شعبها وإستعدادها الدائم للعطاء والتضحية بالنفس وبالروح وبفلذة الكبد، وبأعز ما عندها، بلا حساب، وبصوابية طريقها، لذلك كانت وبقيت وانتصرت، ولذلك ستكون وستبقى وستنتصر إن شاء الله.

مجدداً أشكر حضوركنّ وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الأيام والليالي كلها أيام مباركة عليكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.